ضوابط إعلامية بمصر تتعلق بتناول قضايا «الإرهاب»

TT

ضوابط إعلامية بمصر تتعلق بتناول قضايا «الإرهاب»

أثارت المعايير والضوابط الجديدة التي وضعها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والمتعلقة بقواعد تغطية الأحداث الإرهابية وقضايا المرأة والطفل، وتحديد مدة البرامج، حالة من الجدل في مصر، فرغم تأكيد أساتذة وخبراء الإعلام أهمية وجود معايير ومواثيق شرف إعلامية، فإن بعضهم رأى أن وضع هذه المعايير هو دور المؤسسات الإعلامية نفسها، وليس المجلس الأعلى للإعلام.
وأصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وهو الهيئة المسؤولة عن تنظيم وسائل الإعلام في مصر، مساء الأربعاء، مجموعة من المعايير والضوابط تقضي بإلزام المؤسسات الإعلامية بالحفاظ على أصول المهنة وأخلاقيتها والحفاظ على حقوق الملكية الفكرية، إضافة إلى مجوعة من الأكواد تتعلق بكيفية تغطية الأحداث الإرهابية، والتعامل مع قضايا المرأة والطفل، والبرامج الدينية والرياضية، وحتى الدراما والإعلانات.
الدكتور محمد المرسي، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «إصدار هذه المعايير هو حق أصيل للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، للحد من الفوضى الإعلامية»، مشيراً إلى أن «المجلس وضع قواعد لأهم نوعيات البرامج التي تشهد خروجا عن المهنية والأخلاقيات والفوضى، كما أنها تجذب عدداً كبيراً من المشاهدين».
وأكد المرسي «ضرورة أن تكون هذه الضوابط إلزامية، لتحقيق الهدف منها»، موضحاً أن «الأكواد الأخلاقية التي وضعها المجلس مكملة لميثاق الشرق الإعلامي».
وتضمن قرار المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام 12 بندا تحت اسم الضوابط والمعايير لضمان التزام المؤسسات الإعلامية بأصول المهنة، ومن بينها عدم تقديم معلومة إلا بعد التأكد من دقتها، والتوازن في عرض الآراء المختلفة، وعدم تقديم محتوى من شأنه الإضرار بالمصلحة العامة للمجتمع، ومؤسساته ومعتقداته الدينية، أو التحريض على العنف والتمييز والكراهية، أو تهديد الأمن القومي، ومراعاة حقوق الملكية الفكرية، وعدم الخلط بين الإعلام والإعلان، وعدم البث من خارج المناطق الإعلامية المعتمدة.
من جهته، يقول الدكتور أيمن ندا، رئيس قسم الإذاعة والتلفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة، لـ«الشرق الأوسط» إن «وضع المجلس لهذه الضوابط والمعايير، يعيدنا إلى نقطة البداية في مجال الإعلام، والتي تكمن في أن القناة أو الوسيلة الإعلامية لديها الحرية في طريقة معالجتها للقضايا»، مشيراً إلى أن «الشيء الوحيد المتاح لتنظيم الإعلام من خارج الوسيلة هو المعايير الأخلاقية، وهي موجودة في مواثيق الشرق الصحافية والإعلامية». مضيفاً أن «إصدار المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام لهذه الضوابط يعد تدخلا في غير محله». لكنه أكد أن «هذه المعايير غير ملزمة ما لم تكن هناك عقوبات».
الإعلامي الدكتور محمد سعيد محفوظ، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الضوابط تنطوي على تكرار لمعايير الجودة الصحافية ومن بينها الدقة والموضوعية والإنصاف، لكن بصورة إنشائية وفضفاضة، تنطوي على تكرار لمسلمات وبدهيات المهنة»، مشيراً إلى أن «بعض هذه الضوابط غير قابلة للقياس، مثل الحفاظ على كرامة المهنة، وحماية حق الجمهور في صحافة حرة ونزيهة، والحفاظ على حيوية الأحداث الرياضية»، متسائلا: «من الذي سيحدد ما إذا كان قد تم خرق هذه الضوابط من عدمه وكيف». وتضمن القرار 10 أعراف مكتوبة (أكواد)، وهي كود حماية قيم وأخلاق المجتمع، وكود المحتوى الديني الذي يحظر استضافة غير المؤهلين في البرامج الدينية، وكود تغطية القضايا العربية والأفريقية، وكود تغطية الحوادث الإرهابية الذي ينص على الاعتماد على البيانات الرسمية في تغطية هذه الأحداث، وكود حماية مقتضيات الأمن والاقتصاد القومي، والذي ينص على عدم نشر أي محتوى يضر بالاقتصاد، وكود لقضايا المرأة وآخر لحقوق الطفل، وأكواد أخرى لحماية الملكية الفكرية، وللصحافة والإعلام الرياضي، وللأعمال الدرامية والإعلانات.
وقال جمال شوقي، عضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، في مؤتمر صحافي للإعلان عن هذه الضوابط، إن «هذه المعايير تمثل قواعد العمل الإعلامي، وتأتي في أعقاب صدور الضوابط الخاصة ببرامج التوك شو والبرامج الرياضية والدينية والصحية، والتي بدأ تطبيقها أول سبتمبر (أيلول) الحالي».
ويرى خبراء الإعلام، ومن بينهم محفوظ، أن هذه الضوابط تتضمن خلطا بين المعايير الأخلاقية والمهنية والإجرائية، مثل النص على عدم البث من خارج المناطق الإعلامية، واستئذان المجلس قبل إبرام اتفاقيات التعاون المشترك، مشيرا إلى أن «هذه الضوابط تعد مادة خاما جديدة لمزيد من القيود على وسائل الإعلام».
ومن بين الضوابط التي أقرها المجلس على برامج «التوك شو» والبرامج الدينية والرياضية والطبية، ألا تزيد مدة البرنامج على ساعتين بالإعلانات، وأن يكون مقدم البرنامج ورئيس تحريره أعضاء نقابة الإعلاميين. ولم يوضح المجلس الأعلى للإعلام مدى إلزام هذه الضوابط والمعايير، وإن كان في الفترة الأخيرة قد دأب على إصدار قرارات بإيقاف برامج أو إعلاميين لخرقهم بعض الضوابط المهنية والأخلاقية.
وقال عماد الدين حسين، رئيس تحرير صحيفة «الشروق» المصرية، لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الضوابط لا يمكن الخلاف على معظمها، فهي مواد جيدة موجودة في كل مواثيق الشرف ومدونات السلوك المهنية، لكن المشكلة في كيفية تطبيقها، خصوصاً، مع وجود بعض العبارات المطاطة التي يمكن أن تفسر بأكثر من مستوى، مما يجعل الصحافي تحت دائرة التفسير الخاطئ معظم الوقت». موضحاً أن «تطبيق هذه البنود يتم عادة في إطار مناخ من الحرية، ونحن لدينا العشرات من المدونات ومواثيق الشرف لم تردع المخالفين».


مقالات ذات صلة

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا اللفتنانت جنرال فيض حميد (منصة إكس)

بدء محاكمة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الباكستانية

بدأ الجيش الباكستاني محاكمة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الباكستانية، في خطوة من المحتمل أن تؤدي إلى تفاقم التحديات القانونية ضد رئيس الوزراء السابق المسجون.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
أوروبا أمرت النيابة العامة الفيدرالية بألمانيا باعتقال رجل يشتبه في كونه عضواً بجماعة «حزب الله» اللبنانية بهانوفر حيث يُعتقد أنه يعمل لصالحها داخل ألمانيا (د.ب.أ)

ألمانيا: إيداع سوري مشتبه في تعاطفه مع «داعش» بالحبس الاحتياطي

بعد عملية واسعة النطاق نفذتها الشرطة البافارية الأحد تم إيداع شخص يشتبه في أنه من المتعاطفين مع «تنظيم داعش» قيد الحبس الاحتياطي.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ - شتوتغارت )
آسيا شرطي يراقب أفراداً من الأقلية المسيحية الباكستانية وهم يستعرضون مهاراتهم في الاحتفال بأعياد الميلاد على أحد الطرق في كراتشي بباكستان 8 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

باكستان: مقتل شخصين يحملان متفجرات بانفجار قرب مركز للشرطة

انفجرت عبوة ناسفة كان يحملها مسلحان مشتبه بهما على دراجة نارية في جنوب غربي باكستان، بالقرب من مركز للشرطة، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (كويتا (باكستان))
أفريقيا وزير الدفاع الجديد تعهّد بالقضاء على الإرهاب في وقت قريب (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

بوركينا فاسو: حكومة جديدة شعارها «الحرب على الإرهاب»

أعلن العسكريون الذين يحكمون بوركينا فاسو عن حكومة جديدة، مهمتها الأولى «القضاء على الإرهاب»، وأسندوا قيادتها إلى وزير أول شاب كان إلى وقت قريب مجرد صحافي.

الشيخ محمد (نواكشوط)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.