أهالي الجنوب اللبناني يستبعدون الحرب وأولويتهم الاقتصاد

تلويح «حزب الله» بها يقتصر على الاستقطاب الطائفي

TT
20

أهالي الجنوب اللبناني يستبعدون الحرب وأولويتهم الاقتصاد

في خطابه الأخير، أكد الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، أن «المقاومة في الحرب المقبلة، وقد زادت قوتها أكثر من 500 مرة، ستدمّر جيش الاحتلال ودباباته وكتائبه وألويته، على الهواء في بث مباشر، هو جزء من خطة حرب جديدة ومبتكرة ومفاجئة وإبداعية وضعتها المقاومة».
هذا في الخطاب، أما على الأرض فالمشهد مختلف. «الشرق الأوسط» جالت في مدينة صور وقرى قضائها وحاورت الأهالي، الذين استبعدوا احتمال الحرب، مع تباين في أسباب استبعادها، وفق الانتماء السياسي للمتحاورين.
ويشير الناشط المعارض للحزب والمرشح للانتخابات الفرعية في قضاء صور، حسين قطايا، إلى أن «الجميع يعلم أن (حزب الله) يعيش حالة ارتخاء سياسي. وسيرة الحرب تخدمه لشد العصب على أبواب الانتخابات الفرعية. فشعبية الحزب ليست كما كانت وبدأ يتغلغل إلى إدارات الدولة، وتحديداً البلديات، وذلك مع بوادر أزمته المالية. ونشط على خط التوظيف السياسي. ففي بلدية صغيرة لا تحتاج إلا إلى أربعة عناصر شرطة بلدية مثلاً، نرى أكثر من عشرة شرطيين بلديين. بالتالي الدويلة بدأت تمسك بالدولة».
ويقول حسين عز الدين، إن «الجنوبيين لن يسمحوا لـ(حزب الله) بإطلاق صواريخ من بين المنازل، ما يتسبب في القصف الإسرائيلي والتهجير، كما حصل خلال حرب 2006».
أما فاتن من مدينة صور فتقول: «لا أعتقد أن الحرب ستقع. صحيح أن لدى الحزب القدرة على مواجهة إسرائيل؛ لكنه يفكر في أهل الجنوب. ويعرف أننا موتى اقتصادياً ولا تنقصنا حرب. ورغم الشائعات الشهرية التي تتكرر عن احتمال اندلاعها لكن لدينا ثقة بأنها لن تقع. فالناس لا تريد أن يجرها الحزب إلى الحرب».
ويوضح حسين أن «أهل الجنوب يميزون بين السيد حسن نصر الله وقيادات (حزب الله). السيد حسن معزول عما يجري على الأرض، ويبدو أن لا أحد ينقل إليه الصورة واضحة. هو الوحيد الذي لم تتغير أحواله المالية؛ لكن كل المسؤولين القياديين في الحزب هم سلطويون وأصحاب أموال ومؤسسات. والمفارقة أنهم يتهمون المعارضة الشيعية بأنها تتلقى المليارات، وفي حين أن غالبية الجهات المعارضة لا تملك المال لخوض غمار الانتخابات، نرى أن أموال أثرياء الحزب ظاهرة من خلال المؤسسات التي يملكونها».
ويقول جواد: «حالياً لا مساعدات مباشرة للناس؛ لكن لا يمكن إنكار أن الحزب ساعد أهل الجنوب، فالراتب الذي يبلغ 500 دولار يكفي للحياة في القرى؛ حيث الحاجات أقل مما هي في المدن. والبطاقات التي تؤمن حسومات لمن يشتري من مؤسسات تابعة للحزب أو متعاقدة معه، وإن لم تكن فريدة من نوعها، فإنها تسهل الحصول على بعض الضرورات؛ لكن تبقى مشكلة التعليم والاستشفاء».
يوسف، الذي يحمل جنسية فرنسية، ويملك مطعماً، يقول: «إذا وقعت الحرب أعود إلى فرنسا. تكفينا الحرب الاقتصادية. وإذا ساد التوجه للحرب، فذلك للقضاء على (حزب الله). فإسرائيل لا تترك بلداً بجانبها يشكل خطراً عليها». ويضيف: «صحيح أن إسرائيل قوية وذكية؛ لكن لبنان ليس بسيطاً. فحروبها مع الدول العربية كانت تستغرق بضعة أيام. أما مع لبنان فالأمور صعبة. وإسرائيل تعرف ذلك».
من جهته، يعتبر عباس أن «الحرب هي آخر همومه. فالمهم تأمين مطالب الشعب. المسؤولون يجلسون على الكرسي، ولا يفعلون شيئاً. هم سبب هروبنا من البلد، لا يفكرون إلا في جيوبهم. وكلهم يعني كلهم. ومن يدخل صالحاً ونزيهاً إلى السلطة يخرج فاسداً».
حسان يعتبر أن «(حزب الله) مرتبط عضوياً بإيران. وهو حزب إيراني يعمل فيه لبنانيون، ولا يطلق رصاصة واحدة أينما كان إلا إذا طلبت طهران. بالتالي قرار الحرب مرتبط بمصالحها».
إلا أن علي يصر على أن «المقاومة فرضت التوازن. والبيئة الحاضنة مؤمنة بأن صواريخ الحزب لحمايتها. وإذا شنت إسرائيل الحرب، فالنتيجة ستكون انتصار المقاومة وردع إسرائيل. فالسيد حسن يهددهم ويتوعدهم، والإسرائيليون يبررون ويتفهمون».
لكن حسان يشير إلى «عدم توجه أي رجل أعمال أو صناعي للاستثمار في الجنوب بمشروعات مكلفة؛ لأن في لا وعي الجميع بأن إسرائيل تبيد لبنان عندما تريد. والأهالي يتمسكون بالسلام، رغم معرفتهم بأن القرار 1701 لم يطبق. صحيح أن لا ظهور للسلاح الثقيل؛ لكن في قريتي لا يتوقف إطلاق النار؛ حيث يتم تدريب شباب الحزب».



مصر: التحذير الحكومي من آثار أزمات عالمية يثير مخاوف «غلاء»

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)
رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)
TT
20

مصر: التحذير الحكومي من آثار أزمات عالمية يثير مخاوف «غلاء»

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)
رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)

أثارت تحذيرات أطلقها رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي من اضطرابات اقتصادية عالمية، واحتمالية تأثيرها على الوضع الاقتصادي في مصر، مخاوف من موجة غلاء جديدة، وسط تباين في ردود الفعل على التصريحات التي أعقبت اجتماع الحكومة الأسبوعي مساء الأربعاء.

وقال مدبولي إن «المشهد المضطرب يحتم على كل دولة التحرك من أجل تجنب أي تداعيات سلبية جراء الوضع الاقتصادي العالمي»، مشيراً إلى تحذيرات العديد من الخبراء من «احتمالية حدوث موجة تضخم وركود اقتصادي عالمي خلال الفترة المقبلة».

وأكد مدبولي «دراسة الحكومة لكافة السيناريوهات مع عمل الدولة وفي المدى القريب على تجنيب المواطن تداعيات الحرب الاقتصادية»، رغم عدم وجود رؤية واضحة لمداها، مؤكداً سعي الحكومة لاستيعاب تبعات الأحداث الدولية المُحتملة على مواطنيها.

وأظهرت بيانات للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، الخميس، أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن ارتفع إلى 13.6 في المائة في مارس (آذار) الماضي، مقابل 12.8 في المائة في فبراير (شباط).

وعلى أساس سنوي، ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات 6.6 في المائة، مقارنة بنحو 3.7 في المائة في فبراير.

وتفاعل عدد من المغردين على «إكس» مع تصريحات رئيس الوزراء، ففي وقت أبدى فيه البعض مخاوفهم من أن تكون التصريحات مقدمة لموجة غلاء جديدة تضرب أسعار السلع والخدمات في البلاد، تحدث آخرون عن إجراءات حكومية سبق اتخاذها ستساعد في الحد من التأثير على الاقتصاد المصري.

وتحدث البعض عن أهمية وضع تصورات استباقية للتعامل مع جميع الظروف، وجاهزيتها، مع تطبيق المناهج العلمية في التعامل.

بينما انتقد آخرون تصريحات مدبولي، واستمرار الحكومة في استدعاء أحداث عالمية لتبرير عدم ضبط الأسعار. وأشار البعض لاستخدام ما يحدث عالمياً لتبرير ارتفاع الأسعار، وانخفاض قيمة العملة.

وعد عضو مجلس النواب (البرلمان) ضياء الدين داود لـ«الشرق الأوسط» التصريحات بمثابة استمرار «الضبابية» بالسياسات الحكومية الاقتصادية المتبعة، مع غياب المرونة الاقتصادية القادرة على التعامل مع المتغيرات السريعة عالمياً، والمتعلقة بالأزمات.

وأضاف داود: «حكومة مدبولي مرت بالعديد من الأزمات الدولية منذ عام 2018 وحتى اليوم، وفي كل مرة لا تستطيع التعامل بشكل يجنب الاقتصاد المصري الآثار السلبية للأزمات بشكل كبير، مع اتباع سياسات اقتصادية لا تشجع المستثمر المحلي، وتبحث عن المستثمرين الأجانب، وتتجه نحو بيع الأصول، ومنح حقوق إدارتها لجهات غير حكومية بدلاً من تعظيم الاستفادة منها لتحقيق عوائد إضافية للاقتصاد المصري».

وسجل الجنيه المصري مستوى تراجع قياسياً أمام الدولار في البنوك (الاثنين) الماضي قبل أن يسترد جزءاً من خسائره على خلفية موجة تخارج لمستثمرين أجانب من السوق المصرية. ويتداول الدولار عند متوسط 51.25 جنيه في البنوك المصرية بعدما كان يتداول الأسبوع الماضي عند متوسط 50.40 جنيه، وهو انخفاض جاء مع التزام البنك المركزي بتحرير سعر الصرف، وخضوعه لسياسات العرض والطلب بحسب تصريحات متطابقة من رئيس الوزراء، وعدد من المسؤولين الحكوميين.

ورغم ما تحمله التصريحات من وضوح وشفافية في الحديث، فإنها تزيد بالفعل القلق الموجود لدى المواطنين بحسب الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عمرو هاشم ربيع الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن الاقتصاد المصري يعاني من صعوبات عدة في ظل محدودية الموارد والعوائد المتاحة.

وأضاف ربيع أن طبيعة الاقتصاد المصري تجعله يتأثر بما يحدث للآخرين، وبالتالي ما يحدث من صدمات اقتصادية في العالم سيكون له انعكاس داخل مصر بصورة أو بأخرى، وفي ظل غياب الرؤية عن التوقعات المستقبلية، فإن هذا الغموض سيجعل لدى الحكومة أيضاً حالة من الغموض تجاه ما يمكن أن يحدث باعتبارها ليست بمعزل عما يحدث.

يترقب المصريون زيادة جديدة في أسعار المحروقات (وزارة التموين)
يترقب المصريون زيادة جديدة في أسعار المحروقات (وزارة التموين)

ويتوقع الخبير الاقتصادي كريم العمدة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن تكون تصريحات مدبولي جزءاً من التمهيد لزيادة أسعار المحروقات المقررة خلال الشهر الجاري استجابة للبرنامج الاقتصادي المتفق عليه مع «صندوق النقد» رغم انخفاض أسعار النفط عالمياً بأكثر من 20 في المائة خلال الأيام الماضية.

واعتبر أن مدبولي حاول شرح الاضطرابات العالمية لتجنب انتقادات يتوقع أن تصاحب الزيادة اعتماداً على كون الدراسات المرتبطة بها نفذت على الأسعار المرتفعة سابقاً.

وكان رئيس الوزراء قد أكد أن الآلية المتبعة لعملية شراء الوقود تتم من خلال عقود طويلة الأجل، وبالتالي لا يمكن القياس على الأسعار القائمة حالياً، لوجود أبعاد أخرى، وفي ظل عدم القدرة على توقع استمرار الأسعار بنفس الوتيرة في الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن الحكومة عندما تقوم بعمل إجراءات تحوط تعمل على الاستفادة من فترات انخفاض أسعار الوقود عالمياً، أو تقوم بشراء كميات تضمن تأمين الاحتياطي الاستراتيجي.