رئيس «الأفريقي للتنمية»: الصين لا تستدرج المنطقة إلى «فخ ديون»

طوكيو تطالب بكين بعدم إغراق القارة السمراء بالقروض

رئيس «الأفريقي للتنمية»: الصين لا تستدرج المنطقة إلى «فخ ديون»
TT

رئيس «الأفريقي للتنمية»: الصين لا تستدرج المنطقة إلى «فخ ديون»

رئيس «الأفريقي للتنمية»: الصين لا تستدرج المنطقة إلى «فخ ديون»

قال رئيس بنك إقليمي، أمس الجمعة، إن الصين لا تحاول أن تستدرج الدول الأفريقية إلى فخ ديون وإنها تقدم استثمارات مهمة مع الدول الأخرى لسد فجوة تمويل لمشروعات البنية التحتية الحيوية في القارة.
كانت القدرة على خدمة الديون قضية رئيسية في اجتماع هذا الأسبوع الذي استضافته طوكيو مع الزعماء الأفارقة والمقرضين الدوليين بشأن تنمية القارة، مع تركز الأنظار على الإقراض المكثف للصين الذي يقول بعض المنتقدين إنه أرهق البلدان الأفريقية الفقيرة بجبال من الديون. وتجاهل رئيس البنك الأفريقي للتنمية أكينومي أديسينا هذا الانتقاد وحث اليابان والصين على عدم التنافس بل الاضطلاع «بأدوار تكميلية» في سد فجوة تمويل ضخمة للبنية التحتية الأفريقية.
ونقلت «رويترز» عنه القول: «لا أعتقد على الإطلاق أن هناك خطة متعمدة للصين لإثقال كاهل أي دولة بالديون. أعتقد أن الصين تقوم بدور مهم فيما يتعلق بدعم البنية التحتية... أفريقيا ليست في أزمة ديون».
ومع هذا، تنظر اليابان إلى منافستها الإقليمية باعتبارها مزاحما على النفوذ في جميع أنحاء العالم بما في ذلك في أفريقيا. وتخشى أن يؤدي تدفق الأموال الصينية إلى إضعاف مكانتها الدبلوماسية.
وقال أديسينا إن لدى أفريقيا اليوم فجوة في التمويل تدور بين 68 و108 مليارات دولار في السنة في مجالات الطاقة والموانئ والسكك الحديدية والمطارات.
وفي مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية الأفريقية (تيكاد)، أعلن رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي يوم الأربعاء أن اليابان ستؤسس صندوقا للتأمين على التجارة لتحفيز الاستثمار الخاص في أفريقيا.
وخلال اجتماع تيكاد السابق في 2016، تعهدت اليابان بتقديم 30 مليار دولار دعما للقطاعين العام والخاص لتطوير البنية التحتية والتعليم والرعاية الصحية على مدى ثلاث سنوات. لكن تعد الاستثمارات اليابانية ضئيلة مقارنة مع تلك التي تضخها الصين.
ومنذ إطلاق منتدى التعاون الصيني الأفريقي في عام 2000، زادت بكين مساعداتها المرتبطة بأفريقيا، وأعلن الرئيس شي جين بينغ ضخ 60 مليار دولار أخرى على مدى السنوات الثلاث المقبلة في سبتمبر (أيلول) الماضي.
وتركز استثمارات اليابان في أفريقيا على مشروعات البنية التحتية عالية الجودة في محاولة لتمييز نفسها عن الصين.
وقال أديسينا: «لا أرى أي منافسة على الإطلاق، أرى تكاملا. أفريقيا لديها قدر هائل من الاحتياجات. وهي صديقة للصين وصديقة لليابان. وتحظى مبادرة الحزام والطريق الصينية بتقدير كبير». مضيفا أن ممرات النقل ومشاريع السكك الحديدية والموانئ ستتطلب كثيرا من المال.
ويقول المسؤولون الصينيون إن قمة بكين تهدف إلى تعزيز دور أفريقيا في مبادرة الحزام والطريق التي تربط الصين بحرا وبرا بجنوب شرقي آسيا وآسيا الوسطى والشرق الأوسط وأفريقيا.
ويقول بعض المنتقدين إن الصين حريصة على استخراج الموارد في الدول الفقيرة لتغذية اقتصادها، وإن المشروعات ذات ضمانات بيئية ضعيفة، وإن كثيرا من العمال يُجلبون من الصين بدلا من استغلال العمالة المحلية.
وقال أديسينا: «اهتمام الصين وانخراطها في أفريقيا محل ترحيب. هل سأقول إنه لم تقع أخطاء في البداية، لن أقول ذلك... هناك مشكلات تتعلق بالمجتمعات المحلية، ومشكلات تتعلق بالتأكد من عدم إحلال الأشخاص في سوق العمل، لكن كل هذه دروس تتعلمها الصين».
ويقول صندوق النقد الدولي إن الكاميرون وغانا وغيرهما تواجه خطرا كبيرا لأزمة للديون كما هو حال جيبوتي التي أصبحت بالفعل مقرا لأول قاعدة خارجية لجيش التحرير الشعبي الصيني في الخارج.
وأعلن رئيس الوزراء الياباني أمس أن على المستثمرين الأجانب في أفريقيا أن يحرصوا على عدم إغراق البلدان المضيفة في الديون، خلال القمة حول أفريقيا، في إشارة واضحة إلى المشاريع الصينية الضخمة.
وقال شينزو آبي خلال مؤتمر صحافي في ختام مؤتمر طوكيو الدولي حول التنمية الأفريقية الذي ضم أكثر من 50 بلدا من القارة السوداء في يوكوهاما ضاحية العاصمة اليابانية: «من خلال تقديم مساعدة لأفريقيا علينا أن نأخذ في الاعتبار عبء ديون البلدان التي تتلقاها والتحقق من ألا يصبح هذا العبء فوق طاقتها». وقال آبي أمام القادة الأفارقة: «إذا كانت الدول الشريكة مثقلة بالديون فسيعيق ذلك جهود الجميع للدخول إلى الأسواق».
وسرعان ما صدر رد فعل عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ووصف من بكين هذه التصريحات بأنها «تكهنات غير منطقية».
وفي البيان الختامي، شدد المشاركون في القمة التي نظمت بالتعاون مع الأمم المتحدة والبنك الدولي والاتحاد الأفريقي على أهمية استثمارات «معقولة» و«نوعية».



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.