إسراء عادل: تقديمي لحفل الاتفاق بين العسكر و«التغيير» في الخرطوم غيّر حياتي

الإعلامية السودانية قالت لـ «الشرق الأوسط» إن الإعلام التقليدي يبقى الأكثر مصداقية

إسراء عادل
إسراء عادل
TT

إسراء عادل: تقديمي لحفل الاتفاق بين العسكر و«التغيير» في الخرطوم غيّر حياتي

إسراء عادل
إسراء عادل

إسراء عادل إعلامية سودانية متمكنة تألقت في حفل توقيع الاتفاق بين المجلس العسكري السوداني وقوى الحرية التغيير في الخرطوم بحضور وأداء متميزين، وخطفت الأضواء في عرس فرح السودان، فكانت نجمة الحفل أمام عدد من الرؤساء والوزراء، والمسؤولين الدوليين.
ميز إسراء عادل حضورها الاستثنائي في احتفال الاتفاق بظهورها كعروس مرتدية الثوب الأبيض. وقالت إسراء في تقديم الاحتفال وقتها إنه «فرح اكتملت مراسمه بمن نحب من الأشقاء والأصدقاء، لحظات تخط حروفها صفحات الغد الزاهر والمستقبل الأخضر».
عملت عادل في الإذاعة السودانية قبل أن تنتقل منها إلى التلفزيون وخضعت للكثير من دورات التدريب والتأهيل على عدد من أساطين العمل الإعلامي، وكسبت مهارات العمل في الكثير من الأنشطة والبرامج التلفزيونية المختلفة. وتشربت ثقافة العمل الإعلامي بوعي وفكر ومعرفة.
اقتحمت عادل ميدان العمل الإعلامي عن رغبة وليست بالصدفة، حيث لم تكن تتخيل أن تجد نفسها في غير هذا الحقل، ونفعها في ذلك دراستها الأكاديمية في كلية الآداب بجامعة الخرطوم، وما تركت هذا النشاط منذ أن كانت طالبة بالجامعة.
لا تؤمن بمسألة التمييز بين أنثى وذكر في حقل الإعلام بقدر إيمانها بتكامل الموهبة والتأهيل العلمي، مبينة أن تسارع الأحداث وتطور أدوات العمل أكثر التحديات، مشيرة إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي خصمت الكثير من وسائل الإعلام التقليدي، غير أن الأخير يبقى الأكثر صدقا وثقة.
وعن تجربتها في تقديم برامج حفل توقيع الاتفاق بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير أمام حضور دولي وإقليمي ومحلي رفيع المستوى تقول عادل لـ«الشرق الأوسط»: «هذه التجربة كانت إضافة حقيقية في مسيرتي الإعلامية وغيّرت حياتي». وأضافت: «كان ذلك شرفا عظيما لي حيث استطعت أن أكون من بين الإعلاميات السودانيات المحظوظات في يوم من أيام الوطن من خلال هذا الحدث التاريخي الأبرز من عمر السودان، وأن أكون جزءا منه، فحضوري فيه تاريخ مشرف لي».
تم اختيار عادل لمهمة تقديم الحفل من قبل لجنة محكمة أقامت بشأنها عدة ورش للتحضير لها بشكل يليق بالمناسبة، اشترك فيها المخرج محمد صديق والإعلامي مصعب الصاوي وآخرون.
تقول إن اختيارها لهذه المهمة منحها إحساساً كبيراً مختلطاً كونه حملها مسؤولية كبيرة لتمثيل نساء السودان والشعور بالفخر بالثورة.
واعتبرت أن هذه التجربة أضافت لخبرتها الإعلامية الكثير وأكسبتها مهارات جديدة ستعينها في مسيرتها العملية.
وقالت إسراء إن أكثر موقف أثّر فيها وحرّك المشاعر المختلطة هو الحراك الثوري الذي قادته انتفاضة ديسمبر (كانون الأول)، وأسقط حكومة المؤتمر الوطني، مبينة أنها كانت قريبة منه وتعيشه لحظة بلحظة من خلال عملها في الأخبار والبرامج ذات الصلة بشكل يخدم خط الثورة، كما أشارت إلى أن كل من سبقها وتعلمت وتدربت على يديه في مجال الإعلام كان قدوة لها.
واستطردت عادل بقولها: «أنا سودانية وأفتخر لأن برأيي المرأة السودانية سبقت قريناتها في المنطقة العربية والأفريقية في أكثر من حقل، وولجت جميع المجالات، وتميزت داخليا وخارجيا منذ عقود طويلة حتى في المجالات الموصدة لدى المرأة في العالم الثالث، وهذا إرث طبيعي للمرأة السودانية لن تتخلى عنه».
وعن حياتها قالت عادل: «إسراء في الشغل إنسانة جادة وملتزمة، أما في البيت فهي الابنة التي توسط أهلها بكل تفاصيل الحياة الأسرية الحميمة».
وعن مشروعها الذي تعمل عليه حاليا أوضحت عادل أن تواصل الدراسات فوق الجامعية في مجال علوم الاتصال وذلك امتدادا لدراستها الجامعية، حيث تخرجت في كلية الآداب جامعة الخرطوم.
تجدر الإشارة إلى أن الإعلامية السودانية إسراء عادل هي مذيعة عملت في الكثير من القنوات، مثل قناة الشروق الفضائية وإذاعة جامعة السودان العالمية وسابقاً في قناة النيل الأزرق، كما عملت في الكثير من الإذاعات ما بين الرياضية والمسائية.
تمتاز إسراء عادل بلغتها المستقيمة، وصوتها المميز، وشاركت من قبل في تقديم حفل ختام ملتقى الشباب العربي والأفريقي الذي عقد في مدينة أسوان مارس (آذار) الماضي. وقد تهافتت وسائل إعلام مصرية عدة للقائها بعد هذا الظهور، بحسب صحف مصرية وسودانية، كما وصفها الإعلامي المصري عمرو أديب وقتها بـ«الجميلة».
خلال مسيرتها المهنية، حاورت إسراء باقة من الشخصيات المهمة من بينها الفنان السوداني الطيب عبد الله، والموسيقار السوداني الراحل محمد عثمان وردي.
وعن الشخصية التي تتمنى إجراء حوار معها، قالت إسراء عادل إنه الفنان السوداني الكبير أبو عركي البخيت، مؤكدة على أنه ما زال لديها الكثير من الحوارات التي تتمنى أن تجريها بطموحها في عالم الإعلام الذي لا حدود له، وفق مقابلة لها في الإعلام المحلي.
يذكر أن السودان دخل في أغسطس (آب) الماضي حقبة جديدة عبر التوقيع على «الوثيقة الدستورية» للمرحلة الانتقالية التي ستستمر لمدة 3 سنوات تنتهي بإجراء انتخابات عامة لاختيار برلمان وحكومة مدنية. وحضر مراسم التوقيع الذي قدمته إسراء عدد من زعماء الدول المجاورة وممثلون لدول عربية وأفريقية وهيئات إقليمية ودولية. كما ألقى معظمهم خطباً قصيرة أكدوا فيها دعمهم لـ«التحوّل الكبير» في السودان، ووصف ممثل الاتحاد الأفريقي موسى فكي، الذي رعى المفاوضات بين الجانبين، التوقيع بـ«الإنجاز التاريخي العظيم».
ويُنهي الاتفاق بين العسكريين والمدنيين، الذي تم التوصل إليه في الرابع من الشهر الجاري، 8 أشهر من المظاهرات والاحتجاجات الشعبية الواسعة التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس عمر البشير بعد 30 عاماً من حكمه. وتقضي «الوثيقة الدستورية» بأن يُحل المجلس العسكري، الذي تولى السلطة منذ إطاحة البشير في أبريل (نيسان)، ويحل محله «مجلس سيادي» مكوّن من 5 عسكريين و6 مدنيين، يرأسه الفريق عبد الفتاح البرهان لمدة 21 شهراً ثم تنتقل الرئاسة إلى شخصية مدنية لمدة 18 شهراً تنتهي بإجراء انتخابات حرة ونزيهة. كما ستتشكّل حكومة مدنية بنهاية الشهر الجاري برئاسة الخبير الاقتصادي عبد الله حمدوك، وستتمتع بسلطات تنفيذية كاملة، بينما تنحصر سلطات «المجلس السيادي» في شؤون السيادة فقط.



«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.