بعد العقوبات الأميركية... الناقلة الإيرانية «أدريان داريا» تتجه صوب سوريا

ناقلة النفط الإيرانية أدريان داريا (أ.ف.ب)
ناقلة النفط الإيرانية أدريان داريا (أ.ف.ب)
TT

بعد العقوبات الأميركية... الناقلة الإيرانية «أدريان داريا» تتجه صوب سوريا

ناقلة النفط الإيرانية أدريان داريا (أ.ف.ب)
ناقلة النفط الإيرانية أدريان داريا (أ.ف.ب)

قال وزير الخارجية الأميركي اليوم (السبت) إن ناقلة النفط الإيرانية «أدريان داريا» في طريقها إلى سوريا، وذلك بعد ساعات من إدراج واشنطن السفينة على قائمتها السوداء وفرض عقوبات على ربانها. 
وكانت بيانات «ريفينيتيف لتعقب حركة السفن» أشارت إلى أن «أدريان داريا» («غريس 1» سابقاً) بعد أن غيّرت مسارها عدة مرات اتجهت أمس إلى ميناء الإسكندرونة التركي على بعد نحو 200 كيلومتر شمال مصفاة بانياس في سوريا التي يُعتقد أنها كانت المقصد الأصلي للناقلة.
وعندما أفرجت سلطات جبل طارق عن الناقلة في منتصف أغسطس (آب) بعد أزمة استمرت خمسة أسابيع، أكدت إيران لبريطانيا أن الشحنة لن تذهب إلى سوريا.
ويضع تغيير الوجهة الأخير الشحنة باتجاه سوريا، ويشير لإمكانية نقل الخام إلى سفينة أخرى بمجرد اقترابها من الساحل اللبناني.
وذكر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن واشنطن لديها معلومات مؤكدة تفيد بأن الناقلة الإيرانية «أدريان داريا» اتجهت إلى سوريا، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء.
وقال بومبيو على «تويتر»: «لدينا معلومات ذات مصداقية تفيد بأن الناقلة اتجهت إلى طرطوس في سوريا. آمل أن تغير مسارها».
وأضاف: «من الخطأ الجسيم الثقة بظريف»، مشيراً إلى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي أكد لبريطانيا أن الناقلة لن تبحر إلى سوريا.
وكان بومبيو قد قال إنه إذا توجهت الناقلة إلى سوريا، فإن واشنطن ستتخذ جميع الإجراءات المتسقة مع العقوبات.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أمس، إنه رغم بيانات التعقب فإن الناقلة ليست متجهة لموانئ تركية «بكل تأكيد»، ولكن إلى المياه اللبنانية.
وكان الوزير قد قال إن الناقلة تتجه إلى الميناء «الرئيسي» في لبنان، لكنه قال للصحافيين لاحقاً خلال مؤتمر في أوسلو: «لم أقصد أن هذه الناقلة تتجه إلى ميناء لبناني، لكن وفقاً لمعلومات الإحداثيات فإنها تتجه إلى المياه الإقليمية للبلاد».
وأضاف: «هذا لا يعني أنها ستصل إلى ميناء لبناني... نحن نراقب الموقف عن كثب».
وكانت «أدريان داريا» تحمل مليوني برميل نفط وقت الإفراج عنها في جبل طارق.
وقال وزير المال اللبناني علي حسن خليل إنه لم يتم إبلاغ لبنان بأن الناقلة الإيرانية تبحر متجهة لأحد الموانئ اللبنانية.
وأضاف خليل: «لم نتبلغ بقدوم ناقلة النفط الإيرانية إلى لبنان».

- تهديدات غربية

يشير الغموض على ما يبدو إلى مخاطر العقوبات التي قد يتعرض لها أي بلد يخاطر باستقبال الناقلة. وكانت «أدريان داريا» تتجه في الساعة 14:00 بتوقيت غرينتش نحو الممر المائي بين تركيا وقبرص بعد سلسلة تغييرات في مساراتها بالبحر المتوسط، وفق بيانات تعقب السفن.
واحتجزت السفينة قبالة جبل طارق لاشتباه بريطانيا في أنها كانت تنقل النفط إلى سوريا في انتهاك لعقوبات الاتحاد الأوروبي.
وتقول الولايات المتحدة إن «الحرس الثوري الإيراني»، الذي تعتبره منظمة إرهابية، هو من يدير الناقلة.
وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية: «الأمر المهم هنا هو أنها تحمل نفطاً يدعم إرهاب نظام الرئيس السوري بشار الأسد».
وأضاف المتحدث الذي طلب عدم ذكر اسمه أن الإدارة الأميركية عبرت عن «موقفها الحاسم عبر القنوات الدبلوماسية لكل الموانئ في البحر المتوسط بأن عليها توخي الحذر من مغبة تقديم تسهيلات» للناقلة.
وأدرجت وزارة الخزانة الأميركية أمس الناقلة على قائمتها السوداء وفرضت عقوبات على ربانها.
وقالت مصادر في قطاع الشحن إن الناقلة ستحتاج إلى عملية نقل لحمولتها من سفينة لأخرى قبل أن تكون قادرة على دخول ميناء مثل بيروت إذ لا يتوفر فيه عمق المياه المناسب لناقلة ضخمة تنقل حمولة كاملة.
ونقل عن متحدث حكومي إيراني قوله يوم الاثنين إن إيران باعت النفط على متن الناقلة وإن مالكها، الذي لم يكشف عن هويته، سيقرر وجهتها.
وبعد إطلاق سلطات جبل طارق للناقلة، قالت إن وجهتها هي ميناء كالاماتا اليوناني، ثم غيرتها إلى ميناء ميرسين التركي. ويوم الخميس غيرت الناقلة مسارها فجأة متجهة للغرب أولاً، ثم صوب الجنوب مبتعدة عن الساحل التركي.
وأثناء وجودها في منطقة إلى الغرب من قبرص صباح أمس قامت بتغيير مسارها مرة أخرى.



اليوم التالي في غزة... دعوة «حماس» لتبني مقترح «الإسناد المجتمعي» تلقى «تحفظاً»

مواطنون فلسطينيون يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية على منزل بغزة (رويترز)
مواطنون فلسطينيون يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية على منزل بغزة (رويترز)
TT

اليوم التالي في غزة... دعوة «حماس» لتبني مقترح «الإسناد المجتمعي» تلقى «تحفظاً»

مواطنون فلسطينيون يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية على منزل بغزة (رويترز)
مواطنون فلسطينيون يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية على منزل بغزة (رويترز)

دعوات جديدة من «حماس» بشأن «لجنة إدارة قطاع غزة» في اليوم التالي من الحرب، تطالب حركة «فتح» والسلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس، بالتجاوب مع جهود تشكيلها، بينما تحفظت الأخيرة ودعت لأن تكون الحكومة هي مَن تدير من دون القبول بأي لجان تفصل القطاع عن الضفة.

هذا التباين الذي يأتي بعد نحو شهر من اتفاق مبدئي رعته القاهرة بعد جولتين في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين، بشأن تشكيل «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة والمعبر الحدودي مع مصر على أن تكون من التكنوقراط، وبمرسوم من الرئيس الفلسطيني، يكشف عن وجود «خلافات ورفض غير معلن من (السلطة)» بحسب تقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».

ويتوقع الخبراء أن تبذل مصر جهوداً إضافية باعتبار الفكرة قائمة بالأساس لمنع أي ذرائع من إسرائيل في اليوم التالي للحرب، تعطل انسحابها من القطاع، بدعوى رفض وجود «حماس» بالحكم.

وتحدثت «حماس» في بيان صحافي، الجمعة، عن أنها «خلال الأشهر الأخيرة تعاملت بإيجابية مع مبادرة الأشقاء في مصر المدعومة عربياً وإسلامياً لتشكيل (لجنة الإسناد المجتمعي) لإدارة شؤون قطاع غزة بشكل مؤقت، وأن تكون مرجعيتها السياسية المرسوم الرئاسي الفلسطيني، والتأكيد على أن قطاع غزة، هو جزء أصيل من الجغرافيا السياسية الفلسطينية».

فلسطيني يقوم بإجلاء طفل جريح بعد غارة إسرائيلية على الزوايدة وسط قطاع غزة (أ.ب)

حركة «حماس» التي سبق أن أعلنت في أوائل ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أنها وافقت على تشكيل اللجنة، قالت في البيان، إنها «قطعت شوطاً مهماً مع الإخوة في حركة (فتح) برعاية الأشقاء في مصر لتشكيلها». وأضافت أنها «تواصلت وتوافقت مع عدد من القوى والفصائل والشخصيات والفعاليات الوطنية إلى مجموعة من الأسماء المقترحة من ذوي الكفاءات الوطنية والمهنية، وتم تسليمها إلى الأشقاء في مصر».

وأعربت «حماس» في البيان ذاته عن أملها من «(فتح) والسلطة التجاوب مع جهود تشكيل (لجنة الإسناد المجتمعي) في إطار النظام السياسي الفلسطيني والعمل من خلال الإجماع الوطني ومشروعيته السياسية».

كما تحدث مصدر فلسطيني مقرب من السلطة لـ«الشرق الأوسط»، السبت، عن أن «الرئيس الفلسطيني يقف في موقف المتحفظ على تشكيل تلك (اللجنة)، خشية أن تتسبب في فصل غزة»، وبالتالي «لم يوقع على مرسوم بشأنها رغم إنجاز تفاهمات تلك (اللجنة) منذ أوائل ديسمبر الماضي»، و«لم يعلن ذلك علناً، وأبدى ذلك عبر تسريبات صدرت من متحدثين عدة، تعبر عن التحفظ بشأن صدور المرسوم»، متوقعاً استمرار جهود إضافية من القاهرة لإنهاء الانقسام على نحو يحفظ حقوق الشعب الفلسطيني.

في حين تحفظ متحدث باسم حركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح»، منذر الحايك، على بيان «حماس»، في تصريحات نقلها إعلام فلسطيني، السبت، قائلاً إن «تشكيل أي لجنة لا توحد الجغرافيا أو الديموغرافيا الفلسطينية أمر خاطئ»، مشيراً إلى أن «منظمة التحرير وذراعها التنفيذية (السلطة الوطنية الفلسطينية)، هي صاحبة الولاية القانونية على الضفة والقطاع».

ودعا الحايك «(حماس) أن تفهم أن هناك مؤامرة على غزة، وأن تدرك تماماً خطورة الموقف»، متسائلاً: «لماذا لا تخرج (حماس) ببيان وتقول إن الحكومة الفلسطينية هي التي تمثل الكل الفلسطيني؟ ولماذا نشكل لجاناً لا تخدم الكل الفلسطيني؟ وتُفرق الضفة عن القطاع في وقت توجد فيه حكومة فلسطينية معترف بها فلسطينياً وعربياً ودولياً».

امرأة فلسطينية تنعي أحد أفراد أسرتها الذي قُتل بقصف إسرائيلي في خان يونس (أ.ف.ب)

وبرأي المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، فإن الفكرة قدمت من القاهرة لتشكيل «لجنة» في أكتوبر الماضي، ونوقشت في نوفمبر، ونضجت في ديسمبر، بهدف سحب مبررات إسرائيل وذرائعها بعدم تسليم السلطة لـ«حماس» أو لـ«فتح» والبقاء بالقطاع، ووصفها بأنها «فكرة خارج الصندوق (أي متميزة) ونوقشت بشكل مطول و«تم التأكيد على أنها ستصدر بمرسوم وتكون تحت إدارة (السلطة) لإبعاد أي تخوفات بشأنها».

ويعتقد أن عدم إنجاز اتفاق بشأن «اللجنة» يعود إلى «عدم صدور مرسوم من الرئيس الفلسطيني، دون إعلان رسمي عن سبب ذلك التحفظ أو طبيعية الخلافات».

في حين يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أنه ليست هناك إشكالية في تكوين «لجنة الإسناد» بقدر ما المشكلة في رغبة «حماس» في الاستمرار جهة حاكمة في قطاع غزة، وتستخدم «اللجنة» غطاءً، مؤكداً أنها لو لديها جدية كان ينبغي أن تعلن رسمياً أنها انسحبت من حكم القطاع وتمنح الأمر لـ«السلطة» حتى تحبط أي ذرائع تهدد الوحدة الفلسطينية أو تزيد من عمر مخططات نتنياهو للبقاء في غزة.

ويرى أن المشكلة ليست في فجوات يجب سدها بين «السلطة» و«حماس»، مؤكداً أن الأخيرة «يهمها الحصول حتى آخر لحظة على ضمانة للبقاء بالحكم في اليوم التالي للحرب، كما أن بنيامين نتنياهو حريص على البقاء لآخر لحظة بالسلطة».

جنود إسرائيليون داخل قطاع غزة (رويترز)

ولم ترد قيادات من «حماس»، ومحسوبون عليها، على طلب التعليق لـ«الشرق الأوسط»، كما لم تعلن القاهرة عن موقف رسمي بشأن نتائج رعايتها لجولة المحادثات التي رعتها بين حركتي «فتح» و«حماس».

ويفترض أن «اللجنة» حال أقرت كانت ستتبع السلطة الفلسطينية، وتتضمّن شخصيات مستقلة، وتتولى مهمة إدارة الشؤون المدنية، وتوفير المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، وتوزيعها في القطاع، وإعادة تشغيل معبر رفح الحدودي مع مصر، والشروع في إعادة إعمار ما دمّرته الحرب الإسرائيلية، وفق مصادر فلسطينية تحدثت سابقاً لـ«الشرق الأوسط».

ويأتي ذلك الغموض بشأن مسار «اللجنة» في ظل حضور جديد لقضية اليوم التالي لانتهاء الحرب في غزة على طاولة مناقشات إسرائيل، في ظل موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي الرافض لوجود «حماس» بالسلطة نهائياً.

فلسطينيون يقودون سياراتهم بين أنقاض المنازل المدمرة في أعقاب عملية عسكرية إسرائيلية في خان يونس (إ.ب.أ)

وتحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، عن اجتماع وزاري، عقد الخميس، تناول قضايا من أبرزها، اليوم التالي للحرب، تحت عنوان مناقشة «مسألة توزيع المساعدات الإنسانية»، وذلك بعد أيام من تحذيرات كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من أن إسرائيل ستعود إلى ما كانت عليه الأوضاع قبل 7 أكتوبر 2023 إذا لم تجد بديلاً لحكم «حماس».

وبتقدير مطاوع فإن اليوم التالي للحرب سيكون الشغل الشاغل لجميع الأطراف، خصوصاً مع احتمال عقد اتفاق هدنة، متوقعاً أن تواصل القاهرة جهودها لإنهاء الانقسام والبحث عن حلول، مضيفاً: «لكن مصالح (حماس) ونتنياهو من تتحكم وتعطل أي مسار».

ووفق الرقب فإن الكرة حالياً في ملعب «السلطة»، متوقعاً أن تواصل القاهرة جهودها مجدداً لسد الفجوات المحتملة في اتفاق «لجنة الإسناد» لسد أي ذرائع إسرائيلية قد تظهر مع حلول اليوم التالي للحرب.