كميل سلامة: عندما تدور الكاميرا... الجغرافيا لا تعود تهمني

قال الممثل المخضرم كميل سلامة بأنه استمتع بمشاركته في فيلم «كل سنة وأنت طيب» مع تامر حسني. وعما إذا حضوره في هذا العمل جاء بديلاً عن الراحل عزت أبو عوف، يردّ في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «في الحقيقة لم أكن أعلم في البداية بأن الدور نفسه كان سيؤديه الممثل المصري الراحل. فالشخصية تحكي عن رجل لبناني مولود في مصر. لكن الدور تم تعديله ليتحدث هذا الشخص اللبنانية بدلاً عن المصرية، ومع الأخذ بعين الاعتبار تمرير بعض العبارات المصرية كونه ولد في القاهرة».
وعما أضافته هذه التجربة على مشواره التمثيلي الطويل، يوضح: «لقد استمتعت كثيراً بهذه التجربة من ألفها إلى يائها بفضل الشركة المنتجة للعمل (نيو سنتشري) التي كانت في غاية اللياقة والاحترام معي. وكذلك بالنسبة لمخرج الفيلم سعيد الماروق والفريق بأكمله وبمقدمه تامر حسني وخالد الصاوي وزينة». ويطل سلامة في 6 مشاهد من الفيلم، اثنان منها يقف مع تامر حسني والباقية مع خالد الصاوي. ويعلّق: «لقد شعرت وكأني أعرف تامر حسني منذ فترة طويلة؛ لأنه من الأشخاص الذين يحترمون مهنتهم ويقدّرون الآخرين. والأمر نفسه ينطبق على خالد الصاوي وباقي الممثلين. وإذا ما طلب مني مرة ثانية خوض تجربة مماثلة فلن أتأخر عن ذلك بالتأكيد».
والمعروف بأن كميل سلامة هو من رواد المسرح اللبناني وأستاذ جامعي خرّج المئات من المواهب التي لمع اسمها في عالم الدراما والمسرح الحديثين. فهل مشاركته في فيلم مصري شكّلت له الفرق؟ «الممثل بشكل عام يهتم بدوره وكيفية تجسيده على أفضل وجه. وعندما تضاء البروجكترات وتدور الكاميرا ويصرخ المخرج كلمة (آكشن)، لا تعود تهمه لا الجغرافيا ولا المكان اللذين يقف فيهما، بل يكون كل تركيزه منوطاً بالدور الذي يقدّمه».
وماذا عن الفوقية التي تسكن بعض نجوم اليوم؟ يقول في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لم ألتقِ حتى اليوم بواحد من هؤلاء النجوم الذين تتحدثين عنهم، وكل ما أحفظه عن بعض الذين شاركتهم أعمالاً سينمائية هو أنهم تركوا لدي انطباعاً إيجابياً بعيداً كل البعد عن بخار النجومية هذه التي تصيب البعض. وبرأيي من يتصرف بطريقة فوقية مع الآخرين فإن عمره الفني سيكون قصيراً. كما أن الأشخاص المحيطين به يلعبون دوراً كبيراً في كيفية استيعابه نجوميته أو العكس».
يحتك كميل سلامة بفضل تدريسه الجامعي وأعماله السينمائية والتلفزيونية الجديدة جيل الشباب. وهو يصفهم بالقول: «لدينا كم كبير من المواهب الجيدة في مضمار التمثيل التي هي صاحبة دراسة جامعية وخلفية ثقافية لافتة. وهذا الاحتكاك المباشر مع الشباب يغذيني ويولّد عندي مروحة ثقافية كبيرة لما تحمل من تنوع. ورأيي هذا هو نابع من مشاهداتي هؤلاء على المسرح أو أمام الكاميرا».
ويؤكد كميل سلامة الذي أطل في أفلام سينمائية عدة، بينها «غدي» و«طالع نازل» و«قضية 23» ومؤخراً في «بلا هيبة»، بأن دخوله عالم السينما قد يكون جاءه متأخراً، لكنه سعيد في ولوجه اليوم. «لقد قال لي أحدهم (إنهم يتذكرونك عندما يشاهدون لك عملاً ما)، لكن لا بأس؛ فأنا سعيد بذلك. فالأدوار التي تعرض عليّ متنوعة ولا تشبه بعضها، وكل واحد منها يحمل شخصية مختلفة؛ وهو ما دفعني إلى تجسيدها. وفي 8 سبتمبر (أيلول) المقبل سأطل في مسلسل (وعيت) الذي سيعرض على منصة (نتفليكس) الإلكترونية وأقدم فيه أيضاً دوراً مختلفاً أحببته كثيراً. وأشارك في هذا العمل مع كوكبة من المواهب الشابة الذين وجدوا في (وعيت) فرصة ملائمة لتجسيد موهبتهم». ويتابع في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خرّجت جامعاتنا كمّاً لا يستهان به من الشباب التقني والتمثيلي المتخصصين في المسرح والتلفزيون، وفي إمكان شركات الإنتاج اليوم الاستعانة بقدراتهم كي يبتعدوا عن استهلاك الوجوه نفسها في أعمالهم».
وعن الفرق الذي يلمسه في عالم التمثيل مقارنة بالأمس يرد: «هناك أشياء كثيرة تبدلت في ظل وجود وسائل التواصل الاجتماعي وعملية الاستهلاك السريع لهذه الأعمال. فما عادت تطبخ بهدوء وضمن الوقت التي يلزمها لتأتي على المستوى المطلوب. وأعتقد بأن الإنتاجات ذات الميزانية الكبيرة يمكنها أن تحل هذه المعضلة وتعطينا فرصاً أكبر وفي الإطار الراقي الذي نصبو إليه».
وسلامة هو ممثل لبناني عرفه الجمهور من خلال مسلسل «عشرة عبيد صغار» عام 1974، كما غاب فترة عن التمثيل واتجه إلى الإخراج والكتابة ولا يزال. وأنجز الكثير من الأعمال كمسرحية «طرة نقشة» (1985) ومسلسل «بيت خالتي» (1987) ومسرحية «كيف هالتمثيل معك» (2008). عاد في فيلم «غدي» لأمين درة، وحاز شهادة تقدير لأدائه في فيلم «عكر» في «مهرجان دبي».
أين كميل سلامة من النص الكوميدي الذي اشتهر به في السابق، ولماذا لا تكرر التجربة على الشاشة كما في «بيت خالتي»؟ يوضح: «القصة هي عملية عرض وطلب، فالنص يمكن أن يحضر بسرعة لأن في جعبتي أفكاراً كثيرة. لكن فن الكوميديا بحد ذاته قد يكون تغير، وأنا أنطلق دائماً من مبدأ كتابة نص كوميدي يصلح للمشاهدة المنزلية ابتداءً من بيتي. وربما الموعد أصبح قريباً لتحقيق مسلسل أو فيلم كوميدي من تأليفي، مع العلم بأنني من الأشخاص الذين يفضلون أسلوب الكوميديا المرتكز على الموقف المضحك وليس على النكتة العابرة».
ويستمر كميل سلامة من ناحية أخرى على إنتاجاته المسرحية منذ 5 سنوات حتى اليوم، ويقول في هذا الصدد: «أحضّر حالياً لمسرحية جديدة ستنكشف معالمها في وقت قريب بعد تقديمي مسرحيات عدة في الأعوام الماضية وبينها (64 يوم) و(إنجازات حياة) و(كلكن سوا) وغيرها. فبالنهاية أنا ممثل وكاتب ومخرج مسرحي، وكل وسائل الوصول متاحة أمامي في المسرح والسينما والتلفزيون. وتبقى عمليات الإخراج التصويري التي ليست من اختصاصي ولا أفكر في مقاربتها، ولا سيما أني لم أدرس تقنيات الكاميرا».
وعن تجربته الأخيرة في الفيلم السينمائي «بلا هيبة»، يقول: «لقد أديت فيه دور زعيم عشيرة، وكانت شخصية جديدة علي استمتعت في تجسيدها. لكن ما يهمني بالدرجة الأولى في أي عمل أشارك فيه هو الفريق بأكمله على أن يكون هناك تواصل فكري بيني وبينه».
وعما إذا هو يطلع على المسرح الخليجي ومكوناته، يرد: «مع الأسف، لا يسعني ذلك مراراً، وأنا بالكاد أملك فكرة خجولة عنه إلى حد ما. وقد كوّنتها من خلال مشاركتي في (مهرجان المسرحي العربي) في الكويت، وأخرى ضمن فعاليات (الهيئة العربية للمسرح) في إمارة الشارقة. فأنا أحب أن أشاهد العمل المسرحي مباشرة من على الخشبة، وهي فرص قلما تتاح لي بين وقت وآخر».
وعن النجومية الدرامية التي بات الجمال يلعب فيها دوراً أساسياً، يوضح: «ليس من الخطأ أن يتسم النجم بالجمال شرط أن يكون لديه الموهبة والخلفية اللازمة لأداء متكامل يقنع المشاهد، وهو أمر نلمسه اليوم على أرض الواقع من قبل نجوم وسيمين كثيرين. فالمهم ألا يدور الموضوع برمته في فلك الجمال دون التدريب أو الدراسة المطلوبين لنجاح ممثل».
لكننا اليوم نفتقر إلى وجوه جديدة في عالم النجومية الدرامية من الذكور خاصة، فما رأيك؟ «هناك بالتأكيد كسل في هذه الناحية من قبل المنتجين أو القيمين على هذه الأعمال. فلدينا مواهب كثيرة شبابية وعليهم أن يكتشفوها بأنفسهم من خلال حضور المسرحيات مثلاً أو أي أعمال مصورة أخرى». وحول مشاركة رعيل من زملائه في مسلسل «انتي مين» لكارين رزق الله أمثال نقولا دانيل وعايدة صبرا وجوليا قصار، يعلّق: «من مصلحة القيّمين على المسلسلات التلفزيونية الاستعانة بتلك الوجوه الرائعة؛ لأنه من شأنها أن تزودها بالمصداقية حتى لو كانت إطلالاتهم فيها تندرج على لائحة (أول مرة). فهؤلاء يعدون من الممثلين المحترفين الذين نفتخر بهم ويتركون بأثرهم الإيجابي على أي عمل يشاركون به».