جهود لإعادة أطفال من أصول روسية يقبعون في سجون سورية

TT

جهود لإعادة أطفال من أصول روسية يقبعون في سجون سورية

أعلنت مفوضة حقوق الطفل في روسيا، آننا كوزنيتسوفا، أن جهوداً نشطة انطلقت لإعادة أطفال من أصول روسية علقوا خلال الحرب السورية في مناطق مختلفة في البلاد، بعضهم يقبع حالياً في السجون السورية مع أمهاتهم. وتحدثت عن توجه أطباء روس إلى مخيم الهول لإجراء فحوص الحمض النووي على أطفال قبل نقلهم، في إطار برنامج متفق عليه مع الحكومة السورية إلى روسيا.
ونشرت وكالة أنباء «نوفوستي» الرسمية الروسية تفاصيل عن مهمة كوزنيتسوفا في دمشق، حيث التقت أول من أمس الرئيس بشار الأسد لبحث ملف الأطفال من أصول روسية.
ووفقاً لما كشفت عنه المفوضة الحقوقية، فإن فريقاً من الأطباء توجه إلى سوريا لإجراء فحوص الحمض النووي لتحديد هوية المواطنين الروس، ودراسة إمكانات نقلهم إلى روسيا.
وزادت أنها ناقشت مع المسؤولين السوريين أثناء زيارتها لسوريا، المرحلة الأولى من العمل لإعادة الأطفال، موضحة: «ستكون الخطوة الأولى جمع نتائج تحليل الحمض النووي من الأطفال الذين هم مواطنون محتملون، مع فحص المعلومات التي تفيد بأن أمهاتهم من مواطني الاتحاد الروسي»، وقالت إن النشاط لن يكون مقتصراً على مخيم الهول، وإن وفود الأطباء الروس ستزور مخيمات أخرى فيها نازحون من مناطق مختلفة.
ووفقاً لها، فإنه «بعد تلقي النتائج، سيكون من الممكن وضع خطة عمل، لإعادة هؤلاء، وعلينا ألا نتوهم أن هذه العملية ستكون سريعة وسهلة». وأشارت كوزنتسوفا إلى الأمل في دعم السلطات السورية في قضية عودة الأطفال.
ولم توضح المفوضة الروسية لماذا بدأ العمل بالتوجه إلى مخيم الهول تحديداً، لكن السلطات الروسية تشير إلى معطيات عن وجود نحو 73 ألف شخص في المخيم، غالبيتهم الساحقة من النساء والأطفال، ولا تستبعد موسكو أن يكون بين النازحين حالياً أرامل وأطفال لمقاتلين من روسيا وجمهوريات الاتحاد السوفياتي. كان المركز الروسي للمصالحة بين الأطراف المتصارعة حذر قبل أسابيع من تصاعد الوضع المأساوي في المخيم، وأفاد بأن ما بين 10 - 20 شخصاً يموتون كل يوم بسبب الوضع الصحي والمعيشي المتدهور، ونقص التغذية، وزاد أن إجمالي عدد الأطفال القتلى منذ أبريل (نيسان) بلغ 235 طفلاً.
في الأثناء، أفادت الوكالات الروسية بأن كوزنيتسوفا بحثت مع الأسد «عودة أطفال المواطنين الروس الذين توجهوا إلى سوريا للانضمام إلى (داعش) وجماعات إرهابية أخرى».
ووفقاً لبيان أصدره مكتب المفوضة الحقوقية، فقد أكدت خلال اللقاء على أهمية التعاون لـ«حماية حقوق الأطفال الروس الموجودين في سوريا، بما في ذلك المخيمات التي تقع خارج سيطرة السلطات السورية».
وأشار البيان إلى أنه «بنتيجة المباحثات، تم الاتفاق على التعاون. وأكد الجانب السوري استعداده للمساعدة في عودة الأطفال الروس من الأراضي السورية». ولفت مكتب مفوضة حقوق الأطفال إلى زيادة الطلبات التي يتلقاها بشأن المساعدة في عودة الأطفال من سوريا. وذكرت كوزنيتسوفا بعد اللقاء، أن «إجراءات تجري لإعادة 4 أطفال موجودين في السجون السورية مع أمهاتهم اللواتي تمت إدانتهن في سوريا»، مشيرة إلى أن أعمار الأطفال تتراوح بين 5 و9 سنوات، من دون أن توضح مصير الأمهات في السجون، وما إذا كانت المفاوضات تطرقت إلى نقلهن إلى روسيا.
وقالت: «عثرنا على أطفالنا في سجون سوريا، ويتم العمل على عودتهم، حسب ما أفهم، بأنه وفقاً للقواعد السورية، يجب ألا يكون هناك أطفال في السجون، لقد أبقوهم مع أمهاتهم فقط، لأنهم يريدون فصلهم. وهنا، وبفضل هذا الموقف، وجدنا هؤلاء الأطفال». وشددت على أن العمل على عودة الأطفال من سوريا سيجري وفقاً لسيناريو مماثل جرى مع العراق. و«من المخطط عودة المجموعة الأخيرة من الأطفال الموجودين في العراق في أواخر سبتمبر (أيلول) الحالي».
ووفقاً لمعطيات وزارة الخارجية الروسية، فقد عاد 90 طفلاً روسياً من العراق في إطار جهود مماثلة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.