تقارير دولية تدين الميليشيات الحوثية وتفضح جرائمها بحق اليمنيين

TT

تقارير دولية تدين الميليشيات الحوثية وتفضح جرائمها بحق اليمنيين

كشفت تقارير أممية وأخرى أوروبية عن مدى قبح جماعة الانقلاب الحوثية وحجم المآسي والمعاناة التي وصل إليها اليمن واليمنيون، نتيجة الانقلاب الحوثي على السلطة الشرعية قبل أكثر من 4 أعوام.
وأوضحت التقارير أنه منذ انقلاب الجماعة على الدولة نهاية 2014، توسعت دائرة الحرب والصراع في عدد من المناطق اليمنية، وتعطلت جميع الخدمات الاجتماعية الأساسية، وأجهضت أجندة الدولة لتحقيق التنمية الألفية، وتشرد عشرات الآلاف من الأسر اليمنية من مناطقها، وانهار القطاع الصحي، وعادت الأوبئة والأمراض المعدية في الظهور والتفشي، خصوصاً في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية.
وأفاد تقرير أوروبي حديث بأن الحرب التي أشعلت فتيل نيرانها الجماعة الحوثية، أجبرت عشرات الآلاف من الأسر للالتحاق بمجتمع النازحين داخلياً، الموزعين على كثير من المحافظات اليمنية؛ حيث دمرت الميليشيات الإرهابية منازلهم ومصادر كسب عيشهم. وأشار التقرير إلى أن الصراع الذي تسببت فيه جماعة الحوثي، شرد أكثر من 390 ألف فرد منذ مطلع 2019.
وقالت المفوضية الأوروبية للحماية المدنية وعمليات المساعدات الإنسانية في تقرير لها، اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، إن تعداد اليمنيين النازحين من منازلهم بسبب الحرب التي تقودها ميليشيات الحوثي تجاوز 390 ألف فرد، خلال الأشهر الثمانية الماضية.
ووفقاً لبيانات المفوضية الأوروبية، فإنه خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) حتى 27 أغسطس (آب) من العام الحالي، تم تشريد 55 ألفاً و706 أسر، تجاوز عدد أفرادها 390 ألف فرد، بسبب الحرب التي تشعلها الميليشيات.
وأشارت المفوضية إلى أن أكثر المحافظات تضرراً هي حجة والضالع والحديدة، حيث حدث نزوح مستمر بسبب النزاع النشط خلال 2019. وقالت إن عمليات النزوح المتعددة التي تحدث بشكل متزايد نحو مواقع الأشخاص النازحين داخلياً (مواقع داخلية) تقع بشكل رئيسي في الضالع ومأرب وتعز وإب وعلى طول الساحل الغربي.
وطبقاً للبيانات، يعاني النازحون داخلياً كثيراً من المصاعب، بما فيها فقدان سبل العيش، وتشتد حاجتهم إلى الغذاء والماء والمأوى، ويكونون أكثر عرضة للإصابة بالأوبئة وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية؛ حيث إن 3 أرباع النازحين من النساء والأطفال، في حين يعمل عدد محدود من المنظمات الإنسانية في اليمن، مقارنة بمستوى الاحتياجات. وقدرتها على العمل أقل في المناطق التي تستضيف السكان النازحين. إضافة إلى أن التأخير في الموافقة على المشروعات الإنسانية تفاقم العقبات أمام المستجيبين.
وأكد تقرير المفوضية، أن حرب الميليشيات على اليمنيين قاد إلى نزوح ملايين المواطنين عن مناطقهم، جراء تضرر منازلهم وفقدان سبل عيشهم، ولفت إلى وجود تقارير أخرى تشير إلى أن انعدام الأمن الغذائي يتفاقم أكثر بين الأسر التي فقدت سبل عيشها، والنازحين، والأسر المضيفة والفئات الضعيفة.
وبحسب تقارير أممية سابقة، فإن الحرب التي تقودها الميليشيات الحوثية ضد اليمنيين منذ انقلابها، أدت إلى نزوح أكثر من 4.6 مليون شخص، يعاني كثير منهم سوء التغذية، وحرمان الأطفال من التعليم وتعرضهم للابتزاز واستخدامهم في القتال، والاتجار غير المشروع.
وعلى صعيد متصل، اتهمت الأمم المتحدة، الثلاثاء، ميليشيات الحوثي الانقلابية بارتكاب جرائم وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن. حيث كشف تقرير أممي حديث أن الجماعة شنّت هجمات عشوائية، واستهدفت المدنيين في أعمال ترقى إلى جرائم حرب.
وقال التقرير الذي أصدره فريق من الخبراء الدوليين والإقليميين، أنشأه مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إن الحوثيين استخدموا أسلحة لها آثار مدمرة واسعة النطاق كالصواريخ والمدفعية ومدافع الهاون؛ حيث وُجهت عمداً إلى المدنيين والأعيان المدنية، وأدت إلى قتلهم وإصابتهم.
وأشار الخبراء في تقريرهم إلى أن الحوثيين استخدموا الأسلحة عشوائياً في المناطق المأهولة بالسكان، في تعز وعدن والحديدة. وتحدثوا عن سقوط أعداد كبيرة من المدنيين ضحية قصف ميليشيات الحوثي؛ حيث دُمرت منازلهم وسبل عيشهم، كما قتل قصف الجماعة النازحين في الحديدة أثناء فرارهم.
وتحدت التقرير أن فريق الخبراء فحص وحقّق في جرائم عدة ارتكبتها الميليشيات الحوثية خلال سنوات انقلابها الماضية، منها إطلاق النيران من قبل قناصة الحوثي في مدينتي تعز وعدن، التي أدت إلى مقتل مئات من المدنيين بين مارس (آذار) ويوليو (تموز) من عام 2015.
كما وثّق الخبراء في تقريرهم قتل 200 مدني، وإصابة 350. وقال التقرير إن هجمة شنها الحوثي في 19 يوليو على منطقة دار سعد (شمال عدن) استمر فيها القصف لساعات، قتل فيها 107 مدنيين، بينهم 32 امرأة، و29 طفلاً، وأصيب 198. أما في مدينة تعز، وفي 21 أكتوبر (تشرين الأول) من العام نفسه، فقد أطلق الحوثيون أكثر من 10 صواريخ على المناطق السكنية والتجارية، بما في ذلك السوق المركزية في مدينة تعز، وأدت إلى قتل 11 مدنياً وإصابة 29.
وفي محافظة الحديدة، قال التقرير إن اشتباكات دارت في الفترة بين يونيو (حزيران) ونوفمبر (تشرين الثاني) 2018 أطلقت فيها ميليشيات الحوثي الصواريخ وقذائف الهاون، وقتلت المدنيين، كما استهدفت مخيماً للمشردين داخلياً بقذائف الهاون التي قتلت النساء.
وبيّن التقرير أنه وعلى مدى عام 2014، استهدفت الميليشيات الحوثية المدنيين عمداً وقتلتهم، وكذلك في عام 2015، حيث استهدفت المنازل السكنية وقتلت الأطفال، كما استهدف قناصة الحوثي الأطفال عمداً.
وأشار التقرير إلى أن ميليشيات الحوثي قامت في الفترة من يناير إلى مارس (آذار) من العام الحالي 2019 باستهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية عمداً في الضالع، كما دمرت منازل المدنيين في حجة، دون أي ضرورة عسكرية، مؤكداً أن استهداف المدنيين يمثل جريمة حرب.
وكشف التقرير أن ميليشيا الحوثي استخدمت الألغام الأرضيّة ضد الأفراد والمركبات؛ ما أدى إلى إلحاق أضرار جسيمة بالمدنيين وقتل مئات في محافظات عدن والحديدة ولحج وتعز.
التقرير أكد أيضاً تحقق فريق الخبراء من قتل وإصابة ألغام زرعتها ميليشيات الحوثي لمئات المدنيين في أبين والضالع والبيضاء والجوف وحجة وإب ومأرب وصنعاء وصعدة وشبوة، كما قتلت ألغام الحوثي المضادة للمركبات المدنيين في الحديدة، وهي أكثر المحافظات اليمنية تضرراً من الألغام.
وبيّن التقرير أن الحوثيين يزرعون الألغام عمداً في طريق المدنيين، في انتهاك صارخ لاتفاقية حظر الألغام التي أقرّتها سلطات الأمر الواقع. ولفت إلى أن الميليشيات الحوثية اختطفت واعتقلت نساء على مدار العامين الماضين لابتزاز أقاربهن.
وبيّن التقرير أن ميليشيات الحوثي فرضت قيوداً بيروقراطية، تسببت في تأخير الإغاثة والمساعدات الإنسانية، وكذلك على حركة العاملين الإنسانيين، واستهدفتهم وقتلت أحد العاملين في اللجنة الدولية للصليب الأحمر في أبريل (نيسان) 2018؛ ما أدى إلى انسحاب العاملين الإنسانيين من مناطق معينة، وحوّلت المساعدات الإنسانية لصالحها، وأعاقت الإمدادات الغذائية.
وتسببت الميليشيات بالتدابير التي اتخذتها - بحسب التقرير - في تفاقم الحالة الاقتصادية الكارثية في اليمن؛ ما أدى إلى مزيد من انتهاكات حقوق الإنسان، واتبعت ممارسات صارمة لجمع الضرائب لتمويل الجهود الحربية، وانتهكت الحق في العمل والحق في مستوى معيشي لائق، بما في ذلك الحق في الغذاء والماء والحق في الصحة والتعليم.


مقالات ذات صلة

بن مبارك: الالتزامات الدولية تجاه اليمن تشمل المجالات الأمنية والدفاعية

خاص رئيس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك خلال لقاء سابق مع السفيرة البريطانية لدى اليمن (سبأ)

بن مبارك: الالتزامات الدولية تجاه اليمن تشمل المجالات الأمنية والدفاعية

قال رئيس الوزراء اليمني إن الالتزامات الدولية تجاه اليمن لن تقتصر على الجوانب السياسية والاقتصادية، بل ستشمل أيضاً المجالات الأمنية والدفاعية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
الخليج نزع فريق «مسام» في محافظة عدن 154 ذخيرة غير منفجرة (واس)

مشروع «مسام» ينتزع 732 لغماً في اليمن خلال أسبوع

تمكّن مشروع «مسام» لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام، خلال الأسبوع الثالث من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي، من انتزاع 732 لغماً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي لقاء سابق بين رئيس الوزراء اليمني والسفيرة البريطانية لدى اليمن (سبأ)

«اجتماع نيويورك»... نحو شراكة استراتيجية بين اليمن والمجتمع الدولي

تأمل الحكومة اليمنية تأسيس شراكة حقيقية مع المجتمع الدولي، وحشد الدعم السياسي والاقتصادي لخططها الإصلاحية، وجوانب الدعم الدولية المطلوبة لإسناد الحكومة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي عضو في فريق يمني لمكافحة الألغام خلال حملة توعوية بمحافظة الحديدة (أ.ف.ب)

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

كشفت بعثة الأمم المتحدة لتنفيذ اتفاق ستوكهولم الخاص بالحديدة ومنظمتان حقوقيتان في مأرب عن سقوط أكثر من 150 ضحية للألغام خلال العامين الماضيين.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».