المعارضة الجزائرية تطلق «حواراً موازياً» لحل الأزمة

في ظل رفض الجيش إقالة الحكومة والإفراج عن سجناء الرأي

مظاهرة للطلاب نظمت الثلاثاء الماضي في العاصمة الجزائرية تشدد على إبعاد رموز النظام السابق خلال المرحلة الانتقالية (رويترز)
مظاهرة للطلاب نظمت الثلاثاء الماضي في العاصمة الجزائرية تشدد على إبعاد رموز النظام السابق خلال المرحلة الانتقالية (رويترز)
TT

المعارضة الجزائرية تطلق «حواراً موازياً» لحل الأزمة

مظاهرة للطلاب نظمت الثلاثاء الماضي في العاصمة الجزائرية تشدد على إبعاد رموز النظام السابق خلال المرحلة الانتقالية (رويترز)
مظاهرة للطلاب نظمت الثلاثاء الماضي في العاصمة الجزائرية تشدد على إبعاد رموز النظام السابق خلال المرحلة الانتقالية (رويترز)

عرف «مسار الحوار»، الجاري في الجزائر منذ قرابة شهر، تطوراً لافتاً تمثل في عقد عدد من الأحزاب والنقابات المناوئة للسلطة «لقاء تشاورياً» بهدف عرقلة خطط السلطة لتنفيذ أجندتها بخصوص حل الأزمة السياسية في البلاد.
وعقد «اللقاء التشاوري للمجتمع المدني» أول اجتماع له أول من أمس بالعاصمة، وبدا من خلال أسماء المشاركين فيه، أن المسعى هو إطلاق بديل لـ«هيئة الوساطة والحوار» المحسوبة على السلطات الانتقالية في البلاد. وشارك في «اللقاء»، المعارض الإسلامي عبد الله جاب الله، وجيلالي سفيان وعبد الرزاق مقري، اللذان يقودان حزبين معارضين للنظام، إضافة إلى نقابة الأطباء وتنظيمات أخرى بالمجتمع، عرفت بشدة خصومتها للسلطة.
وقالت مصادر من المعارضة لـ«الشرق الأوسط»، إن الهدف من الاجتماع هو «التأكيد على أن مسعى الحوار الذي أطلقته الهيئة المقربة من السلطة، مرفوض لأن أصحابه لا يسعون إلى تحقيق مطالب الحراك، بقدر ما يهمهم إرضاء الحكام الجدد»، في إشارة إلى قائد أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح الذي بات الحاكم الفعلي والذي صرَح منذ أسبوعين، أن الشروط التي طرحتها الهيئة مقابل البدء في الحوار، اتخذت شكل إملاءات، وبالتالي فهي مرفوضة، حسبه. وكان هذا الموقف سبباً في استقالة أعضاء من «الهيئة»، أبرزهم الخبير الاقتصادي إسماعيل لالماص.
ويريد أصحاب المبادرة الجديدة إضعاف مسعى «الهيئة» وضرب مصداقيتها لدى آلاف المتظاهرين. وهم يرون بذلك أنهم سيفشلون خطة السلطة في إضعاف الحراك. والتحق بـ«الهيئة» أشخاص كانوا حتى وقت قريب من أشد الموالين للرئيس السابق بوتفليقة، الذي ثار ضده الشارع بسبب رغبته في تمديد حكمه وبسبب فساد محيطه المباشر، وبخاصة شقيقه وكبير مستشاريه المسجون منذ 4 أشهر.
وصرَح رئيس «هيئة الوساطة والحوار» كريم يونس، أنه رفع إلى الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح، يوم الرابع من الشهر الجاري، مطالب لا يمكن دونها إجراء حوار ينهي الأزمة الحالية، حسبه. وأهم المطالب، إطلاق سراح سجناء الرأي ورفع المضايقات الأمنية عن المظاهرات التي تجري كل يومي ثلاثاء وجمعة، ورحيل حكومة رئيس الوزراء نور الدين بدوي بذريعة أنها «غير شرعية»، ووقف الضغوط على وسائل الإعلام من طرف وزارة الدفاع، بغرض منعها من تغطية أطوار الحراك ومنع نقل خطاب المعارضة.
وبعد فترة قصيرة، ظهر أن يونس وأعضاء «هيئته» تخلّوا عن هذه المطالب، بدليل أنهم بدأوا «الحوار» مع أحزاب وتنظيمات وناشطين بالحراك بينما كانوا يرفضون الانطلاق في المشاورات قبل أن تحقق السلطة الحد الأدنى من الشروط. وتشكل انطباع عام لدى الجزائريين، بأن يونس، وهو رئيس برلمان ووزير سابق، عاجز عن فرض أي شيء على السلطة الحالية، وأنه على عكس من ذلك بصدد مساعدتها على تنفيذ أجندتها المتمثلة في تنظيم انتخابات رئاسية في أقرب وقت، وهو ما يرفضه المتظاهرون بحدة. ويريد قائد الجيش تنظيم انتخابات رئاسية قبل نهاية العام الحالي، علما بأن ولاية الرئيس المؤقت انتهت في 9 يوليو (تموز) الماضي (3 أشهر)، وتم التجديد له من طرف المحكمة الدستورية، في خرق واضح للدستور.
وعرض يونس أمس على رئيس «حركة البناء الوطني» (حزب إسلامي)، عبد القادر بن قرينة (وزير السياحة سابقا)، خطة الحوار، وذلك خلال لقاء في العاصمة. وتوسع الحديث بينهما إلى مصير الآلاف من العاملين في شركات رجال الأعمال، الذين سجنتهم السلطات الجديدة بتهم فساد، وبسبب ارتباطهم الشديد بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. وتعهدت الحكومة بإنقاذ مناصب الشغل بهذه الشركات المهددة بالإفلاس بسبب غياب مالكيها عنها. ومن أبرز رجال الأعمال المعتقلين، علي حداد والإخوة كونيناف ومحيي الدين طحكوت.



انقلابيو اليمن يجرّفون التعليم العالي لمضاعفة الموارد المالية

كثير من أكاديميي وإداريي جامعة إب نزحوا هرباً من بطش الحوثيين (إكس)
كثير من أكاديميي وإداريي جامعة إب نزحوا هرباً من بطش الحوثيين (إكس)
TT

انقلابيو اليمن يجرّفون التعليم العالي لمضاعفة الموارد المالية

كثير من أكاديميي وإداريي جامعة إب نزحوا هرباً من بطش الحوثيين (إكس)
كثير من أكاديميي وإداريي جامعة إب نزحوا هرباً من بطش الحوثيين (إكس)

أغلقت الجماعة الحوثية أقساماً دراسية بجامعة صنعاء، بحجة عدم الحصول على أرباح منها، بالتزامن مع إقدامها على فصل أساتذة وأكاديميين وإداريين في جامعة إب ممن نزحوا من المحافظة الواقعة على بُعد 193 كيلومتراً جنوب صنعاء هرباً من الملاحقة والتنكيل.

ووجّه القيادي الحوثي نصر الحجيلي الذي عيّنته الجماعة رئيساً لجامعة إب، عمداء الكليات والمراكز برفع أسماء وبيانات «جميع المنقطعين وغير الموجودين على رأس أعمالهم من أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم»، تمهيداً لإسقاطهم من كشوفات الرواتب.

وأشار الحجيلي في توجيهاته إلى أن هذا الإجراء يأتي بناء على تعميم من قطاع الخدمة المدنية الذي تسيطر عليه الجماعة بشأن «تنظيف كشوفات الرواتب من جميع المنقطعين والمزدوجين وغيرها من الاختلالات الوظيفية».

كثير من أكاديميي وإداريي جامعة إب نزحوا هرباً من بطش الحوثيين (إكس)

وكانت الجماعة قد اعتمدت خطة لصرف نصف راتب للموظفين العموميين في مناطق سيطرتها، ضمن ما أطلقت عليه «مشروع قانون الآلية الاستثنائية لصرف رواتب الموظفين»، والتي تهدف إلى إزاحة الآلاف من الموظفين بإحالتهم إلى التقاعد أو الاستغناء عنهم، واستبدال أتباع الجماعة الذين جرى تعيينهم بقرارات من قياداتها بهم.

ورأت المصادر أن المشروع الذي يقوم على أساس أخذ أموال المؤسسات الإيرادية والصناديق يُثير المخاوف؛ لأنه قد يؤدي إلى انهيار هذه الجهات، خصوصاً أن المشروع ينص على أن الحكومة التي لا يعترف بها أحد، غير ملزمة بإعادة تلك الأموال.

هيكلة جامعة صنعاء

أغلقت الجماعة الحوثية أقسام اللغة الفرنسية، واللغة العربية، والتاريخ، والعلاقات الدولية، والجغرافيا، والفلسفة، والآثار والسياحة، والمكتبات، وعلم المعلومات، في جامعة صنعاء، كبرى الجامعات اليمنية، بسبب ضعف إيراداتها؛ لقلة عدد الطلاب الدراسين فيها وتراجع الإقبال عليها، في حين فصلت قسمَيْن من كلية الطب في مساعٍ لإنشاء كلية جديدة مستقلة.

بوابة جامعة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين (إكس)

وذكرت مصادر أكاديمية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية حاولت خلال السنوات الماضية رفع رسوم بعض هذه الأقسام، إلا أن النتيجة كانت تراجع الإقبال عليها، بسبب مخاوف الطلاب وعائلاتهم من إنفاق مبالغ كبيرة على الدراسة فيها مع تراجع سوق العمل وغيابها التي تستوعب مخرجاتها نتيجة ممارسات الجماعة الحوثية منذ انقلابها.

وبيّنت المصادر أن الجماعة نفسها، وبعد أن لاحظت تراجع الإقبال على هذه الأقسام، لجأت إلى تشجيع الطلاب على التوجه إلى أقسام أخرى، في مساعٍ منها لتوفير القاعات الدراسية والتكلفة المالية لهذه الأقسام، واستغلالها لصالح الأقسام والتخصصات الأخرى ذات الإقبال العالي.

وأصدر القيادي الحوثي القاسم محمد عباس، المعين رئيساً لجامعة صنعاء، قراراً بفصل قسمَي المختبرات الطبية والتمريض العالي عن كلية الطب والعلوم الصحية، في إجراء تقول المصادر إن الغرض منه مساعي الجماعة لإنشاء كلية جديدة مستقلة باسم العلوم الصحية لتحقيق المزيد من الإيرادات، وذلك بسبب تراجع الإقبال على القسمين.

طالبات في جامعة صنعاء (غيتي)

وترى المصادر أن عباس يهدف إلى عزل القسمَيْن بعيداً عن كلية الطب والعلوم الصحية، نتيجة تراجع الموارد التي يجري تحصيلها منهما، ومن خلال هذا الإجراء سيسعى إلى إعادة تسويقهما في كلية منفصلة، ليتمكن من تحويلها إلى جهة إيرادية.

ورفض أعضاء هيئة التدريس في القسمَيْن القرار، وعدّوه تعبيراً عن سياسة ارتجالية وتوجهات شخصية تؤثر في استمرار العملية الأكاديمية ومصلحة الكلية والطلاب.

وفي بيان صادر عنهم، أشار أعضاء هيئة التدريس في القسمَيْن إلى إيقاف عباس الميزانية التشغيلية لهما، والمستحقات المالية للموظفين والأكاديميين، ورفض تطوير مناهجهما ومقرراتهما الدراسية بشكل تعسفي.

الحوثيون يتحكّمون بكل مفاصل التعليم العالي في مناطق سيطرتهم (إعلام حوثي)

وطبقاً للمصادر، فإن الجماعة وجدت أنه بالإمكان رفع الرسوم الدراسية على الأقسام والتخصصات ذات الإقبال العالي، فعمدت إلى استغلال ذلك للحصول على موارد مالية كبيرة.

وتتوقع المصادر أن تقدم الجماعة الحوثية خلال الفترة المقبلة على زيادة الرسوم المقررة على التعليم الموازي في الجامعة، بالتزامن مع إجراءات لتوجيه المتقدمين للدراسة في الجامعة؛ للانضمام إلى تخصصات محددة، بهدف إغلاق المزيد من الأقسام وتقليل الإنفاق مقابل زيادة الإيرادات من الأقسام ذات الإقبال العالي.