ليبيا: جرحى في قصف لمطار معيتيقة ونجاة طائرة حجاج

البعثة الأممية توثق الواقعة تمهيداً لإحالتها إلى الجنائية الدولية

TT

ليبيا: جرحى في قصف لمطار معيتيقة ونجاة طائرة حجاج

أغلقت سلطات مطار معيتيقة الدولي (المنفذ الوحيد في غرب ليبيا) أجواءه أمام الطيران، أمس، بعدما تعرض لقصف جوي مفاجئ أسفر عن تعطل إحدى الطائرات وإصابة 4 أشخاص، بحسب «حكومة الوفاق» التي يترأسها فائز السراج، والتي سارعت إلى اتهام قوات الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر بالمسؤولية عن هذا القصف، وطالبت بعثة الأمم المتحدة بالتدخل. وأعلنت شركة «الخطوط الجوية الليبية» إصابة إحدى طائراتها من طراز «إيرباص 330» نتيجة لسقوط قذائف داخل المطار، بينما قال المتحدث باسمها إن الطائرة أصيبت بشظايا متفرقة، ما أدى إلى توقفها تماماً وخروجها عن العمل، ما تسبب في عجز كبير، وتأخير في رحلات الشركة التي لم تعد تملك حالياً سوى طائرة واحدة من أصل 3 طائرات، بعد دخول الطائرة الثانية في صيانة دورية.
ولم تعلن إدارة مطار معيتيقة الدولي، رسمياً تعليق حركة الملاحة الجوية، بعد سقوط قذائف داخله، واكتفت بالدعاء بسلامة الركاب والطائرات عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، لكن لطفي الطبيب، مدير عام المطار أكد إغلاقه وتسجيل أضرار مادية مختلفة، وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن «المطار مغلق منذ الأمس حتى إشعار آخر، في انتظار تعليمات الطيران المدني لإعادة فتحه». كما أعلنت وسائل إعلام محلية موالية لحكومة السراج في طرابلس «تعليق الحركة الملاحية» بالمطار الوحيد العامل بالمدينة، فيما أظهرت صور نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي طائرة ركاب تشغلها الخطوط الجوية الليبية، وقد لحقت بها أضرار، بينما تضررت بعض السيارات المتوقفة في المطار أيضاً.
وقالت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا إن فريقاً أوفدته لتقييم الوضع في المطار، تمكن من التثبت من إصابة 4 صواريخ للأجزاء المدنية في المطار، إذ سقطت 3 منها في موقف السيارات، بينما أصاب الصاروخ الآخر مدرج الطائرات، ما أسفر عن أضرار في الطائرة التي كانت قد أوصلت عشرات الحجاج العائدين من أداء فريضة الحج. كما جُرح اثنان من طاقم الطائرة على الأقل أثناء إسراعهما لمغادرتها. وطالبت البعثة بالوقف الفوري للهجمات ضد هذا المرفق الحيوي وجميع البنى التحتية والمرافق المدنية، مشيرة إلى أن هذه تعد المرة السابعة، منذ أواخر شهر يوليو (تموز) الماضي، التي يتعرض فيها مطار معيتيقة للقصف «العشوائي الوحشي الذي يهدف لخلق الذعر والفوضى وتعطيل العمليات في المطار الوحيد العامل في العاصمة الليبية طرابلس». وقالت البعثة إنها «توثق الحادثة بغية إحالتها إلى المحكمة الجنائية الدولية ومجلس الأمن، إذ ينبغي محاسبة من يقفون وراء هذه الهجمات».
وسارع المجلس الرئاسي لحكومة السراج، بتوجيه أصابع الاتهام إلى قوات الجيش الوطني، وقال إن «القصف تسبب في ترويع المدنيين وإصابة عدد منهم، بينهم أطفال، كما أحدث أضراراً بالبنية التحتية للمطار المدني»، مشيراً إلى تزامنه «مع وصول طائرة تقل حجاج بيت الله الحرام، بعد أدائهم مناسك الحج، ليقلب الفرحة بعودتهم إلى حزن وهلع وخوف».
وحمّلت حكومة السراج، في بيانها، بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، المسؤولية كاملة بإظهار الحقيقة لمجلس الأمن، وطالبتها «بالإيفاء بالتزاماتها من خلال اتخاذ إجراءات رادعة توقف هذه الاعتداءات الإجرامية، وألا تكتفي ببيان لتطييب خواطر المتضررين». وتفقد السراج، بحسب بيان وزّعه مكتبه، موقع القصف بالمطار. فيما أعلنت، وداد أبو النيران، رئيسة قسم الإعلام بوزارة الصحة عن إصابة 4 مواطنين، بينهم 3 حجاج، ودخولهم إلى المستشفى، وتعرض 30 حاجاً لإغماء وارتفاع في الضغط والسكر نتيجة الهلع إثر القصف.
وكان السراج قد ترأس في طرابلس اجتماعاً تشاورياً مع النخب والفعاليات السياسية والثقافية والاجتماعية لصياغة رؤية وطنية مشتركة، لتجاوز الأزمة الراهنة، حيث أكد أنه ما زال مصراً على دحر ما وصفه بـ«العدوان على العاصمة، وتقديم المسؤولين عما وقع من انتهاكات جسيمة إلى القضاء... فلن تذهب دماء الشهداء سدى»، على حد قوله. واعتبر في افتتاح الاجتماع الذي عقد مساء، أول من أمس، بأحد فنادق العاصمة، بحضور أعضاء المجلس الرئاسي لحكومته، أن البلاد تمر بمرحلة مفصلية، وتشهد صراعاً داخلياً تغذيه أطماع وأجندات خارجية. وقال إنه على ضوء نتائج هذا الصراع تتشكل هوية وشكل الدولة، إما أن تكون دولة مدنية ديمقراطية تعددية مستقرة، وإما أن تخضع ليبيا لحكم شمولي، وهذا ما لا يمكن قبوله، فلا مكان لحكم العسكر، وكذلك لن نسمح بسيطرة التشكيلات المسلحة على مؤسسات الدولة وتكرار أخطاء الماضي.
وأشار إلى مبادرته التي طرحها في يونيو (حزيران) الماضي، التي تتلخص في «عقد ملتقى يجمع كل الليبيين ممن لم تتلطخ أيديهم بالدماء، أو ارتكبوا انتهاكات وجرائم حرب، المؤمنين بالدولة المدنية ويرفضون عسكرة الدولة»، على أن يمهد هذا الملتقى «لانتخابات رئاسية وتشريعية».
من جانبه، أعرب «تحالف القوى الوطنية» الذي يعتبر أكبر حزب في ليبيا، استغرابه من الموقف الدولي الأخير من الأزمة التي تمر بها البلاد. وأبدى في بيان له استغرابه لما صدر عن اجتماع قمة مجموعة السبع، بشأن تأكيد عقد المؤتمر الدولي قبل المؤتمر الليبي - الليبي. وأضاف: «الترتيب لعقد المؤتمرين زمنياً، يجعل انعقاد المؤتمر الليبي محكوماً كإطار ومضمون بمخرجات المؤتمر الدولي وما تصل إليه الدول المؤثرة في أطراف الصراع من تفاهمات وصفقات للتسوية السياسية، وهذا من شأنه ترسيخ فكرة أن ما يدور من اقتتال ليبي - ليبي هو حرب بالوكالة، ويجعل من انعقاد المؤتمر الليبي امتداداً لرغبات وتفاهمات الأطراف الدولية ذات المصالح المتعارضة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.