اعتراض من العسكر في «السيادي» يؤجل إعلان الحكومة السودانية

بدء محاكمة 41 رجل أمن باتهامات بقتل متظاهر تحت التعذيب

اعتراض من العسكر في «السيادي» يؤجل إعلان الحكومة السودانية
TT

اعتراض من العسكر في «السيادي» يؤجل إعلان الحكومة السودانية

اعتراض من العسكر في «السيادي» يؤجل إعلان الحكومة السودانية

أدى اعتراض المكون العسكري في مجلس السيادة السوداني على مسألة إجرائية، إلى تأجيل إعلان أسماء الوزراء والمفوضيات الذي كان مزمعاً، أمس، إلى وقت لاحق، وأثناء ذلك بدأت في أم درمان محاكمة 41 عنصراً من جهاز الأمن متهمين بقتل «مدرس» تحت التعذيب أثناء الاحتجاجات ضد نظام الرئيس المعزول عمر البشير.
وفي هذه الأثناء، عقد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك اجتماعاً مشتركاً مع ممثلين عن «قوى إعلان الحرية والتغيير»، أمس، للتشاور بشأن اختيار الوزراء من بين 65 مرشحاً لعدد 14 وزارة، و5 مجالس وزارية تخصصية، دون أن يفصح عن موعد إعلان الحكومة.
ونصَّت المصفوفة الزمنية الملحقة بالوثيقة الدستورية، الخاصة بجداول إعلان هياكل السلطة الانتقالية، على أن يتم إعلان الحكومة يوم أمس 28 أغسطس (آب) الحالي، وأن يؤدي الوزراء اليمين الدستورية، ليعقد مجلسي السيادة والوزراء أول اجتماع مشترك لهم في الفاتح من سبتمبر (أيلول) المقبل.
وأكد حمدوك، السبت، أنه سيختار للحكومة أعضاء من التكنوقراط بحسب «كفاءاتهم». وقال: «نريد فريقاً متجانساً على مستوى التحديات». ويفترض أن تتألف الحكومة من 14 حقيبة على الأكثر يختارهم حمدوك، باستثناء وزيري الداخلية والدفاع اللذين سيعينهما العسكريون في المجلس السيادي. بالإضافة إلى خمسة مجالس، لشؤون مجلس الوزراء والثقافة والإعلام والتعليم العالي والشؤون الدينية والأوقاف والحكم المحلي. وأكد رئيس الوزراء الجديد (63 عاماً)، وهو خبير اقتصادي وسبق أن عمل لدى الأمم المتحدة، تمسكه «بتمثيل عادل للنساء» في الحكومة.
وقالت الناشطة المدافعة عن حقوق النساء تهاني عباس لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لدي مشاعر مختلطة حيال الحكومة» المقبلة، مضيفة أنّ «التشكيلة المسرّبة (توحي) بأنّ المرأة لن تُمثَّل على نحو مرضٍ». ويضم المجلس السيادي امرأتين، كما يُفترض أن يتشكل البرلمان بحسب الاتفاق بنسبة 40 في المائة من النساء. واعتبرت عباس أنّه يتوجب تشكيل مؤسسات الدولة بالمناصفة.
من جانبه، اعتبر المحلل السوداني عثمان الميرغني، رئيس تحرير صحيفة «التيار» المستقلة، أن «الحكومة ستتمتع بدعم شعبي كبير». وأضاف أن على الحكومة أن تركز على التوصل إلى اتفاقات سلام مع المجموعات المتمردة في المناطق التي تشهد نزاعات، خصوصاً تلك التي رفضت الاتفاق الانتقالي.
ويتضمن هذا الاتفاق الموقَّع من «قوى الحرية والتغيير»، والمجلس العسكري الذي تولى السلطة بعد إقالة البشير وتوقيفه في 11 أبريل (نيسان)، الخطوط العريضة للمرحلة الانتقالية، ويؤكد ضرورة التوصل إلى سلام مع المتمردين خلال ستة أشهر. ووعد حمدوك بـ«وقف الحرب وبناء سلام دائم».
وقال محمد أمين (32 عاماً) الموظف في شركة خاصة: «إنني أكثر تفاؤلاً منذ أن قال رئيس الوزراء إنه سيختار وزراءه بحسب كفاءاتهم». وأضاف: «سيتمّ امتحانهم عندما يعالجون هذه التحديات». ورأى المزارع محمد بابكر (65 عاما) أن إنعاش الاقتصاد سيكون مرتبطا بقدرة الحكومة على الاستفادة من موارد البلاد، خصوصاً الزراعة.
وقال: «إذا نجحوا في ذلك فسيكون الأمر مفيداً جداً من أجل استقرار البلاد».
من جهة أخرى، بدأت في الخرطوم أمس محاكمة 41 رجل أمن متهماً بالتورُّط في وفاة مدرس تحت التعذيب، بمنطقة «خشم القربة» بولاية كسلا أثناء احتجازه على خلفية الاحتجاجات التي أدت لإسقاط حكم الرئيس عمر البشير.
ولقي المدرس أحمد الخير مصرعه في المعتقل، بعد القبض عليه في 2 يناير (كانون الثاني) الماضي، من قبل أفراد من جهاز الأمن والمخابرات، أثناء محاولتهم قمع الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد، على خلفية اتهامه بتنظيم مظاهرات تستهدف إسقاط حكومة البشير، وسلمت سلطات الأمن أسرة القتيل جثته، وعليها آثار تعذيب بشع.
ويواجه أفراد الأمن وبينهم ضباط ورتب متفرقة، اتهامات بتعذيب الخير حتى الموت، وتعقد الجلسة الثانية من المحاكمات في الثالث من سبتمبر (أيلول) المقبل.
وقمع جهاز الأمن بأوامر من البشير معارضي الحكومة، واستخدم القوة المفرطة في تفريق المظاهرات والاحتجاجات والمواكب منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وحتى سقوط النظام في 11 أبريل الماضي.
من جهته، توقع وسيط الاتحاد الأفريقي محمد الحسن ولد لبات، صدور قرار وشيك بإعادة عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، وأعلن متابعته الشخصية للمرحلة الانتقالية في السودان. ونقل المركز السوداني للخدمات الصحافية (SMC)، وهو مركز صحافي كان يتبع لجهاز الأمن، عن لبات قوله إن مجلس السلم والأمن الأفريقي سيعقد اجتماعاً بمقره في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، الفترة المقبلة، لبحث التطورات التي يشهدها السودان، وينتظر أن يصدر عنه قرار برفع تعليق عضوية السودان للمنظمة الإقليمية «الاتحاد الأفريقي».
وشدد لبات على أهمية التزام الأطراف السودانية بالاتفاق الموقع في الخرطوم بحضور دولي وإقليمي واسع، وتنزيله لأرض الواقع، وأكد «وقوفهم» مع السودان حتى تنفيذ الاتفاق على الأرض.
وكان الاتحاد الأفريقي قد علق عضوية السودان وتمثيله فيه يوليو (تموز) الماضي، استناداً إلى اعتبار سيطرة المجلس العسكري الانتقالي على الحكم عقب الثورة الشعبية انقلاباً عسكرياً، واشترط لإعادة السودان لعضويته نقل السلطة لحكومة مدنية انتقالية تمهّد لتحول ديمقراطي في البلاد.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.