قناة «الحرة» تغضب الوقفين السني والشيعي والبرلمان العراقي

السفارة الأميركية نأت بنفسها عن تقرير تضمن مزاعم فساد

قناة «الحرة» تغضب الوقفين السني والشيعي والبرلمان العراقي
TT

قناة «الحرة» تغضب الوقفين السني والشيعي والبرلمان العراقي

قناة «الحرة» تغضب الوقفين السني والشيعي والبرلمان العراقي

أوقع برنامج تلفزيوني بث أول من أمس عبر شاشة قناة «الحرة - عراق» الأميركية التي مقرها في واشنطن ولها مكتب كبير في بغداد، القناة في مطب الخصومة مع شخصيات وجهات برلمانية ودينية عراقية بعد أن تناول برنامج «الحرة تتحرى» تحقيقاً حمل عنوان «أقانيم الفساد المقدس في العراق»، عن موضوع الأموال وما تقول إنه فساد داخل مؤسستي الوقف السنية والشيعية، إضافة إلى طرحه تساؤلات كثيرة حول مصير الأموال الضخمة التي تديرها الشخصيات والمؤسسات في المراقد والمزارات الدينية بمحافظة كربلاء.
وترى بعض الاتجاهات الصحافية في بغداد أن «الحملة ضد قناة الحرة لا تخرج عن إطار الصراع المحتدم بين واشنطن وبغداد، باعتبار أن بعض الجهات الحليفة لإيران استثمرت ذلك في إطار عدائها للولايات المتحدة وحرضت ضد التقرير الصادر عن مؤسسة أميركية».
وفيما أصدرت شخصيات وجهات برلمانية ورسمية عدة بيانات رفض واستنكار لما بثته القناة، بدا من خلال نأي السفارة الأميركية في بغداد بنفسها عن محتوى البرنامج، أنها تسعى لامتصاص النقمة المتوقعة ضدها وضد مكتب القناة التلفزيونية في بغداد، حيث أكدت السفارة في بيان، أمس، أن «وزارة الخارجية والسفارات الأميركية حول العالم لا تملك سلطة رقابية على محتوى البرامج في الحرة». وأضافت أن «الحرة تتناول، بشفافية وحيادية، القضايا المهمة في المنطقة والسياسات الأميركية، مع الحرص على عرض كل وجهات النظر بشأن القضايا التي تهم المتابعين».
واعتبر بيان سفارة واشنطن أن «للحكومة العراقية حق الرد ومساءلة الحرة على أي تقرير ترى أنه تضمن معلومات غير دقيقة أو بعيدة عن المهنية، أو تتعارض مع السياسات الأميركية».
من جانبها، استنكرت لجنة الاتصالات والإعلام النيابية، أمس، ما سمته «التقرير المسيء الذي بثته قناة الحرة واستهدفت فيه المؤسسات الدينية في العراق بغية التشويه والإساءة لسمعة هذه المؤسسات». وأعلنت اللجنة «رفضها تقارير إعلامية كاذبة ومفتعلة كهذه ومن نسج الخيال؛ الغاية منها تشويش الحقائق وضرب المؤسسة الدينية في البلاد».
ورغم أن تقرير القناة تناول قضايا تتعلق بالفساد المالي في الأوقاف السنية والشيعية ولم يتطرق إلى المسائل العقائدية، فإن بيان لجنة الإعلام أصرّ على أنه «ينطلق من محاولات غير بريئة لضرب معتقدات العراقيين وتشويه سمعتها بكل صورة وبكل وسيلة».
وأكدت «عزمها اتباع السبل القانونية مع قناة الحرة للتحقيق معها في القضاء العراقي بخصوص التقرير المشوه والمسيء».
بدوره، طالب النائب عن ائتلاف «صادقون» التابع لـ«عصائب أهل الحق» وجيه عباس، هيئة الإعلام والاتصالات بإغلاق مكتب «الحرة»، لارتكابها «اعتداء صارخاً على مقام المرجعية»، على حد وصفه. وقال عباس، وهو عضو في لجنة الثقافة والإعلام النيابية في بيان، أمس، إن «قناة الحرة التابعة في تمويلها وسياساتها إلى وزارة الخارجية الأميركية بثت تقريراً يمثل اعتداءً صارخاً على مقام المرجعية الدينية بكل ما تمثل من قدسية لمجتمعنا العراقي»، معتبراً أن «(الحرة) ليست مستقلة بل تمول من وزارة الخارجية الأميركية بشكل رسمي وتتبع في سياساتها سياسات وزارة الخارجية، والدليل على ذلك أنها لم تنتقد السياسات الأميركية في العراق والمنطقة».
في غضون ذلك، طالب النائب الآخر عن حركة «العصائب» حسن سالم بإغلاق القناة والخروج بمظاهرة احتجاجية أمام مكتبها.
وأبلغت مصادر صحافية في القناة «الشرق الأوسط» بأنهم «يتعرضون إلى حملة ضغوط غير مسبوقة، وباتوا يشعرون بالذعر من كمية التحريض التي تدفع بها بعض الجهات ضد المكتب ومنتسبيه، علماً أن التقرير أعد في مركز القناة الرئيسي في العاصمة واشنطن».
وتقول المصادر إن «إدارة القناة طالبتهم بتوخي الحذر وعدم تناول الموضوعات التي توفر غطاء مناسباً لبعض الجهات لافتعال أزمة».
وفي مقابل حملة الاستنكار والوعيد التي طالت «الحرة» على خلفية التقرير، يرى الصحافي ورئيس تحرير صحيفة «العالم الجديد» الإلكترونية منتظر ناصر، أن «التقرير يحتوي على كثير من الحقائق والوثائق». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «لكن ذلك لا ينفي أن صاحبه قام بتوجيه بعض تلك الحقائق في اتجاه معين، وفقاً لرأيه، كما أنه لم يخلُ من الانتقائية، وهذا قد يقدح جزئياً بمهنية التقرير، وهذا لا يبرر ما شاهدناه من ردة فعل من بعض السياسيين والنواب والمدونين المصنفين ضمن جبهة محددة».
ويرى ناصر أن اعتبارات عدة تحول دون ردات الفعل حيال التقرير «أبرزها أننا نعيش في بلد يضمن دستوره حرية التعبير وتعددية الآراء للجميع، ولسنا في دولة دينية أو مذهبية تكمم الأفواه، خصوصاً أن التقرير لم يمس مقام المرجعية الدينية، أو يتعرض لسماحة السيد السيستاني». ويعتقد أن التقرير «طرح شبهات تدور في الشارع حول نشاط العتبات المقدسة في العراق، وهو وإن كان موجهاً، غير أنه لا يبيح لأي جهة غلق قناة أو تجريم صحافي وإعلامي مهما كان متجنياً أو مجافياً للحقيقة، لأن القضاء وحده هو من يحدد العقوبة إن وجدت».



محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
TT

محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)

مشاورات موسعة تتجه لها محادثات حركتي «حماس» و«فتح» بالقاهرة، بعد اتفاق أولي على تشكيل لجنة إدارة لقطاع غزة، واختلاف بشأن وضع إطار مؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية يشمل فصائل فلسطينية جديدة، ضمن مساعٍ مصرية جادة لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، وعقد اجتماع قريب للفصائل لحسم تفاصيل بشأن اللجنة ومسار ما بعد الانتخابات الأميركية المقررة الثلاثاء.

جاء ذلك بحسب مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، كاشفة عن أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس المتواجد بالقاهرة لديه اعتراض على أي تغييرات حالية في منظمة التحرير الفلسطينية، تؤثر على أي مسار مستقبلي للقضية الفلسطينية، لافتين إلى أن اللجنة المؤقتة تم التوافق الأولي عليها خلال محادثات القاهرة، وتنتظر اجتماع الفصائل لحسم التفاصيل وإصدار مرسوم رئاسي.

واختتمت محادثات بين حركتي «حماس» و«فتح» يومها الثالث بالقاهرة، عقب الاستمرار في نقاش استمر بشأن ملفين اثنين، هما: تفاصيل إعلان اللجنة المجتمعية لإدارة قطاع غزة، ومساعي وضع إطار مؤقت لـ«منظمة التحرير الفلسطينية» يضمن مشاركة «حماس» و«الجهاد» وباقي الفصائل، وفق مصدر فلسطيني مطلع على مسار المباحثات تحدث إلى «الشرق الأوسط»، أكد أن المحادثات ستجدد بشكل موسع عقب الاتفاق الأولي على تشكيل اللجنة واختلاف بشأن الإطار لم يحسم بعد.

وكانت «اجتماعات حركتي (فتح) و(حماس) بالقاهرة انطلقت السبت، بشأن إنشاء (لجنة الإسناد المجتمعي) المعنية بإدارة شؤون غزة، والسعي لتحقيق الوحدة الفلسطينية، وعدم فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة»، وفق مصدر أمني مصري، تحدث لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، لافتاً إلى أن «الحركتين لديهما نظرة إيجابية تجاه التحركات المصرية بشأن تشكيل (لجنة الإسناد المجتمعي) رغم التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية».

ووفق المصدر الأمني «تتبع (لجنة الإسناد المجتمعي) السلطة الفلسطينية، وتتضمّن شخصيات مستقلة، وتصدر بمرسوم رئاسي من الرئيس محمود عباس وتتحمّل اللجنة إدارة قطاع غزة».

وبحسب تصريحات للقيادي في «حماس» أسامة حمدان، مساء الاثنين، فإن «أجواء اللقاء مع حركة (فتح) في القاهرة كانت إيجابية وصريحة»، لافتاً إلى أنه «تم النقاش مع (فتح) حول تشكيل هيئة لمتابعة أمور غزة واحتياجاتها»، دون تفاصيل أكثر.

وكشف القيادي في حركة «فتح»، أستاذ العلوم السياسية، الدكتور أيمن الرقب، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «المعلومات المتوفرة تشير إلى أن المحادثات انتهت في يومها الثالث دون غلق الباب أو إصدار نتائج لحين مشاورات موسعة ستجري وتشمل كل الفصائل في اجتماع قد يكون هذا الشهر بالقاهرة».

وبحسب الرقب «تم تأجيل النقاش بشأن الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتم الاتفاق المبدئي على تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي، وينتظر الأمر مرسوماً رئاسياً من الرئيس الفلسطيني واجتماع الفصائل المرتقب لبحث أسماء أعضاء اللجنة وتشكيلها وعملها»، لافتاً إلى أن «هذا التأجيل لا يقلل من مسار القاهرة، ولكنه مسعى لتعزيز الاتفاق على تشكيل اللجنة بعد اجتماع الفصائل».

وشهدت محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة، تجاوز خلافات بشأن مرجعية عمل اللجنة هل تتبع الحكومة الفلسطينية أم لا، بـ«التوافق على أنها تتبع»، وفق معلومات الرقب، مستدركاً: «بالنسبة لملف الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، فأبو مازن وحركة (فتح) رفضا ما كانت (حماس) تريد إنجازه بشأن وضع إطار مؤقت وتأجل لنقاشات لاحقة».

وأكد الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أن الاجتماع أسفر عن «الاتفاق مبدئياً على تشكيل لجنة إدارة غزة بعد خروج إسرائيل، ولها 4 مهام، وهي أنها تدير الناحية الإدارية بغزة، ومسؤولة عن توزيع المعونات الإغاثية، وتعد خطة إعمار القطاع، وأن يصدر قرار رئاسي بشأنها من السلطة».

وهناك محاولات لتقريب وجهات النظر بشأن وضع الإطار المؤقت بشأن منظمة التحرير الفلسطينية، وخاصة المنظمة تعترف بحل الدولتين و«هناك اعتراضات من (حماس) على ذلك»، وفق فرج، مؤكداً أن مساعي مصر مستمرة في توحيد الموقف الفلسطيني ودعمه بشكل مطلق.

وفي هذا الصدد، أكد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الاثنين، في لقاء بالقاهرة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، «دعم مصر قيادة وشعباً للقضية الفلسطينية، ورفض كل أشكال التصعيد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الشقيق في غزة أو الضفة الغربية، مع استمرار الجهود المصرية المكثفة، الهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار وإنفاذ المساعدات الإنسانية، والعمل، في الوقت ذاته، على حماية حق الشعب الفلسطيني المشروع في إقامة دولته المستقلة».

وشدد الرئيس المصري على «دعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذلها جهوداً كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية في هذا الظرف التاريخي الدقيق»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

وهذا الموقف المصري هو استمرار لتأكيد دعم القضية الفلسطينية، بحسب اللواء سمير فرج، مؤكداً أن القاهرة يهمها بكل السبل وقف الحرب بغزة وترتيب البيت الفلسطيني وتوحيده ليكون قوياً أمام التحديات الموجودة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب، أن «مصر تستشرف الخطر وتريد ترتيب الأوراق الفلسطينية، خاصة مع اقتراب إعلان الفائز بانتخابات الرئاسة الأميركية، بما يسهم من تقوية موقفها التفاوضي والتوصل لحل جاد».ويتوقع أن تكون هناك عراقيل محتملة ستواجه اللجنة، منها الرفض الإسرائيلي، وعدم الاتفاق على ترتيبات بين الفصائل في أسرع وقت، مثمناً الجهود المصرية المتواصلة لإيجاد حلول سريعة وتحقق المزيد من الحقوق الفلسطينية.