في الوقت الذي فشلت فيه سلطات الأمن الإسرائيلية في إلقاء القبض على منفذي عملية التفجير التي نفذت في مستوطنة دوليف، غربي رام الله، يوم الجمعة الماضي، وأسفرت عن مقتل مجندة وإصابة اثنين بجروح، رجحت مصادر استخبارية في تل أبيب، أن تكون هناك موجة من العمليات الفردية، التي يمكن أن تتحول بسرعة إلى انتفاضة عارمة، كما كان قد حصل في الأحداث التي سبقت وقوع الانتفاضة الأولى عام 1987.
وقالت هذه المصادر إن الطريقة التي نفذت فيها العملية الأخيرة دلت على قدرات تنظيمية عالية وتخطيط مسبق ومتقن، وإن عملية أخرى كانت ستنفذ في موقع آخر في الوقت ذاته ولكن تم إجهاضها في الدقيقة التسعين. فإذا أضيفت عشرات العمليات التي تم إجهاضها في السنة الأخيرة، فإن الدلائل تشير إلى وجود مخطط منظم لتفجير الأوضاع نحو انتفاضة، تبدأ بموجة عمليات على غرار أحداث 2015. والتي أطلقت عليها إسرائيل «انتفاضة الأفراد»، وتنتهي بانفجار شامل.
ونقلت صحيفة «معريب» العبرية على لسان جنرالات في الجيش والمخابرات قولهم، إن «هناك عددا غير قليل من الخصائص المتشابهة بين العمليات التي نفذت أو تم إجهاضها على مدار الأسابيع الماضية وبين العمليات التي نفذها شبان وفتية في سنة 2015، وفيها لم يكن هناك انتماء تنظيمي للفاعلين». وأكدت هذه المصادر أن إسرائيل تصدق بأن كلتا القيادتين، السلطة الفلسطينية وحركة حماس، غير معنيتين بتصعيد كهذا حاليا، لأنهما تدركان بأن الظروف الدولية والإقليمية تتيح لإسرائيل الرد بقسوة شديدة قد تؤدي إلى نشوب حرب تنهي وجودهما وسلطتيهما.
ولكن هؤلاء الجنرالات يعتقدون ويأملون بأن يؤدي التحسن الطفيف في أوضاع غزة، بعد تدفق الأموال من قطر وتحويل إسرائيل أموال ضريبة الجمارك إلى السلطة الفلسطينية، إلى تخفيف الاحتقان في أوساط الجمهور الفلسطيني. وهم يتابعون مدى حرص حماس على الالتزام بذلك، إذ ما زال بعض المسؤولين في تل أبيب يرون أن حماس معنية بالهدوء على الحدود مع إسرائيل في قطاع غزة فقط، لكنها تشجع الهجمات في الضفة الغربية، لأنها ليست مسؤولة بشكل مباشر عنها. فهناك توجد السلطة الفلسطينية، التي تقوم قواتها الأمنية بالتنسيق الأمني مع إسرائيل، ولو أن هذا التنسيق تراجع بعض الشيء بسبب الصعوبات الاقتصادية».
ويؤكد هؤلاء الجنرالات بأن هناك علاقة وثيقة ما بين تحسن الوضع الاقتصادي واستقرار الوضع الأمني، أكان ذلك في الضفة الغربية أو قطاع غزة. وقالوا للصحيفة: «شبان غزة الذين هم على استعداد لتنفيذ عمليات على الحدود مع إسرائيل أو شبان الضفة، مؤهلون لتصعيد الأوضاع إلى عمليات طعن وعمليات تفجير، قد تقود إلى انتفاضة تشبه الانتفاضة الأولى عام 1987 بعفويتها مما فاجأ إسرائيل ولم تستطع إيقافها». وأضافت أن «وحدات التقصي في الجيش الإسرائيلي حذرت مؤخرا من هذا التوجه، لكن حكومة بنيامين نتنياهو ترفض الاستماع وتفضل اتباع آيديولوجيتها، التي تهدف إلى تجنب المفاوضات والترتيبات الاقتصادية طويلة الأجل، وتغذية حالة الانقسام بين الضفة وغزة. لكن ما ظهر في الأشهر الأخيرة يشير إلى أن مخططات حكومة نتنياهو لن تحقق نجاحا طويلا».
وختمت الصحيفة بالقول «يمكن للمرء أن يفترض عاجلاً أم آجلاً، سيتمكن الجيش والشاباك من إلقاء القبض على منفذي عملية مستوطنة دوليف برام الله لكن ذلك لن يغير حقيقة أن غزة والضفة الغربية براكين تغلي».
الجدير ذكره أن قوات الجيش والمخابرات الإسرائيلية تنفذ عمليات اعتقال واسعة في صفوف الفلسطينيين لمعرفة طرف خيط يؤدي إلى إلقاء القبض على منفذي العملية الأخيرة، لكن المعتقلين ليسوا متهمين مباشرة بها. وهي ما زالت تحاصر رام الله من جهة الغرب وتقيم الحواجز وتنفذ عمليات تفتيش واسعة. ويمارس اليمين المتطرف في الحكومة ضغوطا على نتنياهو كي يشدد قبضته ويضاعف عقوباته ويطالبون بأن يكون الرد بحملة تكثيف أخرى للاستيطان والإعلان عن ضم المستوطنات إلى السيادة الإسرائيلية.
تل أبيب متخوفة من موجة عمليات فردية تتحول إلى انتفاضة
تل أبيب متخوفة من موجة عمليات فردية تتحول إلى انتفاضة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة