النازحون في العراق مادة للسجال السياسي

أسباب طائفية وعشائرية وسياسية تعرقل عودتهم... ومخاوف من مشروع تغيير ديموغرافي

TT

النازحون في العراق مادة للسجال السياسي

بعد سنوات على تحرير مناطقهم من سيطرة تنظيم «داعش»، لم يتمكن مئات آلاف النازحين في العراق من العودة إلى منازلهم، لأسباب كثيرة بعضها متداخل ومفتوح على التجاذبات السياسية والحساسيات الطائفية والعشائرية.
ففي المناطق المختلطة مذهبياً مثل شمال محافظة بابل أو محافظة ديالى، تعثرت العودة لأسباب غالبيتها طائفية. وتتهم قيادات سُنيّة جماعات مسلحة بـ«اختطاف وتغييب آلاف من أبناء محافظات الأنبار وصلاح الدين وديالى ونينوى ذات الغالبية السنية في «سجون سرية» بمنطقة جرف الصخر شمال محافظة بابل (100 كلم جنوب بغداد)، ما يعرقل عودة نازحي جرف الصخر إلى منطقتهم.
لكن حتى في المناطق ذات اللون الطائفي أو العرقي الواحد مثل الأنبار وصلاح الدين، تؤخر أسباب ذات طبيعة عشائرية تتعلق بمنطق الثأر العشائري عودة النازحين.
وفي نينوى تتداخل الأسباب بين سياسي وطائفي وتؤخر في إنجاز البنية التحتية التي لم تكتمل من أجل عودة النازحين. ورغم توجيه القادة السنة اللومَ إلى الحكومة بشأن ملف النازحين، فإن الخلافات السنية - السنية، لا سيما في مواسم الانتخابات، كثيراً ما تعد عاملاً أساسياً في تحول هذا الملف إلى مادة للسجال السياسي.
وتبادل محافظ نينوى منصور المرعيد الاتهامات مع «مفوضية حقوق الإنسان» بشأن عرقلة عودة النازحين إلى مناطقهم في المحافظة. وقال في بيان، أمس، إن «الاتهامات التي وجهها نائب رئيس مفوضية حقوق الإنسان إلى إدارة المحافظة» بإجبار نازحين على العودة، «عارية عن الصحة وتندرج ضمن محاولات مصادرة النجاحات التي حققتها المحافظة في إدارة شؤون النازحين».
وأشار البيان إلى «مشاركة المحافظ بجلسات تحضيرية عُقدت في الأمانة العامة لمجلس الوزراء من أجل إيجاد آلية مناسبة لتنفيذ البرنامج الحكومي الخاص بعودة النازحين إلى مناطقهم في تلك المحافظات بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة والمنظمات الدولية الإنسانية العاملة في العراق».
ولفت إلى أن «المحافظة ماضية في تنفيذ البرنامج الحكومي الخاص بعودة النازحين، إذ قامت في خطوة أولى بإعادة نازحي عدد من المحافظات القاطنين في مخيمات نينوى إلى محافظاتهم الأصلية من أجل معرفة العدد الحقيقي لنازحي المحافظة والشروع بتوفير بيئة مناسبة لعودتهم إلى مناطقهم عبر إيجاد الخدمات فيها وتأمينها بشكل يضمن سلامتهم».
وشدد على عدم وجود عودة قسرية لنازحي المحافظة، معتبراً أن «ما ذكره نائب رئيس مفوضية حقوق الإنسان يجافي الحقيقة، والمحافظ هو مَن بادر بغلق عدد من مخيمات المحافظة نظراً إلى دمجها بعضها مع بعض بعد عودة قسم من نازحي نينوى نتيجةً لمعالجة العقبات التي تقف أمام عودتهم من قِبل إدارة المحافظة ونقل نازحي المحافظات إلى محافظاتهم، وهو ما وفّر الكثير من الخدمات لتلك المخيمات».
في المقابل، يقول عضو «المفوضية العليا لحقوق الإنسان» في العراق الدكتور فاضل الغراوي، لـ«الشرق الأوسط» إن «موضوع النازحين من الملفات المهمة التي تقوم بها المفوضية، ولدينا فرق رصدية تقوم بعملية الزيارات لكل مناطق النازحين»، موضحاً أنه «في الفترة الأخيرة، لا سيما بين عامي 2018 و2019 بدأ التركيز على موضوع العودة الطوعية والدمج المجتمعي بالنسبة إلى النازحين ومعالجة الإشكاليات مع مؤسسات الدولة كافة والسلطات المحلية من أجل تهيئة البيئة المناسبة لعودتهم».
وأضاف أن «التحديات لا تزال كبيرة وتتمثل في أن العديد من النازحين مناطقهم ليست مؤهلة، لعدم وجود بنى تحتية جاهزة أو أن المساكن نفسها مدمّرة من جراء العمليات الحربية، بينما توجد هناك إشكاليات سياسية خصوصاً في المناطق التي لا تزال متنوعة أو المتنازع عليها الخاضعة للمادة 140 من الدستور، وهو ما يعيق عودتهم».
وأوضح أن «هناك عودة عكسية للنازحين في مخيمات بمحافظتي صلاح الدين ونينوى، حيث اصطدم النازحون بعدم توفر أي مستلزمات في مناطقهم، ما جعلهم يعودون إلى المخيمات وأعاق موضوع العودة الطوعية». ولفت إلى أن «من بين الملاحظات التي أشرنا إليها، عدم تقديم المنح المناسبة للنازحين سواء من قبل ما ترتب على مؤتمر الكويت لدعم النازحين أو تلك المقدمة من الدول والمنظمات، واختزال المساعدات التي تقدَّم لهم الآن فيما تقدمه وزارة الهجرة والمهجرين من سلة غذائية بدأت تقل».
وأكد أن «المفوضية تعمل على ألا يتحول ملف النازحين إلى مادة للسجال السياسي، لا سيما أننا نتحدث عن نحو مليوني نازح لا يزالون في المخيمات». وأشار إلى عدد من الملفات الشائكة مثل «ملف عائلات «داعش» الموجودين في المخيمات، لا سيما لجهة كيفية تعامل الدولة والجهات الرسمية معهم واستقبال أبناء المناطق لهم، فضلاً عن ملف الوثائق الخاصة بالنازحين وكذلك التعويضات التي لم تُصرف لغالبية النازحين الذين فقدوا مساكنهم وممتلكاتهم جراء العمليات العسكرية، ما يضطرهم إلى دفع أبنائهم للتسول وحرمانهم من التعليم، ورصدنا ثلاث حالات انتحار في المخيمات بسبب الأوضاع النفسية القاسية التي يعيشها هؤلاء النازحون».
ويحمّل رئيس لجنة المهجرين في البرلمان رعد الدهلكي، الحكومة، مسؤولية تأخر عودة النازحين إلى مناطقهم، لا سيما المحررة منذ خمس سنوات. وقال الدهلكي في تصريح صحافي إن «أسباباً عدة تقف وراء عدم عودة النازحين، أولها السبب السياسي وغياب النية الجادة لدى الحكومة لإنهاء ملف النازحين».
وأكد أن «أجندات خارجية تقف وراء منع النازحين من العودة، لا سيما في مناطق جرف الصخر شمال بابل والمقدادية والوقف وجنوب بهرز في ديالى وبيجي ويثرب في صلاح الدين»، مشدداً على أن «تلك الأجندة تحمل مشروع التغيير الديموغرافي في تلك المناطق وتنفذها فصائل مسلحة في (الحشد الشعبي)، تنفيذاً لرغبة الجهات السياسية التي ترتبط بها تلك الفصائل».
وأضاف أن «برامج الحكومة وخططها المعلنة لإعادة النازحين لن تُنهي ملف النزوح، وربما تمر سنوات أخرى من دون حل مشكلة النازحين، ما دامت الحكومة لا تملك الإرادة الحقيقية لإعادتهم، وما دامت الجهات المسلحة تصر على رفض عودتهم إلى مناطقهم».



مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ستشهد إطلاق حركة «حماس» سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1890 فلسطينياً.

وعبرت الوزارة، في بيان، عن أملها في أن يكون الاتفاق البداية لمسار يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، لدعم وتثبيت الاتفاق والوقف الدائم لإطلاق النار، كما حثت المجتمع الدولي على تقديم كافة المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ووضع خطة عاجلة لإعادة إعمار غزة.

وشدد البيان على «أهمية الإسراع بوضع خارطة طريق لإعادة بناء الثقة بين الجانبين، تمهيداً لعودتهما لطاولة المفاوضات، وتسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».

وأشارت الخارجية المصرية إلى التزامها بالتنسيق مع الشركاء: قطر والولايات المتحدة، للعمل على التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة العمليات المشتركة، ومقرها مصر؛ لمتابعة تبادل المحتجزين والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد بعد استئناف العمل في معبر رفح.

وكانت قطر التي أدت مع مصر والولايات المتحدة وساطة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت أن 33 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية أعلنت أن 737 معتقلا فلسطينيا سيُطلق سراحهم، إنما ليس قبل الساعة 14,00 ت غ من يوم الأحد.

ووقف إطلاق النار المفترض أن يبدأ سريانه الأحد هو الثاني فقط خلال 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وأعربت الخارجية المصرية في البيان عن «شكرها لدولة قطر على تعاونها المثمر»، كما ثمّنت «الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الأزمة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن».