يسعى المبعوث الأممي إلى ليبيا الدكتور غسان سلامة، إلى الحشد لعقد مؤتمر دولي حول ليبيا، باتجاه تكثيف لقاءات عدة مع مسؤولين دوليين، وقيادات محلية، وسط تساؤلات حول قدرة هذا المؤتمر على جمع صفوف الأفرقاء السياسيين ثانية.
واستبق ساسة ليبيون الجهود الأممية، ووضعوا شروطاً عدة قبيل المضي قدماً نحو التحضير للمؤتمر المزمع، كي لا يتم إجهاضه كسابقيه، وعلى رأسها استبعاد قادة الميليشيات المسلحة، ومن تورطوا في سفك دماء الليبيين، ونهب المال العام من الحوار السياسي، في مقابل من يرى ضرورة «فتح صفحة جديدة مع الجميع».
والتقى سلامة مسؤولين دوليين، وسفراء دول غربية خلال الأيام الماضية لبحث متطلبات انعقاد المؤتمر. وقالت البعثة الأممية إن رئيسها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، التقى أول من أمس، سفيرة كندا لدى ليبيا هيلاري تشايلدز، وبحثا التخطيط للمؤتمر الدولي المقبل حول ليبيا، وذلك على خلفية التطورات السياسية الأخيرة في ليبيا والأوضاع الدولية المستجدة.
واستبق سلامة لقاءه بتشايلدز، الذي لم تكشف البعثة عن تفاصيله، بلقاء آخر عقده قبل 3 أيام، مع القائم بأعمال السفارة البريطانية في ليبيا نيكولاس هوبتون، وقالت البعثة في بيان مقتضب إنه تطرق أيضاً إلى بحث الوضع الراهن في ليبيا، والمؤتمر الدولي القادم الذي يجري التخطيط لعقده حول ليبيا.
في هذا السياق، رأى سعيد إمغيب، عضو مجلس النواب الليبي، أن سلامة «يسعى إلى إطالة أمد بقاء بعثته في المشهد السياسي الليبي، من خلال العودة إلى الحوار السياسي غير المرغوب فيه من كل فئات الشعب، والبرلمان، والقيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية».
وأضاف إمغيب، النائب عن مدينة الكفرة (جنوب) في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أن «سلامة يستطيع إخبار المجتمع الدولي بالحقيقة كاملة دون مواربة، وهي أنه لا يمكن الوصول إلى حل سياسي للأزمة الليبية بوجود المجموعات الإرهابية المسلحة، والميليشيات المسيطرة على العاصمة طرابلس»، وذهب إلى أن «الحل الأمثل هو مساعدة الجيش الشرعي، بقيادة المشير حفتر، في السيطرة على العاصمة، وعندها سوف تنتهي الأزمة إلى غير رجعة».
وفور التحدث عن المؤتمر، الذي لم يُحدد موعد انعقاده، سارع سياسيون ونواب لوضع شروط ضامنة لإنجاحه، فيما شكك فريق آخر في نجاح أي مؤتمر، وقالوا إنه سوف يواجه بجملة من المشاكل والعثرات كسابقيه.
في السياق ذاته، قال سفير ألمانيا لدى ليبيا أوليفر أوفكازا أمس إن بلاده تهدف إلى عقد منتدى حول ليبيا هذا العام، بالتعاون مع الأمم المتحدة، وذلك بهدف إرساء الاستقرار لليبيين، مبرزا أن ألمانيا بدأت عملية تشاور مع أطراف دولية رئيسية، مع وجود أعمال تحضيرية كافية قد تقود هذه الجهود إلى حدث دولي مهم هذا الخريف.
من جهته، رأى عضو مجلس النواب محمد إبراهيم تامر، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سلامة «يعلم جيداً أن فاعلية حكومة (الوفاق) انتهت، والسراج لم يعد يملك شيئا، وهناك محاولات لوقف العمليات العسكرية التي يقوم بها (الجيش الوطني) في طرابلس لإنقاذها من قبضة الجماعات المتطرفة والميليشيات». وأضاف تامر، النائب عن الجنوب (بلدية تراغن): «أعتقد أن الأمر تجاوز سلامة والسراج»، مبرزا أن «هناك دول اتضح لها أنه حان الأوان لإنهاء حكومة الوفاق».
وواكبت جهود سلامة دعوات سابقة لسفراء أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا لدى ليبيا الأطراف المتنازعة في ليبيا إلى العودة للعملية السياسية في البلاد، وذلك خلال استضافة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد شينكر، والسفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، بمقر مكتب العمل الخارجي للبعثة الدبلوماسية الأميركية في تونس الاثنين الماضي، سفراء بريطانيا وألمانيا وفرنسا لدى ليبيا، بحسب بيان للسفارة الأميركية في ليبيا عبر حسابها على موقع «تويتر».
في مقابل هذه التحركات، استنتج إمغيب أن فكرة المؤتمر الدولي «مرفوضة، ولن يقبل بها أحد ولن تنجح»، مبررا ذلك بأن (المؤتمر) سيعيد تيار الإسلام السياسي، الذي شارف على الزوال، إلى المشهد العام، ويهدف إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تخرج حكومة السراج من المشهد بشكل مشرف، وأن المستفيد من عودة هذا التيار هي الدول الداعمة لحكومة السراج فقط.
واستبشر يوسف العقوري، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بمجلس النواب، خيراً بالمؤتمر المقبل، إذا ما تمكن من «وقف نزف الدم الليبي»، لكنه طالب المجتمع الدولي بـ«استبعاد الفئات المتورطة في سفك دماء الليبيين، ونهب أموالهم. حتى تكون مخرجات المؤتمر مرضية لكل الليبيين». وذهب العقوري إلى أن المصلحة الوطنية تستدعي أن يكون المؤتمر موضوعياً باتجاه استبعاد كل من حرض، أو كانت له علاقة بقتل وسرقة أموال الليبيين.
الميليشيات و«لصوص المال العام» عقبات أمام انعقاد مؤتمر دولي حول ليبيا
الميليشيات و«لصوص المال العام» عقبات أمام انعقاد مؤتمر دولي حول ليبيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة