ميته فريديريكسن... الزعيمة الدنماركية الشابة التي أعادت الاشتراكيين للسلطة من بوابة اليمين

حربها الكلامية مع دونالد ترمب حول غرينلاند أعطتها منبراً دولياً

ميته فريديريكسن...  الزعيمة الدنماركية الشابة التي أعادت الاشتراكيين للسلطة من بوابة اليمين
TT

ميته فريديريكسن... الزعيمة الدنماركية الشابة التي أعادت الاشتراكيين للسلطة من بوابة اليمين

ميته فريديريكسن...  الزعيمة الدنماركية الشابة التي أعادت الاشتراكيين للسلطة من بوابة اليمين

لم يمض على تسلم ميته فريديريكسن (41 سنة) منصبها شهرين حتى دخلت أصغر رئيسة وزراء في تاريخ الدنمارك وثاني سيدة تشغل المنصب في تلاسن مع دونالد ترمب رئيس أعظم دولة في العالم.
الجدل بدأ عندما تحدث الرئيس الأميركي عن رغبته بشراء غرينلاند، أكبر جزيرة في العالم وجزء من الملكية الدنماركية. ولما كان كلامه بدا مزحة في البداية، جاء رد فريديريكسن عليه بقياس هذا التقدير. إذ وصفت عرضه بـ«اللامعقول»، مضيفة أنها تأمل بأن يكون الأمر عبارة عن مزاح من جانب ترمب. ولكن رد ترمب ليؤكد لها أنه كان بغاية الجدية. ووصفها بدوره بأنها امرأة «سيئة». وذهب لأبعد من ذلك، ملغياً «زيارة دولة» إلى الدنمارك كانت مقرّرة في مطلع سبتمبر (أيلول). وهكذا، أوقع سفيرته في كوبنهاغن في إحراج كبير بعدما كانت قد غرّدت على «تويتر» قبل ساعات بأنها تتطلع لزيارته، ورمى الدبلوماسية الأميركية في حالة من الفوضى. وعلى الفور، بدأت اتصالات إعادة تصحيح العلاقات مع حليف أوروبي مهم، فاتصل وزير الخارجية الأميركي بنظيره الدنماركي ليؤكد أهمية «الصداقة» مع بلاده، وعادت السفيرة الأميركية لتغرّد بأن العلاقات بين الدولتين متينة وقوية. أما فريديريكسن نفسها، فقد أبدت أسفها على إلغاء ترمب زيارته مع إعرابها عن حرصها على التأكيد بأن ذلك لن يؤثر على العلاقات الثنائية.

اللافت في التلاسن الذي تفجر أمس بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيسة وزراء الدنمارك ميته فريديريكسن أن «بطليه» يتشابهان في بعض النواحي. ولو أنهما التقيا فعلا لكان الرئيس الأميركي قد أبدى إعجابه الكبير بتلك السيدة، أو أقله بسياستها المتعلقة بالهجرة.
فمع أن رئيسة الوزراء الدنماركية سياسية اشتراكية تنتمي لحزب يساري منفتح تاريخياً على الهجرة وتقبّل اللاجئين من مبدأ إنساني، اختارت فريديريكسن شخصياً تبنّي سياسات مضادة للهجرة تشابه كثيراً سياسات اليمين المتطرف. وهذا، مع أنها نجحت من ناحية أخرى في أن تحافظ على السياسات اليسارية التقليدية للاشتراكيين فيما يتعلق بالسياسات الضريبية والاقتصادية والاجتماعية.

إسكندنافيا... الاستثنائية

لقد جاء فوز الاشتراكيين الدنماركيين في الانتخابات العامة قبل شهرين مفاجئا ليس فقط للشارع الدنماركي، بل للاشتراكيين في كل أنحاء أوروبا، وخاصة «الجارة الكبيرة» ألمانيا. وفي حين تتراجع شعبية الأحزاب الاشتراكية شيئاً فشيئاً في كثير من الدول، يبدو أن شعبيتها في الدول الإسكندنافية في صعود لافت. فالمعروف في فرنسا، مثلاً، أن الحزب الاشتراكي اختفى تقريباً بعد الانتخابات الأخيرة التي أوصلت إيمانويل ماكرون الرئيس الشاب (المنشق عنهم) إلى قصر الإليزيه... وبات أقدم حزب فرنسي في المرتبة الرابعة.
وفي ألمانيا، مع أن الاشتراكيين ما زالوا في الحكم جزءا من الحكومة الائتلافية، فإنهم يخسرون كثيرا من شعبيتهم سنة بعد سنة، حتى باتوا يحتلون المرتبة الثالثة وأحياناً الرابعة بين الأحزاب الألمانية، حسب استطلاعات الرأي في كثير من المناطق.
وفي بريطانيا، ما زال حزب العمال، القوة الاشتراكية الأبرز، عاجزاً عن تحدي غريمه اليميني حزب المحافظين على الرغم من فوضى أزمة «البريكست».

اشتراكيون ضد المهاجرين

ولكن في الدنمارك، بعد فنلندا والسويد، حيث شُكلت حكومتان تحت قيادة الاشتراكيين قبل أشهر، كان الحال مختلفاً. إذ صعد الاشتراكيون بقيادة فريديريكسن حتى فازوا بالانتخابات الأخيرة.... وإن كان الثمن تخليهم عن سياسة الانفتاح التقليدي تجاه المهاجرين، وتبني سياسات وصفها البعض بأنها أقرب للسياسات التي اعتمدها النازيون أيام هتلر ضد اليهود. فقبل أن يفوزوا بالانتخابات الأخيرة، دعم الاشتراكيون - عندما كانوا في صفوف المعارضة - معظم السياسات المتعلقة بالهجرة واللجوء التي تقدّمت بها حكومة لارس لوكه راسموسن التي وُصفت بأنها كانت الحكومة الأكثر يمينية التي مرّت على الدنمارك.
من هذه القوانين، مثلاً، صوت الاشتراكيون لصالح قانون يجيز تجريد طالبي اللجوء الذين يصلون إلى الدنمارك من أموالهم ومجوهراتهم بحجة تمويل إقامتهم. كما صوّتوا لصالح مشروع يجبر اللاجئين على العمل لـ37 ساعة أسبوعياً مقابل تلقيهم إعانات الدولة، ولآخر يضع حدا للمهاجرين «غير الغربيين» في مخالفة لـ«الكوتا» التي وضعتها الأمم المتحدة لتوزيع اللاجئين. وأيضاً، صوّت الاشتراكيون لقانون يمنع ارتداء النقاب، ولآخر بفرض عقوبة بالسجن لأهالي الأولاد المهاجرين الذين يأخذون أطفالهم في إجازات طويلة إلى بلدهم الأم. كما أيدوا قراراً آخر بفرض دورات إجبارية تتعلق بالثقافة والقيم الدنماركية على أطفال لا تزيد أعمارهم على العام الواحد إذا كانوا من أصول غير دنماركية.
إزاء كل هذه القوانين كان الاشتراكيون يصوتون بتوجيهات من زعيمتهم الشابة فريديريكسن، التي تؤمن حقاً بأن الهجرة «تلعب دوراً سلبياً في المجتمع الدنماركي»، ومن ثم، تبنّت سياسة لترحيل اللاجئين عوضا عن دمجهم في المجتمع.
إذ كتبت فريديريكسن في سيرة ذاتية لها: «بالنسبة إليّ، يتضّح الأمر أكثر فأكثر، وهو أن ثمن العمالة غير المنظمة، والهجرة الجماعية، وحرية العمل، تدفعه الطبقة الدنيا». وأضافت: «كنت أعلم بأن تغيير موقف الحزب سيتطلّب كثيرا من الجهد، لكنني أدركت أن علي كسب هذه المعركة. عادة، أنا أسعى لإيجاد حل وسط... ولكن ليس فيما يتعلق بسياسة الهجرة».
وبالفعل، لم تتسامح فريديريكسن مع معارضي سياساتها هذه داخل الحزب. فعندما اعترضت زميلتها ميته غجيرسكوف، وهي وزيرة سابقة، على قرار حظر النقاب، حاولت زعيمة الحزب إبعادها عن مقعدها النيابي واختيار بديل لها، لكنها بعدما فشلت أقالتها من منصب المتحدث باسم الحزب في شؤون التنمية الدولية.

براغماتية يمينية داخل اليسار

أكثر من هذا، تؤمن فريديريكسن بأن تبني سياسة متشددة ضد اللاجئين والمهاجرين حاجة ماسة لاستعادة شعبية الاشتراكيين، ليس فقط في الدنمارك بل في عموم أوروبا. ووجهت انتقادات حادة للاشتراكيين في الدول الأخرى خلال لقاء عقد في العاصمة البرتغالية لشبونة في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وقالت إنهم «خسروا ثقة ناخبيهم» بسبب فشلهم في منع العولمة من التأثير على حقوق العمال، وتغييبهم العدالة الاجتماعية»، ولم تتردد باتهامهم بالترويج للهجرة غير المنضبطة. وتابعت: «لسنوات ظللنا نقلل من أهمية التحديات التي تمثلها الهجرة الكبيرة. السياسات الاقتصادية والسياسية الخارجية لأوروبا ليبرالية أكثر من اللازم. لكننا فشلنا بالحفاظ على العقد الاجتماعي الذي يشكل أساس النموذج الاجتماعي للديمقراطيين الاشتراكيين».
وبالفعل نجحت سياسة فريديريكسن هذه حيث أخفقت الأحزاب الاشتراكية الأخرى في أوروبا، وكانت النتيجة إعادة حزبها الاشتراكي إلى سدة الحكم بعدما استعاد أصواتاً كان قد خسرها لصالح اليمين المتطرف والشعبويين. وأظهرت دراسات أن كثيرا من قواعد الحزب الذين كانوا هجروه لصالح اليمين المتطرف عادوا ليصوّتوا له بعد تغيير سياساته تجاه المهاجرين واللاجئين.
وفي المقابل، شدت الزعيمة الشابة حزبها نحو أقصى اليسار في سياسات المناخ والاقتصاد لناحية زيادة الضرائب على الأغنياء ووقف عصر النفقات. وحسب استطلاعات للرأي أجريت قبل الانتخابات، تبين أن على رأس أولويات الناخبين موضوعين: الهجرة والمناخ. ولم تضيع فريديريكسن الوقت في ترجمة نتائج الاستطلاعات لفوز انتخابي.
بالنسبة للمناخ، تعهدت رئيس الوزراء الجديدة بتخفيض الانبعاثات الكربونية بنسبة 70 في المائة خلال السنوات العشر المقبلة، ليصل بحسب تعهدها إلى مستوى أقل مما كان عليه قبل عام 1990. ومع اعتراف حكومتها بصعوبة تنفيذ هذا التعهد، فإنها قالت إن «العالم والدنمارك يعانيان من أزمة مناخية»، وإن الحدّ من ارتفاع درجات الحرارة «ليس فقط الأمر الذي يجب القيام به بل أيضا الأمر الأكثر مسؤولية اقتصاديا». وبالفعل، فإن التغير يظهر بشكل مخيف في الدنمارك، وخاصة، في جزيرة غرينلاند التي تخسر جبالها الجليدية بسبب التغير المناخي، وهو ما يجعل الدول الكبرى اليوم تتنافس على تقوية نفوذها هناك بسبب خطوط التجارة الجديدة التي يفتحها ذوبان جبال الجليد وتحوّلها إلى ممرات مائية.

سيرة شخصية

ولدت ميته فريديريكسن يوم 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 1977 في مدينة آلبورغ، رابع كبرى مدن الدنمارك، وانطلقت حياتها السياسية في وقت مبكر جداً. إذ قال والدها فليمنغ فريديريكسن في مقابلة مع وكالة الأنباء الدنماركية قبل الانتخابات الأخيرة إنها «كانت منشغلة بالأمور السياسية منذ سن صغيرة جدا، عندما كانت في السابعة من عمرها». وأردف: «لم يكن لدي شك أبدا بأن ميته يمكنها الذهاب إلى أبعد الحدود إذا ما أرادت ذلك».
في سن الـ15 أصبحت عضواً في جناح الشباب، بالحزب الديمقراطي الاشتراكي. ودخلت البرلمان عام 2001 عندما كانت في سن الـ24 لتصبح أصغر نائب في بلادها. وأكملت دراستها الجامعية في جامعة آلبورغ وهي في البرلمان، فبعدما حصلت على شهادة في العلوم السياسية والاجتماعية، حازت الماجستير في الدراسات الأفريقية.
عام 2005 تولّت فريديريكسن منصب المتحدثة باسم الحزب في شؤون السياسات الاجتماعية والثقافة والإعلام. وبين العامين 2005 و2011 شغلت منصب نائب زعيم الكتلة الاشتراكية في البرلمان. ثم في عام 2011 حصلت على أول منصب وزاري لها، عندما عيّنت وزيرة للعمل في أول حكومة ترأسها سيدة في الدنمارك هي الاشتراكية هيله ثورنينغ - شميت. وعام 2014 انتقلت من حقيبة العمل إلى حقيبة العدل. وفي يونيو (حزيران) الماضي، نجح حزبها في أن يكوّن أكبر كتلة نيابية في البرلمان. وبعد 3 أسابيع من المفاوضات مع الأحزاب الأخرى، أصبحت فريديريكسن رئيسة لحكومة أقلية بدعم من 4 أحزاب يسارية ووسطية في البرلمان.
رئيسة الوزراء الشابة أم لولدين، بنت وصبي، من زواج سابق. وهي الآن مخطوبة لمنتج أفلام، ومن المفترض أن يتزوجا نهاية هذا الصيف. وكانت قد أثارت جدلا قبل بضع سنوات عندما تبين أنها، إلى جانب ساسة آخرين في الحزب، ترسل ابنتها إلى مدرسة خاصة عوضاً عن المدارس الرسمية التابعة للدولة. وتسبب ذلك في نقمة من القاعدة الشعبية للحزب التي تعتبر المدارس الخاصة للنخب الغنية وتناقض مبدأ الاشتراكية.

خبرتها الدولية... محدودة

على صعيد آخر، رغم أن فريديريكسن دخلت عالم السياسة مبكراً، فإن تجربتها في السياسة الخارجية ليست عميقة. ولذا تبدو مواجهتها الدولية الأولى مع الرئيس ترمب ذات أهمية كبيرة. ومع ذلك، ورغم الجدل الذي تسببت به هذه المواجهة وغضب ترمب عليها، تبدو فريديريكسن متمسكة بأسلوب ردها عليه. إذ قالت في مقابلة أدلت بها لإذاعة دنماركية إنها لا تعتقد أن كلماتها كانت تنم عن قلة احترام للرئيس الأميركي، وأضافت: «لا أعتقد أنني كنت جافة أو قاسية في ردي، بل بالعكس أعتقد أن الرد من الجانب الدنماركي كان لطيفاً جداً. فعندما تكون دولتان حليفتين وصديقتين، مثل الدنمارك والولايات المتحدة، يجب أن يكون هناك مجال للتعبير عن الاختلاف في الرأي، وآمل بأن نوقف هذه السجالات قريباً».
ولكن مع الرئيس ترمب، خاصة، يصعب تخطي «اختلافات الرأي». وهو بعدما وصف فريديريكسن بـ«السيئة» بسبب ردّها عليه، كتب تغريدة على صفحته في «تويتر» ذكّرها فيها بأن بلادها لا تدفع مساهمتها المالية المطلوبة منها في حلف شمال الأطلسي «ناتو»، والتي من المفترض أن تصل إلى 2 في المائة من الناتج الإجمالي للدولة العضو في الحلف. وتابع أن الدنمارك تساهم بـ1.2 في المائة فقط، بينما «الولايات المتحدة تحمي أوروبا».
قد تكون تغريدة ترمب هذه تمهيداً لتحول العلاقات مع الدنمارك إلى ما يشبه العلاقة مع ألمانيا، التي لم يتفق فيها مع مستشارتها أنجيلا ميركل منذ بداية عهده، وما تردد حول انتقادها وانتقاد ألمانيا التي تضم ثاني أكبر قواعد عسكرية أميركية في العالم، كلما سنحت له الفرصة.
إلا أن فريديريكسن، الزعيمة الشابة الواصلة حديثاً إلى المنبر الدولي، تستفيد مؤقتاً، على الأقل، من الدعاية الدولية التي قدّمها لها هذا الجدل مع الرئيس الأميركي.


مقالات ذات صلة

اتهامات ترمب تحدث زوبعة سياسية في نيجيريا

حصاد الأسبوع الرئيس النيجيري السابق غودلاك جوناثان (آ ف ب)

اتهامات ترمب تحدث زوبعة سياسية في نيجيريا

أثارَ الرئيس الأميركي دونالد ترمب عاصفةً من الجدل في نيجيريا، منذُ أن أعلن الحرب على «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» فور وصوله إلى السلطة، خصوصاً حين…

الشيخ محمد (نواكشوط)
حصاد الأسبوع ميرتس

فريدريش ميرتس... محافظ وواقعي يقود سفينة الديمقراطيين المسيحيين الألمان في حقبة صعبة

انتظر فريدريش ميرتس 23 سنة قبل تحقيق طموحه بأن يصبح المستشار الألماني؛ إذ كان زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ الذي قاد حزبه إلى الفوز بالانتخابات

راغدة بهنام (برلين)
حصاد الأسبوع شولتز (رويترز)

ألمانيا: حسابات الداخل والخارج تدفع نحو تسريع التفاهم على الائتلاف الحاكم الجديد

تنتظر ألمانيا أسابيع، أو حتى أشهراً، من المفاوضات بين حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (المحافظ) بزعامة فريدريش ميرتس الذي فاز بالانتخابات الأخيرة،

«الشرق الأوسط» ( برلين)
حصاد الأسبوع زامير

إيال زامير... رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد عسكري من خارج معارك السياسة

لم يعرف الجيش الإسرائيلي في تاريخه وضعاً أصعب من الوضع الذي يعيشه اليوم، لدى استعداده لاستقبال رئيس أركانه الجديد، إيال زامير. صعب، ليس لأنه يعاني من نقص في الذخيرة والعتاد، ولا لأنه ثبت فشله في تحقيق أي من أهداف الحرب على غزة، بل إن المشكلة الراهنة والاستثنائية هي أنه يفقد مزيداً من ثقة الناس، ويتعرّض في الوقت ذاته إلى حملة تحريض شعواء من الحكومة ورئيسها ووزرائها وجيش «النشطاء» في الشبكات الاجتماعية التابع لحزب «الليكود» الحاكم. هذه المشكلة تُدخل الجنرالات في أجواء توتر دائم وتهزّ ثقتهم بأنفسهم؛ ولذا فبعضهم يحاول إرضاء الحكومة بالنفاق، والبعض الآخر يحاول إرضاءها بتشديد القبضة ضد الفلسطينيين، وثمة فئة ثالثة أفرادها يرفضون فيستقيلون، وآخرون يرفضون ويبقون «دفاعاً عن أهم ركن من أركان الدولة العبرية» معتبرين أن الجيش يعيش موجة عابرة سيستطيع تجاوزها. ومع كل هذا، الجميع يشعرون أنهم في قلب معركة أقسى عليهم من الحرب على ست جبهات، ولا أحد سيخرج منها بلا جروح.

نظير مجلي (القدس)
حصاد الأسبوع تعزيز سلاحي الدبابات والمدرعات في مقدم المطالبات الإسرائيلية لتطوير قدرات الجيش (آ ف ب)

رسالة مفتوحة إلى زامير من أكاديمي استيطاني يميني

إحدى الإشارات التي تدل على ما هو مطلوب من رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد إيال زامير، وردت على شكل رسالة مفتوحة وجّهها إليه الدكتور عومر أريخا؛ وهو ناشط يميني.


ألمانيا: حسابات الداخل والخارج تدفع نحو تسريع التفاهم على الائتلاف الحاكم الجديد

شولتز (رويترز)
شولتز (رويترز)
TT

ألمانيا: حسابات الداخل والخارج تدفع نحو تسريع التفاهم على الائتلاف الحاكم الجديد

شولتز (رويترز)
شولتز (رويترز)

تنتظر ألمانيا أسابيع، أو حتى أشهراً، من المفاوضات بين حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (المحافظ) بزعامة فريدريش ميرتس الذي فاز بالانتخابات الأخيرة، والحزب الديمقراطي الاجتماعي (الاشتراكي) الذي حل ثالثاً، لتشكيل حكومة ائتلافية جديدة.

للعلم، بواقع التمثيل النسبي المعتمد في القانون الانتخابي الألماني، لا يتاح لحزب واحد الحصول على غالبية مطلقة؛ ما يعني أن الحكومات التي تلت الحرب العالمية الثانية كانت كلها تشكلت بائتلاف حزبين أو ثلاثة. ومعظم هذه الحكومات كانت بين الحزبين الرئيسين، أي الديمقراطيين المسيحيين (يمين الوسط) والاشتراكيين (يسار الوسط).

وقبل بدء المناقشات رسمياً بين فريقي التفاوض للحزبين، التقى ميرتس المستشار الحالي أولاف شولتس، الزعيم الاشتراكي، للاتفاق معه على زيادة الإنفاق العسكري في وجه إدارة أميركية يظهر أنها تتأهب للانسحاب من أوروبا وسحب «المظلة الأمنية» التي غطت ألمانيا منذ نهاية الحرب.

إلا أن ميرتس يواجه الآن «عقبة دستورية» أدخلتها المستشارة السابقة أنجيلا ميركل عام 2009 بعد الانهيار الاقتصادي العالمي، تمنع على الدولة الاستدانة بأكثر من 0.35 في المائة من ناتجها الإجمالي إلا في حالات الطوارئ. وقد استخدمت حكومة شولتس بند الطوارئ هذا للاستدانة بعد جائحة «كوفيد – 19» لإعادة تنشيط عجلة الاقتصاد. وستكون برلين في حاجة إلى الاستدانة بشكل أكبر من هذه النسبة المسموحة في الدستور إذا أرادت زيادة الإنفاق العسكري لدعم أوكرانيا وتقوية جيشها الهرِم.

وعلى الرغم من أن ميرتس يؤيد زيادة الإنفاق العسكري، فهو لا يؤيد بالضرورة الاستدانة للإنفاق على البنية التحتية والمدارس وغيرها من المسائل الداخلية التي يريد الاشتراكيون إدخالها. وعليه، يجب تمرير أي تعديل دستوري بثلثي أصوات البرلمان، وهذا أمر صعب في البرلمان الجديد لحصول حزب «البديل من أجل ألمانيا» (أقصى اليمين) وحزب «دي لينكا» (أقصى اليسار) معاً على أكثر من ثلث المقاعد، وكلاهما يرفض زيادة الإنفاق العسكري. ولذا؛ قد يحاول ميرتس تمرير القانون في البرلمان الحالي قبل انتهاء ولايته بنهاية مارس (آذار)؛ لأن الحزبين المعارضين لزيادة الإنفاق لا يملكان ثلثاً معطلاً فيه. ولكن سيكون عليه تقديم تنازلات للاشتراكيين تتعلق بالاتفاق في مجالات أخرى غير الدفاع.

في مطلق الأحوال، يأمل ميرتس ألا تطول المفاوضات لتشكيل حكومة وسط التحديات الكبيرة التي سيتعين على ألمانيا مواجهتها، خاصة في مجال العلاقات الصعبة مع الولايات المتحدة وتنسيق ردود أوروبية حول أي قرارات محتملة من إدارة دونالد ترمب.

ترمب (غيتي)

إذ ربما يواجه ميرتس إدارة أميركية لا تكنّ الكثير من الود لحكومة ألمانية معتدلة «أقصت» حزب «البديل من أجل ألمانيا» المتطرف، الذي كان دعا نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس إلى التعاون معه بشكل صريح خلال «مؤتمر ميونيخ» الأخير. بل، وانتقد الأحزاب الألمانية لرفضها العمل مع «البديل» ـ متهماً إياها بالقمع ورفض الديمقراطية. وتجدر الإشارة، إلى أن «البديل من أجل ألمانيا»، كغيره من أحزاب يمينية متطرفة يحظى اليوم بدعم إدارة ترمب ومالك منصة «إكس» الملياردير إيلون ماسك.