إعلان نصر الله تغيير «قواعد الاشتباك» يطرح مصير القرار 1701

TT

إعلان نصر الله تغيير «قواعد الاشتباك» يطرح مصير القرار 1701

شكّل الاعتداء الإسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية، نقطة تحوّل في مسار الصراع بين «حزب الله» وإسرائيل، وبدّل «قواعد الاشتباك» المعتمدة منذ 14 أغسطس (آب) 2006، التي أرساها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701؛ خصوصاً بعد إعلان أمين عام الحزب حسن نصر الله تغيير قواعد اللعبة، وهدّد بالردّ على الاعتداء الإسرائيلي من داخل لبنان، وفي المكان الذي يختاره، وهو ما يطرح مصير القرار 1701 وجدوى استمراره، في وقت أعلنت القيادات اللبنانية تمسّكها بهذا القرار، وتطبيقه بالتعاون بين الجيش اللبناني وقوات «اليونيفيل» العاملة في جنوب لبنان.
وأوضح مصدر في «تيّار المستقبل»، الذي يقوده رئيس الحكومة سعد الحريري، لـ«الشرق الأوسط»، أن الأخير «بدأ جولة اتصالات داخلية وخارجية لاحتواء ما حصل، وتحميل إسرائيل مسؤولية الاعتداء على السيادة اللبنانية، وهذا ما أبلغه صراحة إلى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو»، مؤكداً أن «لبنان يلتزم اليوم بالقرار 1701 أكثر من أي وقت مضى»، وهو العنوان الذي حملته الشكوى التي تم تقديمها إلى مجلس الأمن الدولي.
ويحمّل «حزب الله»، الجانب الإسرائيلي، مسؤولية ما آلت إليه الأمور، وأكد مصدر مقرّب من الحزب لـ«الشرق الأوسط»، أن «القرار 1701 يخترق منذ عام 2006 من قبل العدو الإسرائيلي». وأكد أن «كلام نصر الله واضح لجهة تغيير قواعد الاشتباك، وحقّه في الردّ على العدوان من أي منطقة لبنانية، سواء عبر الخطّ الأزرق أو من داخل مزارع شبعا المحتلة أو من البحر». ورأى المصدر المقرب من الحزب أن «لا قيمة لأي قرار دولي إذا لم يحمِ السيادة اللبنانية ويحمِ المواطنين اللبنانيين من خطر العدوان الإسرائيلي». ولم يكن الخرق الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية حالة فريدة، حيث أوضح الخبير العسكري والاستراتيجي العميد خالد حمادة لـ«الشرق الأوسط»، أن «القرار 1701 لم يكن محصناً منذ عام 2006، ويجري اختراقه بشكل يومي، سواء من إسرائيل بواسطة اعتداءاتها الجوية والبحرية على السيادة اللبنانية، أو من قبل (حزب الله)، وادعائه أنه وحده الموكل بمهمة الدفاع عن لبنان». وقال: «خرق القرار 1701 مجدداً، لا ينتظر الردّ العسكري من (أمين عام حزب الله) حسن نصر الله على عملية الضاحية الجنوبية، بل بحديثه الدائم عن وجوده العسكري على الحدود».
ويقلل المتابعون لتطورات هذه الأحداث من قيمة تهديدات نصر الله بردّ قاسٍ على إسرائيل، طالما أن الراعي الرسمي لـ«حزب الله» لا يرغب في ردّ كبير قد يدفع إلى حرب غير محسوبة، ويقول العميد حمادة «تهديدات نصر الله سمعناها كثيراً، لكنّ قرار الردّ يتخذ في طهران، وأعتقد أن إيران ليست الآن في وارد اتخاذ مثل هذا القرار، لأنها مأزومة أمام المجتمع الدولي وأمام الاتحاد الأوروبي بسبب العقوبات». ورأى أنه «عندما تضمّ إسرائيل الساحة اللبنانية إلى الساحات الأخرى التي تستبيحها في سوريا عبر قصفها المتكرر لمواقع (الحرس الثوري)، وفي العراق عبر استهداف (الحشد الشعبي) بعمليات غامضة، تريد اختبار جهوزية نصر الله وإيران للردّ، وجهوزيتهما لأي حرب محتملة»، معتبراً أن إيران «تميل إلى استيعاب هذه الضربات وليس للتصعيد».
وأضاف العميد حمادة: «نصر الله قال إنه سيتصدّى للطائرات المسيّرة الإسرائيلية، فردت عليه تل أبيب بإرسال ثلاث طائرات مسيّرة ضربت قواعد الجبهة الشعبية الفلسطينية - القيادة العامة (حليفة دمشق وطهران) في بلدة قوسايا في البقاع اللبناني، وفي المنطقة التي تعدّ ممراً إلزامياً لدخول سلاح (حزب الله) ومقاتليه إلى الداخل السوري»،.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.