فنانون مصريون يُبرزون سحر النوبة في مهرجان بيروت للصورة

عبر قصص فوتوغرافية متنوعة

من القصة المصورة للفنان محمد ورداني التي تبرز أصالة الصناعات التقليدية في مصر
من القصة المصورة للفنان محمد ورداني التي تبرز أصالة الصناعات التقليدية في مصر
TT

فنانون مصريون يُبرزون سحر النوبة في مهرجان بيروت للصورة

من القصة المصورة للفنان محمد ورداني التي تبرز أصالة الصناعات التقليدية في مصر
من القصة المصورة للفنان محمد ورداني التي تبرز أصالة الصناعات التقليدية في مصر

مشاركة مصرية لافتة ومتنوعة بـ«مهرجان بيروت للصورة» الذي انطلق أخيراً في لبنان، بهدف تعزيز ثقافة الصورة وخلق فضاء واسع للتفاعل الثقافي والحضاري والإعلام عبر تأكيد دور الصورة في بناء المجتمعات وتطورها في عصر الإنترنت وإعلام الوسائط الاجتماعية، فمن بين 678 مصوراً يمثلون 36 جنسية مختلفة، كانوا قد تقدموا بطلباتهم للمشاركة في المهرجان، وأرسلوا نحو 3884 صورة فردية أو ضمن قصص مصورة، اختارت لجنة مختصة من بين هذا الإبداع 600 صورة كان للفنانين المصريين نصيب كبير وحضور بارز فيها توّجته أسماء معروفة لها ثقل دولي في مجال التصوير.
يتكون الفريق المصري المشارك من 4 فنانين أساسيين تُعرض لهم قصص مصورة كاملة في معارض المهرجان، وهم الفنانون: أيمن لطفي وجلال المسري ومحمد ورداني ونسرين الخطيب، إلى جانب مجموعة أخرى من الفنانين المصريين سيمثّل كل منهم مصر بعمل واحد، من بينهم منهم محمد الدر وعبده طاحون ومصطفى وروجية.
معبراً عن الرؤية المصرية للمهرجان، يقول الفنان المصري أيمن لطفي في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «يشغل مهرجان بيروت للصورة فراغاً كبيراً في الساحة الفنية؛ إذ يكاد يكون المهرجان العربي الدولي الوحيد المتخصص في الفوتوغرافيا، فرغم وجود فعاليات أخرى في المنطقة، فإنها تُعد مسابقات أكثر منها مهرجانات، ومن أهم ما يميزه كذلك أنه يضم مشروعات فوتوغرافية كاملة إلى جانب الصور ذات الموضوعات الفردية، ومن هنا لاقى صدى رائعاً في المشهد الفني العربي، إضافة إلى اهتمام كبير من جانب المصورين المصريين المتعطشين لإقامة بينالي دولي للفوتوغرافيا، ويعملون على ذلك داخل الوطن».
يضيف لطفي قائلاً: «حاولت وضع نواة لبينالي صور في القاهرة، بالتعاون مع وزارة الثقافة المصرية في عامي 2012 و2014 لكن للأسف لم يرَ النور حتى الآن، فجاء مهرجان بيروت ليعيد النقاش من جديد حول إقامة هذا البينالي في مصر، كأنه أثار الشجن لدينا وحقق حراكاً في المشهد المصري».
وتتميز أعمال مهرجان بيروت بقوة التكنيك وعمق المعاني، ربما أكثر من الأوروبية، لأن المنطقة العربية ساخنة وثرية بأحداثها وقضاياها، ما يلهم المصورين العرب في طرح قضايا سياسية وإنسانية واجتماعية قوية ومتنوعة في لقطاتهم، وفق لطفي الذي قال إنه يشارك بأعمال تحمل الطابع التجريدي والتجريبي منها مشروع «الشريان»، الذي يستضيفه بيت بيروت تحت عنوان «بورتريه مفاهيمي».
أما الفنان جلال المسري، فقد اختار مشروع «النوبة... بلاد الذهب» للعرض في المكتبة الوطنية أولاً قبل نقله إلى ساحة النجمة لمدة شهر كامل، وهو ما يعده المسري -على حد وصفه- في حواره مع «الشرق الأوسط»، «تكريماً لشخصه، وللفن المصري في المهرجان بشكل عام».
وعن تحضيره للمهرجان قال: «بدأت منذ أكثر من 3 أشهر الإعداد للمهرجان، إذ كنت من أوائل الفنانين الذين تواصلت معهم إدارة المهرجان، وأرسلت مشروعي عن (النوبة) الذي كنت قد عملت فيه على مدى 5 سنوات، وتضمن نتاج رحلاتي المتعددة لجزر النوبة المختلفة، ويضم أعمالاً تعبّر عن جمالها وتراثها وسكانها، بجانب تفاصيل الأمكنة المختلفة بها». لافتاً: «قدمت منها 15 صورة تعرّف المتلقي في أي مكان في العالم على منطقة جميلة من مصر».
إلى ذلك، يصف الفنان المصري محمد ورداني مهرجان بيروت للصورة بـ«التجربة الرائدة، التي يتمنى تكرارها في المنطقة العربية، لدورها في فتح النقاش وتبادل الخبرات في مجال الفوتوغرافيا عربياً ودولياً، وأيضاً لأن الصورة هي دائماً ذاكرة الوطن، ووطن بلا صورة هو وطن بلا ذاكرة»، وعن المشاركة المصرية يقول: «متميزة وتحمل رؤى متنوعة وتناولاً فنياً عميقاً».
ويشارك ورداني بقصة مصورة تضم عشرة أعمال تدور حول «العودة إلى الجذور»، تحتفي بتصوير الصناعة اليدوية التي يتميز بها المصريون مثل الفخار ومصابغ الخيوط القديمة والأحذية اليدوية، حيث يوجد في مصر أحياء عتيقة «لا تزال تحتضن ورشاً لفنون لا مثيل لها في أي مكان آخر بالعالم» على حد تعبيره، كما تتميز أعماله بقدرتها على خطف عين المتلقي إلى ما تتضمنه من معانٍ ترتبط بالعراقة والأصالة والحضور الطاغي للتراث عبر لقطات واعية تم التقاطها باحترافية عالية.
وفي قصة مصورة مشوقة وجديدة من نوعها، تسرد الفنانة الشابة نسرين الخطيب حكاية أحد أجمل القصور المصرية، وأكثرها إثارة للحزن، وهو قصر «سعيد حليم» بوسط القاهرة ذو الطابع المعماري النادر والتاريخ الطويل، والذي يعاني حالياً من الفوضى والإهمال رغم مرور أكثر من 17 عاماً على تسجيله كمبنى أثري. والقصر يُعرف خطأً باسم قصر شامبليون لوقوعه بشارع شامبليون وسط القاهرة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».