شكاوى يمنية من ضعف الاتصالات والإنترنت في مناطق سيطرة الحوثيين

حملات ميليشياوية لفرض إتاوات جديدة من وزارة تحت سيطرة الانقلابيين

TT

شكاوى يمنية من ضعف الاتصالات والإنترنت في مناطق سيطرة الحوثيين

على مدى أربعة أعوام من الانقلاب الحوثي على السلطة في اليمن، تحول قطاع الاتصالات بشكل عام وشركات الهاتف الجوال والجهات التابعة لها على وجه الخصوص إلى موارد مالية رئيسية، لتمويل حرب الميليشيات ضد اليمنيين.
مصادر خاصة في العاصمة صنعاء كشفت لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الميليشيات الانقلابية فرضت مؤخراً على مالكي شبكات الإنترنت «الوايرلس» المنتشرين في طول وعرض العاصمة إتاوات مالية طائلة.
وأكدت المصادر قيام عناصر تابعة للميليشيات وموظفين موالين لها في مكاتب الثقافة بمديريات أمانة العاصمة، بتنفيذ حملات ميدانية تعسفية استهدفت مالكي شبكات «الوايرلس»، وإجبارهم تحت قوة السلاح على دفع إتاوات مالية غير قانونية، بذريعة عمل تراخيص جديدة من مكاتب الثقافة.
وبدورهم أفاد مالكو شبكات «الوايرلس» بالعاصمة صنعاء، «الشرق الأوسط»، بأنهم فوجئوا بنزول حملات حوثية مكثفة الأسبوعين الماضيين إلى محالهم وأماكن وجودهم، لإجبارهم بطرق استفزازية فجة وعنصرية، على دفع مبالغ مالية غير قانونية.
وأشاروا إلى أن من لم يلتزم بدفع إتاوات للميليشيات، يوجه له سيل من التهم ويجبر على دفع مبالغ مضاعفة، كتأديب من الجماعة لغير الملتزمين.
وتأتي انتهاكات الميليشيات، وفق اقتصاديين، تتويجاً لسلسلة من الانتهاكات غير المبررة التي تنفذها الجماعة منذ انقلابها على السلطة، والتي تستهدف من خلالها رؤوس الأموال والقطاع الخاص المحلي بالدرجة الأولى.
وأكد الاقتصاديون، لـ«الشرق الأوسط» أن استهدافات الانقلابيين المخططة مسبقاً ما زالت مستمرة، وستطال في قادم الأيام ما تبقى من رؤوس الأموال والشركات الخاصة المتعلقة بقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها. وأشاروا إلى أن قطاع الاتصالات الخاص تصدر المرتبة الأولى فيما يتعلق باستهداف الميليشيات في مناطق سيطرتها.
وبحسب تقرير محلي؛ بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في اليمن 6.911 مليون أي 24.6 في المائة من إجمالي عدد السكان، ما يعد أقل نسبة في منطقة الشرق الأوسط.
وأشار التقرير الذي أعده «مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي» إلى أن معظم السكان لا يستخدمون الإنترنت؛ خصوصاً في المناطق الريفية التي لا تتوفر فيها شبكة إنترنت. وقال إن سرعة الإنترنت «تعد واحدة من أهم معوقات الوصول إليه في اليمن، إذ تعد الأقل في المنطقة والأغلى سعراً، مقارنة بالمنطقة والعالم».
وأفاد التقرير بأن اليمن «لا يزال يقدّم خدمة منزلية لا تزيد سرعتها على 4 ميغابت، بينما يتم تقديم خدمة إنترنت منزلي في دول أخرى تصل إلى 1 غيغابت (1024 ميغابت) أي ما يعادل 250 ضعفاً أعلى من السرعة التي يقدّمها المزوّد الوحيد، أي (يمن نت)».
وأضاف أن أسعار الإنترنت في اليمن مرتفعة جداً على مستوى المنطقة والعالم، إذ إن هونغ كونغ تقدّم خدمة أسرع بـ250 مرة من أعلى سرعة تقدّمها «يمن نت» وبسعر أقل من ربع سعر الخدمة ذاتها.
وبحسب التقرير، تقدّر كلفة أقصى سرعة في اليمن بـ91.66 دولار، بينما تقدّر كلفة أقصى سرعة في هونغ كونغ (1024 ميغابت) بـ27.66 دولار.
وتعدّ سرعة الإنترنت في اليمن الأدنى في العالم، وفقاً لشبكة «أكامي» الأميركية، والتي تصل إلى 1.3 ميغابت في الثانية.
وطبقاً للتقرير، تشكل البنية التحتية السيئة، وخصوصاً شبكة الكابلات النحاسية، أحد أهم العوائق أمام الإنترنت في اليمن، إضافة إلى عوائق أخرى تتمثّل في رقابة الحوثيين على المواقع الإلكترونية وإغلاق معظمها، واحتكار تقديم الخدمة، وعدم السماح للقطاع الخاص بالاستثمار في هذا المجال، بحيث يكون لديه «غايت واي» خاصة به، يستطيع من خلالها تقديم خدمات إنترنت متميّزة.
وأكد تقرير «الإعلام الاقتصادي» فرض الميليشيات منذ اجتياحها صنعاء ومحافظات يمنية أخرى، خطوات وإجراءات غير قانونية، من بينها سياسات الحجب الواسعة التي طالب مواقع إخبارية معارضة لها.
ومنذ انقلاب الجماعة المدعومة إيرانياً، أحكمت الميليشيات سيطرتها على كافة مؤسسات الدولة؛ خصوصاً الواقعة في العاصمة صنعاء، بما فيها المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية، التي تعد أحد أهم القطاعات الحيوية في البلاد، مستغلة في ذلك مواردها لإخضاع اليمينين وقتالهم.
وأكد مواطنون في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن عبث ونهب الميليشيات طال مختلف قطاعات الدولة في صنعاء. مشيرين لـ«الشرق الأوسط» إلى أن على رأس تلك القطاعات، قطاع الاتصالات بمختلف تكويناته.
وبدوره كشف مسؤول سابق بوزارة الاتصالات، ضاق من جبروت الميليشيات، لـ«الشرق الأوسط»، عن فرض الجماعة الانقلابية قبل شهر إجراءات عقابية لمحاربة الشركات الخاصة وموردي الهواتف الجوالة، تحت اسم تنظيم استيراد أجهزة ومعدات الاتصالات.
وقال المسؤول الحكومي، الذي طلب عدم ذكر اسمه لاعتبارات أمنية، إن الميليشيات اشترطت على الشركات الخاصة وتجار الهواتف الجوالة الحصول على موافقتها مسبقاً، قبل أي عملية استيراد.
وتوزعت انتهاكات الميليشيات المتعلقة بتضييق الخناق على شركات الاتصالات، ما بين فرض جبايات مالية غير قانونية، ومنعها من تحديث بنيتها التحتية، وفرض مبالغ طائلة تحت اسم الضرائب، وتجديد عقود التراخيص، وغيرهما.
وطبقاً لموظف في المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية التي تخضع لقبضة الجماعة، تواصل الميليشيات حملاتها الميدانية، لإجبار التجار ورجال المال والعاملين بقطاع الاتصالات على دفع إتاوات تحت أسماء عدة، منها دعم قوافل الجبهات والمجهود الحربي، ورسوم تحسين مدينة ونظافة، وضرائب، وإصدار تراخيص جديدة، وغيرها.
وكشف الموظف في الاتصالات لـ«الشرق الأوسط» عن أن عوائد الميليشيات من قطاع الاتصالات بلغت العام الماضي 280 مليون دولار، ما يساوي 140 مليار ريال، مسجلة زيادة عن السنوات السابقة، جراء إضافة الميليشيات رسوماً جديدة، منها غير معلنة.
وأكد المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن الإيرادات التي حققتها الجماعة من قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات العام الماضي، تمثلت بمبيعات خدمة الإنترنت، وخدمة الاتصالات، وضرائب الأرباح على شركات الاتصالات العامة والخاصة، مؤكداً أن ميليشيات الحوثي أضافت ضرائب جديدة على المبيعات والفواتير وكروت الشحن.
ولم يكن هذا الاعتداء الحوثي الأول، ولم يكن الأخير، الذي طال مؤخراً كثيراً من التجار والمستثمرين والعاملين بقطاع الاتصالات والإنترنت بصنعاء، وفق ما قاله متابعون لهذا الأمر؛ بل اعتبروا أن تلك الاعتداءات تعد واحدة من سلسلة من الانتهاكات المتكررة التي طالت مؤسسات وشركات خاصة عدة، منذ اقتحام الميليشيات للعاصمة.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.