وزير الخارجية الألماني يتعهد إثارة قضية قائمة الإرهاب في الأمم المتحدة

ميركل مهنئة حمدوك: برلين ستقف إلى جانبكم كشريك جدير بالثقة

البرهان خلال اجتماعه بهايكو ماس أمس (إ.ب.أ)
البرهان خلال اجتماعه بهايكو ماس أمس (إ.ب.أ)
TT

وزير الخارجية الألماني يتعهد إثارة قضية قائمة الإرهاب في الأمم المتحدة

البرهان خلال اجتماعه بهايكو ماس أمس (إ.ب.أ)
البرهان خلال اجتماعه بهايكو ماس أمس (إ.ب.أ)

تعهد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، أمس، بدعم بلاده وأوروبا للسودان في طريقه نحو مستقبل ديمقراطي، قائلاً إن برلين ستعمل بجد لمساعدة السودان للاندماج في المجتمع الدولي مجدداً، ورفع اسمه من قائمة الإرهاب. وسجل الوزير زيارة لافتة لساحة الاعتصام أمام قيادة الجيش، التي شهدت اعتصاماً شهيراً أدى للإطاحة بنظام الرئيس السابق عمر البشير ونظامه الديكتاتوري القمعي.
وقال ماس، خلال زيارته للعاصمة السودانية الخرطوم، أمس، وهي الأولى من نوعها لمسؤول غربي بمستواه منذ سنوات: «في هذه المرحلة يحتاج البلد وتحتاج القيادة السياسية الجديدة إلى دعم ألمانيا وأوروبا».
ومن جانبها، أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل دعمها للحكومة السودانية الجديدة، بقيادة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك. وكتبت ميركل في خطاب تهنئة لحمدوك: «ألمانيا ستقف بجانبكم كشريك جدير بالثقة، إذا جرى العمل على تحقيق السلام الداخلي والتنمية في بلدكم، وكذلك المنطقة بأكملها... أرغب في تشجيعكم على أن تكونوا جسراً لتجاوز الاختلافات الداخلية بمثابرة وحكمة، وأن تساهموا في التصالح بين السودانيات والسودانيين كافة».
وقال ماس، للصحافيين في مؤتمر صحافي عقده مع حمدوك: «إن ألمانيا ستعاود دعمها للسودان... وسنرفع مساعدتنا الإنسانية للسودانيين من 5 إلى 15 مليون يورو، وسنبحث مع الخرطوم أساليب تطوير التعاون التنموي بين البلدين».
وحيّا المسؤول الألماني البارز الشعب السوداني على ما أسماه ثورته العظيمة والسلمية، ووعد بالحديث عن إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب في الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك نهاية الشهر الحالي. وأضاف: «سندعو المجتمع الدولي لدعم المساعي السودانية في التنمية الاقتصادية»، وتابع: «سنتحدث إلى مجلس الأمن الدولي كذلك بنجاحات السودان، لأن النجاحات في مجلس الأمن لا يتم الحديث عنها».
من جانبه قال حمدوك، إنه أدار حواراً بناء مع قوى إعلان الحرية والتغيير، لإقناعها بشروطه المتعلقة بالتمثيل المتوازن والمستحق للمرأة والأقاليم السودانية، في التشكيلة الحكومية.
وأشاد حمدوك بدور النساء في الثورة، بقوله: «من حق النساء السودانيات أن يمثلن في الحكومة الانتقالية، لأنهن كن موجودات في الصف الأول لقيادة الثورة». قال حمدوك: «هناك ضرورة لتمثيل الثورة بكل تنوعها في جهات البلاد المختلفة»، وتابع: «في ثورتي أكتوبر (تشرين الأول) 1964. وأبريل (نيسان) 1985. كانت الثورة في الخرطوم فقط، لكن ثورة ديسمبر (كانون الأول) شارك فيها كل السودان، وهذا هو السبب الذي دعاني للتريث في اختيار عناصر الحكومة».
ووعد حمدوك بالعمل على مشروعات اقتصادية قصيرة المدى، تهدف إلى إعادة الحياة لاقتصاد البلاد، وعلى رأسها وقف الحرب ووقف الصرف العسكري، وقال: «موارد السودان كانت مستهلكة فيما يطلق عليه اقتصاد الحرب»، وتابع: «نعمل على إنهاء الحروب والنزاعات، وإرساء السلام، وخلق قطاع إنتاجي يساعد على بناء اقتصاد جيد».
وقطع حمدوك بالعمل على وقف التضخم، وتوفير احتياجات الناس الأساسية من سلع وخدمات، وإعادة الثقة إلى النظام المصرفي، الذي وصفه بأنه «منهار في الوقت الحالي»، وتابع: «لا نرغب في الاعتماد على الهبات، بل سنعتمد على اقتصاد قائم على الاستثمار، وسنعمل على تحسين شروطه». وكشف حمدوك خلال مؤتمره مع الوزير الألماني، عن شروعه في التواصل مع الإدارة الأميركية، للوصول لتفاهمات بشأن العقوبات الأميركية المفروضة على السودان، وعلى رأسها وجوده في قائمة الدول الراعية للإرهاب، وقال إن حكومته تجري مفاوضات حثيثة مع الجانب الأميركي، لـ«أن الظرف حالياً ملائم من أجل الوصول لقرار»، وتابع: «أعتقد أننا سنصل لتفاهمات»، واستطرد: «إذا لم نصل لتفاهمات بشأن إزالة اسم السودان من قوائم العقوبات، لن يتغير أي شيء على المستوى السياسي أو الاقتصادي».
يشار إلى أن الوزير ماس التقى خلال زيارته للبلاد، كلاً من رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، فضلاً عن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وقيادات قوى إعلان الحرية والتغيير، كما سجل زيارة لافتة لساحة الاعتصام أمام قيادة الجيش، التي شهدت الأحداث المأساوية التي راح ضحيتها أكثر من 128 معتصماً، وإصابة مئات، وحالات اغتصاب، اتهمت بها قوات نظامية، وعلى رأسها قوات الدعم السريع.
ودأب المجلس العسكري الانتقالي على نفي تلك الاتهامات، والقول إنه لم يخطط أو يصدر أوامر بفض الاعتصام، لكن قادة عسكريين اتخذوا القرار على مسؤوليتهم، وهم يخضعون الآن للتحقيق.
من جهة أخرى، بحث مجلس السيادة في اجتماع مشترك مع رئيس الوزراء، قضية تسريع تكوين مفوضية السلام، وتأخير تشكيل الحكومة الانتقالية، لارتباطهما بتحقيق السلام خلال الأشهر الستة الأولى من الفترة الانتقالية.
وقال المتحدث باسم مجلس السيادة محمد الفكي سليمان في نشرة صحافية أمس، إن المجلس استمع لشرح رئيس الوزراء لأسباب التأخير والصعوبات التي تواجه تشكيل بعض الوزارات، المرتبطة برغبته في أن تكون الحكومة أكثر تمثيلاً لأقاليم البلاد وشباب الثورة والتوازن الجندري. وبحسب الفكي، فإن المجلس تفهم أسباب التأخير، ووعد بتقديم المساعدة لإكمال أسماء الوزراء، لإعلان الوزارة في غضون الـ48 ساعة المقبلة كأقصى تقدير.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.