مصر تستعد لافتتاح متحف العاصمة الجديدة

يحكي قصص إنشاء 9 عواصم مصرية على مدار التاريخ

أحد جدران مقبرة «توتو»
أحد جدران مقبرة «توتو»
TT

مصر تستعد لافتتاح متحف العاصمة الجديدة

أحد جدران مقبرة «توتو»
أحد جدران مقبرة «توتو»

تستعد مصر لافتتاح متحف للآثار بالعاصمة الإدارية الجديدة خلال الشهور القليلة المقبلة، يحكي تاريخ العواصم المصرية، خلال العصور المختلفة، بدءاً من عصور ما قبل التاريخ، وحتى العصر الحديث؛ بهدف تفسير سبب إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة لمصر.
ووقّعت وزارة الآثار المصرية، ومجموعة الماسة، في حفل أقيم مساء أول من أمس بفندق الماسة وسط القاهرة، بروتوكول تعاون لإنشاء متحف جديد بمدينة الفنون والثقافة بالعاصمة الإدارية الجديدة.
وقال الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، في كلمته خلال الحفل، إن «هذا البروتوكول جاء بعد موافقة مجلس إدارة المجلس الأعلى للآثار، ووفقاً لقانون حماية الآثار وتعديلاته؛ بهدف إقامة متحف للآثار بمدينة الفنون والثقافة بالعاصمة الإدارية الجديدة، يضم مجموعة مختلفة من القطع الأثرية التي تعكس ثراء تاريخ مصر الحضاري والثقافي»، مشيراً إلى أن «المتحف سيكون جاهزاً للافتتاح بعد شهور قليلة».
وأضاف وزيري، إن «المجلس الأعلى للآثار سيتولى الإدارة والإشراف الأثري على المتحف، كما سيقوم باختيار القطع الأثرية التي ستعرض به، إضافة إلى إعداد تصميم فتارين العرض، ووضع سيناريو العرض المتحفي، واتخاذ التدابير اللازمة كافة لتوفير الحراسة والتأمين الكامل للقطع الأثرية، بينما تتولى مدينة الفنون والثقافة مهمة تجهيز مبنى المتحف إنشائياً، والخدمات المختلفة كافة، من توفير نظم حديثة للإضاءة، والتأمين ضد مخاطر الحريق، والسرقة، والنظافة».
من جانبه، أوضح الدكتور خالد العناني، وزير الآثار المصري، في تصريحات صحافية على هامش الحفل، أن «البروتوكول ينص على إعارة وزارة الآثار مجموعة من القطع الأثرية لمتحف العاصمة الإدارية الجديدة لمدة 10 سنوات قابلة للتجديد، على أن تتقاسم الوزارة ومجموعة الماسة عائدات الزيارة».
وقال العناني، إن «هذه سياسة جديدة تنتهجها وزارة الآثار في ظل قلة الموارد التي تعوق إنشاء متاحف جديدة، حيث تدخل في شراكات مع جهات أخرى لديها الإمكانات الكافية لإنشاء مبانٍ متحفية، وتتولى الوزارة مسؤولية عرض وتأمين الآثار والحفاظ عليها».
ويقع متحف العاصمة الإدارية الجديدة على مساحة 8500 متر مربع، داخل مدينة الثقافة والفنون، ويتكون من طابقين، أرضي وأول، ويضم قاعة عرض رئيسية وقاعات عرض فرعية.
وقال وزيري، إن «متحف الآثار بمدينة الثقافة والفنون سيضم ألف قطعة أثرية، تحكي تاريخ مصر عبر العصور التاريخية المختلفة، ويزين مدخله المسلتان المصريتان اللتان تم إحضارهما من منطقة صان الحجر بالشرقية، كما سيضم مقبرة توتو المكتشفة حديثاً، والتي تم فكها ونقلها أخيراً من سوهاج إلى متحف العاصمة الإدارية».
وأوضح الدكتور محمود مبروك، مستشار سيناريو العرض المتحفي بوزارة الآثار، أن «هذا المتحف يوثق ولأول مرة تاريخ العواصم المصرية بداية من منف، ثم طيبة، والمنيا، مروراً بالإسكندرية خلال العصرين اليوناني والروماني، وصولاً إلى مدينة الفسطاط والقاهرة الفاطمية والقاهرة الخديوية، كما سيتم تخصيص فترينة لكل عاصمة من العواصم الإدارية، لتسليط الضوء على النواحي الإدارية بما في ذلك الأختام، والرسائل، والصادر والوارد، والتبادل التجاري قديماً، إلى جانب عرض الكثير من العملات التي توضح بداية ونهاية الحكم لكل فترة».
وقال مبروك لـ«الشرق الأوسط»، إن «لجنة سيناريو العرض المتحفي بوزارة الآثار، اختارت 9 عواصم من العشرين عاصمة تاريخية لمصر، لعرض تاريخهم داخل المتحف»، مشيراً إلى أن «هناك عواصم حكمت منها مصر لمدة 12 سنة، مثل تل العمارنة، وأخرى لمدة 970 سنة مثل القاهرة».
وأضاف مبروك، إن «المتحف سيتحدث عن مؤسس كل عاصمة، وفترة حكمها، وموقعها، وأسباب نقلها، والوظائف الإدارية المهمة بها، والتي لا تختلف عن الموجودة حالياً، إلا في أسماء شاغليها، بجانب أهم مبانيها الإدارية، وسيكون هناك ماكيت لكل عاصمة لتوضيح حجمها وامتدادها»، مشيراً إلى أنه «من خلال حكاية تاريخ العواصم المصرية وأسباب نقلها يتم شرح قصة وأسباب إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، فالأسباب واحدة على مدار التاريخ».
وأشارت الدكتورة نيفين نزار، معاون وزير الآثار لشؤون المتاحف، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «متحف العاصمة الإدارية سيركز على القاهرة باعتبارها العاصمة الأم المؤثرة في مصر والتي تضم داخل جنباتها مجموعة من المدن بدءاً من الفسطاط، ومروراً بالعسكر، والقطائع، وصولاً إلى القاهرة الفاطمية والخديوية، ثم العاصمة الإدارية الجديدة»، وقالت إن «المتحف سيوضح تاريخ العاصمة بالوثائق والقطع الأثرية، إضافة إلى استخدام الفيديو والوسائط المتعددة».
وتضم مدينة الثقافة والفنون بالعاصمة الإدارية الجديدة مبنى للأوبرا على مساحة 86 ألف متر مربع، وتتسع القاعة الرئيسية لمسرح الأوبرا الجديدة لعدد 2200 فرد، كما تضم المدينة مكتبة مركزية على مساحة 9 آلاف متر مربع، ومبنى بيت العود على مساحة 700 متر، ومباني للموسيقى والسينما والرسم والنحت، ومجموعة من المطاعم والخدمات لزوار مدينة الثقافة والفنون. وقال وليد سامي، مدير عام مجموعة الماسة، في كلمته خلال الحفل، إن «إنشاء مدينة الثقافة والفنون بالعاصمة الإدارية الجديدة، جاء بناءً على تكليف الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث بدأ إنشاء المدينة منذ أكثر من عام، وشارك في تنفيذ العمليات الإنشائية أكثر من 15 ألف عامل، كانوا يعملون على مدار الساعة»، مشيراً إلى أن «الجدول الزمني لإنشاء المدينة كان 7 سنوات، وتم ضغطه إلى عامين بناءً على توجيهات الرئيس».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».