هجوم إلكتروني حاسم يدمر قاعدة بيانات «الحرس الثوري» في الخليج

يشل قدرته على مطاردة الناقلات مؤقتاً... وإيران تحاول استعادة ما خسرته

هجوم إلكتروني حاسم يدمر قاعدة بيانات «الحرس الثوري» في الخليج
TT

هجوم إلكتروني حاسم يدمر قاعدة بيانات «الحرس الثوري» في الخليج

هجوم إلكتروني حاسم يدمر قاعدة بيانات «الحرس الثوري» في الخليج

دُمِّرت قاعدة بيانات مهمة يستخدمها «الحرس الثوري» الإيراني للتخطيط لمطاردة ناقلات النفط واستهدافها بشكل مؤقت، في يونيو (حزيران) الماضي، على إثر هجوم إلكتروني سري أميركي، عقب إسقاط «درون» تابعة للبحرية الأميركية قبالة هرمز.
واستهدف الهجوم في 20 يونيو، شبكات الاتصالات العسكرية الإيرانية في الخليج، رغم إلغاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب غارة جوية انتقامية في ذلك اليوم، بعدما أسقطت إيران طائرة أميركية من دون طيار.
وقال المسؤولون الأميركيون إن الهجوم «كان حاسماً في صراع إلكتروني غير معلن بين الولايات المتحدة وإيران، والذي جرى تصميمه بعناية للبقاء في المنطقة الرمادية بين الحرب والسلام». ولم تصعد إيران هجماتها رداً على هذا الهجوم، ولكنها واصلت عملياتها الإلكترونية ضد حكومة الولايات المتحدة والشركات الأميركية بمعدل ثابت، وذلك وفقاً لمسؤولي الحكومة الأميركية.
وتحاول إيران استعادة المعلومات التي تم محوها في 20 يونيو الماضي، كما أنها تحاول إعادة تشغيل بعض أنظمة الكومبيوتر التي تعطلت في الهجوم، بما في ذلك شبكات الاتصالات العسكرية.
وناقش كبار المسؤولين الأميركيين نتائج هذا الهجوم، وذلك لتهدئة الشكوك داخل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، حول ما إذا كانت فوائد العملية تفوق تكاليفها.
وقال المسؤول الاستخباراتي الأميركي رفيع المستوى السابق، نورمان رول، إن «العمليات الإلكترونية تهدف لتغيير سلوك إيران، وليس لبدء صراع أوسع، أو للانتقام»، وأضاف: «لأنها نادراً ما يتم الاعتراف بها بشكل علني، فإن هذه الهجمات الإلكترونية تشبه إلى حد كبير العمليات السرية». وتابع: «نحن بحاجة إلى التأكد من أن خصمنا يفهم رسالة واحدة، وهي أن الولايات المتحدة لديها قدرات هائلة لا يمكن أن يأمل حتى في مطابقتها، وأنه سيكون من الأفضل لجميع المعنيين أن يتوقفوا ببساطة عن تصرفاتهم المخالفة».
ويضيف المسؤول أن العمليات الإلكترونية يمكنها أن تظهر قوة الدول، كما أنها، في هذه الحالة، تبين أن الولايات المتحدة سترد على الهجمات، أو غيرها من الأعمال العدائية، وأنها ستفرض التكاليف رداً على هذه الهجمات.
وقد اتخذت القيادة الإلكترونية الأميركية موقفاً أكثر عدوانية تجاه العمليات المحتملة ضد إدارة ترمب، وذلك بفضل سلطات مجلس النواب الأميركي (الكونغرس) الجديدة، والأمر التنفيذي الذي يمنح وزارة الدفاع (البنتاغون) مجالاً أكبر للتخطيط وتنفيذ مثل هذه الهجمات.
ويصف رئيس القيادة الإلكترونية الأميركية، الجنرال بول م. ناكاسوني، استراتيجيته بأنها بمثابة «انخراط مستمر» ضد الأعداء، ويضيف أن عملاء الولايات المتحدة، وعملاء كثير من الخصوم، يشنون هجمات رقمية منخفضة المستوى بشكل مستمر، مشيراً إلى أن العمليات الأميركية تتم بطريقة تبقي الأوضاع بعيداً عن حالة الحرب.
وبحسب مسؤول أميركي بارز، فإن الهجوم الأخير على قاعدة البيانات التابعة للحرس الثوري الإيراني قد قلصت من قدرة طهران على شن هجمات سرية.
وحصلت حكومة الولايات المتحدة على معلومات استخباراتية، قال المسؤولون إنها أظهرت أن «الحرس الثوري» كان وراء الهجمات التي عطلت ناقلات النفط في الخليج العربي في مايو (أيار) ويونيو الماضيين، وذلك على الرغم من أن الحكومات الأخرى لم تلقِ باللوم على إيران بشكل مباشر، كما أظهرت القيادة المركزية للجيش الأميركي بعض الأدلة ضد طهران، قبل يوم واحد من الهجوم الإلكتروني للولايات المتحدة.
واعتبر البيت الأبيض أن الهجوم كان بمثابة رد مناسب على إسقاط طائرة، وطريقة لمعاقبة طهران لتدميرها طائرات أميركية من دون طيار.
ووفقاً لمسؤول بارز، فقد كانت قاعدة البيانات في الهجوم الإلكتروني تساعد طهران على اختيار الناقلات التي ستقوم باستهدافها وتحديد مواقع الهجوم، وبالفعل لم يتم استهداف أي ناقلة في هجمات سرية مهمة منذ 20 يونيو الماضي، وذلك على الرغم من أن طهران قد استولت على ناقلة بريطانية رداً على احتجاز إحدى سفنها.
وقال المسؤولون إنه على الرغم من أن تأثير الهجوم الإلكتروني في 20 يونيو الماضي كان مصمماً ليكون مؤقتاً فقط، فإنه استمر لفترة أطول من المتوقع، وما زالت إيران تحاول إصلاح أنظمة الاتصالات المهمة لديها، ولم تسترد البيانات المفقودة في الهجوم.
ولم يحدد المسؤولون علانية تفاصيل العملية، وقال المسؤول الدفاعي الأميركي البارز، إن أنظمة الدفاع الجوي والصواريخ لم تكن مستهدفة. ووصف التقارير الإعلامية التي أشارت إلى تلك الأهداف بأنها غير دقيقة.
وانتقد بعض المسؤولين الأميركيين سراً الهجوم، ولا يعتقد هؤلاء «أن الأمر كان يستحق التكلفة». وقال أحد المسؤولين من المستوى المتوسط، إن «إيران ربما تكون قد توصلت لمعلومات مهمة حول قدرات قيادة الولايات المتحدة الإلكترونية من خلال هذا الهجوم».
وعلى عكس السلاح التقليدي، فإن الأسلحة السيبرانية لا يمكن استخدامها سوى عدة مرات، أو حتى مرة واحدة في بعض الأحيان. ويقول الجنرال المتقاعد الذي شغل منصب مدير الاستخبارات للقيادة المركزية للولايات المتحدة، والذي كان يشرف على العمليات المتعلقة بإيران، مارك كوانتوك، إن «طهران دولة متطورة، وستقوم بالبحث وراء ما حدث. فروسيا والصين وإيران، وحتى كوريا الشمالية، لديهم القدرة جميعاً على معرفة كيفية اختراق أنظمتهم».
وقد أدت الهجمات الإلكترونية إلى قطع الوصول إلى المعلومات التي اكتسبها العملاء الأميركيين من خلال استغلال الثغرة الأمنية التي كانت موجودة في النظام، وذلك لأنه بمجرد اكتشاف العدو لها سيقوم بإصلاحها، ووفقاً لبعض المسؤولين، فإن خسارة إمكانية الوصول إلى «الحرس الثوري» الإيراني، وهو القوة شبه العسكرية لطهران التي تشارك بعمق في الحرب بالوكالة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، هو ثمن باهظ ستدفعه الولايات المتحدة.
ويقول مسؤولون سابقون إن الوكالات العسكرية والاستخبارية دائماً ما تزن تكاليف الهجوم الإلكتروني، ومخاطر فقد المعلومات في مرحلة ما بعد الهجوم، ولطالما شكك مسؤولو الاستخبارات في بعض هذه العمليات الإلكترونية؛ حيث كانوا يرون أن فوائدها لا تستحق تكاليفها.
ويقول الأستاذ في جامعة الدفاع الوطني الأميركية، والمستشار القانوني السابق لرئيس القيادة الإلكترونية، جاري براون، إن «الوصول إلى نظام ما قد يستغرق وقتاً طويلاً؛ لكن يحدث فقدان في الاتصال عند دخول النظام وحذف بيانات معينة؛ لكن لا يمكنك استخدام ذلك كذريعة لعدم التحرك».

* خدمة «نيويورك تايمز»



إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.


أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
TT

أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)

تواجه «عملية السلام» في تركيا، التي تستوجب حلّ حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته، أزمة جديدة بسبب الخلاف حول سرية لقاء عقده وفد برلماني مع زعيم الحزب عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي غرب البلاد.

وتفجّرت خلافات بين نواب حزب «العدالة والتنمية» الحاكم وحزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، خلال اجتماع لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» في البرلمان، المعنية باقتراح الإطار القانوني لنزع السلاح وعملية السلام، التي خُصّصت الخميس للاستماع لتقرير حول لقاء الوفد بأوجلان.

تقرير مجتزأ

وأعلن نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، أن التقرير الذي قُدّم خلال الجلسة، والذي لخّص محضر لقاء الوفد مع أوجلان في سجن إيمرالي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أخرج المحضر من سياقه، واجتزأه لينحرف عن المضمون الذي أراده أوجلان.

نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعب» الأعضاء في اللجنة البرلمانية (حساب الحزب في «إكس»)

وقال النواب الخمسة، غولستان كيليتش كوتشيغيت وميرال دانيش بيشتاش وحقي صاروهان أولوتش وجلال فرات وجنكيز تشيشيك، في بيان، إنه جرى استخدام جمل خارجة عن السياق، واقتباسات غير كاملة تفتح الباب أمام تكهنات عديدة.

وجاء في البيان أن «نشر محتوى الاجتماع بين أوجلان، الفاعل الرئيسي في عملية السلام والمجتمع الديمقراطي، ووفد اللجنة بشكل مجتزأ، مع تفسيرات ناقصة وذاتية، يُخاطر في المقام الأول بتضييق نطاق الدور (التاريخي) لأوجلان في هذه العملية وفتحه للنقاش، وهذا يتعارض مع النهج والوعود والتعريفات والمسؤوليات الأساسية للعملية المستمرة منذ أكثر من عام».

وطالب البيان -الذي نشره الحزب على حسابه في منصّة «إكس»- بنشر محضر الاجتماع مع أوجلان ومشاركته مع جميع أعضاء اللجنة البرلمانية والجمهور بطريقة «وافية وموضوعية وكاملة وصادقة»، ووضع آلية شفافة لضمان دقة المعلومات العامة.

وقال مسؤولون في الحزب إن التقرير أُعدّ بالطريقة التي أرادها حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، لكن «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي هي عملية «جادة وتاريخية»، ويجب أن تُدار بشكل «موضوعي وشفاف، ولا يخضع للتفسيرات الشخصية».

صدام بين الحكومة والمعارضة

وخلال اجتماع اللجنة للاستماع إلى التقرير، احتجّ نواب من حزب «الشعب الجمهوري»، متسائلين عما إذا كان «جهاز المخابرات قد أعدّ التقرير»، وهل سيعمل نواب البرلمان تحت «رقابة جهاز المخابرات الوطني؟». وطالبوا بعرض محضر الاجتماع كاملاً.

جانب من اجتماع اللجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - «إكس»)

وقال نواب المعارضة إنه «يتم إخفاء (تفاصيل التقرير) ليس فقط عن الجمهور، بل حتى عن البرلمان». وردّ نائب حزب «العدالة والتنمية»، محمد شاهين على هذه الانتقادات بالقول: «لو أردتم أن تعرفوا ما جرى بالكامل، كان عليكم المشاركة في الوفد الذي زار إيمرالي».

ورفض حزب «الشعب الجمهوري» إرسال أحد نوابه ضمن وفد اللجنة البرلمانية إلى إيمرالي، عادّاً أنه كان يمكن عقد الاجتماع عبر دائرة اتصال تلفزيونية مغلقة لتجنب الحساسيات التي تثيرها زيارة أوجلان.

رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل (حساب الحزب في «إكس»)

وانتقد رئيس الحزب، أوغور أوزيل، ما جرى خلال اجتماع اللجنة، مطالباً بالشفافية في كل ما يتعلق بهذه العملية. وقال أوزيل، في مقابلة تلفزيونية، تعليقاً على رفض ذهاب نواب حزبه إلى إيمرالي: «إذا ذهبنا فسنذهب بصراحة، وسنتحدث بصراحة، وسنعود بصراحة، ولن نخفي شيئاً»، متسائلاً عن أسباب إخفاء محضر الاجتماع، وعدم إطلاع نواب اللجنة البرلمانية والرأي العام عليه.

«الكردستاني» يتمسك بموقفه

وفي خضم هذا التوتر، انتقد متحدث الشؤون الخارجية في منظومة اتحاد مجتمعات كردستان، زاغروس هيوا، عمل اللجنة البرلمانية واكتفاء الحكومة التركية بـ«التصريحات فقط، دون اتخاذ خطوات حقيقية في إطار عملية السلام، على الرغم من اتخاذ حزب (العمال الكردستاني) العديد من الخطوات الأحادية».

وقال هيوا، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام تركية الجمعة: «إننا لم نكن يوماً مسؤولين عن تخريب عملية السلام، وإن الدولة هي التي اتخذت القرار في عام 2015 بإنهاء العملية السابقة. ولهذا السبب، بدأوا بتجربة أساليب جديدة، ولم يتضح بعد ما إذا كانوا قد غيّروا حقّاً عقليتهم وسياساتهم تجاه الأكراد، أم أنهم يستعدون لموجة جديدة من الهجمات».

متحدث الشؤون الخارجية في منظومة اتحاد مجتمعات كردستان زاغروس هيوا (إعلام تركي)

وقال هيوا إن «المفاوضات لم تبدأ بعد»، وإن لقاء أعضاء من اللجنة البرلمانية مع أوجلان في إيمرالي هي «عملية حوار».

وتابع: «لكي تبدأ المفاوضات، يجب أن يلتقي الطرفان على قدم المساواة، وأهم عنصر في هذه المفاوضات هي حرية أوجلان»، الذي وصفه بـ«كبير مفاوضي حزب (العمال الكردستاني)».

وأضاف: «يجب أن تراعي هذه العملية الاندماج الديمقراطي للأكراد وحركة الحرية الكردية في جمهورية تركيا، وتضمن مشاركتهم الحرة في الحياة السياسية الديمقراطية، لكن ذلك لا يمكن أن يتحقق في ظل الدستور الحالي الذي ينكر وجود الأكراد، بل جميع المجموعات العرقية في تركيا».