قيادي كردي: تفاهمات أميركا وتركيا لا تتعلق بالهياكل المدنية

TT

قيادي كردي: تفاهمات أميركا وتركيا لا تتعلق بالهياكل المدنية

قال بدران جيا كورد، كبير مستشاري الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا والتي تدير معظم المدن والبلدات الواقعة شرق نهر الفرات، لـ«الشرق الأوسط»، إن التفاهمات بين واشنطن وأنقرة «في البدايات، وهناك نقاط خلافية كثيرة، ولا يزال التهديد التركي قائماً، وحشودها العسكرية على الحدود تهدد مناطقنا»، مضيفاً أنها «آلية أمنية» وليست «منطقة آمنة»، وأضاف: «تركيا تدّعي وجود خطر على أمنها القومي، لكنها تشكل تهديداً على كامل سوريا، وعلى دمشق إدراك هذه الحقيقة، فالدور الذي لعبته منذ بداية الأزمة كان تخريبياً، ودمرت الاقتصاد السوري».
والتزمت «قوات سوريا الديمقراطية»، ومكونها الأبرز «وحدات حماية الشعب» الكردية، بسحب المقاتلين والأسلحة الثقيلة من هذه المناطق، وتسليم مواقعها إلى مجالس عسكرية تشكلت الشهر الماضي من قبل التحالف الدولي بقيادة أميركية، غير أنّ عمق هذه المنطقة لم يتضح بعد، فتركيا تطالب بمسافة 32 كيلومتراً، فيما حدّدها التحالف المكون من قوات عربية وكردية بما بين 5 كيلومترات و14 كيلومتراً على ألا تشمل المدن والبلدات الرئيسية في المنطقة.
وعدّ جيا كورد، القيادي الكردي، أن انسحاب «الوحدات» من مواقعها العسكرية وردم الأنفاق وإزالة التحصينات العسكرية؛ «يدخل في إطار تنفيذ بنود الاتفاق، لكن على الدولة التركية القيام بخطوات مماثلة في بادرة حسن نية وبناء الثقة حتى نمضي بالاتفاق قدماً»، وأكد كبير مستشاري الإدارة الذاتية أن التفاهمات التركية - الأميركية عسكرية بحتة ولا تشمل الحكم المدني، وقال: «طلبنا من الوسيط الأميركي إبقاء الهياكل المدنية بجميع مؤسساتها الأمنية والخدمية في هذه المناطق، لضمان استمرارية عملها والحفاظ على استقرارها، وهو مكسب يبنى عليه عند التوصل إلى اتفاق نهائي».
وكثف مسؤولون أميركيون اجتماعاتهم مع «المجالس العسكرية» في مدينتي رأس العين وتل أبيض. وبحسب مصادر مطلعة، فإن «الآلية الأمنية» تقضي بتقسيم المنطقة إلى 6 قطاعات تتبع مدينتي رأس العين التابعة لمحافظة الحسكة شمالي شرق، ومدينة تل أبيض بريف الرقة شمالاً، على أن تديرها هياكل محلية تحت حماية مجالسها العسكرية، ويكون تسيير الدوريات المشتركة بمسافة طولها 88 كيلومتراً وبعرض يتراوح بين 5 كيلومترات و14 كيلومتراً.
وفي رده على تصريحات كبار المسؤولين الأتراك بإعادة نحو مليون لاجئ سوري إلى «المنطقة الآمنة» شرق الفرات، قال بدران جيا كورد: «أهداف تركيا من إعادة توطين اللاجئين السوريين ليست إنسانية ولا تساهم في حل قضيتهم؛ على العكس ستزيد من معاناتهم وتعقد أزمتهم أكثر، فتركيا تستغل هذه القضية لتحقيق أهداف سياسية عنصرية»، منوهاً بأن مسألة توطين لاجئين سوريين في أماكن ليست مناطقهم الأصلية لن تحل الأزمة؛ «بل ستخلق أزمات اجتماعية وسياسية عبر توطين اللاجئين على الشريط الحدودي تشبه (مشروع الحزام العربي العنصري) الذي طبقه (حزب البعث) سابقاً في مناطقنا وغيّر من ديموغرافية المنطقة»، في وقت رحب فيه بعودة اللاجئين ممن هاجروا من مدن وبلدات شرق الفرت، وزاد: «سنوفر لهم كل شروط العودة الآمنة، لا سيما أنها تنعم بالأمن والاستقرار أكثر من باقي المناطق السورية».
وندّدت وزارة الخارجية السورية، عبر بيان رسمي نشر على حسابها أمس، بتسيير دوريات أميركية - تركية مشتركة في منطقة حدودية بشمال شرقي البلاد، بوصفه انتهاكاً سافراً لسيادتها، واتهمت «الوحدات» الكردية المدعومة من الولايات المتحدة بالعمل على تقسيم سوريا.
ورداً على هذه الاتهامات، قال المسؤول الكردي بدران جيا كورد: «أعلنا مراراً وتكراراً عدم السماح لتركيا باحتلال مزيد من الأراضي السورية. لن نقبل باقتطاع أي جزء أو المساس بسيادة الدولة ووحدة أراضيها. حوارنا مع تركيا يهدف للحفاظ على استقرار مناطقنا»، وحمّل مسؤولية انهيار المحادثات مع دمشق في منتصف 2017 للنظام الحاكم ورهانه على الحل العسكري بدلاً من الحوار السياسي، وتابع ليقول: «نحن مواطنون سوريون ندافع عن بلدنا، ولا نحتاج لدروس في الوطنية. لو توصلنا إلى اتفاق آنذاك لأصبحت سوريا أكثر قوة وتماسكاً ولربما كان الجيش يرابط على الحدود»،
واختتم حديثه بالقول: «نؤكد مرة أخرى استعدادنا للحوار السوري - السوري لإيجاد حل سياسي دائم للقضية السورية، وموقفنا ليس بسبب التهديدات التركية، لكنه مبني على أسس تفضيل الحل السياسي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».