واشنطن تفرض عقوبات على النفط الإيراني وترفض «إعفاءات» للخط الائتماني الفرنسي

عرضت مكافآت مالية تصل إلى15 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات عن أنشطة {الحرس}... وترمب يرجّح لقاءً مع روحاني على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة

ملصق خلف المبعوث الأميركي الخاص بإيران يظهر رمز «الحرس الثوري» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن أمس
ملصق خلف المبعوث الأميركي الخاص بإيران يظهر رمز «الحرس الثوري» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن أمس
TT

واشنطن تفرض عقوبات على النفط الإيراني وترفض «إعفاءات» للخط الائتماني الفرنسي

ملصق خلف المبعوث الأميركي الخاص بإيران يظهر رمز «الحرس الثوري» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن أمس
ملصق خلف المبعوث الأميركي الخاص بإيران يظهر رمز «الحرس الثوري» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن أمس

في خطوة متقدمة من استراتيجية «أقصى الضغوط»، وتحت شعار «أوقف إرهابي وأنقذ حياة»، أعلن المبعوث الأميركي الخاص بإيران برايان هوك تقديم مكافآت تصل إلى 15 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تساعد البيت الأبيض على تعطيل ووقف الأنشطة الإيرانية غير المشروعة، معلنا عن فرض عقوبات جديدة على شبكات شحن النفط المرتبطة بـ«الحرس الثوري» واستبعد خلال مؤتمر صحافي بشكل قاطع منح أي إعفاءات أو استثناءات من العقوبات المفروضة على إيران ومنها الخط الائتماني الذي اقترحته فرنسا والذي تقول طهران إنه قد يمهد للامتثال الكامل لصفقة الاتفاق النووي.
واعتبر هوك أن غاية سلسلة العقوبات الأميركية المتتالية التي تستهدف إيران «حرمانها من الحصول على موارد لتمويل الأنشطة الإرهابية المزعزعة للاستقرار وإجبارها على العودة إلى مائدة التفاوض للتوصل إلى اتفاق جديد شامل»، وذهب أبعد من ذلك عندما قال: «لا يمكننا أن نكون أكثر وضوحا أننا ملتزمون بحملة الضغط الأقصى ولا نتطلع إلى منح أي استثناءات أو تنازلات»، مضيفا أنه لم ير اقتراحا فرنسيا ملموسا قبل أن يشير إلى قلق أميركي أوروبي مشترك من «الطموحات النووية الإيرانية ودعم الإرهاب وبرامج الصواريخ الباليستية».
وأبدى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، احتمالات عالية لعقد لقاء بينه وبين الرئيس الإيراني حسن روحاني، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية الشهر الجاري بنيويورك.
ولم يستبعد ترمب خلال تصريحات صحافية بالمكتب البيضاوي، أمس، لقاء نظيره الإيراني، وقال إن «كل شيء ممكن، وإن إيران تريد التفاوض والتوصل إلى اتفاق». وتابع أن إيران «لم تعد نفس الدولة منذ عامين ونصف».
وصرح ترمب بأنه «حينما جاء إلى البيت الأبيض كانت إيران دولة إرهابية والآن لم تعد في قدرتها القيام بذلك»، مضيفاً أن «إيران لديها قدرات ونحن لا نسعى لتغيير النظام وأرى أنهم (الإيرانيون) يريدون استغلال هذه القدرات، وأنا لا أتخيل ما يمكن أن يواجهوه إذا أرادوا السير في الطريق الصعب».
وفي حديثه حول الجهود الدبلوماسية التي يقوم بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قال ترمب: «أنا أقدّر جهود الرئيس ماكرون، لكننا لا نتعامل من خلال دولة أخرى بل نتعامل مباشرةً، وقد كان لينا اجتماعات مجموعة السبعة واتفقنا جميعاً على أنه لا يمكن لإيران امتلاك سلاح نووي».
وشدد ترمب على أن بلاده لن تقوم بتخفيف العقوبات الأميركية على إيران. وقال في إجابته عن سؤال حول تصريحات روحاني ومطالبته برفع العقوبات الأميركية للدخول في مفاوضات: «لن نفعل ذلك».
وأضاف ترمب: «اقتصادهم يواجه خناقاً مالياً ومستويات التضخم عالية وهم (الإيرانيون) في موقف سيئ للغاية ويمكنهم حل هذا الموقف في 24 ساعة، وأعتقد أنهم يريدون حل المشكلة».
وقال هوك في هذا الصدد: «نحن نتفق على الكثير من الأمور والدول الأوروبية تعمل لحماية أمنها القومي ونحن أيضا نسعى لحماية أمننا القومي ونشترك في تقييم المخاطر، لكن لدينا خلافات تكتيكية حول أسلوب الوصول للهدف والرئيس ترمب منفتح على الكثير من البدائل».
وأعرب هوك أيضا عن تمسك ترمب بالتفاوض على «صفقة جديدة مع إيران تشمل وقف الإرهاب وتجارب الصواريخ الباليستية ووقف احتجاز الأميركيين»، مؤكدا أن إيران «لديها تاريخ من عدم الامتثال وعدم المجيء إلى مائدة الحوار من دون ضغوط دبلوماسية وعقوبات اقتصادية»، لافتا إلى أن العقوبات «تخلق المناخ لما يقود إلى المفاوضات». وأضاف: «لم نر جهدا من إيران، وعلى إيران اتخاذ قرار والتصرف كدولة عادية». كما اتهم الإيرانيين برفض الوساطات الدبلوماسية و«منها وساطة رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي».
وجدد هوك انتقاداته لـ«الحرس الثوري» بقوله إنه «منظمة إرهابية قامت باستغلال الموارد من نقل النفط الإيراني المهرب لتمويل جماعات تقوم بتصدير العنف والإرهاب. وأوضح أنه خلال الشهور الماضية قام الحرس الثوري الإيراني بتهريب 100 مليون برميل نفط على متن 12 ناقلة نفط إلى سوريا بما قيمته مليار دولار». واعتبر وضع تلك القوات في سوريا «تهديدا لإسرائيل» وقال إن واشنطن «ترى أن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها ونساندها بقوة».
وفي توقيت متزامن مع تصريحات هوك، أعلنت الخزانة الأميركية فرض عقوبات جديدة على شبكة شحن يسيطر عليها «الحرس الثوري» و«فيلق القدس» بتهم قيام الشبكة بنقل النفط المهرب والمقدر قيمته بمئات الملايين من الدولارات إلى «حزب الله» وإلى نظام الرئيس السوري بشار الأسد وإلى جهات أخرى. ويقول المسؤولون الأميركيون إن إيران تستخدم عائدات بيع النفط لتمويل جماعات مثل «حزب الله» التي تزعزع الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
وقال وزير الخزانة الأميركية ستيفن منوشين في بيان إن «تحرك وزارة الخزانة ضد هذه الشبكات النفطية المترامية الأطراف يوضح بوضوح أن الذين يشترون النفط الإيراني يدعمون بشكل مباشر الأذرع الإيرانية المسلحة والإرهابية».
وكانت الولايات المتحدة قد حذرت شركات الشحن وطواقمها من أنهم سيواجهون عقوبات محتملة بتهمة مساعدة فيلق القدس والحرس الثوري الإيراني على استخدام شبكات الشحن الأخرى للتهرب من العقوبات الأميركية.
وأدرجت الخزانة الأميركية أسماء نحو 16 كيانا وشركة وناقلة نفط وعشرة أشخاص على قائمة العقوبات ومن بين الأسماء المدرجة كل من محمد قصير ومحمد رضا وعلي قصير ومحمد الزال وشمس الله أسدي وهم أعضاء في «حزب الله» اللبناني. وأدرجت أشخاصا من الهند يساعدون في تسهيل شحنات النفط المهرب، ومنهم ظفر أنيس اشتياق وعلي غدير وعلي الزهير محمد، إضافة إلى شركات تتخذ من الهند مقرا لها ومنها شركة بوشرا والشركة الوطنية لاستخراج الألمنيوم ومقرها لبنان ومجموعة مهدي التي تعمل في كل من الهند والإمارات وشركة عمران بيشرو. كما تم إضافة سفن النفط الخام مثل سانت كيتس وسفينة جاسمين النفطية التي تحمل علم إيران وسفن مرتبطة بمجموعة مهدي وبعض ناقلات النفط التي تحمل علم بنما وليبيريا ومنغوليا.
واعتبر المحللون أن هذه الخطوات الأميركية لتحذر مجتمع أعمال النقل البحري حول مخاطر تسهيل العمل مع إيران في الوقت الذي تبحث فيه واشنطن عن طرق جديدة للضغط على إيران. وقال مسؤولون بالخارجية الأميركية إن واشنطن تنوي التركيز على تنفيذ القانون وتقديم حوافز لحث ربان السفن البحرية وأطقم البحارة على التعاون وتقديم معلومات، وفي الوقت نفسه تهدد أيضا بإلغاء تأشيراتهم الأميركية مما يمنعهم من دخول الموانئ الأميركية ما لم يساعدوا الولايات المتحدة في مساعيها.
وكانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات على وكالة الفضاء الإيرانية يوم الثلاثاء بعد أيام على ظهور صور الأقمار الصناعية لصاروخ فشلت إيران في إطلاقه.
وأعلن وزير الخارجية الأميركية في بيان مساء الثلاثاء أن العقوبات استهدفت وكالة الفضاء واثنتين من المؤسسات البحثية التابعة لها. وقال بومبيو إن «الولايات المتحدة لن تسمح لإيران باستخدام برنامج إطلاق الفضاء كغطاء للمضي قدما في برامج الصواريخ الباليستية، ومحاولة إيران الفاشلة لإطلاق الصاروخ في 29 أغسطس (آب) الماضي تؤكد الحاجة الملحة لمواجهة هذا التهديد». وحذر وزير الخارجية الأميركية المجتمع الدولي من التعاون مع برنامج الفضاء الإيراني بما يسهم في قدرة إيران على تطوير أسلحة نووية.
وأشارت الخارجية الأميركية إلى أن إيران تستخدم هذه المؤسسات البحثية وتقوم باختبارات الفضاء كوسيلة سرية للمضي قدما في برامجها للصواريخ الباليستية. وقالت الخارجية الأميركية إن إيران انتهكت بهذه الاختبارات، قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يمنع إيران من اتخاذ أي إجراءات تتعلق بتجارب للصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس حربية. وأكدت أن تكنولوجيا إطلاق المركبات الفضائية الإيرانية قادرة على العمل لإطلاق الصواريخ الباليستية التي يحتمل أن تحمل أسلحة دمار شامل مثل الرؤوس الحربية النووية.
وغرد الرئيس ترمب يوم الجمعة الماضي بصور بموقع إطلاق الصاروخ الإيراني، نافيا تورط بلاده في هذا الحادث المأساوي، كما اعترفت إيران بوقوع الانفجار في مركز الإمام الخميني للفضاء، وأوضحت أن سبب الانفجار كان نتيجة عطل فني وليس نتيجة عمل من أعمال التخريب.



ضربات وقائية على طاولة ترمب لمنع إيران من تطوير قنبلة نووية

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)
TT

ضربات وقائية على طاولة ترمب لمنع إيران من تطوير قنبلة نووية

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)

يدرس الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، خيارات لمنع إيران من إنتاج سلاح نووي، بما في ذلك إمكانية شن غارات جوية استباقية، مما يشكل خرقاً للسياسة الأميركية القائمة على احتواء طهران بالدبلوماسية والعقوبات.

وأفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» إن فريق ترمب الانتقالي يناقش تداعيات ضعف موقف إيران الإقليمي وسقوط نظام الأسد في سوريا، بالإضافة إلى تدمير إسرائيل لميليشيات مثل «حزب الله» و«حماس».

وقال مسؤولون انتقاليون إن ضعف موقف إيران الإقليمي، والكشف عن تقدم الجهود النووية لطهران، قد أديا إلى تفاقم المناقشات الداخلية الحساسة. ومع ذلك، لا تزال جميع المداولات حول هذه القضية في المراحل المبكرة.

تساؤلات حول نوع الضغوط التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

وقال شخصان مطلعان على محادثاتهما، إن ترمب أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مكالمات هاتفية حديثة، بأنه قلق بشأن اندلاع حرب نووية إيرانية في عهده، مما يشير إلى أنه يبحث عن مقترحات لمنع هذه النتيجة.

ويريد ترمب خططاً تتوقف عن إشعال حرب جديدة، خصوصاً تلك التي يمكن أن تجرَّ الجيش الأميركي، حيث إن الضربات على المنشآت النووية في طهران لديها القدرة على وضع الولايات المتحدة وإيران على مسار تصادم.

وتمتلك إيران ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب وحده لبناء 4 قنابل نووية، مما يجعلها الدولة الوحيدة غير النووية التي تنتج 60 في المائة من المواد الانشطارية التي تقترب من درجة الأسلحة، ولن يستغرق الأمر سوى بضعة أيام لتحويل هذا المخزون إلى وقود نووي صالح للأسلحة.

وقال مسؤولون أميركيون، في وقت سابق، إن الأمر قد يستغرق من إيران أشهراً عدة لنشر سلاح نووي.

وقال أشخاص مطلعون على التخطيط إن الفريق الانتقالي للرئيس المنتخب يبتكر ما يطلق عليها استراتيجية «الضغط الأقصى 2» ضد النظام الإيراني، وهي استكمال لنهجه في فترة ولايته الأولى، الذي ركز على العقوبات الاقتصادية الصارمة.

وهذه المرة، يقوم الرئيس المنتخب ومساعدوه بوضع خطوات عسكرية يمكن أن تكون محوريةً لحملته المناهضة لطهران، وإن كانت لا تزال مقترنةً بعقوبات مالية أكثر صرامة.

قال 4 أشخاص مطلعون على التخطيط إن خيارين ظهرا في المناقشات، بما في ذلك في بعض المحادثات التي جرت مع ترمب.

وأحد المسارات، الذي وصفه شخصان مطلعان على الخطة، يتضمَّن زيادة الضغط العسكري من خلال إرسال مزيد من القوات الأميركية والطائرات الحربية والسفن إلى الشرق الأوسط، ويمكن للولايات المتحدة أيضاً بيع أسلحة متقدمة لإسرائيل، مثل القنابل الخارقة للتحصينات، مما يعزز قوتها الهجومية لإخراج المنشآت النووية الإيرانية عن الخدمة.

والتهديد باستخدام القوة العسكرية، خصوصاً إذا اقترن بالعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والتي تنجح في شلِّ الاقتصاد الإيراني، قد يقنع طهران بأنه لا يوجد خيار سوى حل الأزمة دبلوماسياً.

عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

والمسار البديل هو السعي إلى استخدام التهديد باستخدام القوة العسكرية، خصوصاً إذا اقترن بالعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة؛ لدفع طهران إلى قبول حل دبلوماسي، وهذه هي الاستراتيجية التي استخدمها ترمب مع كوريا الشمالية في ولايته الأولى، على الرغم من تعثر الدبلوماسية في نهاية المطاف.

وليس من الواضح أي خيار سيختاره ترمب، الذي تحدَّث عن تجنب حرب عالمية ثالثة، والتوسط في صفقات مع طهران.

في حين أصرَّ ترمب على أنه يسعى إلى تجنب التصعيد الهائل في الشرق الأوسط، فإنه قال لمجلة «تايم»، في مقابلة نُشرت يوم الخميس، إن هناك فرصةً لأن تخوض الولايات المتحدة حرباً مع إيران، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن طهران خطَّطت لاغتياله، وقال: «أي شيء يمكن أن يحدث. إنه وضع متقلب للغاية».

ولم يقم بعض المسؤولين الجدد في الإدارة بعد بإبداء رأيهم الكامل في هذه القضية، وقد تتغير المقترحات المتعلقة بإيران مع تولي المسؤولين الحكوميين مناصبهم، وتوافر المعلومات السرية، وعقد المناقشات مع الحلفاء الإقليميين مثل إسرائيل.

والأمر الحاسم هو أن ترمب نادراً ما يخوض بعمق في التفاصيل المتعلقة بمسائل السياسة الخارجية حتى يتم تقديم خيارات نهائية له ويجب اتخاذ قرار، كما يقول مسؤولون سابقون في إدارة ترمب.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، بعد إجراء 3 مكالمات مع ترمب، قال نتنياهو إنهما «يتفقان على التهديد الإيراني في جميع مكوناته، والخطر الذي يشكِّله».

وقال مسؤولون سابقون إن ترمب درس فكرة توجيه ضربات استباقية للبرنامج النووي الإيراني نحو نهاية ولايته الأولى، بعد وقت قصير من كشف المفتشين الدوليين عن نمو مخزون إيران من المواد النووية لكن ترمب، الذي كان من بين القادة الذين عارضوا بشدة، لم يعلق على هذا الأمر.

وبعد أن ترك منصبه، نفى منذ ذلك الحين أنه فكَّر في العمل العسكري بجدية، مدعياً أن كبار مساعديه وضعوا خطط حرب ودفعوه إلى تفويض ضربة.

وقال مساعدو ترمب والمقربون منه، الذين يدعمون الخيارات العسكرية لولايته الثانية، إن الفكرة الرئيسية ستكون دعم الضربات الإسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية؛ مثل «فوردو» و«أصفهان»، وربما حتى مشاركة الولايات المتحدة في عملية مشتركة.

ترمب ونتنياهو يتصافحان في «متحف إسرائيل» بالقدس يوم 23 مايو 2017 (أ.ب)

يقول كثير من المسؤولين الإسرائيليين الحاليين والسابقين إن هناك شكوكاً كبيرة حول مدى نجاح إسرائيل في شن هجوم منفرد على المنشآت النووية الإيرانية، وبعضها مدفون عميقاً تحت الأرض.

ومع ذلك، يصرُّ بعض حلفاء ترمب على أن الأشهر الأولى من عودته إلى منصبه تُقدِّم له فرصةً نادرةً لمواجهة البرنامج النووي الإيراني، بينما النظام في وضع ضعيف.

وفكرت إسرائيل لسنوات في مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، لكنها لم تفعل ذلك، جزئياً؛ بسبب الحذر الأميركي ضدها.

وفي عام 2012، حذَّرت إدارة أوباما نتنياهو من شن هجمات، بينما كانت إيران تبني برنامجها النووي قبل الاتفاق النووي لعام 2015. وقالت إدارة بايدن باستمرار إنها تسعى إلى حل دبلوماسي للتقدم النووي الإيراني.

ستكون المناقشات حول ضربة إسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية مختلفًة هذه المرة.

وقال غابرييل نورونها، الذي عمل على ملف إيران في وزارة الخارجية خلال إدارة ترمب الأولى: «هناك دعم قوي لإسرائيل لاتخاذ إجراء عسكري كما تراه في مصلحتها، ولا تملك إيران مساحةً كبيرةً قبل أن تصل إلى الخطوط الحمراء لإسرائيل، ولا تزال تبدو عازمة على التصعيد أكثر».

ويقول المسؤولون في فريق ترمب إنهم ينوون فرض العقوبات الحالية وفرض عقوبات جديدة، بما في ذلك إعادة تصنيف الحوثيين المدعومين من طهران في اليمن «منظمةً إرهابيةً أجنبيةً»، ومنع الدول التي تشتري النفط الإيراني من شراء الطاقة الأميركية.

لكن هناك حاجة إلى بذل مزيد من الجهود أكثر من زيادة الضغوط الاقتصادية والمالية؛ لأن إيران «تحاول بنشاط قتل الرئيس ترمب، وهذا يؤثر بالتأكيد في تفكير الجميع عندما يتعلق الأمر بما ستكون عليه العلاقة في المستقبل».

وقدمت إيران للولايات المتحدة تأكيدات بأنها لن تغتال ترمب رداً على أمره الصادر في عام 2020 بقتل الجنرال قاسم سليماني، وهو العمل العسكري الأكثر عدوانية من قبل الولايات المتحدة ضد إيران منذ سنوات.

وأشار الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى أنه منفتح على المحادثات الدبلوماسية مع إدارة ترمب المقبلة، التي تصرُّ على أنه لا يمكن مواجهة شبكة وكلاء طهران بالكامل ما لم يتم حرمان إيران من الموارد الاقتصادية والعسكرية. وقال مسؤول: «إنها رأس الأخطبوط. لن نحلَّ كل هذه القضايا حيث هي. سنحلها في كيفية تعاملنا مع طهران».

منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

ويبدو أن الرئيس الإيراني الجديد يستجيب لرغبة ترمب في إبرام اتفاقات رفيعة المستوى، فقد كتب جواد ظريف، نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية، في مجلة «فورين أفيرز»، الأسبوع الماضي: «بزشكيان يأمل في إجراء مفاوضات بشأن الاتفاق النووي... وربما أكثر».

ولكن النهج الدبلوماسي له عيوبه. يقول المسؤولون الإيرانيون إنهم لن يتفاوضوا مع الولايات المتحدة تحت الضغط، وأخبروا المسؤولين الأوروبيين في جنيف، الشهر الماضي، بأنهم لن يتخذوا أي خطوات أحادية الجانب لتقليص برنامجهم النووي.

وفقاً لتقديرات استخباراتية أميركية، صدرت الأسبوع الماضي، تمتلك طهران بالفعل ما يكفي من المواد الانشطارية لإنتاج أكثر من 12 قنبلة نووية، وعلى الرغم من أن إيران لا تبني قنبلة حالياً، فإن التقرير قال إنها مستعدة بشكل أفضل للقيام بذلك بفضل الأبحاث التي أجرتها في الأشهر الأخيرة.

لقد أوضح المسؤولون الإيرانيون، منذ فترة طويلة، أن رد فعلهم على أي ضربة سوف يكون طرد مفتشي الأمم المتحدة، والانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، التي تلزم إيران بوقف برنامجها النووي.

والدولة الوحيدة التي فعلت ذلك هي كوريا الشمالية، التي بدأت في إنتاج الأسلحة النووية سراً، وهو المسار الذي لمَّحت طهران إلى أنها قد تسلكه.