أجهزة صغيرة تولد الطاقة لتشغيلها ذاتياً

وحدات مستقلة تحصد الاهتزازات في البيئة المحيطة وتحولها إلى كهرباء

تلتقط مولِّدات الاحتكاك النانوية الطاقة الميكانيكية من البيئة المحيطة بها
تلتقط مولِّدات الاحتكاك النانوية الطاقة الميكانيكية من البيئة المحيطة بها
TT

أجهزة صغيرة تولد الطاقة لتشغيلها ذاتياً

تلتقط مولِّدات الاحتكاك النانوية الطاقة الميكانيكية من البيئة المحيطة بها
تلتقط مولِّدات الاحتكاك النانوية الطاقة الميكانيكية من البيئة المحيطة بها

التحكم الذاتي ميزة ننتظرها بشغف في الجيل القادم من أنظمة التشغيل الدقيقة (microsystems)، مثل أجهزة الاستشعار عن بعد، والأدوات الإلكترونية القابلة للارتداء، وأجهزة الاستشعار الحيوية التي تُزرَع في الجسم، والروبوتات النانوية. وفي هذا الصدد.. طوَّر باحثون في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، بقيادة البروفسور حسام الشريف، والدكتور جير - هاو هي، والبروفسور خالد سلامة، أجهزة صغيرة قائمة بذاتها، من خلال إدماج وحدات طاقة كهربائية لا تحتاج إلى صيانة، وتُنتج وتستخدم إمدادات الطاقة الخاصة بها بدلاً من الاعتماد على مصدرٍ خارجي للطاقة.
شحنة من الاحتكاك
تلتقط مولِّدات الاحتكاك النانوية (TENGs)، وهي أجهزة تُنتج شحنات كهربية عن طريق احتكاك مادتين مع بعضهما، الطاقة الميكانيكية من البيئة المحيطة بها، مثل الاهتزازات والحركة العشوائية الناتجة عن البشر، وتُحوِلها إلى كهرباء. في هذه المولدات الصغيرة، تتكون أسطح مشحونة بشحنات متضادة نتيجة الاحتكاك بين مواد من قطبيات مختلفة، ويُؤدي تكرار الاحتكاك إلى تواثب الإلكترونات بين تلك الأسطح، ومن ثم توليد فرق جهد كهربائي.
يوضح الشريف أنهم قد استخدموا تأثير الكهرباء الناتجة من الاحتكاك في حصد الطاقة من الحركات البسيطة، مثل التصفيق باليدين والنقر بالأصابع والحركة الروتينية لليدين، لتشغيل أنواع مختلفة من المستشعرات.
وطوّر الباحثون كاشفاً ضوئياً ذاتي القدرة، بالجمع بين «بوليمر ثنائي ميثيل بولي سيلوكسان» الذي أساسه السيليكون، كمولد احتكاك نانوي، ومادة تسمى «هاليد البيروفسكايت الفلزي العضوي». وتمتلك تلك المادة المبنية على الرصاص - هاليد خصائص كهروضوئية مرغوب فيها عند صنع الخلايا الشمسية، والصمامات الثنائية الباعثة للضوء، وهي مصدر ضوئي مصنوع من أشباه الموصلات، يبعث الضوء عند مرور تيار كهربائي من خلاله.
ولتبسيط عملية التصميم وتجنّب الحاجة إلى مُشغِّل للحركة، صنع فريق هي كاشفاً ضوئياً باستخدام لوحين متعددي الطبقات، أساسهما البوليمر، تفصل بينهما فجوة صغيرة. يتكون اللوح الأول من غشاء رقيق للغاية من «البيروفسكايت»، بينما يتضمن اللوح الآخر طبقة بوليمر ثنائي ميثيل بولي سيلوكسان. سمحت الفجوة للفريق بحصد الكهرباء الناتجة من الاحتكاك عند تنشيط الأداة عبر النقر بالأصابع.
وبحسب مارك ليونج، المؤلف الرئيس لدراسة الكاشف الضوئي فإن الأداة التي تُولِّد القدرة اللازمة لتشغيلها ذاتياً أظهرت استجابة ممتازة للضوء الساقط عليها، خاصة عند تعرّضها لضوء بكثافة منخفضة. ونظراً لمرونة وشفافية مكوِّنات الأداة المصنوعة من البوليمر، حافظت على أدائها بعد تعرّضها للثني 1000 مرة بصرف النظر عن اتجاه الضوء الساقط.

أسورة ذاتية التشغيل
ولتوسيع نطاق البحث أكثر، أنتج الباحثون سواراً قابلاً للارتداء يُولِّد القدرة اللازمة لتشغيله ذاتياً، ويمكنه تخزين الطاقة الميكانيكية المُحوَّلة، وذلك بالجمع بين مُولّد نانوي من السليكون مُدمج بالألياف الكربونية ومكثفات مجهرية فائقة مصنوعة من مادة 2MXene، وهي مركب كيميائي معدني يحتوي على ذرات الكربون.
دمَج الباحثون مُولّداً نانويّاً مع مكثفات كهروكيميائية مصغرة في أداة واحدة متجانسة ومُغلّفة بمطاط من السليكون. وشكّلت الأداة المطاطة والمانعة للتسرب سواراً ناعماً ومرناً ومتوائماً تماماً مع الجسم. وأدت التقلبات في الحيز بين الجلد والسيليكون إلى تغييرات في توازن الشحنة بين الأقطاب الكهربائية، ما تسبب في تدفق الإلكترونات جيئة وذهاباً عبر مولد الاحتكاك النانوي، ومن ثمَّ شحن المكثف فائق الدقة.
وبالإضافة إلى تميّزها بدورة حياة أطول ووقت أقصر للشحن، فباستطاعة المكثفات فائقة الدقة من مادة MXene أن تُجمع كمية أكبر من الطاقة في مساحة معيّنة، مقارنة بالغشاء الرقيق والبطاريات الدقيقة، ما يوفر وحدات صغيرة الحجم أسرع وأكثر فاعلية لتخزين الطاقة الكهربية التي تُنتجها مولِّدات الاحتكاك النانوية. وعندما يكون السوار نَشِطاً، يمكن استخدام الطاقة المُخزّنة به لتشغيل مختلف الأجهزة الإلكترونية، مثل الساعات ومقاييس الحرارة.
ويشير طالب الدكتوراه تشيو جيانج، المؤلف الرئيسي لدراسة السوار ذاتي الشحن، إلى أن الهدف النهائي للبحث يتمثَّل في تطوير منصّة استشعار لأغراض المراقبة الصحية الشخصية، قادرة على توليد الطاقة اللازمة لتشغيلها ذاتياً. ويُخطط الفريق الآن لإدخال مستشعرات في النظام، للكشف عن المؤشرات الحيوية في عرَق الإنسان.



«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية
TT

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

في المستقبل، يمكن تغطية سيارتك الكهربائية بألواح شمسية -ليس فقط على السطح، ولكن في جميع أنحاء الجزء الخارجي من السيارة- بفضل طلاء خاص.

وسواء كنت تقود السيارة أو كانت متوقفة، يمكن لهذا الطلاء الشمسي حصاد الطاقة من الشمس، وتغذيتها مباشرة في بطارية السيارة الكهربائية. وربما يبدو الأمر وكأنه شيء من كتاب خيال علمي، إلا أن الباحثين في شركة «مرسيدس بنز» يعملون بالفعل على جعله حقيقة واقعة.

عجينة لطلاء شمسي

يقول يوشين شميد، المدير الأول لشركة «مستقبل القيادة الكهربائية» Future Electric Drive، للبحث والتطوير في «مرسيدس بنز» الذي يستكشف تقنيات السيارات الكهربائية في مرحلة مبكرة: «نحن ننتج مئات السيارات يومياً، وسطح السيارة مساحة كبيرة جداً. فلماذا لا نستخدمها لحصاد طاقة الشمس؟».

إن المادة الكهروضوئية التي تبحثها شركة مرسيدس تشبه العجينة التي يمكن وضعها على الجزء الخارجي للسيارة. يبلغ سمك الطلاء 5 ميكرومترات فقط (يبلغ متوسط ​​سمك شعرة الإنسان نحو 100 ميكرومتر)، ويزن 50 غراماً لكل متر مربع.

وقود شمسي لآلاف الكيلومترات

في سيارة رياضية متعددة الأغراض SUV متوسطة الحجم، ستشغل العجينة، التي تطلق عليها مرسيدس أيضاً طلاءً شمسياً، نحو 118 قدماً مربعة، ما ينتج طاقة كافية للسفر لمسافة تصل إلى 7456 ميلاً (12000 كم) في السنة. ويشير صانع السيارة إلى أن هذا يمكن أن يتحقق في «ظروف مثالية»؛ وتعتمد كمية الطاقة التي ستحصدها هذه العجينة بالفعل على قوة الشمس وكمية الظل الموجودة.

طلاء مرن لصبغ المنحنيات

ولأن الطلاء الشمسي مرن، فيمكنه أن يتناسب مع المنحنيات، ما يوفر فرصاً أكبر للطاقة الشمسية مقارنة بالألواح الشمسية الزجاجية التي لا يمكن ثنيها، وبالتالي لا يمكن تثبيتها إلا على سقف السيارة أو غطاء المحرك. يُعدّ الطلاء الشمسي جزءاً من طلاء متعدد الخطوات يتضمن المادة الموصلة والعزل والمادة النشطة للطاقة الشمسية ثم الطلاء العلوي لتوفير اللون (يشكل كل ذلك معاً عمق بـ5 ميكرونات).

لن تكون هذه الطبقة العلوية طلاءً قياسياً للسيارات لأنها لا تحتوي على صبغة. بدلاً من ذلك، ستبدو هذه الطبقة أشبه بجناح الفراشة، كما يقول شميد، وستكون مادة شديدة الشفافية مليئة بجسيمات نانوية تعكس الأطوال الموجية من ضوء الشمس. كما يمكن تصميمها لتعكس أطوال موجية محددة، ما يعني أن السيارات الكهربائية يمكن أن تأتي بألوان أخرى.

وسيتم توصيل الطلاء الشمسي أيضاً عن طريق الأسلاك بمحول طاقة يقع بجوار البطارية، الذي سيغذي مباشرة تلك البطارية ذات الجهد العالي.

تأمين أكثر من نصف الوقود

ووفقاً للشركة فإن متوسط سير ​​السائق هو 32 ميلاً (51.5 كم) في اليوم؛ هناك، يمكن تغطية نحو 62 في المائة من هذه الحاجة بالطاقة الشمسية من خلال هذه التكنولوجيا. بالنسبة للسائقين في أماكن مثل لوس أنجليس، يمكن أن يغطي الطلاء الشمسي 100 في المائة من احتياجات القيادة الخاصة بهم. يمكن بعد ذلك استخدام أي طاقة إضافية عبر الشحن ثنائي الاتجاه لتشغيل منزل شخص ما.

على عكس الألواح الشمسية النموذجية، لا يحتوي هذا الطلاء الشمسي على أي معادن أرضية نادرة أو سيليكون أو مواد سامة أخرى. وهذا يجعل إعادة التدوير أسهل. وتبحث «مرسيدس» بالفعل عن كيفية جعل إصلاحه سهلاً وبأسعار معقولة.

يقول شميد: «قد تكون هناك مخاوف من أن سيارتي بها خدش، فمن المحتمل أن لوحة الباب معطلة»، وتابع: «لذا اتخذنا احتياطاتنا، ويمكننا بسهولة القول إن لدينا تدابير مضادة لذلك».

ومع تغطية المركبات الكهربائية بالطلاء الشمسي، لن يكون هناك الكثير من القلق بشأن شبكات الشحن، أو الحاجة إلى قيام الناس بتثبيت أجهزة الشحن في منازلهم. ويقول شميد : «إذا كان من الممكن توليد 50 في المائة أو حتى أكثر من قيادتك السنوية من الشمس مجاناً، فهذه ميزة ضخمة ويمكن أن تساعد في اختراق السوق».

ومع ذلك، فإن حقيقة طلاء سيارتك الكهربائية بالطاقة الشمسية لا تزال على بعد سنوات، ولا تستطيع مرسيدس أن تقول متى قد يتم طرح هذا على طرازاتها، لكنها شركة واثقة من تحقيقها.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».

اقرأ أيضاً