الحرب ستضر بـ«حزب الله» وتفقده الدعم الشيعي

توقعات سياسيين للرد واحتمالات التصعيد

TT

الحرب ستضر بـ«حزب الله» وتفقده الدعم الشيعي

اختار الأمين العام لـ«حزب الله»، حسن نصر الله، سياسة «الردع» في رده على اختراق طائرتين مسيرتين إسرائيليتين الضاحية الجنوبية لبيروت. ويرى النائب وهبي قاطيشا أن «غياب التصعيد يعود إلى غياب الأسباب المباشرة للحرب اللبنانية - الإسرائيلية».
ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «الاحتمال وارد إذا أرادت إيران، لتخفف عن نفسها العقوبات والأوضاع الاقتصادية التي توصلها إلى اليأس. مع الأخذ بالاعتبار أنها لا تريد الحرب».
ويرى الوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «العملية الإسرائيلية أمنية. ورد (حزب الله) عليها يكون بالمثل، ولا يتطلب عملاً عسكرياً كبيراً.
وبالإضافة إلى أنه مقيد تحت المراقبة، فلا بد من الإشارة إلى أن قسم العمليات الخارجية في (حزب الله) ضعف كثيراً مع اغتيال عماد مغنية ومصطفى بدر الدين وحسن اللقيس. والعمليات الخارجية للحزب بدأت تفشل بعد غيابهم».
ويؤكد بيضون أن «أي حرب ستضر بـ(حزب الله)، وتفقده الدعم الشيعي، لأن الشيعة من دون باقي اللبنانيين استثمروا خلال السنوات العشر الأخيرة بما يزيد على 100 مليار دولار في سوق العقارات. وقد أثرت مواقف (حزب الله) من دول الخليج، وتحديداً السعودية، في وقف الاستثمار الخليجي في لبنان، ما أسهم في الانهيار الحاصل في سوق العقارات. وخسرت الطائفة الشيعية دون غيرها من اللبنانيين، 50 مليار دولار في السوق العقارية، وانعدمت بالتالي ثقة المغتربين الشيعة في أفريقيا والخليج بالاستثمار في لبنان، جراء المواقف السياسية للحزب. ولن تمر أي حرب إسرائيلية على لبنان من دون تبعات حيال الحزب والثنائية الشيعية بشكل عام».
ويوافق قاطيشا على أن «البيئة اللصيقة بـ(حزب الله) لا تتحمل نشوب أي حرب جديدة، لكن إذا جاء القرار بفتح الجبهة اللبنانية، فسوف تتحمل التبعية، وكذلك جميع اللبنانيين. فإيران تحارب بأولاد الآخرين، صحيح أنها تدفع ثمناً بالاقتصاد جراء سياساتها، لكنها تستخدم الشيعة العرب لتحمي نظامها بدمائهم».
ويُعتَبَر النائب في «حزب الله» الوليد سكرية لـ«الشرق الأوسط» أن «الأمور مرتبطة بإسرائيل، فإذا طورت عدوانها، وأعطتها الولايات المتحدة الضوء الأخضر ولم تردعها، حينها لا نعرف إلى أين نصل؟ وبالنسبة إلى (حزب الله)، فإن الطيران المسيّر لجمع المعلومات، أصبح اليوم للاستهداف بالقتل. وهو الأمر غير مسموح به ويجب ألا يتكرر لأنه يؤدي إلى اغتيال شخصيات والاعتداء على مراكز تابعة للحزب».
ويضيف: «صحيح أن الحزب لا يريد الحرب ولا يسعى إليها، لكن إذا أوجدت إسرائيل الظروف لشنها فسنضطر إلى ردعها. إذا فُرِضت علينا لن نستسلم بل سنقاوم وننتصر».



تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
TT

تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)

يشتكي غالبية مزارعي الحبوب في اليمن من تراجع إنتاجهم سنوياً بسبب تقلبات المناخ وتغير مواسم الأمطار وما تسببه غزارتها غير المتوقعة من جرف للتربة وتخريب للأراضي، وهو ما يتسبب لاحقاً في الإضرار بأمنهم الغذائي خلال الأشهر المقبلة التي تدخل فيها البلاد حالة من الجفاف الموسمي.

وينتهي، منتصف الخريف، موسم زراعة الحبوب في غالبية أنحاء اليمن، بالتزامن مع انخفاض درجات الحرارة وانقطاع الأمطار الموسمية ودخول البلاد في حالة من الجفاف، ويبدأ المزارعون حصر إنتاجهم من الحبوب وتخزينها للاستهلاك، كما يتم تخزين الزرع كأعلاف للمواشي التي تعاني من جفاف المراعي وشح الحشائش والأعشاب التي تتغذى عليها.

وبقدر ما يشعر المزارعون بالفرح خلال فترة جمع محصول موسم زراعة الحبوب، التي تشهد احتفاليات متوارثة تتعدد فيها الأغاني والأهازيج، يخالطهم شعور بالحزن بسبب اضطرارهم لانتظار موسم الأمطار المقبل لأشهر طويلة، وأملهم بهطول أمطار شتوية تساعدهم في زراعة أنواع أخرى من الحبوب.

امرأتان يمنيتان في محافظة تعز تنقلان العلف لتخزينه كغذاء للمواشي بعد انتهاء موسم الحصاد وبدء مواسم الجفاف (البنك الدولي)

يقول سعيد محمد، وهو مزارع مخضرم في مديرية الشمايتين جنوب محافظة تعز (جنوب غرب) إن فصلي الخريف والشتاء يشهدان في الغالب تراجعاً كبيراً في الإنتاج الزراعي، لكن بعض الأعوام قد تشهد سقوط أمطار خفيفة تساعد بعض المزارعين في إنتاج كميات محدودة من حبوب مختلفة عن تلك التي أنتجوها خلال الموسم السابق.

ويوضح المزارع السبعيني في رسالة نقلها لـ«الشرق الأوسط» أحد أبنائه، بسبب عدم خبرته في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أن بعض المزارعين يحتاطون لمواسم الجفاف بتجميع مياه السيول في خزانات مبنية من الحجارة والأسمنت لزراعة أنواع من الخضراوات، بينما ينتظر آخرون هطول الأمطار الشتوية الخفيفة، وهي نادرة ويقضي المزارعون شتاءهم في انتظارها.

الأمل بأمطار الشتاء

ينتج المزارعون خلال موسم الأمطار الصيفية الذرة الشامية والذرة الرفيعة بأنواعها ومن البقوليات اللوبياء، أما في الشتاء فيكتفون بالذرة الشامية والشعير والعدس والخضراوات.

لكن المزارع حسين أحمد، من مديرية القبيطة التابعة لمحافظة لحج (جنوب)، يشير إلى أن أمطار الشتاء عادة ما تكون وخيمة على المزارعين، خصوصاً مالكي المواشي التي قد تعاني لأسابيع وأشهر طويلة من الجوع وانقطاعها عن المرعى، واعتمادها على ما جرى تخزينه من أعلاف.

مزروعات حبوب يبست في انتظار الأمطار بسبب عدم خبرة المزارعين اليمنيين بتغير مواسم الأمطار (غيتي)

ويبين أحمد، لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الشتوية تأتي خفيفة وعلى مدى أيام طويلة متصلة مصحوبة بانتشار ضباب كثيف، خصوصاً في المرتفعات الجبلية، ويمنع المزارعون من استخدام الأراضي بشكل جيد، بينما لا تتمكن المواشي من مغادرة مأواها بسبب هذه الأمطار.

إلا أنه، وبعد انقشاع الضباب وتوقف الأمطار، تعود الحياة إلى المراعي التي تعود الحشائش للنمو فيها، وهو ما يفيد المزارعين في الحصول على المزيد من الألبان ومنتجاتها.

وتساهم أمطار الشتاء، على ندرتها، في زيادة المياه الجوفية بفضل هطولها البطيء والطويل مما يساهم في تغلغلها داخل طبقات الأرض وفقاً للخبراء الجيولوجيين، كما تعمل على تحسين جودة الإنتاج الحيواني.

وتراجعت المساحة التي تحتلها زراعة الحبوب في اليمن من أكثر من 585 ألف هكتار قبل الحرب الدائرة في البلاد منذ عام 2014، إلى أقل من 529 ألف هكتار بحسب بعض البيانات والتقديرات عن هيئات حكومية وأخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية، أي بما يزيد على 56 ألف هكتار، من إجمالي المساحة المحصولية المقدرة بـمليون و 124 ألف هكتار.

استثمار بلا ضمانات

يستمر موسم زراعة الحبوب أكثر من 5 أشهر، ويبدأ غالباً منتصف مايو (أيار) الذي يشهد إلقاء البذور في التربة، لينتهي في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) وبدايات نوفمبر (تشرين الثاني) بحصد السنابل، ثم نزع الزرع.

مزارع يمني يحصّل منتوجاً قليلاً من قصب السكر الذي يزرع على نحو محدود في البلاد (رويترز)

ويرى الخبير الزراعي محمد سيف ثابت أن أوضاع المزارعين في السنوات الأخيرة تتشابه في جميع الفصول، خصوصاً مع تبدل مواسم الأمطار الصيفية وتغير مواقيتها، ما يصعِّب عليهم تحديدها أو توقعها، إلى جانب التغير الكبير في كمياتها وما تتسبب به من جرف للتربة وتخريب للأراضي.

ويقول ثابت في إيضاحاته لـ«الشرق الأوسط» إن ما يعاني منه المزارعون في الصيف خلال الأعوام الأخيرة، يشبه إلى حد كبير ما يمرون به في الشتاء، حيث يلجأ الكثير منهم إلى بذل جهد كبير وإنفاق أموال في تسوية الأرض ودفن البذور متوقعاً هطول الأمطار. إلا أن تلك البذور قد تتحلل قبل هطول الأمطار، أو تنبش الطيور التربة لتناولها، وهو ما يدفع بعضهم إلى دفن بديل عنها. أما إذا هطلت الأمطار ولم تنبت تلك البذور بسبب تحللها أو نبشها من قبل الطيور، فإنه يستحيل على المزارعين إعادة التجربة قبل أن تعود التربة إلى الجفاف مرة أخرى.

الذرة الرفيعة من أكثر أنواع الحبوب التي يفضلها المزارعون اليمنيون لسهولة الحصول على منتوج وفير منها (إكس)

وأبدى مصدر في وزارة الزراعة اليمنية انزعاجه من لجوء غالبية المزارعين إلى حصد سنابل الحبوب قبل نضجها وتناولها بعد شيها أو سلقها بوصفها وجبات إضافية، فيما يُعرف محلياً بـ«الجهيش»، وهو ما يتسبب في إهلاك الكثير من المحصول والإضرار بالأمن الغذائي للمزارعين خلال الأشهر اللاحقة.

وتابع المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن هذه العادة المتوارثة أصبحت غاية لغالبية المزارعين، لكن الفارق أن المزارعين في السابق، قبل عشرات وربما مئات السنين،كانوا يعتمدون على «الجهيش» بوصفها وجبات أساسية، إلى جانب قلة استهلاكهم لها، في الوقت نفسه الذي يملكون فيه كميات من ناتج الحبوب يغطي موسم الجفاف.

أما في الوقت الراهن؛ فإن غالبية المزارعين يكتفون بالحصول على «الجهيش» ولا يقومون بتخزين سوى كميات قليلة من الحبوب.