بينما يجري وفد عسكري أميركي مباحثات في تركيا بشأن المنطقة الآمنة المقترحة في شمال شرقي سوريا، اتهم وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو واشنطن باتخاذ «خطوات شكلية في محاولة للمماطلة بشأن المنطقة؛ وهو أمر غير مطمئن» بالنسبة لبلاده.
وفي السياق ذاته، قال الرئيس رجب طيب إردوغان إن تركيا تتوقع من الولايات المتحدة الوقوف معها في محاربة الإرهاب، وتشكيل مناطق آمنة تتيح عودة اللاجئين السوريين. وأضاف إردوغان، في كلمة له خلال استقبال وفد أميركي برئاسة وزير التجارة ويلبر روس في أنقرة أمس (الثلاثاء)، أن تركيا لم يعد بإمكانها تحمل موجة لجوء جديدة من سوريا، وأن ما سماها «التنظيمات الإرهابية» تشكل أكبر عائق أمام عودة السوريين.
واتهم إردوغان «وحدات حماية الشعب» الكردية، أكبر مكونات تحالف «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» بالقيام «بتطهير عرقي وتهجير السكان وتهديد أرواح وممتلكات المواطنين الأتراك، لذا تجب إزالتها من قائمة التهديدات».
وأضاف أن «تركيا منزعجة جداً من إرسال الولايات المتحدة نحو 50 ألف شاحنة محملة بالأسلحة والذخائر إلى المجموعات الإرهابية بشمال شرقي سوريا. وما نتوقعه من الولايات المتحدة وقوفها إلى جانب جهودنا في مكافحة الإرهاب وتشكيل مناطق آمنة تتيح عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم».
ودعا إردوغان إلى إنشاء المنطقة الآمنة المقررة بشرق الفرات بأسرع ما يمكن، مضيفاً: «كما قال (صديقي) الرئيس الأميركي دونالد ترمب: مني تنظيم (داعش) بالهزيمة، ولم يعد هناك أي عائق أمام عودة السوريين سوى (وحدات حماية الشعب) الكردية».
في السياق ذاته، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن مواقف الولايات المتحدة حيال المنطقة الآمنة في سوريا لا تطمئن تركيا. وأضاف، في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير خارجية الجبل الأسود، سرديان دارمانوفيتش، في أنقرة أمس، أن الولايات المتحدة لم تلتزم بتعهداتها؛ وفي مقدمتها اتفاق «خريطة طريق منبج» بسبب انخراطها في علاقات مع «وحدات حماية الشعب» الكردية.
وعدّ جاويش أوغلو أن الخطوات المتخذة من قبل واشنطن أو التي قيل إنها اتخذت؛ هي خطوات شكلية، مضيفاً أن بلاده ترى من الولايات المتحدة محاولة للمماطلة في مسألة تشكيل المنطقة الآمنة. وأضاف أن تركيا لديها خطة جاهزة، وبمقدورها تطهير تلك المناطق، و«في حال لم نحصل على نتائج من التعاون مع واشنطن، فإننا سندخل هذه المناطق (شرق الفرات)».
إلى ذلك، قالت وزارة الدفاع التركية، أمس، إن وفداً عسكرياً أميركياً أجرى مباحثات، أمس، في مقر رئاسة الأركان التركية بهدف تنسيق الجهود لتأسيس المنطقة الآمنة في شرق الفرات. وأضافت الوزارة، في بيان، أن الوفد الأميركي، الذي يرأسه نائب قائد القوات الأميركية في أوروبا ستيفن تويتي ونائب قائد القوات المركزية الأميركية توماس بيرغسون، سيستكمل مباحثاته اليوم (الأربعاء)، في مركز العمليات المشتركة بقضاء أكتشا قلعة في ولاية شانلي أورفا جنوب البلاد.
وذكر البيان أن جهود إنشاء المنطقة الآمنة في شمال شرقي سوريا لا تزال مستمرة. وأجرى الجيشان التركي والأميركي، الأحد الماضي، الدورية البرية المشتركة الأولى، شمال سوريا، في إطار فعاليات المرحلة الأولى من إنشاء المنطقة الآمنة، بعدما اتفق الجانبان في 7 أغسطس (آب) الماضي، على إنشاء «مركز عمليات مشتركة» في شانلي أورفا جنوب تركيا لتنسيق وإدارة إنشاء المنطقة الآمنة، إلا إن تركيا أبدت انزعاجها من التوجه الأميركي بشأن المنطقة الآمنة واتهم إردوغان واشنطن بالعمل على إقامة منطقة آمنة للإرهابيين في شرق الفرات.
في سياق موازٍ، أجرى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو اتصالاً هاتفياً مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، تناول التطورات في سوريا، خصوصاً في إدلب و«مسار آستانة» وتشكيل اللجنة الدستورية السورية.
وجاء الاتصال، الذي أجري مساء أول من أمس الاثنين، بعد يوم واحد من اتصال مماثل لجاويش أوغلو مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف تناول الموضوعات ذاتها.
وقالت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الاتصالات تأتي في إطار التحضير للقمة الثلاثية التركية - الروسية - الإيرانية حول سوريا التي ستعقد يوم الاثنين المقبل.
هذا, وردت وزارة الدفاع الأميركية على الاتهامات والتهديدات التركية التي قالت بأن الولايات المتحدة تعطل تنفيذ الاتفاق لإقامة المنطقة الآمنة في سوريا.
وقال المتحدث باسم البنتاغون العقيد شون روبرتسون لـ«الشرق الأوسط»، إن الولايات المتحدة اتخذت خطوات لتنفيذ أحكام آلية الأمن التي اتفق عليها مع تركيا بسرعة، وفي بعض الحالات قبل الموعد المحدد.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد اتهم واشنطن بأنها تقيم منطقة آمنة للإرهابيين وليس لتركيا، في حين قال وزير خارجيته مولود جاويش أوغلو، إن واشنطن تعطل تنفيذ الاتفاق.
وأضاف روبرتسون، أنه كانت هناك بعض مشكلات التنفيذ التي نناقشها مع نظرائنا الأتراك. وقال إن الحوار والعمل المنسق هو السبيل الوحيد لتأمين المنطقة الحدودية بطريقة مستدامة، وضمان استمرار الحملة في جهود التحالف الدولي لهزيمة «داعش»، والحد من أي عمليات عسكرية غير منسقة من شأنها تقويض هذا الاهتمام المشترك.
وكانت الولايات المتحدة قد اتفقت مع تركيا، حليفتها في الناتو، في أوائل الشهر الماضي على إقامة منطقة تدعوها أنقرة بـ«الآمنة»، (في حين تطلق عليها واشنطن منطقة الآلية الأمنية)؛ وذلك لإبعاد المقاتلين الأكراد، في وحدات حماية الشعب، العمود الفقري لـ«قوات سوريا الديمقراطية» عن الحدود التركية.
وفي حين باشرت القوات الأميركية والتركية دورياتهما المشتركة منذ الأحد، والتي وصفتها أنقرة بالعملية الشكلية، مهددة بتنفيذ رؤيتها الخاصة لإقامة المنطقة، قال البنتاغون إن تلك الدوريات تأتي بعدما سيّر دوريات مشتركة مع «قوات سوريا الديمقراطية»، في مناطق حدودية مع تركيا، وإن وحدات حماية الشعب الكردي قد أزالت تحصينات ومواقع لها بشكل طوعي، وانسحبت من مواقع أخرى بحسب طلب الحلفاء الأتراك.
تركيا تتهم واشنطن بتعطيل «المنطقة الآمنة» في سوريا
وفد عسكري أميركي يجري مباحثات حولها
تركيا تتهم واشنطن بتعطيل «المنطقة الآمنة» في سوريا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة