التحالف السعودي ـ الاماراتي يؤكد مساعيه لتحقيق الاستقرار الاقليمي

TT

التحالف السعودي ـ الاماراتي يؤكد مساعيه لتحقيق الاستقرار الاقليمي

جددت السعودية والإمارات التأكيد على دورهما كتحالف رئيسي، يواصل العمل على حل مختلف القضايا الإقليمية.
وفي هذا الإطار، قام الشيخ عبد الله بن زايد وزير الخارجية الإماراتي، وعادل الجبير وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي بزيارة إلى باكستان، لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين الباكستانيين تتناول العلاقات الثنائية والأوضاع في المنطقة والمستجدات حول كشمير.
وتسعى السعودية والإمارات إلى تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة والمساهمة في القضايا الدولية، ما يؤكد أهمية هذا التحالف في مختلف القضايا. وقال عدد من مسؤولي البلدين إن هذا التحالف يمثل «حجر الزاوية لأمن واستقرار المنطقة ورخائها، أمام مشروعات التطرف، والفوضى، والفتنة والتقسيم».
ويظهر العمق الاستراتيجي السعودي الإماراتي في التوافق على الملفات الإقليمية كافة، التي ساهم فيها البلدان، والتي كانت واضحة في اليمن والسودان والقرن الأفريقي، إضافة إلى التصدي إلى التهديدات الإقليمية من إيران أو من الميليشيات الإرهابية.
وجاءت تأكيدات الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات على التطلع بثقة وتفاؤل إلى نجاح اجتماع جدة بين حكومة اليمن والمجلس الانتقالي الجنوبي، والذي دعت إليه «الرياض» في وقت سابق، في استمرار التحالف السعودي الإماراتي في توحيد الصفوف اليمنية. الأمر الذي يسعى إليه التحالف في معالجة الأزمة اليمينة.
وشدد قرقاش، في تغريدة على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي، على أن وحدة الصف ضد الانقلاب الحوثي ومضاعفة الجهد في مواجهته هي الأولوية، وهي القضية الأساس التي يسعى إليها التحالف العربي، بقيادة السعودية، ومشاركة الإمارات.
وأضاف وزير الدولة للشؤون الخارجية، في تأكيده على الدور السعودي في قيادة التحالف: «الشكر والتقدير للملكة العربية السعودية الشقيقة على قيادة التحالف سياسياً وعسكرياً بحرص وحنكة واقتدار»، في إشارة إلى التوافق بين السعودية والإمارات حول المساعي في حل الملف اليمني.
وكان قرقاش ذكر في وقت سابق أن التحالف السعودي الإماراتي ضرورة استراتيجية، في ظل التحديات المحيطة، واليمن مثال واضح. في حين قال عادل الجبير وزير الدولة للشؤون الخارجية في السعودية، إن المملكة تقود جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة ومواجهة مساعي النظام الإيراني والقوى المتطرفة لنشر الفوضى وزعزعة الاستقرار، وتشكل العلاقة المتينة التي تجمع المملكة بالإمارات ركيزة أساسية لهذه الجهود لمستقبل مشرق للمنطقة.
وقال مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية إن العلاقات بين السعودية والإمارات تتميز بقوتها ومتانتها، وهي تعتبر واحدة من أهم العلاقات الثنائية، ليس فقط بين الأشقاء، وإنما أيضاً على مستوى المنطقة والعالم؛ فالعلاقات التي نسجها التاريخ المشترك وتتشابك فيها العلاقات الدولية بالعلاقات الأخوية والأبعاد القبلية والاجتماعية، تطورت بشكل وثيق، وخاصة في السنوات الأخيرة.
ولفت التقرير إلى أن قيادة البلدين تعملان وتتواصلان باستمرار، من أجل تحقيق مزيد من العمل المشترك على الصعد كافة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مشيراً إلى أن العلاقات المتينة بينهما تعكس إصراراً من القيادة السياسية بين البلدين على الدفع بها إلى مستويات أكثر تكاملاً، بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين والشعبين، وكذلك للأمة العربية والإسلامية أيضاً.
وأضافت تقرير مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية أن ذلك الإصرار يجعل العلاقات بين البلدين فريدة من نوعها؛ حيث أصبحت في ظل التطورات المتسارعة والتحديات غير المسبوقة التي شهدتها المنطقة خلال العقد الأخير، ضرورة استراتيجية، ليس فقط لأنها تخدم مصالح الشعبين على أفضل وجه، وإنما أيضاً لأنها مهمة وحيوية للمنطقة بأسرها.
وأكد وجود إيمان عميق بأن التحديات التي تواجه الأمن الخليجي، والعربي بوجه عام، تتطلب مزيداً من التعاون والتنسيق، على مختلف المستويات؛ حيث تؤمن الإمارات بدور السعودية القيادي على مستوى الخليج العربي، والمنطقة بأكملها؛ وبقدرة المملكة على مواجهة التحديات ومواصلة دورها التاريخي.
وأضاف: «لا شك أن نجاح السعودية في القيام بهذا الدور الذي يخدم الاستقرار والتنمية في المنطقة، يتطلب الوقوف معها». وهذا هو محور حديث الدكتور قرقاش، الذي أكد أن «ارتباطنا بالرياض وجودي وأكثر شمولاً، وخاصة في الظروف الصعبة المحيطة، وفي ضوء قناعتنا الراسخة بدور الرياض المحوري والقيادي».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم