هل حراسة مرمى المنتخب الإنجليزي تتجه نحو عصر ذهبي؟

تألق عدد من حراس المرمى الإنجليز في الآونة الأخيرة، مثل حارس مرمى ساوثهامبتون البالغ من العمر 23 عاما، أنغوس جون، الذي فرض نفسه كخيار أول في حراسة عرين فريقه تحت قيادة المدير الفني رالف هاسينهوتل. وقد ساهم تألق الحارس الشاب في حصول ساوثهامبتون على نقطة ثمينة الأسبوع الماضي من نادي مانشستر يونايتد.
وهناك أيضا حارس مرمى بورنموث، آرون رامسديل، البالغ من العمر 21 عاما، والذي حسم المنافسة لصالحه وأصبح الخيار الأول في هذا المركز، بالإضافة إلى دين هيندرسون، البالغ من العمر 22 عاما والذي عاد إلى شيفيلد يونايتد على سبيل الإعارة من مانشستر يونايتد ليواصل المسيرة مع الفريق الذي قاده للصعود للدوري الإنجليزي الممتاز.
ودائما ما كان حراس المرمى يتألقون وهم في سن كبيرة نسبيا بالمقارنة باللاعبين في المراكز الأخرى، لكن حصول حراس المرمى الشباب على فرص المشاركة بشكل منتظم يعد أمرا لافتا للأنظار في الدوري الإنجليزي الممتاز في الوقت الحالي. وفي ظل تألق ثلاثة حراس مرمى صغار في السن، وكلهم إنجليز، فإن الأمر يشير إلى وجود نمط أوسع، وليس مجرد حالات فردية.
يرى تيم ديتمير، مسؤول قطاع حراس المرمى في الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، أن هذا التطور اللافت للأنظار يعود إلى التغيير الجذري الذي شهدته أساليب التدريب. ويضيف: «خلال العقدين الماضيين، أصبح التدريب في هذا المركز أكثر احترافية، حيث أصبح هناك المزيد من الدورات التدريبية والمزيد من المدربين. كما أن المدربين الذين كانوا يكتفون في السابق بالقيام بالتدريبات التي كانوا يتدربون عليها عندما كانوا لاعبين، قد حصلوا على أفكار جديدة وبشكل متزايد من مجموعة كبيرة من الخبراء والمتخصصين». ولا تقتصر الموهبة في مركز حراسة المرمى على الدوري الإنجليزي الممتاز وحده، ففي دوري الدرجة الثانية يتألق حارس المرمى كيران أوهارا، المعار من مانشستر يونايتد إلى بورتون ألبيون. كما دخل ناثان بيشوب، البالغ من العمر 19 عاما، التشكيلة الأساسية لنادي ساوثيند، ويلعب ناثان تروت، البالغ من العمر 20 عاما، مع نادي ويمبلدون، على سبيل الإعارة من وستهام يونايتد.
وفي دوري الدرجة الأولى، سيتعين على نادي ليدز يونايتد التأقلم على اللعب من دون حارس المرمى البالغ من العمر 22 عاما، بيلي بيكوك فاريل، بعد رحيله إلى نادي بيرنلي. وبصفة إجمالية، هناك ثمانية حراس مرمى إنجليز يبلغ عمرهم 25 عاما أو أقل يلعبون بشكل أساسي خلال الموسم الجاري.
وربما يكون أبرز هؤلاء الحراس هو فريدي وودمان الذي يلعب لصالح نادي سوانزي سيتي، البالغ من العمر 22 عاما، والذي نجح في الحفاظ على نظافة شباكه في جميع المباريات التي لعبها الفريق في دوري الدرجة الأولى هذا الموسم. ويلعب وودمان مع سوانزي سيتي على سبيل الإعارة من نادي نيوكاسل يونايتد.
وكان وودمان قد قاد المنتخب الإنجليزي للحصول على لقب كأس الأمم الأوروبية تحت 17 عاما وكأس العالم تحت 20 عاما، وحصل على جائزة أفضل حارس مرمى في البطولة الأخيرة، ومن المؤكد أنه سيكون له دور في حراسة عرين المنتخب الإنجليزي الأول خلال السنوات القادمة، خاصة أنه يُنظر إلى المدير الفني للمنتخب الإنجليزي غاريث ساوثغيت على أنه والده الروحي.
ولا يتم استدعاء جميع حراس المرمى الذين تم ذكرُ أسمائهم، باستثناء جون، بصفة منتظمة لقائمة المنتخب الإنجليزي الأول، لكن الشيء المؤكد هو أن استدعاء ساوثغيت لأي حارس من هؤلاء الحراس الواعدين سيساعده كثيرا على تثبيت أقدامه في ناديه. يقول ريتشارد هارتس، مدرب حراس المرمى بنادي مانشستر يونايتد والذي كان ضمن الطاقم الفني للمنتخب الإنجليزي في كأس العالم تحت 20 عاما: «إذا نظرت إلى ما فعله غاريث ساوثغيت في كأس العالم بروسيا - الاعتماد على جوردان بيكفورد في مركز حراسة المرمى، على الرغم من افتقاره للخبرات، ومدى تألق الحارس في البطولة - فربما يمكنك أن ترى تأثير ذلك الآن. إن ذلك يجعل المديرين الفنيين يفكرون بطريقة مختلفة بشأن ما يمكن أن يقدمه حراس المرمى الشباب».
وعندما أعلن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم في عام 2014 عن خطة طويلة المدى لتطوير اللاعبين الإنجليز، انتقدها كثيرون ووصفوها بأنها مجرد دعاية تجارية. لكن تألق عدد كبير من اللاعبين الإنجليز الشباب على مدار العامين الماضيين قد أجبر حتى المشككين على إعادة النظر في الأمر.
وكانت أكثر المواهب الشابة التي تألقت خلال الفترة الأخيرة تشمل لاعبين مثل فيل فودين وجاجون سانشو، لكن هذا التألق امتد ليشمل حراس المرمى، الذين أصبح بإمكانهم اللعب بأقدامهم بكل سهولة.
يقول ديتمير: «أصبح يتعين على حارس المرمى في هذه الأيام أن يكون قادراً على تسلم الكرة في المساحات الضيقة، وأن يرى المساحات المتاحة للتمرير، سواء التمرير القصير أو حتى إرسال الكرات الطولية إلى زملائه بطول الملعب».
ويمتاز بيكفورد بهذه المهارات، حيث كثيرا ما نراه يمرر الكرات الأمامية بشكل رائع إلى زملائه في الخط الأمامي. وتشير الإحصاءات أيضا إلى أن عدد تمريرات رامسديل وهيندرسون إلى زملائهما أكثر من تمريرات حراس المرمى في آرسنال وتوتنهام هوتسبير ومانشستر سيتي ومانشستر يونايتد، وهو ما يثبت أن هذا الأمر لم يعد يقتصر على حراس المرمى في الدوري الإنجليزي الممتاز.
كما أن حارس المرمى في كرة القدم الحديثة لم يعد كما كان في السابق، معزولا عن زملائه في الفريق. يقول هارتس: «في الوقت الحالي، يهاجم الفريق بـ11 لاعبا ويدافع بـ11 لاعبا، وأصبح حراس المرمى جزءا لا يتجزأ من خطة اللعب، فبات يتعين عليهم مساعدة الفريق في الاستحواذ على الكرة والقيام بأدوار خططية وتكتيكية أيضا».
وأشار هارتس إلى أن رامسديل عندما كان صغيرا في أكاديمية شيفيلد يونايتد للناشئين كان يتدرب مع لاعبي الفريق تحت 23 عاما في الصباح، كلاعب عادي وليس حارس مرمى، ثم يتدرب مع لاعبي الفريق تحت 18 عاما في فترة ما بعد الظهيرة. وكان بيكفورد أيضا يلعب في بعض الأحيان في مركز المدافع في أكاديمية سندرلاند للناشئين.
يقول ديتمير: «لقد بدأوا جميعا اللعب في مركز حراسة المرمى منذ أن كانوا في الثانية عشرة أو الثالثة عشرة من عمرهم، لكنهم كانوا يمارسون رياضات أخرى أيضا. فعلى سبيل المثال، كان آرون لاعباً جيداً للغاية في لعبة الكريكيت، وكان يشارك في مسابقات على مستوى المقاطعة، كما كان دين يلعب الكريكيت أيضا. أما جوردان فقد كان يلعب أي رياضة يمكن أن تُلعب باليد، وكان جاك بوتلاند لاعبا جيدا في لعبة الرغبي». ويثبت هذا أنه حتى بالنسبة لمركز حراسة المرمى فإن قيام الشخص باللعب في مراكز أخرى وهو صغير يكسبه الكثير من المهارات التي لا تقدر بثمن والتي تساعده كثيرا بعد ذلك.
وقد بدأت هذه الأمور تؤتي ثمارها وأصبح المنتخب الإنجليزي لديه وفرة كبيرة من حراس المرمى المميزين الذين يمكن الاختيار من بينهم، بعدما كان هذا المركز يشكل مشكلة كبيرة لمنتخب الأسود الثلاثة في الماضي. يقول ديتمير: «هذا جيل مميز للغاية. لكن لكي يكون حارس المرمى من العظماء، يتعين عليه أن يواصل التألق لمدة عقد من الزمان، وربما أكثر من ذلك».