رحلة السودان من «قرش الكرامة» إلى «دولار الكرامة»

حملة بقيادة حمدوك لدعم الاقتصاد «بعيداً عن وصفات صندوق النقد»

TT

رحلة السودان من «قرش الكرامة» إلى «دولار الكرامة»

لقي وسم (هاشتاغ) أطلقه رئيس الوزراء السوداني الجديد عبد الله حمدوك لدعم اقتصاد البلاد، تحت اسم «نعم لدولار الكرامة، ولا للاستدانة»، تجاوباً جماهيرياً واسعاً في مواقع التواصل الاجتماعي التي ضجت بمقترحات ومداخلات مؤيدة للمبادرة، أعلنها سودانيو المهاجر للمرة الأولى دعماً لاقتصاد البلاد.
وتفاعل رواد التواصل الاجتماعي مع تصريحات رئيس الوزراء الانتقالي التي أطلقها في أول مقابلة تلفزيونية له بثتها القنوات التلفزيونية السودانية مطلع الأسبوع الحالي، وألحقها باقتراحه «الإلكتروني» عن دولار الكرامة لدعم الاقتصاد السوداني خلال الفترة الانتقالية.
وأعلن حمدوك أن بلاده ستعتمد في المستقبل على كوادرها الوطنية ومواردها الذاتية في إصلاحاتها الاقتصادية، دون الاعتماد على «وصفات صندوق النقد الدولي» التي يصرفها عادة للدول النامية، وأبرزها تعويم قيمة العملة الوطنية، ورفع الدعم عن السلع الأساسية.
ومر السودان خلال الأشهر الثمانية الماضية بأحداث سياسية صاخبة بسبب الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها البلاد نتيجة تفشي الفساد منذ أعوام كثيرة، أفضت إلى قيام حكومة مدنية انتقالية يرأسها حمدوك، وهو خبير اقتصادي عالمي، خصوصاً في الدول الأفريقية، حيث يعتبر أول من رسم سياسية لبنك التنمية الأفريقي حول الحوكمة في الشأن الاقتصادي.
وقال حمدوك، في الحوار، إن السودان عضو في صندوق النقد والبنك الدوليين، ويحتاج للتعامل معهما، إلا أنه قادر على فهم حاجته الاقتصادية في الوقت الراهن. وأشار إلى أن المرحلة الحالية في معالجة اقتصاد البلاد تتطلب التسلح بالعلم للوصول لوصفة لمعالجة القضايا وتحديد الأولويات، لكنه يرحب بالأصدقاء وفق رؤيتهم، موضحاً أن هاتين المؤسستين تتفهمان أهمية السودان في السلام الإقليمي في المنطقة.
وأشار حمدوك لتجارب عالمية، مثل ماليزيا وإثيوبيا، في مقدرتهما على التعامل بحكمة واقتدار مع مؤسسات مهمة كصندوق النقد والبنك الدوليين، ولكن وفق ما يتناسب مع واقع اقتصادهما.
وأعلن حمدوك، في المقابلة، أن السودان بحاجة إلى 8 مليارات دولار من المساعدات الأجنبية العامين المقبلين، لتغطية الواردات، وللمساعدة على إعادة بناء الاقتصاد الذي يواجه اضطرابات مدوية منذ أشهر.
وتلقف النشطاء والمهاجرون دعوة الرجل الذي يأمل السودانيون أن يعيد بلادهم إلى منصة الانطلاق، وأطلقوا مبادرة «دولار الكرامة» لتوفير 8 مليارات دولار لإنعاش الاقتصاد، وأعادوا للأذهان ذكرى حملة «قرش الكرامة» التي أطلقت في عهد الرئيس الأسبق جعفر النميري، لسداد قروض قدمها العقيد معمر القذافي للسودان، إثر رفض الرئاسة السودانية تنفيذ طلب ليبي اعتبرته ماساً بسيادة البلاد، فطلب القذافي إعادة مبلغ القرض له على الفور، فأطلق النميري الحملة، وجمع السودانيون مبلغ القرض، وسلموه لعقيد ليبيا.
وطلب سودانيو المهاجر من رئيس الوزراء فتح حساب خاص بالمغتربين، لإيداع مساهماتهم بالدولار، لتوفير المبلغ المطلوب، حتى لا تضطر حكومته لطلب مساعدات خارجية.
ودعا حمدوك المغتربين والمهاجرين لإيداع مبلغ 500 دولار مستردة من دون فوائد، لتوفير مبلغ الثمانية مليار دولار، ونشطت منصات التواصل الاجتماعي في حث أبناء السودان على الاستجابة للنداء، وأعلن كثيرون عزمهم إيداع أكثر من 500 دولار.
وحولت مبادرة «دولار الكرامة» منصات التواصل الاجتماعي إلى «مباراة» بين مغتربي البلدان المختلفة الذين أبدوا استعدادهم لدعم اقتصاد البلاد.
وفيما رحب الخبير المصرفي طه حسين في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بالمبادرة، باعتبارها تصب في مصلحة اقتصاد البلاد، وأضاف لها دعوته لوقف التعامل مع السوق الموازية، فإن المغردين واصلوا الدفع بحزم جديدة من المقترحات لدعم الاقتصاد، وقالوا إنهم قادرون على دعم دولتهم وثورتهم الشعبية، وحمايتها من الاستدانة والاعتماد على الهبات أو القروض.
كما أطلق ناشطون سودانيون في الخارج «حملة 100 دولار» دعماً لاقتصاد البلاد، بالتزامن مع قرار البنك المركزي تجميد حسابات الوحدات الحكومية والدستورية والتشريعية التي تم حلها بموجب قرارات المجلس العسكري الانتقالي السابق.
ويرى الخبراء أن السودان بحاجة إلى أجندة حقيقية يستغل بها مواردة بالشكل الأمثل، وتحقيق تنمية صناعية مرتبطة بالزراعة، ومحاربة الفساد، وحل مشكلة الديون، وطرح برنامج تغيير من الدرجة الأولى، قبل اعتماد المساعدات التي ينبغي ألا توجه للإنفاق على الواردات.
وتسعى الحكومة الانتقالية لإحداث تغييرات سريعة تحسن الأوضاع المعيشية، وتصلح الخدمة المدنية، وتضع الأسس لبناء اقتصاد وطني يقوم على الإنتاج، وليس الهبات والمعونات والقروض، كما أكد ذلك رئيس الوزراء، يبدأ بمحاربة الفساد، وبناء دولة القانون والشفافية والعدالة، وهي شعارات ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018.
ويعاني السودانيون من ارتفاع في تكاليف المعيشة. وأشارت إحصاءات محلية إلى أن نسبة الزيادة في أسعار عدد من السلع الأساسية تجاوزت 200 في المائة خلال العامين الماضيين، مع ندرة في بعض السلع.
ووفق تقرير حديث صادر عن الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس، فإن السودان يستورد نحو 4 آلاف سلعة من دول العالم، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير، مع تهاوي قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية.
وارتفعت معدلات التضخم 52.5 في المائة في يوليو (تموز) الماضي، مقارنة بنحو 47.78 في المائة في يونيو (حزيران)، حسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء، بينما كانت 44.95 في المائة في مايو (أيار) الماضي.



إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».