البرازيل: «رئة العالم»... في خطر

مصالح سياسية واقتصادية تواجه آراء بيئية في كارثة حرائق الأمازون

البرازيل: «رئة العالم»... في خطر
TT

البرازيل: «رئة العالم»... في خطر

البرازيل: «رئة العالم»... في خطر

اعتاد سكان مدينة سان باولو، كبرى مدن البرازيل، الذين يقارب عددهم العشرين مليوناً، على التعايش مع الظروف المناخية السيئة، إلا أن المشهد الذي خيّم على المدينة ظهر يوم الاثنين الماضي لم يكن مألوفاً: سماء ملبّدة بغيوم سوداء تحجب الرؤيا... وليل يهبط ثقيلاً في الثالثة بعد الظهر. ثم تهطل أمطار متقطعة بين سحب من الدخان الكثيف الذي تحذّر السلطات من تأثيره على المرضى والأطفال والمسنّين.
إنه الدخان الآتي من غابات الآمازون... من الحرائق التي تلتهم غابات تمتدّ على خمس ولايات. ويقول الخبراء إنها جاءت نتيجة التعرية الحُرجية المُتسارعة منذ وصول الرئيس اليميني المتطرف جاير بولسونارو إلى الحكم، وتخفيفه إجراءات الحماية البيئية، ثم إطلاقه تراخيص أعمال التنقيب عن المعادن واستخراج النفط من المناطق التي تعيش فيها مجموعات السكان الأصليين.
وعلى بعد 3 آلاف كيلومتر في اتجاه الشمال من ساو باولو، تندلع حرائق كبيرة في المحميات الطبيعية التي يُفترَض أنها تخضع لمراقبة شديدة من أجهزة المكافحة، وتجتاز مئات الكيلومترات حتى تصل إلى مدينة بورتو فيّو (الميناء القديم)، حيث الضباب الكثيف يعيق التنفّس وتكتظّ مراكز العناية الصحية والمستشفيات بالمرضى.
البرازيليون يعرفون أن الحرائق تكثر عادة في فترات الجفاف، وأنها ليست كلها مفتعلة. لكن المعلومات الواردة منذ أيام تتحدّث عن عشرات آلاف الحرائق، وتفيد بأن الحكومة والسلطات الفيدرالية قد فقدت السيطرة عليها، وأن البلاد تعيش اليوم أخطر موجات الحرائق منذ أكثر من 15 سنة.

يفيد المعهد البرازيلي للبحوث الفضائية بأن عدد الحرائق التي اندلعت في البرازيل منذ بداية العام الحالي قد زاد على 76 ألفاً، أي بزيادة قدرها 85 في المائة عن الفترة نفسها من العام الماضي، وأن 80 في المائة من الأراضي التي التهمتها النيران توجد في منطقة حوض نهر الأمازون، أغزر أنهار العالم.
ويقول خبراء المعهد المذكور، إن التعرية الحُرجية قد ازدادت بنسبة 34 في المائة في مايو (أيار) الماضي وبـ88 في المائة في يونيو (حزيران) ثم بـ212 في المائة في يوليو (تموز) مقارنة بالأشهر نفسها من العام الماضي. لكن الرئيس جاير بولسونارو شكّك في جدّية المعهد ونتائج أبحاثه، بل سارع إلى إقالة مديره عندما رفض انتقادات الرئيس، وأكد على خطورة الوضع الناجم عن التدابير الأخيرة التي اتخذتها الحكومة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الحكومة اليمينية الحالية خفضّت أيضاً ميزانية أجهزة مكافحة الحرائق بنسبة 38 في المائة، كما خفضت إلى النصف مخصّصات المؤسسات التي تُعنى بتداعيات تغيـّر المناخ.

سياسات بولسونارو

لقد اعتمد بولسونارو في حملته الانتخابية على دعم الشركات الزراعية الكبرى الواسعة النفوذ، ووعد بتخفيف القيود التي كانت مفروضة على التراخيص لاستغلال المناطق المَحمية التي تطمع هذه الشركات في الاستفادة من مواردها وثرواتها. غير أن ما لم يكن في حسابات الرئيس البرازيلي هي هذه التعبئة الدولية السريعة في مواجهة الكوارث البيئية التي لم يعد الاهتمام بها محصوراً داخل الحدود الوطنية؛ لأن تداعياتها الأليمة والخطيرة ما عادت تقتصر على منطقة بعينها كما يتبدّى من مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عندما أدرج حرائق الأمازون بين البنود الرئيسية على جدول أعمال «قمة مجموعة الدول الصناعية السبع» (السبعة الكبار) التي انعقدت نهاية الأسبوع الماضي في منتجع بياريتز على ساحل فرنسا الأطلسي. وكان ماكرون قد غرّد على حسابه قائلاً: «بيتنا تلتهمه النيران»، بينما كانت الأسرة الدولية تتحرّك انطلاقاً من مبدأ أن غابات الأمازون ليست مُلك البرازيل وحدها، أو مُلك الدول التي تمتد في أراضيها من بوليفيا إلى الإكوادور ومن البيرو إلى كولومبيا، بل هي «رئة العالم» كله.
ويؤكد التقرير الأخير الذي صدر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، ومقرّه في العاصمة الكينية نيروبي، أن حماية غابات الأمازون باتت مسؤولية عالمية لما تختزنه من تنوّع حيوي وما تشكّله من مصدر أساسي للأوكسيجين، ناهيك عن دورها الحاسم في ضبط التقلّبات المناخية وانحباس ثاني أوكسيد الكربون، وتأثيرها على دورة التيّارات المائية في المحيطات. كذلك يفيد التقرير – في سياق أرقامه المقلقة – بأن حوض الأمازون قد خسر 20 في المائة من مساحته الحرجية منذ أواسط القرن الماضي.

المتحفّظون... ومخالفوهم

بعض الجهات العلمية تدعو من جهتها إلى توخّى الحذر وتحاشي الإفراط في المبالغة، منها «البرنامج الأوروبي لمراقبة الأرض» التابع للمفوضية الأوروبية. خبراء «البرنامج» يرون «أن الكثافة اليومية للحرائق في بعض مناطق الأمازون تجاوزت المعدّل العادي خلال الأسابيع الأولى من الشهر الحالي، غير أن انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون التي تولّدت عن الحرائق خلال هذا الشهر لم تتجاوز المعدلات العادية. وهي حتى إذا تجاوزت معدلات السنوات الست أو السبع الماضية، فإنها ما زالت دون معدلات بداية العقد الماضي».
وفي سياق موازٍ، تنحو «وكالة الطيران والفضاء الأميركية» (ناسا) جانب الحذر أيضاً في تقديراتها؛ فتقول: «الحرائق ليست أمراً غير مألوف في البرازيل خلال هذه الفترة من العام، عندما ترتفع درجات الحرارة وتخفّ نسبة الرطوبة. وحده الوقت يمكن أن يؤكد لنا ما إذا كانت حرائق هذه السنة قد سجّلت رقماً قياسياً أم أنها ما زالت ضمن المعدلات العادية». ويذكّر تقرير صدر مطلع هذا الأسبوع عن «ناسا» أن الحرائق في منطقة الأمازون «نادرة جداً خارج هذه الفترة من السنة، لكن عددها يزداد اعتباراً من يوليو إبّان فصل الجفاف عندما يلجأ كثيرون إلى استخدام النيران لتعرية الأراضي من أجل استخدامها للرعي أو لأغراض أخرى، وأن الحرائق تبلغ ذروتها في سبتمبر (أيلول) وتختفي اعتباراً من نوفمبر (تشرين الثاني)».
في المقابل، مانويلا ماتشادو، الاختصاصية في علم الأحياء، لها رأي آخر؛ فهي تجادل قائلة: «صحيح أن غابات الأمازون تتعرّض لحرائق بشكل شبه منتظم، إلا أن هذا لا يعني أبداً أن الأمر طبيعي اليوم. الحرائق ليست من السمات الطبيعية في ديناميكية الغابات المَدارية، كما هو الحال في مناطق أخرى. الأمازون تحترق إبّان فترات الجفاف... لكن ليس بسبب الجفاف. إنه يحترق لأن ثمة طلباً متزايداً على المراعي والأراضي الزراعية، والحكومة الحالية أهملت كليّاً برامج التنمية المُستدامة وشرعت في تنفيذ خطط تشجّع على التعرية الحُرجية». وتضيف ماتشادو - التي تعمل باحثة في جامعة شيفيلد البريطانية – شارحة: «ليس بإمكاننا أن نعرف في الوقت الحاضر نسبة تأثير هذه الحرائق قياساً بالسنوات السابقة، لكن لا يجوز أن نرى فيها ظاهرة عادية أو طبيعية على الإطلاق».

تقديرات وأرقام

وفي الحقيقة، تتفاوت تقديرات الجهات العلمية حول خطورة هذه الحرائق وفداحة تداعياتها على البيئة والتقلبات المناخية، لكن ثمّة إجماعاً حيال أهميتها الكبيرة بالنسبة للتنوّع البيولوجي المُهدّد في معظم مناطق العالم. فالغابة الأمازونية العملاقة تختزن وحدها 10 في المائة من الأجناس الحيوانية والنباتية المعروفة، وتحبس 100 ألف مليون طن من الكربون سنويّاً... أي عشرة أضعاف الانبعاثات الصادرة عن الوقود الأحفوري، كما تفيد دراسة حديثة وضعها خبراء في جامعة أوريغون الأميركية. الدراسة تذكر «أن المشكلة تكمن في كميات الكربون التي تفقدها الأشجار عند احتراقها؛ ما يؤدي إلى حدوث تقلبّات مناخية كبيرة وخسارة في التنوّع البيولوجي. وليس مستبعداً في حال تكرّرت هذه الحرائق الضخمة أن تتحوّل الغابات المدارية المطيرة إلى مساحات جَرداء شبه صحراوية في المستقبل غير البعيد».
من جهة ثانية، نشير إلى أن مجموعة من العلماء البرازيليين، بقيادة الاختصاصي في علم المناخ كارلوس بوبري من «أكاديمية العلوم الوطنية» في الولايات المتحدة، كانت قد حذّرت في عام 2016 من أن حرارة منطقة الأمازون قد ارتفعت درجة مئوية في العقود الخمسة الماضية، وفقدت 20 في المائة من مساحتها الحُرجية، وأنه في حال بلوغ هذه النسبة 40 في المائة ستدخل المنطقة مرحلة من التصحّر لا رجعة فيها. ومن ثم، تشدّد معظم الدراسات على الأهمية القصوى لتعزيز منظومات الوقاية من الحرائق وأجهزة إخمادها في كل أنحاء العالم، نظراً للترابط الوثيق بين تداعياتها خارج الحدود الوطنية. ويذكّر خبراء «برنامج الأمم المتحدة للبيئة» أن الحرائق الكبرى تحصل عادة في المناطق التي تشهد تغييرات في النظم الإيكولوجية (البيئية)، وأن غابات كتلك الواقعة في شمال كندا وجبال البرانس (البيرينيه) الأوروبية، وحتى في جزيرة غرينلاند، ما عادت في منأى عن خطر الدمار الشامل بسبب الحرائق. ويبقى أن التغيير الكبير في المعادلة الراهنة هو الوعي الدولي المتزايد حول خطورة هذه الأحداث، وما يتولّد عنه من ضغوط سياسية وشعبية، كتلك المظاهرات الاحتجاجية أمام السفارات البرازيلية في عدد من العواصم، واشتعال وسائل التواصل الاجتماعي.

بولسونارو... والعالم

كل هذا ما دفع بالرئيس بولسونارو إلى الاعتراف بمسؤوليته عن احتراق 20 ألف هكتار من «رئة العالم» الكبرى، وأمر بتكليف الجيش مكافحة الحرائق في المناطق المنكوبة. غير أن الرئيس البرازيلي اليميني المتطرف أصرّ، مع ذلك، على «أن حرائق الغابات تحصل في شتى أنحاء العالم، ولا يمكن أن تكون ذريعة لفرض عقوبات دولية». وكان بولسونارو يتوجّه في تصريحاته بالذات إلى الرئيس الفرنسي ماكرون الذي كان قد هدّد بتجميد الاتفاقية التجارية الكبرى التي سبق أن وقّعها الاتحاد الأوروبي أخيراً مع دول أميركا الجنوبية بسبب «أكاذيب» بولسونارو.
وتجدر الإشارة، إلى أن قمة «مجموعة الدول الصناعية السبع» خصّصت 20 مليون دولار أميركي مساعدةً فورية لدعم البلدان المتضرّرة من حرائق الأمازون. ومن المنتظر أن تناقش الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها المقبلة مطلع سبتمبر المقبل خطة طويلة الأمد وضعتها «مجموعة بلدان أميركا اللاتينية» بالتعاون مع عدد من المنظمات الدولية، لإعادة تحريج المناطق المنكوبة ومساعدة المجموعات المحلية المتضررة. وكان الرئيس الفرنسي ماكرون، الذي قرّر إدراج موضوع حرائق الأمازون بين أولويات قمة «مجموعة السبع»، قد اعتبر «أن خسارة رئة الأرض الكبرى هي مشكلة عالمية، ولا يمكن لأي بلد أن يدّعي التفرّد بها بغضّ النظر عن وجوب احترام السيادات الوطنية». غير أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، المعجب ببولسونارو والمعروف بموقفه الرافض للالتزامات الدولية في مجال تغيّر المناخ، قد تغيّب عن جلسة القمة في بياريتز، التي خُصصت لمناقشة حرائق الأمازون وتقررت فيها المساعدة الطارئة للبلدان المنكوبة.
عودة إلى الحرائق ذاتها، شهدت الأيام الأخيرة امتداداً لحرائق الأمازون إلى بوليفيا والباراغواي، حيث قضت على عشرات آلاف الهكتارات من الغابات التي تعيش فيها مجموعات من السكان الأصليين. ويفيد بيان صدر عن نقابة المهندسين الزراعيين في بوليفيا «بأن الطبيعة تحتاج إلى 200 سنة لتعويض الأضرار التي سببتها الحرائق، وبخاصة في غابة تشيكيتانو الفريدة من نوعها في العالم، حيث تعيش مئات الأجناس الحيوانية والنباتية المتوطّنة». كما أنه، بينما تتجه أنظار العالم إلى الحرائق التي تلتهم مساحات شاسعة في مناطق متعددة من الغابة الأمازونية، وزّعت وكالة «ناسا» صوراً فضائية تبيّن أن الحرائق المشتعلة حاليّاً في غابات أنغولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، في أفريقيا، تضاعف عبر المحيط الأطلسي بنسبة خمس مرات تلك المشتعلة في مناطق الأمازون البرازيلية.

حوض الأمازون يحتضر تحت وطأة السدود

> منطقة حوض نهر الآمازون ليست مجرّد غابات بلا نهاية تمدّ الكرة الأرضية بنحو 20 في المائة من الاوكسيجين، بل هي أيضاً أكبر خزّان في العالم للمياه العذبة تتدفّق من أعظم أنهار كوكبنا غزارة. وللعلم، يزيد طول مجرى الآمازون الرئيس على ألفي كيلومتر ويصبّ في المحيط الأطلسي على مساحة يزيد عرضها على 300 كيلومتر. لكن النهر ينساب أساساً قبل ذلك من منابعه في جبال البيرو مسافة خمسة آلاف كيلومتر مع روافده الثلاثة: ماديرا ونيغرو وخابورا، المصنّفة بين أكبر عشرة أنهار في العالم. وتمتدّ مساحة حوض الآمازون على 6.1 مليون كيلومتر مربع، أي ما يعادل عشرة أضعاف مساحة بريطانيا.
إلا أنه رغم هذه الضخامة التي يصعب تخيّلها، فإن حوض الآمازون مهدد من السدود المائية المبنيّة على مجاري أنهاره والتي يبلغ عددها 140 سدّاً، ومن تلك التي يخطَّط لبنائها في السنوات المقبلة ويبلغ عددها 428 في الوقت الحاضر. ويقدّر العلماء أنه حتى لو بُني جزء فقط من هذه السدود، ستكون تداعياتها وتحبس الجزء الأكبر من الترسّبات النهرية التي تغذّي السهول الآمازونية، وتقضي على مقوّمات الحياة في النهر ومصبّه في المحيط الأطلسي.
وتبيّن دراسة شاركت في وضعها مجموعة من علماء البيئة والمهندسين وخبراء الاقتصاد والجيولوجيا في عشر جامعات أميركية وألمانية وبريطانية وبرازيلية، ونشرت في مجلة «نايتشر» Nature العلمية الرصينة، أن من شأن هذه السدود القضاء نهائياً على الفيضانات الموسمية التي تمدّ غابات الآمازون وسهولها بالحياة وتحرمها من الترسبّات التي تشكّل عماد خصوبتها.
كذلك، تفيد الدراسة بأن 60 في المائة من هذه الترسّبات ستقضي عليها السدود التي سبق وقضت على 75 في المائة منها في بعض المناطق مثل بارانا، في جنوب البرازيل. ويقول الخبراء، إن هذه التحوّلات الجذرية في ديناميكية الأنهر ستكون لها تداعيات خطيرة جداً على الحياة النباتية والحيوانية في حوض الآمازون والمناطق المحيطة به، ويرجّح أن يكون لها تأثير كبير على التقلبات المناخية في المنطقة والعالم. أما على صعيد تداعيات السدود على مصبّ الآمازون في المحيط الأطلسي، والذي يمتدّ على مساحة تبلغ 1.3 مليون كيلومتر مربّع - أي نصف مساحة البحر المتوسط - فستكون كارثّية أيضاً على الشعاب المرجانية في كل السواحل الأميركية، كما أنها ستؤثر على التقلبات المناخية المولّدة للأعاصير والعواصف المدارية في منطقة البحر الكاريبي، إضافة إلى ارتفاع نسبة الملوحة في المخزونات الجوفية من المياه العذبة.
وهنا نذكر أنه في حين تقول الجهات التي تقف وراء سياسة بناء السدود، إن هذه السدود السبيل الوحيد لتوليد الطاقة التي تحتاج إليها البرازيل والإكوادور والبيرو وبوليفيا لتنفيذ خططها الإنمائية، لخبراء الاقتصاد رأي آخر. إذ يؤكد كثرة من هؤلاء، بينهم البروفسور عاطف أنصار الباحث في جامعة أكسفورد البريطانية العريقة، أن الحل ليس في هذه السدود الكهرمائية، ويؤكد «أن الدراسات التي أجريناها بيّنت أنه، بسبب مشكلة الزيادة الدائمة في التكاليف واطالة فترات التنفيذ، أصبحت الكلفة الإجمالية للسدود الضخمة غير قابلة للاسترداد في أكثر من 95 في المائة من الحالات، إضافة إلى التداعيات البيئية السلبية التي تنجم عنها».


مقالات ذات صلة

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

حصاد الأسبوع شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت

فاضل النشمي (بغداد)
حصاد الأسبوع ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

رجل واحد حمله المستشار الألماني أولاف شولتس مسؤولية انهيار حكومته، وما نتج عن ذلك من فوضى سياسية دخلت فيها ألمانيا بينما هي بأمس الحاجة للاستقرار وتهدئة

راغدة بهنام ( برلين)
حصاد الأسبوع شيل

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

مع أن «الحزب الديمقراطي الحر»، الذي يعرف في ألمانيا بـ«الحزب الليبرالي»، حزب صغير نسبياً، مقارنةً بالقطبين الكبيرين «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (المحافظ)

«الشرق الأوسط» (برلين)
حصاد الأسبوع لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)

موسكو تترقّب إدارة ترمب... وتركيزها على سوريا والعلاقة مع إيران

لم تُخفِ موسكو ارتياحها للهزيمة القاسية التي مُنيت بها الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة. إذ في عهد الرئيس جو بايدن تدهورت العلاقات بين البلدين إلى أسوأ

رائد جبر (موسكو)
حصاد الأسبوع يأتي انتخاب «عرّو» في وقت حرج لإقليم أرض الصومال لا سيما مع تحديات استمرار رفض مقديشو توقيع الإقليم مذكرة تفاهم مع إثيوبيا

عبد الرحمن محمد عبد الله «عرّو»... دبلوماسي يقود «أرض الصومال» في «توقيت مصيري»

حياة مغلفة بـ«هم الاستقلال»، سواءً عن المستعمر القديم في السنوات الأولى، أو تشكيل «الدولة المستقلة» طوال فترتَي الشباب والشيخوخة، لم تثنِ عبد الرحمن محمد عبد

محمد الريس (القاهرة)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».