الحكومة اللبنانية تتجه إلى خصخصة مرافق الدولة

الرئيس بري خلال استقباله شنكر الذي رافقته السفيرة الاميركية في بيروت إليزابيت ريتشارد ونائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى جويل رايبرن (الوكالة الوطنية)
الرئيس بري خلال استقباله شنكر الذي رافقته السفيرة الاميركية في بيروت إليزابيت ريتشارد ونائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى جويل رايبرن (الوكالة الوطنية)
TT

الحكومة اللبنانية تتجه إلى خصخصة مرافق الدولة

الرئيس بري خلال استقباله شنكر الذي رافقته السفيرة الاميركية في بيروت إليزابيت ريتشارد ونائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى جويل رايبرن (الوكالة الوطنية)
الرئيس بري خلال استقباله شنكر الذي رافقته السفيرة الاميركية في بيروت إليزابيت ريتشارد ونائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى جويل رايبرن (الوكالة الوطنية)

يبدو أن الحكومة اللبنانية قررت اتخاذ خطوات عملية باتجاه خصخصة عدد من المرافق العامة، وبالتالي تنفيذ تعهداتها في هذا المجال في مؤتمر «سيدر» والبيان الوزاري، وهو ما بدا واضحا من مقاربة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أخيرا لملف مرفأ بيروت وخفض الدين العام.
ولا تعارض أي من القوى السياسية خصخصة الإدارة في مرافق الدولة، أقله بالعلن، باعتبار أن أياً منها لم يعترض على ما ورد في هذا السياق في الورقة التي اتفق عليها خلال اجتماع بعبدا الأخير الذي جمع القادة السياسيين وتم خلاله إعلان حالة الطوارئ الاقتصادية.
وتلحظ الخصخصة التي يمكن أن تكون جزئية أو كاملة، نقل الملكية العامة إلى الملكية الخاصة ونقل إدارة الخدمة أو نشاط ما من القطاع العام إلى القطاع الخاص. ويصر الخبراء على توضيح الفرق بين خصخصة الأصول أي بيع ممتلكات الدولة، وهو ما لا يؤيدونه، وخصخصة الإدارة أي تسليم إدارة المرافق إلى القطاع الخاص.
ولن يكون السير بمبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص جديدا على اللبنانيين الذين عايشوه في قطاع الاتصالات والنفايات والكهرباء والمعاينة الميكانيكية وغيرها من المؤسسات، والذي لم يشكل «تجربة يُعتز بها» بحسب الوزير السابق فادي عبود والخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة اللذين يصران على وجوب السير بخصخصة «شفافة» بخلاف ما كان يحصل من خلال تأمين عدد من الشروط.
وكانت الحكومة اللبنانية لحظت في الخطة التي عرضتها على الدول المانحة في مؤتمر «سيدر» مشاريع بقيمة 7.5 مليار دولار لتنفيذها بالشراكة مع القطاع الخاص، لزيادة حماسة هذه الدول على منحها الأموال والمشاريع اللازمة، وأصدرت أخيرا المراسيم التطبيقية لقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص الذي أُقر في العام 2017.
ويعتبر الوزير السابق فادي عبود أن الخصخصة ستدر ما بين 30 و40 مليار دولار إلى خزينة الدولة في حال تم اعتمادها في عدد من المرافق كالمطار والمرفأ والاتصالات وشركة «ميدل إيست» وقطاع التعليم وغيره، لافتا إلى إمكانية منح الشركات الخاصة إمكانية إدارة هذه المرافق لـ10 أو 20 أو 30 سنة، على أن يتحدد ذلك تبعا لما إذا كان مطلوباً من المستثمر إنشاء بنى تحتية. ويشير عبود في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «توجه المسؤولين الحاليين هو لإبقاء النسبة الأكبر من الإدارة بيد الدولة أي 51 في المائة، وهو ما سيكون على مجلس الوزراء أن يقرره في نهاية المطاف، علما بأن ذلك غير مستحب لأن المواطن لن يشعر حينها بالثقة بأن يستثمر في هذه المرافق عوضا عن وضع أمواله في المصارف لأنه اختبر الإدارة الفاشلة للدولة لكل القطاعات»، مضيفا «حان الوقت لنضع حدا لإدارة الدولة مثلا للمطار والمستشفيات والاتصالات... كل بلدان العالم تتجه إلى الخصخصة، فبعد الولايات المتحدة الأميركية اتجهت بريطانيا وألمانيا نحو الخصخصة وحتى تم اعتماد خصخصة السجون».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».