شبح الانتخابات المبكرة يبتعد عن المشهد السياسي الإيطالي

توقعات بتوصل «النجوم الخمس» و«الديمقراطي» إلى اتفاق قبل الثلاثاء

سالفيني يخاطب الإعلام بعد لقائه الرئيس الإيطالي في روما يوم الخميس (إ.ب.أ)
سالفيني يخاطب الإعلام بعد لقائه الرئيس الإيطالي في روما يوم الخميس (إ.ب.أ)
TT

شبح الانتخابات المبكرة يبتعد عن المشهد السياسي الإيطالي

سالفيني يخاطب الإعلام بعد لقائه الرئيس الإيطالي في روما يوم الخميس (إ.ب.أ)
سالفيني يخاطب الإعلام بعد لقائه الرئيس الإيطالي في روما يوم الخميس (إ.ب.أ)

بعد أسبوعين على تفجير الأزمة الحكومية الإيطالية، عندما قرّر وزير الداخلية وزعيم حزب «الرابطة» اليميني المتطرف ماتّيو سالفيني، سحب الثقة من رئيس الوزراء جيوزيبي كونتي، مطالباً بالذهاب فوراً إلى صناديق الاقتراع، وطامعاً بنصر شبه محتوم تتوقعه كل الاستطلاعات، بدا أن شبح الانتخابات المبكرة راح يبتعد عن المشهد السياسي الإيطالي، فيما ترتكز جهود رئيس الجمهورية سرجيو ماتّاريلّا على تشكيل حكومة جديدة من غير مشاركة حزب «الرابطة».
وبعد إنهائه جولة المشاورات الدستورية مع قادة الأحزاب الممثلة في البرلمان، يتجّه ماتّاريلّا إلى دعم المساعي المبذولة لتشكيل أغلبية برلمانية جديدة، إذ أعلن عن إفساح المزيد من الوقت حتى الثلاثاء المقبل أمام الكتل البرلمانية لتشكيل تحالف حكومي يرجّح أن يقوم بين حركة «النجوم الخمس»، وهي الكتلة الأولى في البرلمان، و«الحزب الديمقراطي» الذي يشكّل القوة الثانية، وكان حتى الآن في المعارضة، بعد أن كان رفض التحالف مع الحركة في أعقاب الانتخابات العامة الأخيرة التي أجريت في مارس (آذار) من العام الماضي.ورغم ضيق المهلة التي أفسحها رئيس الجمهورية أمام الأحزاب، وصعوبة التوفيق بين بعض المواقف المتباعدة، إلّا أن شعوراً بالتفاؤل يسود بين الأوساط المعنية لإبرام اتفاق مرحلي حول بعض الملفات الأساسية والملحّة، وتجنيب البلاد الذهاب إلى انتخابات جديدة.
كان مؤسس حركة «النجوم الخمس»، النجم الفكاهي بيبي غريّو، قد أعلن أمس موافقته على الشروع في مفاوضات رسمية مع «الحزب الديمقراطي» لتشكيل تحالف حكومي جديد، بعد أن كان يرفض في السابق بشكل قاطع أي تقارب أو تواصل مع هذا الحزب الذي ينافسه على القاعدة الشعبية نفسها.
ويتبدّى بوضوح أن المساعي الحثيثة التي تُبذل على جبهات ومستويات عدة لتشكيل حكومة جديدة، تهدف بالدرجة الأولى إلى قطع الطريق أمام «الرابطة» المتطرفة التي ارتفعت شعبيتها بقوة في الفترة الأخيرة، حتى باتت قاب قوسين من الأغلبية المطلقة في البرلمان استناداً إلى الاستطلاعات الأخيرة. وكان زعيم «الرابطة» ماتّيو سالفيني قد شدّد أمام رئيس الجمهورية خلال المشاورات على ضرورة الذهاب فوراً إلى صناديق الاقتراع، لكنه فاجأ الجميع عندما عرض أيضاً على «النجوم الخمس» العودة إلى الائتلاف الذي كان حاكماً حتى الآن.
كان التقارب الذي حصل بين «النجوم الخمس» و«الحزب الديمقراطي» في مجلس الشيوخ، لرفض طلب سالفيني مناقشة طلب سحب الثقة من رئيس الحكومة فوراً، قد دفع بزعيم «الرابطة» إلى مراجعة حساباته وتغيير موقفه، خشية أن يؤدي التحالف بينهما إلى إبعاده لفترة طويلة عن واجهة المشهد السياسي الذي تصدّره منذ تشكيل الحكومة الأخيرة في مطلع الصيف الماضي. وكانت لافتة تصريحات سالفيني عندما قال عن شريكه في الحكومة زعيم الحركة لويجي دي مايو، الذي كانت ينتقده بشدة، «دي مايو عمل جيّداً لمصلحة البلاد، وإذا سحب اعتراضاته على مقترحات (الرابطة) أنا على استعداد للعودة إلى الائتلاف من غير أحقاد».
لكن كل الدلائل تشير إلى أن مرحلة تهميش سالفيني قد بدأت إلى غير رجعة في الوقت الحاضر، وأن «النجوم الخمس» و«الحزب الديمقراطي» يقتربان من التحالف، وتشكيل أغلبية جديدة رغم الخلافات العميقة بينهما. كان «الحزب الديمقراطي» قد أعلن إصراره على بعض الشروط، لإبرام التحالف الحكومي، مثل التزام الحركة الصريح سياسة ولاء كامل للاتحاد الأوروبي، ونبذ سياسات الهجرة المتشددة التي كان فرضها وزير الداخلية سالفيني، وإلغاء قانون الأمن الذي كان البرلمان قد أقره منذ أسابيع بتأييد من الحركة.
كانت الحركة، من جهتها، أعلنت مجموعة من الشروط التي أكدت عدم التراجع عنها، مثل إصلاح النظام المصرفي، وإقرار قانون جديد للحكومات الإقليمية، التي لا يبدو «الحزب الديمقراطي» مستعداً للموافقة عليها. لكن أوساطاً مواكبة للمفاوضات الجارية بين الطرفين تؤكد أن اتفاقاً بين حركة «النجوم الخمس» و«الحزب الديمقراطي» سيشهد النور قبل انتهاء المهلة التي حددها رئيس الجمهورية، يوم الثلاثاء المقبل، فيما ألمحت أوساط مقرّبة من ماتّاريلّا أنه قد يقرر تمديد المهلة إذا احتاج الطرفان لذلك من أجل إبرام الاتفاق النهائي. يذكر أن رئيس الجمهورية سبق ومدّد المهلة الدستورية لتشكيل أغلبية حكومية العام الماضي تجاوباً مع طلب «الرابطة» و«النجوم الخمس» في الشوط الأخير من المفاوضات بينهما لتشكيل الحكومة التي سقطت يوم الثلاثاء الماضي.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.