الجزائر: «هيئة الوساطة» تقترح استحداث «سلطة مستقلة لتحضير الانتخابات»

TT

الجزائر: «هيئة الوساطة» تقترح استحداث «سلطة مستقلة لتحضير الانتخابات»

قالت «هيئة الوساطة والحوار» المحسوبة على السلطة بالجزائر، إنها انتهت من صياغة مقترحات لاستحداث «سلطة وطنية مستقلة لتحضير الانتخابات الرئاسية»، وأخرى تتعلق بتعديل قانون الانتخابات. في غضون ذلك، اتهمت المعارضة السلطات بـ«محاولة فرض انتخابات على الجزائريين بالقوة»، بالنظر إلى إصرار قائد الجيش على تنظيم انتخابات رئاسية بأسرع ما يمكن.
وقدم أعضاء «الهيئة» أمس، خلال مؤتمر صحافي بالعاصمة، نتائج لقاءات واتصالات مع عشرات الأحزاب والتنظيمات، دامت شهراً، بهدف البحث عن خطة لتجاوز أزمة الحكم. وبحسب العضو القيادي سعيد مقدم، صبّت كل الآراء والمقترحات، حول «ضرورة تنظيم انتخابات كحل وحيد للأزمة».
وأكد بوزيد لزهاري رئيس «اللجنة القانونية» بـ«الهيئة»، أن الحكومة «ستخرج نهائياً من العملية الانتخابية»، كضمانة أساسية لتفادي التزوير، وأن صلاحيات الحكومة في مجال ترتيب الانتخابات، ستنقل إلى «سلطة مستقلة لتنظيم الانتخابات». وكان الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح قد صرّح بأن خطة الطريق التي ستخرج بها «هيئة الوساطة» من جولات الحوار: «ستُعتمد كما هي».
وصرّح بعده رئيس «الوساطة» كريم يونس بأن الحوار لن ينجح من دون تحقيق شروط، على رأسها الإفراج عن مساجين سياسيين وإقالة حكومة رئيس الوزراء نور الدين بدوي. وتدخل قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح بشكل مفاجئ، وأعلن أن شروط يونس «بمثابة إملاءات» وبالتالي فهي مرفوضة. ويتضح بعد أكثر من شهر من بدء الوساطة أن الهدف هو بحث قضية واحدة وهي تهيئة ظروف تنظيم الانتخابات في أقرب وقت، ما يعني أن «الهيئة» ماضية في تنفيذ خطة الجيش. وكان الحراك الشعبي أفشل مسعى الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لعقد انتخابات في 18 أبريل (نيسان) الماضي وفرض عليه الاستقالة في 2 أبريل. وأفشل مسعى الجيش تنظيم انتخابات أخرى كانت مقررة في 4 يوليو (تموز) الماضي. ويرجح مراقبون أنه سيقاطعها من جديد لو بقيت السلطة على موقفها.
من جهتها، اتهمت «قوى البديل الديمقراطي» التي تضم أحزاباً معارضة، في مؤتمر صحافي أمس بالعاصمة، السلطة «بمحاولة فرض انتخابات رئاسية على الجزائريين، بالآليات والأطر السابقة نفسها التي لا تعمل إلا على إعادة تجديد النظام»، في إشارة ضمناً إلى «هيئة الوساطة» التي تعتبرها المعارضة «وسيلة في يد السلطة للالتفاف على مطالب الحراك».
ويضم «البديل» أحزاباً من اليسار ومن التيار الديمقراطي، وأهم مطالبه ألا يتدخل الجيش في أي خطة لتجاوز أزمة الحكم، وإطلاق سراح السجناء السياسيين وعلى رأسهم رجل ثورة التحرير لخضر بورقعة، وعشرات الشباب من الحراك جرى اعتقالهم بسبب حمل الراية الأمازيغية في المظاهرات. كما يطالب بتنحية رئيس الدولة بن صالح ورئيس الوزراء، بحجة أنهما من «مخلفات العهد البوتفليقي». واحتج «البديل» على «عرقلة نشاطات أعضائه» من طرف السلطة، بحسب ما يقول.
وفي السياق نفسه، اعتقلت الشرطة أمس مناضلين من «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» (معارضة)، والتنظيم الشبابي الشهير «تجمع - عمل - شبيبة»، عندما نظّموا مظاهرة بمدخل سجن الحراش بالضاحية الجنوبية للعاصمة، للمطالبة بالإفراج عن معتقلي الرأي من شباب الحراك الذين تابعهم القضاء بتهم بعضها مرتبط بانتقاد قائد الجيش بالمنصات الرقمية الاجتماعية.
وانضم للمتظاهرين أهالي مساجين سياسيين إسلاميين، يقضون فترة سجن طويلة تعود إلى تسعينات القرن الماضي، وطالبوا بإنهاء سجنهم. وتم اعتقال بعضهم أيضا. وينتمي غالبية هؤلاء المساجين إلى «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة، وعددهم يفوق المائة، تعتبرهم تنظيمات حقوقية مساجين سياسيين كما يطلق عليهم «معتقلي العشرية السوداء».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».