أميركا وتركيا تسيران اليوم أول دورية مشتركة شرق الفرات

خبير روسي اعتبرها «مناورة» من واشنطن

TT

أميركا وتركيا تسيران اليوم أول دورية مشتركة شرق الفرات

تنطلق اليوم (الأحد)، أولى الدوريات المشتركة بين القوات التركية والأميركية بمناطق في شرق نهر الفرات بسوريا ضمن المرحلة الأولى لإنشاء منطقة آمنة في شمال شرقي البلاد.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إن عمليات تحليق المروحيات المشتركة مع الأميركيين شكلت فرصة لرؤية كل ما يجب القيام به في الميدان بما في ذلك تدمير «التحصينات الإرهابية»، في إشارة إلى تحصينات تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الذي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية قوامه الرئيسي.
وكرر أكار، في تصريح أول من أمس، أن تركيا لن تقبل أي مماطلة في إنشاء المنطقة الآمنة في شمال شرقي سوريا، كما حدث في تطبيق اتفاقية خريطة الطريق حول منبج سابقاً، مضيفاً: «تركيا لن تسمح أبداً بإقامة (حزام إرهابي) قرب حدودها الجنوبية، وأن القوات التركية ستقوم بكل ما يلزم لعرقلة الحزام الإرهابي».
وجدد تأكيده على مواصلة قوات بلاده ملاحقة «التنظيمات الإرهابية» في سوريا والعراق وداخل حدود تركيا، وأن هذا الكفاح سيستمر إلى حين القضاء على آخر إرهابي يهدد أمن وسلامة تركيا.
في السياق ذاته، أعلن الجنرال جوزيف دانفورد، رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأميركية، أن قيام تركيا بعملية عسكرية منفردة في شمال شرقي سوريا لن تخدم المصالح المشتركة للولايات المتحدة وتركيا معاً. وقال دانفورد: «لدى تركيا مخاوف أمنية مشروعة على الحدود مع سوريا، ونحن في حوار مستمر معهم، وعملنا كثيراً في الأسابيع الأخيرة. تم التوصل إلى اتفاق حول إنشاء مركز عمليات مشترك في سوريا. لدينا القدرة على معالجة مخاوف تركيا. هناك احتمال بأن يذهبوا هم أنفسهم إلى سوريا، لكن هذا لن يكون مفيداً لمصالحنا المشتركة».
واتفقت أنقرة وواشنطن في 7 أغسطس (آب) الماضي، على إنشاء مركز عمليات مشتركة في جنوب تركيا لتنسيق إقامة وإدارة المنطقة الآمنة في شمال شرقي سوريا في مناطق سيطرة «قسد»، ونفذت 3 طلعات جوية فوق شرق الفرات في إطار نشاط المركز.
وتهدد تركيا بتنفيذ عملية في شرق الفرات إذا لم تلتزم واشنطن بتنفيذ اتفاق المنطقة الآمنة أو لم تسمح لتركيا بالسيطرة عليها وحدها، وحدد إردوغان نهاية سبتمبر (أيلول) الحالي مهلة أخيرة.
في السياق ذاته، قال مدير مركز دراسات تركيا الحديثة والباحث بمعهد الدراسات الشرقية بروسيا، آمور جادجييف، إن الولايات المتحدة تقوم بمناورة جديدة لإلهاء تركيا فيما يخص إنشاء المنطقة الآمنة في الشمال السوري.
وأشار جادجييف في تصريح لـ«روسيا اليوم» أمس، إلى أن تركيا ستقوم بتسيير دوريات مشتركة في شمال شرقي سوريا مع الولايات المتحدة، وقد يرى البعض هذا الأمر نجاحاً لأنقرة في الملف السوري، لكن الدوريات المشتركة ليست منطقة آمنة، حيث ستجرى هذه الدوريات في مناطق محدودة.
واعتبر جادجييف هذه الدوريات «مناورة أميركية أخرى تهدف إلى إبراز مظهر تلبية المتطلبات التركية، ببدء دورية مشتركة، ولكن واشنطن تريد أن تزيل مسألة إنشاء منطقة آمنة وتؤجل الأمر».
ولفت إلى أن تصريحات الحكومة التركية حول استخدام اللاجئين السوريين ورقة ضغط، تعني دول الاتحاد الأوروبي وليس الولايات المتحدة، قائلاً إن «الاقتصاد التركي يعاني من هذا العبء، وبلدان الاتحاد الأوروبي تعتبر تركيا مستوطنة للاجئين، ولا تساعدها مالياً بما يكفي، بل تزيد أيضاً من الوضع من خلال عدم دعم إنجازات التسوية السورية وإعاقة عملية إنشاء لجنة دستورية».
والخميس، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إنهم «مصممون على البدء فعلياً بإنشاء المنطقة الآمنة شرق الفرات بسوريا وفق الطريقة التي تريدها تركيا، حتى الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر (أيلول)».
وأوضح إردوغان أن أنقرة ترغب في إنشاء المنطقة الآمنة بالتنسيق مع واشنطن، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن تركيا ستقوم بما يلزم بإمكاناتها في حال تعثر التنسيق مع واشنطن.
وهدد إردوغان بفتح الأبواب أمام اللاجئين إلى أوروبا إذا لم يتم تقديم الدعم اللازم لبلاده.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.