خرقت طائرتان مسيرتان إسرائيليتان الضاحية الجنوبية لبيروت، في «عملية أمنية نوعية» بالطائرات المسيّرة غير معهودة منذ 13 عاماً، سقطت الأولى في ظروف غامضة، وانفجرت الأخرى قرب مكتب العلاقات الإعلامية لـ«حزب الله»، بعد ساعات قليلة على إقرار إسرائيل بتنفيذ ضربات في جنوب دمشق، أسفرت عن مقتل عنصرين من «حزب الله».
وسقطت طائرتا الاستطلاع الإسرائيليتان فجر الأحد جنوب بيروت، وألحقت واحدة منها بعد انفجارها أضراراً بالمركز الإعلامي للحزب. وذكر الجيش اللبناني في بيان أمس، أنه «أثناء خرق طائرتي استطلاع تابعتين للعدو الإسرائيلي الأجواء اللبنانية (...)، سقطت الأولى أرضاً، وانفجرت الثانية في الأجواء، متسببة بأضرار اقتصرت على الماديات».
وطوّقت وحدات الجيش مكان سقوط الطائرتين، بينما «تولت الشرطة العسكرية التحقيق بالحادث، بإشراف القضاء المختص»، وفق الجيش.
وأفيد بسقوط ثلاثة جرحى أصيبوا جراء الزجاج المتطاير من النوافذ، بينما قال المسؤول الإعلامي في «حزب الله» محمد عفيف، في تصريح للوكالة الوطنية للإعلام، الرسمية اللبنانية، إن «الطائرة الثانية كانت مفخخة، وانفجرت وتسببت بأضرار جسيمة في مبنى المركز الإعلامي». ووصف ما حصل بـ«الانفجار الحقيقي». وأكد أن «الحزب لم يسقط أي طائرة»، موضحاً أن «طائرة الاستطلاع الأولى التي لم تنفجر هي الآن في عهدة الحزب الذي يعمل على تحليل خلفيات تسييرها، والمهمات التي حاولت تنفيذها».
وأكد مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس، من موقع سقوط الطائرتين في الضاحية الجنوبية: «هذه الحادثة تختلف التحقيقات فيها عن الجرائم التي تقع عادة على الأرض، والجيش هو من يقوم بهذه المهمة. لا علاقة لي بالموقف اللبناني؛ لكننا لم نلاحظ أبداً أن العدو الإسرائيلي توقف عن العمل من الداخل اللبناني، وهذه حلقة من الأعمال التي يقوم بها عادة». وعما إذا كانوا سيكشفون على الطائرة الأولى التي وضع «حزب الله» يده عليها، قال: «نحن الدولة، ونحن من سيكشف على كل شيء».
واعتبر وزير الدفاع الوطني إلياس بوصعب، أن «هذا الخرق للقرار 1701 هو الأخطر منذ عام 2006؛ كونه مس بأمن المدنيين، وشكل خطراً على الملاحة الجوية»، داعياً المجتمع الدولي «إلى عدم السكوت عن هذه السابقة الخطرة التي لا تشكل انتهاكاً لسيادة لبنان فحسب؛ بل للقرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي أيضاً».
وقالت مصادر سياسية لبنانية واسعة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط»، إن ما حدث هو «عملية أمنية نوعية» تنفذها إسرائيل بالطائرات المسيّرة في الداخل اللبناني للمرة الأولى منذ حرب يوليو (تموز)، وربطتها بالقصف الإسرائيلي الذي وقع في سوريا، مشيرة إلى أن ما حصل هو «تغيير في قواعد الاشتباك»، في إشارة إلى أن إسرائيل تنقل المعركة إلى الداخل اللبناني، في تعديل لقواعد الاشتباك المعمول بها مع «حزب الله» لجهة قصف أهداف للحزب في الداخل السوري، وتحييد الساحة اللبنانية.
ولطالما استخدمت إسرائيل الطائرات المسيرة لتتبع أجهزة التنصت التي كانت تزرعها في الداخل اللبناني، أو قصف طائرات مسيرة لها كانت تسقط بسبب أخطاء في الداخل اللبناني، منعاً للاستحواذ عليها من قبل الجيش اللبناني أو «حزب الله»؛ لكن هذه هي المرة الأولى التي ترسل فيها إسرائيل طائرة مفخخة إلى الضاحية الجنوبية، وتنفجر قرب مقر لـ«حزب الله».
وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن الطائرتين هما من نوع الطائرات القصيرة المدى التي تنفذ رحلة واحدة (One way)، وهي صغيرة الحجم ومتطورة، مشيرة إلى أن «بنك أهداف الطائرة موجود في إسرائيل، الجهة التي تتحكم بها، ومن الصعوبة الحصول على معلومات عن بنك الأهداف»، لافتة في الوقت نفسه إلى أن أسئلة كثيرة تُطرح عن هدفها، وما إذا كانت الأولى بهدف تصوير الأهداف أو تنفيذ عملية أمنية، بينما تم التأكد من أن الثانية تحمل متفجرات وجرى تفجيرها.
ولفتت المصادر إلى أن خللاً أكيداً حصل في الطائرة الأولى أدى إلى سقوطها، ولا يعرف ما إذا كان خللاً ذاتياً أو أن أحداً أسقطها عبر قرصنة أنظمة التوجيه الإلكترونية الخاصة بها. ولم يُعرف ما إذا كانت الطائرة الأولى تحمل متفجرات أم لا، بانتظار التحقيقات، رغم أن الحزب جمع الأدلة بنفسه قبل وصول الأجهزة الأمنية الرسمية إلى موقع الانفجار وموقع سقوط الطائرة الأولى التي استحوذ عليها.
وتوقفت المصادر السياسية عند إصرار «حزب الله» على نفي مسؤوليته عن إسقاط الطائرة، معتبرة أن هذا النفي «يعطيه الحافز لتأكيد أنه تعرض لعدوان، وإسرائيل خرقت قواعد الاشتباك بشكل علني». وأشارت المصادر إلى أن الخروقات السابقة للقرار 1701 كانت جوية وبحرية وبرية؛ لكنها المرة الأولى التي يشهد فيها لبنان عملية أمنية إسرائيلية في ظل صمت تل أبيب عنها.
وتلت العملية تطورات أمنية أخرى، تمثلت في تسيير طائرات استطلاع إسرائيلية فوق الضاحية، وتحليق طائرات حربية على علو منخفض في الجنوب.
وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية، بتحليق طائرات استطلاع إسرائيلية فوق الضاحية صباح أمس، بينما شهدت أجواء العاصمة بيروت تحليقاً كثيفاً للطيران الإسرائيلي على علو منخفض، كذلك فوق صيدا. وتحدثت الوكالة الرسمية اللبنانية عن تكثيف الجيش الإسرائيلي من حركة دورياته المدرعة والراجلة على طول الخط الحدودي، الممتد من مرتفعات الوزاني وحتى مرتفعات شبعا وكفرشوبا المحتلة في جنوب لبنان على طول الحدود. وشوهدت آليات نوع «هامر» في محور العباسية وعند الطرف الشرقي لبلدة الغجر المحتلة. كما لوحظت حركة دوريات غير عادية عند بركة النقار وجبل سدانة في ظل تحليق مكثف لطائرات استطلاع دون طيار في أجواء قرى العرقوب وفوق مرتفعات جبل الشيخ.
إسرائيل تخرق «قواعد الاشتباك» مع «حزب الله» بـ«عملية نوعية» قرب بيروت
سقوط طائرة مسيّرة وانفجار أخرى في الضاحية الجنوبية
إسرائيل تخرق «قواعد الاشتباك» مع «حزب الله» بـ«عملية نوعية» قرب بيروت
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة