عقب إعلان الميليشيات الحوثية في صنعاء وبقية المناطق الخاضعة لها موعد بدء العام الدراسي الجديد، سارعت بإصدار حزمة من القرارات والتعميمات التي تتعلق بالإقصاء والتهميش والتعسف في حق المعلمين والمعلمات وموظفي الكادر التعليمي، استكمالاً لمسلسلها الإجرامي، الخاص بـ«حوثنة» العملية التعليمية.
وفي هذا السياق، أكدت مصادر تربوية بصنعاء لـ«لشرق الأوسط»، أن قيادة ميليشيات الحوثي المختطفة لوزارة التربية والتعليم في صنعاء أصدرت أخيراً حزمة قرارات إقصاء وتهميش لمن تبقى من العاملين في المؤسسة التعليمية بمناطق نفوذها.
ولفتت المصادر إلى إصدار الميليشيات أوامر وتوجيهات أخرى، وصفت بالجائرة والتعسفية، استهدفت معلمين ومعلمات ومديري مدارس ووكلاء وموظفين وتربويين كانوا رفضوا خلال فترات سابقة الانخراط في صفوف الميليشيات أو الاعتراف بأفكارها الطائفية والسلالية في كل من العاصمة صنعاء ومدن أخرى خاضعة لها.
وكشفت المصادر التربوية عن قيام الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي بإقصاء 15 مدير مدرسة و60 معلماً ومعلمة من وظائفهم في عدد من مدارس أمانة العاصمة ومحافظتي صنعاء وإب.
وطبقاً للمصادر، فقد أصدرت جماعة الحوثي الموالية لإيران عدداً من التعميمات الخاصة التي تشدد فيها على منع غياب أي معلم أو معلمة، رغم استمرار مصادرتها لمرتباتهم للعام الثالث على التوالي.
وأفادت بأن الميليشيات بتعميماتها ألزمت المعلمين والكادر التعليمي بالحضور القسري للدوام، دون أي التزام بصرف مستحقاتهم. وأكدت تضمن التعميمات منع العمل بجدول الطوارئ ووضع البدائل والالتزام بدوام كامل وإمكانية تغطية عجز الغياب من خلال متطوعين حوثيين غير مؤهلين تفرضهم الجماعة الانقلابية.
واعتبرت المصادر نفسها تلك القرارات والتعميمات الأخيرة بأنها جائرة وغير منطقية. مشيرة في ذات الصدد إلى أن أغلبية الكادر التعليمي غير ملتزم اليوم بها أو بتطبيقها، طالما رواتبهم ما زالت حبيسة جيوب وأرصدة الميليشيات.
وقالت المصادر التربوية: «إن قرارات الإقصاء والتهميش تأتي استكمالاً لمشروع حوثنة التربية والتعليم في اليمن وأدلجته طائفياً». في حين وصفت التعميمات الحوثية الأخيرة بالتعسفية وغير القانونية. وقالت: «إنها تطالب الكادر التربوي بالالتزام بكل ما تضمنته تلك التعميمات، دون أي التزام من جهة الميليشيات بصرف مستحقاتهم التي تنهبها منذ أكثر من 3 سنوات».
من جانبهم، أفاد تربويون في صنعاء وإب لـ«الشرق الأوسط» بأن التعميمات جاءت نتيجة متوقعة لصمت وتخاذل كل الكادر التعليمي والتربوي عن انتهاكات وصلف وتعسف الجماعة الحوثية وتجاوزاتها وانتهاكاتها المتكررة في حق هذا القطاع منذ أكثر من 3 أعوام.
وقال عدد من التربويين: «إنه بدلاً من أن تبدأ قيادة الميليشيات بمناقشة أوضاع ومشكلات المعلمين والكادر التعليمي وما خلّفه الانقلاب وانقطاع الراتب من مآسٍ ومعاناة كبيرة في صفوفهم، قامت كعادتها بإصدار تعميمات وتوجيهات لا تخدم سوى منهجها وسلالتها الطائفية».
وتحدث التربويون عن أوضاع ومعاناة قاسية يعيشونها وأسرهم، خصوصاً مع قرب موعد العام الدراسي الجديد. وقالوا: «معاناتهم تأتي أيضاً في ظل استمرار عبث الميليشيات بكل مقدرات التربية والتعليم، ونهب مرتباتهم وكل المعونات والمساعدات التي تقدمها منظمات دولية لقطاع التعليم».
ومع اقتراب موعد بدء العام الدراسي الجديد، تواصل الميليشيات، وبخطى متسارعة، المضي بمسلسلها الإجرامي الخاص بإقصاء واستبعاد عدد من التربويين من وظائفهم لأسباب وصفت بغير القانونية، وتعمل على إحلال عناصر متطرفة موالية لها، بدلاً عنهم في العاصمة صنعاء ومناطق أخرى خاضعة لسيطرتها.
وأكد طالب بمدرسة حكومية بصنعاء، اطّلاعه قبل يومين على قرار حوثي مفاجئ وقبيل العام الدراسي يقضي بإقصاء مدير مدرستهم و3 من وكلائه، واستبدالهم بآخرين ينتمون إلى صعدة وعمران.
وتحدث الطالب، الذي طلب عدم ذكر اسمه ومدرسته خوفاً من بطش الميليشيات، عن وجود حالة من الغضب والسخط الكبيرين في أوساط الطلاب والمعلمين جراء قرار إقصاء مديرهم ووكلائه، الذين وصفوهم بـالمدير والوكلاء المميزين والمتمكنين بكل اقتدار من إدارة العملية التعليمية داخل المدرسة.
كما أكدت المصادر التربوية قيام الميليشيات الحوثية التي تسيطر على القطاع التربوي بأمانة العاصمة قبل بدء العام الدراسي بإقصاء مديرة مدرسة الروضة في مديرية بني الحارث، شمال العاصمة صنعاء، واستبدالها بمديرة أخرى حوثية. وقالت المصادر إن سبب الإقالة يعود لعدم انتماء المديرة للجماعة.
وأكدت التقارير وجود إحصائية تظهر قيام الميليشيات السلالية بإقصاء أكثر من 30 تربوياً، بينهم معلمون ومديرو مدارس ورؤساء أقسام، من أعمالهم في مديرية بني الحارث وحدها، واستبدالهم بآخرين موالين للحوثيين.
وسخر مراقبون محليون في صنعاء من إعلان وتحديد الميليشيات موعد بدء العام الدراسي الجديد في مناطق سيطرتها، وقالوا إنه «من السخرية أن تعلن هذه الجماعة عن موعد بدء العام الدراسي، وهي تعرف جيداً أن العملية التعليمية في مناطق سيطرتها ما زالت تمر بأسوأ حالاتها، ومعظم المدارس مغلقة بسبب جرائمها في حق التعليم وانقلابها على السلطة الشرعية منذ العام 2014».
وتحدث المراقبون عن الواقع الحقيقي الذي يمر به اليوم قطاع التعليم، وما خلّفه الانقلاب الحوثي من أوضاع كارثية لحقت بقطاع التعليم، وتطرقوا في حديثهم لـ«الشرق الأوسط» إلى الممارسات التعسفية والإقصائية الحوثية التي طالت الآلاف من المعلمين، وكذا نهبها لمرتباتهم وحرمان الآلاف منهم من مستحقات المنحة الخليجية المقدمة لهم، والتي صرفت عبر «يونيسف»، وزجّها للآلاف من الطلبة بجبهات القتال، وعبثها الممنهج بمحتويات المنهج الدراسي، وسعيها لـ«ملشنة» ما تبقى من العملية التعليمية. وكان الميليشيات الحوثية أعلنت مطلع الشهر الحالي أن العام الدراسي الجديد سيبدأ في 14 سبتمبر (أيلول) الحالي، لجميع المراحل الدراسية، وفق ما جاء في تعميم الجماعة التي عيّنت يحيى الحوثي شقيق زعيمها على رأس وزارة التربية والتعليم في حكومة الانقلاب غير المعترف بها.
وخلال السنوات الماضية بعد الانقلاب، أقدمت الجماعة الحوثية على تجريف العملية التعليمية في مناطق سيطرتها، من خلال تعديل المناهج الدراسية وتحويلها إلى مناهج إيرانية، فضلاً عن تحويل المدارس إلى ثكنات عسكرية في مناطق التماس وإلى أماكن للاستقطاب الطائفي.
ويعاني نحو 130 ألف معلم ومعلمة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من انقطاع رواتبهم منذ نحو 3 سنوات، بعد أن رفضت الجماعة صرفها من الموارد الضخمة التي تسيطر عليها من الضرائب وبيع الوقود والجمارك والإتاوات والرسوم المتنوعة، وتسخير كل ذلك لمصلحة قادتها ومجهودها الحربي.
ميليشيات الحوثي تستقبل العام الدراسي بإقصاء العشرات من الكادر التعليمي
ميليشيات الحوثي تستقبل العام الدراسي بإقصاء العشرات من الكادر التعليمي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة