إردوغان يتهم واشنطن بالسعي لإقامة منطقة آمنة لـ«الإرهابيين» شمال سوريا

تزامناً مع تسيير أول دورية عسكرية تركية ـ أميركية في شرق الفرات

انطلاق أول دورية أميركية ــ تركية مشتركة شمال شرقي سوريا أمس (أ.ف.ب)
انطلاق أول دورية أميركية ــ تركية مشتركة شمال شرقي سوريا أمس (أ.ف.ب)
TT

إردوغان يتهم واشنطن بالسعي لإقامة منطقة آمنة لـ«الإرهابيين» شمال سوريا

انطلاق أول دورية أميركية ــ تركية مشتركة شمال شرقي سوريا أمس (أ.ف.ب)
انطلاق أول دورية أميركية ــ تركية مشتركة شمال شرقي سوريا أمس (أ.ف.ب)

بعد أن سيرت تركيا والولايات المتحدة أول دورية عسكرية مشتركة في شرق الفرات، فيما اعتبر خطوة في إطار المرحلة الأولى لإنشاء منطقة آمنة في شمال شرقي سوريا، عكست تصريحات للرئيس رجب طيب إردوغان، عمق التباين بشأن هذه المنطقة مع الجانب الأميركي، الذي اتهمه بـ«السعي لإقامة منطقة آمنة للإرهابيين في شمال سوريا».
وقال إردوغان إن تركيا ترفض محاولة إنشاء الولايات المتحدة منطقة آمنة لمصلحة «وحدات حماية الشعب» الكردية، أكبر مكونات تحالف «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، التي تصنفها أنقرة تنظيماً إرهابياً.
وأضاف إردوغان أنه بينما تهدف بلاده إلى القضاء على «التنظيم الإرهابي» المتغلغل شمال سوريا (في إشارة إلى الوحدات الكردية)، تحاول واشنطن وضع تركيا في الكفة ذاتها من حيث التعامل معه.
وتابع: «يبدو أن حليفتنا (الولايات المتحدة) تسعى إلى إنشاء منطقة آمنة لمصلحة (الوحدات الكردية) (الإرهابية)، وليس لمصلحة تركيا وهو ما نرفضه»، مضيفاً: «لا يمكن إنجاز المنطقة الآمنة عبر تحليق 3 إلى 5 مروحيات، أو تسيير 5 إلى 10 دوريات، ونشر بضعة مئات من الجنود في المنطقة بشكل صوري».
وقال إن «تركيا تجري مباحثات من واشنطن حول المنطقة الآمنة... لكن في كل خطوة تخطوها نشاهد أن ما نريده ليس الشيء نفسه الذي يدور في عقولهم»، وأضاف أنه ينبغي جعل المنطقة برمتها آمنة بشكل فعلي، بمدنها وريفها، حتى يتسنى إسكان مليون شخص في هذه المنطقة.
وتابع: «إذا لم نبدأ بتشكيل منطقة آمنة مع جنودنا في شرق الفرات قبل نهاية سبتمبر (أيلول) الحالي، فلن يكون لدينا خيار سوى تنفيذ خططنا الخاصة».
وفي وقت سابق، أمس الأحد، سيرت القوات التركية والأميركية دوريات مشتركة في شرق الفرات بسوريا، في إطار فعاليات المرحلة الأولى من إنشاء منطقة آمنة مقترحة في شمال شرقي سوريا.
وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان، إن موكباً تركياً مكوناً من 6 عربات مصفحة ترفع علم تركيا، اجتازت الحدود مع سوريا على بعد 30 كم شرق قضاء أكتشا قلعة في ولاية شانلي أورفا جنوب البلاد، ليجتمع بموكب أميركي.
وتم تسيير الدوريات المشتركة بين قريتي الحشيشة ونص تل شرق مدينة تل أبيض بإسناد من طائرتين مروحيتين.
وفي 7 أغسطس (آب) الماضي، توصلت أنقرة وواشنطن لاتفاق يقضي بإنشاء مركز عمليات مشتركة في جنوب تركيا لتنسيق وإدارة إنشاء المنطقة الآمنة شمال شرقي سوريا.
وفي بيان لاحق بعد انتهاء الدورية، أكدت وزارة الدفاع التركية أن الأنشطة المشتركة مع الولايات المتحدة لتأسيس منطقة آمنة بسوريا، متواصلة دون إتاحة المجال لأي تلكؤ. ولفت إلى أن الدوريات المشتركة ستتواصل جواً وبراً، في الأيام المقبلة، بغية المضي قدماً في تأسيس المنطقة الآمنة وفق الجدول الزمني المحدد.
وأوضح البيان أن الهدف من الدوريات هو مراقبة أنشطة تأسيس المنطقة الآمنة بكل دقة وعناية، ورؤية تنفيذها على الأرض، كما هو مخطط، مشيراً إلى أن الأنشطة المشتركة مع الولايات المتحدة، فيما يتعلق بتدمير التحصينات والمخابئ والملاجئ العائدة للإرهابيين وسحب الأسلحة الثقيلة منهم، وانسحابهم من المنطقة، تمهيداً لتهيئة الظروف اللازمة لعودة الأشقاء السوريين إلى منازلهم، متواصلة دون إتاحة المجال للتأخر.
في السياق ذاته، أكد رئيس هيئة الأركان العامة للجيش التركي يشار جولار، لنظيره الأميركي جوزيف دانفورد، ضرورة إنشاء المنطقة الآمنة دون إضاعة وقت. وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان، إن جولار أوضح لدانفورد، في اتصال هاتفي ليل السبت - الأحد، وجهات نظر وتطلعات تركيا حيال المنطقة الآمنة شرق نهر الفرات، وشدد على ضرورة إنشاء المنطقة الآمنة في إطار المبادئ المنصوص عليها في التقويم المحدد بين البلدين، دون إضاعة الوقت.
ويسيطر تحالف «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) الذي يشمل «وحدات حماية الشعب الكردية»، التي تعتبرها تركيا «تنظيماً إرهابياً»، على الحدود مع تركيا بمنطقة شرق الفرات، شمال شرقي سوريا.

مميزات وعيوب في الجغرافيا
وقال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، في مقابلة تلفزيونية، أمس، «موقعنا الجغرافي ميزة.. لكن هناك عيوباً فيما يتعلق بالهجرة والإرهاب»، وأضاف: «تمكنت قوات أميركية من تنفيذ دوريات في شرق الفرات مع قواتنا، وتمكنها من الدخول بقواتها ووجود نقاط مراقبة تركية في إدلب بشمال غربي سوريا... كل ذلك بفضل الخطوات التي اتخذتها تركيا».
وندد النظام السوري، في بيان رسمي، أمس، بتسيير الدوريات الأميركية التركية المشتركة في شرق الفرات، مؤكداً أنها «انتهاك سافر» لسيادته. وأشار بيان صادر عن وزارة الخارجية السورية إلى أن الخطوة تمثل انتهاكاً «لسيادة ووحدة أراضي الجمهورية العربية السورية»، مشيرة إلى ما تعتبره الحكومة محاولات تقوم بها «وحدات حماية الشعب الكردية» لتقسيم سوريا.
وترغب تركيا، التي تستضيف 3.6 مليون لاجئ من الصراع السوري وتسيطر بالفعل على مناطق داخل شمال غربي سوريا، في مد وجودها العسكري إلى شمال شرقي البلاد لدفع «وحدات حماية الشعب الكردية» بعيداً عن الحدود، وتهيئة الظروف لإعادة نحو مليون سوري.
كان الجيش التركي أرسل أول من أمس تعزيزات عسكرية إضافية إلى وحداته المنتشرة على الحدود مع سوريا. وخرج رتل عسكري محمل بالمصفحات والذخائر من قيادة «اللواء 20 مدرعات» في منطقة خليلية بولاية شانلي أورفا، متوجهاً إلى بلدة أكتشا قلعة التابعة لشانلي أورفا، لدعم الوحدات المتمركزة على الحدود.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أول من أمس، إن بلاده تضع على أجندتها حالياً مسألة تطهير شرق الفرات من «التنظيمات الإرهابية» في سوريا، وستحل هذا الأمر خلال بضعة أسابيع.
ولفت إلى إرسال الولايات المتحدة أكثر من 30 ألف شاحنة محملة بالأسلحة إلى «وحدات حماية الشعب الكردية»، متسائلاً: «ضد من سيقاتل هؤلاء (الإرهابيون)، هناك بلد وحيد هو تركيا، ونحن لن نتهاون معهم».
إلى ذلك، بحث وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، عدداً من المسائل المتعلقة بالملف السوري. وقالت مصادر دبلوماسية تركية إن جاويش أوغلو وظريف، تناولا في اتصال هاتفي جرى بينهما، أمس، اجتماعات آستانة، وموضوعات تتعلق بتشكيل لجنة صياغة الدستور في سوريا.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».