محركات بحث لا تتعقب آثار المستخدمين

غوغل تتعرّض للمضايقة من منافسات مشاكسة تحمي الخصوصية

محركات بحث لا تتعقب آثار المستخدمين
TT

محركات بحث لا تتعقب آثار المستخدمين

محركات بحث لا تتعقب آثار المستخدمين

افتتح واينبرغ شركته «داك داك غو» DuckDuckGo قبل عشر سنوات لتوفير بديل أكثر خصوصية من محرّك غوغل للبحث. وبذلك، أصبحت شركته واحدة من أكبر منافسي غوغل.
لا تزال حصّة هذه الشركة في سوق محرّكات البحث ضئيلة، وتساوي نحو 1 في المائة مقارنة بـ85 في المائة لغوغل، بحسب مؤسسة «ستارت كاونتر». ولكنّ واينبرغ صرّح أنّ هذه النسبة ارتفعت ثلاثة أضعاف خلال السنتين الماضيتين، إذ تتعامل شركته اليوم مع 40 مليون بحثٍ يومياً، ونجحت في تحقيق الأرباح على مدار السنوات الخمس الماضية.

محرك الخصوصية
يعتبر واينبرغ (40 عاماً) واحداً من أكبر النقاد نشاطاً ضدّ عمالقة الإنترنت بدعواته المتكرّرة والمستمرّة لتبنّي تشريعات لحماية الخصوصية، وتحذيراته في أكثر من جلسة استماع ومقالات رأي في الصحف، من المشاكل التي قد تسببها الشركات الكبرى من خلال تعقّبها لكلّ نشاطاتنا الإلكترونية.
ومثلها مثل شركات البحث الأخرى، تعرض «داك داك غو» إعلانات ترويجية في أعلى كلّ صفحة بحث. ولكنها على العكس منها، لا تعمل على تعقّب سلوك مستخدميها الإلكتروني لشخصنة الإعلانات.
تصطدم «داك داك غو» دائماً بأعمال غوغل، ولكنّ الأمر بات أبعد من البحث. فقد كان على الشركة أن تتعامل مع حقيقة أنّ معظم الناس ليسوا مستعدّين للتخلّي عن الكثير من المزايا التي يحصلون عليها مقابل استرجاع خصوصيتهم، وهم ينهارون بسهولة عندما يقرّرون السير نحو التغيير، مما دفع واينبرغ للقول إنّ «التغيير ليس سهلاً كما نتمنّى».
تذكّر «داك داك غو» الأشخاص الذين يشعرون بالقلق حيال الخصوصية بأنّ استخدام الإنترنت وإنشاء المواقع لإجراء الأعمال الإلكترونية دون تسجيل كلّ خطوة يقوم بها المستخدمون هي أمور ممكنة، وتقدّم رؤية عن الشكل الذي ستصبح عليه الإنترنت في حال تمّ إجبار الشركات على تقليص الاعتماد على «اقتصاد المراقبة».
من جهتها، قالت جيني جيبهارت، باحثة في جمعية «إلكترونيك فرونتيير فاونديشن» غير الربحية التي تركّز عملها على الخصوصية والحقوق الإلكترونية: «تمثّل داك داك غو صورة مصغّرة لمستقبل تقف فيه الشركات إلى جانب المستخدمين مع استمرارها في تحقيق الأرباح. هم يواجهون الفرضية التي اعتادت مجتمعاتنا على قبولها وهي أنّ تسليم معلوماتنا الشخصية أمر طبيعي. ولكنّ داك داك غو أظهرت أنّ الحال يمكن أن يكون مختلفاً».

صدام مع «غوغل»
حتى اليوم، تجنّبت شركة غوغل أي مواجهات مع «داك داك غو». وفي العام الماضي، أضافت غوغل محرّك «داك» إلى لائحة تضمّ أربعة محرّكات بحث متوفرة لمستخدمي متصفّحها «كروم».
ولكن عملاق الإنترنت لم يتقبّل ادعاءات «داك داك غو» بأنّه يبيع معلومات مستخدميه الخاصة بصدر رحب. وبحسب المتحدّثة باسم غوغل لارا ليفن، فإنّ «البيانات التي تجمعها الشركة تزيد من فاعلية منتجاتها للمستخدمين بطرق كثيرة، كتحسين فهمهم للاستفسارات ومحاربة التهديدات كالرسائل غير المرغوبة والاحتيال. نحن نحافظ على سريّة وأمن هذه البيانات ونوفّر وسائل للتحكّم تتيح للمستخدمين تحديد خياراتهم الخاصّة».
أنشأ واينبرغ موقع «داك داك غو» عام 2008 أثناء ملازمته للمنزل للاهتمام بأولاده وبعد فشله في إنجاح شركتين ناشئتين قبلها. وفي البداية، صمم نسختين من المتصفّح لم تركّزا على الخصوصية على الإطلاق. وعندما ذهب في هذا الاتجاه، لم يُثر إلا اهتمام عدد قليل جداً من المدافعين عن الخصوصية.
ولكن بعد أنّ كشف إدوارد سنودن، المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي في الولايات المتحدة، عن قيام الحكومة الأميركية بمراقبة واسعة النطاق على الإنترنت، أصبحت الخصوصية مطلباً استهلاكياً، وأخذ عمل واينبرغ بالنمو.

تصفح آمن
«داك داك غو» ليست الشركة الناشئة الوحيدة التي تحاول تحويل مخاوف الخصوصية إلى رأس مال لها. فقد ظهرت أيضاً شركة «بروتون تكنولوجيز» Proton Technologies السويسرية التي تسعى إلى تطوير خدمة بريد إلكتروني تحلّ محلّ «جي ميل». كما أن متصفّحي «فايرفوكس» Firefox و«بريف» Brave يعتنيان بموضوع الخصوصية أكثر من «كروم». كما أصبح بإمكان مستخدمي «غوغل مابس» استبداله من خلال تطبيق «أوبن ستريت ماب» OpenStreetMap.
من ناحية التصميم، يبدو متصفح «داك داك غو» شبيهاً بمتصفح غوغل، ولكن مع استبدال حرف «G» برأس بطّة كرتوني يحمل اسم «داكس». عندما تطبعون في مربعّ البحث سؤالاً ما، سترون لائحة من الروابط التي تشبه لوائح غوغل مع تعريفات من موقع «ويكيبيديا» في الأعلى وخرائط مموّلة في إطار شراكة مع آبل.
وكشف واينبرغ أنّ الموقع صُمم ليعطي الناس انطباعاً وكأنهم يستخدمون غوغل، لتسهيل عملية الانتقال للمستخدمين الجدد. صحيح أنّ متصفّح «داك داك غو» لا يحتفظ بالبيانات الخاصة بمستخدميه ولكنّه قادر على سحب الموقع الجغرافي من كلّ استفسار وتقديم نتائج محليّة لأمور كالمطاعم والأخبار. وأضاف: «لا نعتقد أنّ الخصوصية تمنع نتائج البحث الجيّدة عن أي كان».

حجب التعقّب
تعمل شركة «داك داك غو» أيضاً على التصدّي لحقيقة صعبة أخرى في العالم الإلكتروني وهي أنّكم في حال استعنتم بمتصفحها عبر محرّك «كروم» مثلاً، تبقى غوغل قادرة على تسجيل معلومات بحثكم.
ترى ليز كول، رئيسة قسم التغيير الرقمي في مجموعة «كونسيومرز إنترناشيونال» المعنية بالدفاع عن حقوق المستهلك، أنّ «الأمر قد يبدو عقيماً بعض الشيء بالنسبة للأفراد، ولكن من الصعب جداً أن تعزلوا محرّك بحثكم عن كلّ الأمور التي تقومون بها عبر الشبكة».
تعمل «داك داك غو» حالياً على التوسع إلى ما بعد محرّك البحث، وتخطّط لطرح منتج ثانٍ هو عبارة عن برنامج مساعد يمكن إضافته على أي متصفّح لحجب المتعقّبين الخفيين من غوغل وغيرها من الشركات بينما يزوّد مستخدميه بالخصوصية والأمن في كلّ موقع.
يساهم هذا البرنامج المساعد في إضعاف الموقع الأساسي في غوغل، لأنّه وبحسب «داك داك غو»، فإنّ الأخيرة تتعقّب المستخدمين في جميع أنحاء الشبكة وتبقي تسجيلات دائمة لنشاطاتهم، يمكن للقراصنة أو الحكومات أن يستغلّوها.
من جهتها، أكّدت شركة غوغل أنّها تقدّم لمستخدميها إعدادات كثيرة تخلّصهم من جمع البيانات، ولكنّ معظم المستخدمين لا يلجأون إليها لأن جمع البيانات يحسّن الخدمات الإلكترونية ولا يؤدي إلى مشاكل جمّة، على الأقلّ مع غوغل.
وقال واينبرغ إنّ صعوبة تفسير ما تقوم به غوغل تشكّل إشارة على أهمية بناء بدائل لا تجمع البيانات وتحتفظ بها، لافتاً إلى أنّ «هذه الشركات تدّعي عدم إمكانية تحقيق الأرباح دون تعقّب مستخدميها. أمّا بالنسبة لنا، فإنّ وجودنا وتوسّعنا وخدمتنا لزبائننا تؤكّد مجتمعة على أنّ هذا الأمر ممكن».
-خدمة {نيويورك تايمز}



باحثون يختبرون نموذج ذكاء اصطناعي يتلقى أسئلة دينية في سويسرا

فهم طريقة عمل الذكاء الاصطناعي أمر مهم لكنه ليس المهارة الوحيدة اللازمة للنجاح في العمل (رويترز)
فهم طريقة عمل الذكاء الاصطناعي أمر مهم لكنه ليس المهارة الوحيدة اللازمة للنجاح في العمل (رويترز)
TT

باحثون يختبرون نموذج ذكاء اصطناعي يتلقى أسئلة دينية في سويسرا

فهم طريقة عمل الذكاء الاصطناعي أمر مهم لكنه ليس المهارة الوحيدة اللازمة للنجاح في العمل (رويترز)
فهم طريقة عمل الذكاء الاصطناعي أمر مهم لكنه ليس المهارة الوحيدة اللازمة للنجاح في العمل (رويترز)

أصدر باحثون وقادة دينيون، الأربعاء، نتائج تجربة استمرت شهرين في كنيسة كاثوليكية في سويسرا، حيث كان هناك صورة لـ«يسوع» على شاشة كمبيوتر تتلقى أسئلة الزوار حول الإيمان والأخلاق والمشاكل المعاصرة، وتقدم ردوداً مستندة إلى الكتاب المقدس.

وقال عالم لاهوت في الكنيسة، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، إن الفكرة كانت للاعتراف بأهمية الذكاء الاصطناعي المتزايدة في حياة البشر، حتى عندما يتعلق الأمر بالدين، واستكشاف حدود ثقة الإنسان في الآلة.

وبعد انتهاء عرض «الإله في الآلة» في كنيسة بطرس الذي بدأ في أواخر أغسطس (آب)، تم تفريغ نحو 900 محادثة من الزوار بشكل مجهّل.

وقال القائمون على المشروع إنه كان ناجحاً إلى حد كبير، مؤكدين: «غالباً ما خرج الزوار متأثرين أو يفكرون بشكل عميق، ووجدوا أن نموذج الذكاء الاصطناعي سهل الاستخدام».

وشجعت لافتة صغيرة الزوار على الدخول والاعتراف، وأضاء ضوء أخضر للإشارة إلى دور الزائر في التحدث، وأضاء ضوء أحمر عندما كان الذكاء الاصطناعي على الشاشة الأخرى يرد.

وغالباً ما كان يمر بعض الوقت قبل الحصول على الرد، وهو دليل على التعقيدات التقنية. بعد الخروج، ملأ نحو 300 زائر استبيانات ساهمت في التقرير الذي تم إصداره يوم الأربعاء.

وقال فيليب هاسلباور، متخصص تكنولوجيا المعلومات في جامعة «لوسيرن» للعلوم التطبيقية والفنون الذي عمل على الجانب التقني للمشروع، إن الذكاء الاصطناعي المسؤول عن أداء دور «يسوع» وتوليد الردود كان «تشات جي بي تي 4 أو»، واستخدمت نسخة مفتوحة المصدر من تطبيق «ويسبر» للتعرف على الكلام.

وأضاف هاسلباور: «استخدمنا تطبيقاً توليدياً للفيديو بالذكاء الاصطناعي من شركة (هايجين) لإنتاج الصوت والفيديو من شخص حقيقي».

وتراوحت أسئلة الزوار حول العديد من المواضيع، بما في ذلك الحب والحياة بعد الموت ومشاعر الوحدة والحرب والمعاناة في العالم، بالإضافة إلى قضايا شائكة مثل حالات الاعتداء الجنسي في الكنيسة الكاثوليكية وموقفها من المثلية الجنسية.

وكان نحو ثلث الزوار يتحدثون الألمانية، لكن تطبيق الذكاء الاصطناعي الذي يتحدث نحو 100 لغة، أجرى محادثات بلغات مثل الصينية والإنجليزية والفرنسية والمجرية والإيطالية والروسية والإسبانية.

وقال ماركو شميت، عالم اللاهوت في الكنيسة الذي قاد المشروع: «بالنسبة للناس كان واضحاً أنه كمبيوتر، كان واضحاً أنه لم يكن اعترافاً دينياً»، وأضاف: «لم يكن مبرمجاً لمنح الغفران أو قيادة الصلوات. في النهاية، كانت مجرد محادثة».

وتعمل بوتات الدردشة مثل «تشات جي بي تي» بواسطة نماذج خوارزمية تم تدريبها على مجموعات ضخمة من النصوص وبيانات أخرى لمحاكاة الكلام وتوليد ردود تبدو فريدة وإنسانية.

وقال هاسلباور: «إذا قرأت التعليقات على الإنترنت حول المشروع، فبعضها سلبي جداً، وهو أمر مخيف».

وقال كينيث كوكير، صحافي ومؤلف وخبير في مجموعة غير ربحية مقرها الولايات المتحدة تُدعى «الذكاء الاصطناعي والإيمان»، إنه إذا ساعد تطبيق الذكاء الاصطناعي الناس على الاتصال بشكل أعمق بأنفسهم والعالم، فإنه يجب أن يكون شيئاً جيداً.

وأعرب كوكير عن قلقه من أن الاعتماد على هذه التكنولوجيا قد يبعد الأفراد عن أكثر التجارب الروحية عمقاً.