تجدد المواجهات بين الجيش الوطني و«ميليشيات» السراج في طرابلس

مؤسسة النفط الليبية تعلن حيادها بعد تقييد وصول الوقود إلى حفتر

TT

تجدد المواجهات بين الجيش الوطني و«ميليشيات» السراج في طرابلس

أعلن الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، أن قواته تصدت، أمس، لهجوم موسع شنته الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، على مواقع الجيش في مختلف محاور القتال في العاصمة طرابلس، في أحدث جولة من المعارك الدامية والمستمرة للشهر السادس على التوالي بين الطرفين.
وعقب أكثر من أسبوع على حالة الهدوء الحذر والنسبي التي شهدتها محاور الاشتباكات، تجدد القتال بين الجانبين بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وبدعم جوي، وسط ادعاءات متبادلة بسيطرة قوات الطرفين في الميدان.
وقالت عملية «بركان الغضب» التي تشنها الميليشيات الموالية لحكومة السراج، إن مدفعيتها الثقيلة استهدفت، وبشكل دقيق ومركز، تجمعات لقوات الجيش في السبيعة ومثلث القيو ووادي الربيع بجنوب العاصمة، مشيرة إلى وصول تعزيزات عسكرية لمحاور القتال. كما نشرت عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، صوراً فوتوغرافية تُظهر استهداف سلاح الجو التابع لها عربتي صواريخ «غراد» تتبعان قوات الجيش، وقالت إنهما كانتا في طريقهما إلى محاور الحرب على العاصمة طرابلس.
وزعم محمد قنونو الناطق باسم قوات السراج، أنها حققت أمس تقدماً في جميع المحاور جنوب طرابلس بمساندة سلاح الجو، مشيراً في تصريحات تلفزيونية إلى أن هذا التطور يأتي ضمن ما وصفه بخطة عسكرية واسعة تم الإعداد لها مسبقاً من قبل قيادات عملية «بركان الغضب».
في المقابل، قال مسؤول عسكري بارز بالجيش الوطني لـ«الشرق الأوسط»، إن قواته لم تفقد أياً من مواقعها وتمركزاتها التقليدية في محاور العاصمة طرابلس، لكنه لم يذكر المزيد من التفاصيل، مكتفياً بوصف الموقف العسكري لقواته بأنه «ممتاز على الأرض»، على حد تعبيره.
من جانبها، أكدت شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش الوطني، أن وحداته العسكرية نصبت أمس ما وصفته بعدّة «كمائن مُحكمة» في كافة محاور طرابلس، ما أدى إلى تدمير عدد من الآليات، ومصادرة الأسلحة، إضافة إلى أسر عدد من عناصر الميليشيات المسلحة. وقال بيان للجيش إن سرايا المدفعية و«الكورنيت» استهدفت بدقة عالية تجمّعاً في أحد مواقع العدو بمنطقة الرملة غرب مطار طرابلس، ما أدى إلى تدمير وحرق عدد 10 آليات لمجموعات الحشد الميليشياوي وهلاك كل من فيها، في إشارة إلى الميليشيات الموالية لحكومة السراج.
وأكد الجيش، في بيان لشعبة إعلامه الحربي، أن «كل الوحدات الجوية والبرية والبحرية في كامل الجاهزية، وعلى أهبة الاستعداد، لتنفيذ أوامر ساعة الصفر»، موضحاً أن «الوحدات العسكرية القتالية لها إرادة عالية، وتملُك الكفاءة لحسم زمام المعركة، بمجرد صدور الأوامر بالتقدم».
وطبقاً لما أعلنه المركز الإعلامي للواء 73 مشاة، التابع للجيش الوطني، فقد تصدت قواته لهجوم الميليشيات المسلحة في محيط السبيعة، وكبدتها خسائر كبيرة في الآليات والأرواح، مشيراً إلى أنه تم استهداف مجموعة آليات وعدد من المسلحين بالقرب من معسكر النقلية، بالإضافة إلى مدرعة وأفراد مسلحين.
وأعلنت غرفة عمليات الجيش الوطني في مدينة أجدابيا مقتل سبعة من الميليشيات في اشتباكات جرت في محور عين زارة بجنوب طرابلس، كما أعلنت أن سلاح الجو قصف أهدافاً بالجزء العسكري لقاعدة معيتيقة بالعاصمة، مشيرة إلى أن القصف دمر هوائيات التحكم لطائرات «الدورن» التركية.
كان الجيش قد أعلن، في وقت سابق، أمس، أنه نفذ غارة جوية استهدفت هدفاً عسكرياً تركياً، لم يتم الكشف عنه داخل قاعدة معيتيقة الجوية بالعاصمة طرابلس.
من جانبها، سعت، أمس، مؤسسة النفط الموالية لحكومة السراج إلى الدفاع عن نفسها، وأعادت التأكيد على حيادها بعيداً عن الصراع العسكري والسياسي في البلاد، على الرغم من الكشف عن تقييدها وصول الوقود إلى قوات الجيش الوطني في حملتها العسكرية لتحرير العاصمة طرابلس من قبضة الميلشيات المسلحة الموالية لحكومة السراج.
ورفضت المؤسسة محاولات التشكيك في حيادها، وقالت في بيان لها مساء أول من أمس، إنها «مؤسسة وطنية تعمل لصالح كل الشعب الليبي، وهي ترفض بشدة كل المحاولات الرامية إلى إظهارها كأحد المشاركين في الحرب أو المساندين لأي طرف من أطراف النزاع».
يأتي هذا البيان بعد كشف تقرير لوكالة «رويترز» عن تخفيض المؤسسة إمدادات الكيروسين (وقود الطيران) في مناطق خاضعة لقوات الجيش، لمنعها من استخدام الإمدادات في المعارك الدائرة جنوب طرابلس.
وأظهرت بيانات المؤسسة أن إمدادات «الكيروسين» إلى مخازن مطارات في مناطق بوسط وشرق البلاد يسيطر عليها الجيش الوطني قد انخفضت إلى نحو 5.25 مليون لتر خلال الشهر الماضي. ونفى عبد السلام البدري نائب رئيس الوزراء في حكومة شرق البلاد، القيام بمساعٍ لتصدير أو استيراد الوقود، وذلك رداً على ادعاء مسؤولين في قطاع النفط ودبلوماسيين غربيين أن هناك مؤشرات إلى أن الشرق يسعى لتأسيس شركة لاستيراد الوقود، وهو ما سينتهك القانون الليبي، لإمداد قوات تعسكر قرب طرابلس، على بعد نحو ألف كيلومتر تقريباً من قاعدتها في بنغازي.
وقال متحدث باسم المؤسسة الوطنية للنفط، «تأسيس أي كيان لتصدير واستيراد النفط الخام والمنتجات البترولية سينتهك القانون الليبي والدولي، الذي بموجبه تملك المؤسسة الوطنية للنفط منفردة الحق القانوني لفعل ذلك». وتسيطر قوات الجيش على معظم الحقول والموانئ النفطية المهمة، خصوصاً في منطقة الهلال النفطي.
وحسب مؤسسة النفط، يبلغ متوسط إنتاج النفط الليبي 1.3 مليون برميل يومياً، وتخطط إلى زيادته إلى 1.6 مليون برميل، وهي الكمية التي كانت تنتجها البلاد قبل عام 2011.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.