احتياطيات القطاع العام الروسي تسجل نمواً تاريخياً

تعادل مدخرات القطاع المصرفي بالكامل في 2018

TT

احتياطيات القطاع العام الروسي تسجل نمواً تاريخياً

سجلت الاحتياطيات النقدية للقطاع العام الروسي نمواً قياسياً، هو الأعلى منذ بداية تدوين ونشر هذا المؤشر، وفق ما تشير معطيات دائرة الإحصاءات الفيدرالية، في بياناتها عن عام 2018، وأحالت ذلك النمو في المقام الأول إلى السياسة النقدية المحافظة، لا سيما عدم إنفاق 40 في المائة من عائدات النفط والغاز. ويبدو أن تلك العائدات التي وفرت لروسيا إمكانية زيادة مدخراتها واحتياطياتها قد تتراجع قليلا مع مطلع العام القادم، وفق وكالة «فيتش» التي حذرت من احتمال خسارة الميزانية الروسية نحو 7.5 مليار دولار من العائدات النفطية، مع بدء العمل مطلع العام القادم بالمعايير الجديدة لمستوى الكبريت في الوقود البحري.
وقالت وكالات أنباء روسية، بناء على معطيات متوفرة لديها، صادرة عن دائرة الإحصاء الفيدرالية، إن احتياطيات القطاع العام وإدارة الدولة، التي تشمل السيولة النقدية والأموال في الحسابات المصرفية، سجلت عام 2018 نمواً قياسياً حتى 3.87 تريليون روبل، أو ما يعادل 56 مليار دولار، وهو النمو الأكبر منذ عام 2012، حين بدأت دائرة الإحصاء بنشر البيانات حول تلك الاحتياطيات. كما أنه أكبر بعشر مرات تقريباً من الاحتياطيات عام 2017، والتي لم تتجاوز حينها 380 مليار روبل. فضلا عن ذلك تشير معطيات مصرفية إلى أن احتياطات القطاع العام تساوي إجمالي ما تمكن القطاع المصرفي الروسي كله من ادخاره عام 2018.
ويشمل مفهوم «احتياطيات القطاع العام» وفق منهجية البنك المركزي الروسي، باقي السيولة النقدية، وباقي الأموال في الحسابات المصرفية، للميزانية الفيدرالية والموازنات الإقليمية، والصناديق الاجتماعية الخارجة عن الميزانية، والمؤسسات الحكومية الممولة من الميزانية، وبعض الشركات الحكومية. وأحالت التقارير نمو تلك الاحتياطيات التي يمكن وصفها بـ«الوسادة النقدية» للقطاع العام، إلى السياسة النقدية المحافظة بالدرجة الأولى، وعدم إنفاق نحو 40 في المائة من عائدات النفط والغاز، في ظل عائدات نفطية إضافية، وفرها ارتفاع سعر البرميل في السوق العالمية إلى مستويات أعلى من السعر المعتمد في الميزانية الروسية.
وربط البنك المركزي الروسي هذه الزيادة الملموسة في حجم المعاملات المالية للقطاع العام في «السيولة النقدية والودائع المصرفية»، مع «الفائض الضخم» في الميزانية الموحدة لعام 2018، على خلفية أسعار الطاقة المرتفعة نسبياً. وكانت وزارة المالية الروسية أعلنت في وقت سابق أن إيرادات الميزانية الفيدرالية العام الماضي تجاوزت النفقات بمقدار 2.745 تريليون روبل، أي ما يعادل 2.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
من جانبها، قالت وكالة «فيتش» إن إجمالي الاحتياطيات النقدية على الحسابات الموسعة للحكومة الروسية، والتي تشمل حسابات الحكومات في الأقاليم الروسية وصناديق الدولة خارج الميزانية، وصلت في نهاية عام 2018 حتى ما يعادل 13.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، بما في ذلك احتياطيات صندوق الرفاه الوطني بنحو 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، والباقي على أرصدة حسابات الخزانة الفيدرالية بحجم 2.9 من الناتج المحلي الإجمالي.
في شأن متصل، حذرت وكالة «فيتش» من احتمال خسارة الميزانية الروسية نحو 500 مليار روبل (نحو 7.5 مليار دولار) من العائدات النفطية العام المقبل. وأشارت إلى أنه ابتداء من مطلع عام 2020 سيبدأ العمل بموجب المعايير الجديدة التي وضعتها المنظمة البحرية الدولية، حول مستوى الكبريت المسموح به في الوقود البحري، حيث سيتم تخفيضه من 3.5 حتى 0.5 في المائة، بغية التقليل من الانبعاثات الضارة في الجو. وحسب الوكالة فإن محتوى الكبريت في النفط خام «أورالز» الروسي أكثر كثافة منه في خام «برنت»، لذلك يتوقع فياتشيسلاف ديميشينكو، المدير في وكالة «فيتش» أن يتم تداول خام «أورالز» بحسم محدود في السوق العالمية، مع بدء العمل بالمعايير الجديدة.
ولفت إلى أن الحسم على سعر «أورالز» بالنسبة لخام «برنت» بمقدار دولار أميركي واحد لكل برميل، يعني عدم تحصيل الميزانية الروسية عائدات ضريبية تقدر بنحو 145 مليار روبل. وقال خبراء روس إن إيرادات الميزانية الروسية لن تتأثر بهذا الوضع، لافتين إلى أنه تم اعتماد سعر «محافظ» في ميزانية عام 2020، حتى 57 دولارا لبرميل «أورالز»، وهو سعر يتضمن مسبقا حسم نحو 3 دولارات بالنسبة لسعر «برنت».



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.