كابل تعلن القضاء على عشرات من مقاتلي «طالبان»

مقتل جنديين أميركيين... وزلماي خليل زاد أكد أن واشنطن «مستعدة» لتوقيع اتفاق سلام

مدرسة للبنات يُزعم أن عناصر من حركة «طالبان» أحرقوها في ضاحية شاكردارة بالعاصمة كابل أول من أمس (إ.ب.أ)
مدرسة للبنات يُزعم أن عناصر من حركة «طالبان» أحرقوها في ضاحية شاكردارة بالعاصمة كابل أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

كابل تعلن القضاء على عشرات من مقاتلي «طالبان»

مدرسة للبنات يُزعم أن عناصر من حركة «طالبان» أحرقوها في ضاحية شاكردارة بالعاصمة كابل أول من أمس (إ.ب.أ)
مدرسة للبنات يُزعم أن عناصر من حركة «طالبان» أحرقوها في ضاحية شاكردارة بالعاصمة كابل أول من أمس (إ.ب.أ)

في وقت أعلنت فيه الولايات المتحدة أنها «مستعدة» لاستكمال المفاوضات مع حركة «طالبان» من أجل التوصل إلى اتفاق يتيح للرئيس دونالد ترمب بدء سحب جنوده من أفغانستان، بعد وجود دام 18 عاماً، شهدت مناطق أفغانية عدة مواجهات دامية بين القوات الحكومية ومقاتلي «طالبان» أوقعت عشرات القتلى والجرحى من الطرفين.
وفي تطور جديد، أُعلن مساء أمس عن مقتل جنديين أميركيين في أفغانستان، بحسب ما أعلن حلف شمال الأطلسي. وأوضح الحلف في بيان أنّ الجنديين قتلا «في عملية»، من دون مزيد من التفاصيل. ويرفع هذا الإعلان إلى 11 عدد الجنود الأميركيين الذين قتلوا في أفغانستان منذ بداية العام، في مقابل 12 في 2018. بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وعلى الصعيد الميداني أيضاً، أعلنت وزارة الداخلية الأفغانية تمكُّن قواتها من قتل وإصابة 14 من مسلحي «طالبان» في اشتباكات بولاية قندوز شمال أفغانستان. وقال بيان صادر عن الداخلية إن القوات الأفغانية اشتبكت مع قوات «طالبان» في المديرية الثالثة من مدينة قندوز، مركز الولاية، حيث قُتِل سبعة من مسلحي الحركة، وصودرت كمية من الأسلحة.
كذلك أعلن الجيش الأفغاني عن عمليات لقواته في ولاية لوغر، جنوب كابل، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 16 من «طالبان». وقالت مصادر عسكرية أفغانية إن القوات الخاصة قتلت 9 من «طالبان» في مديرية عذرا بولاية لوغر، كما أسرت 5 آخرين في منطقة بركي باراك، ودمرت مخزن أسلحة لـ«طالبان».
وأشارت المصادر إلى أن وحدات أفغانية قتلت اثنين من «طالبان» في مديرية محمد أغا (لوغر) ودمرت مخزناً للسلاح والذخيرة.
وفي الإطار ذاته، أشار بيان صادر عن «فيلق الرعد»، التابع للجيش الأفغاني، إلى غارات جوية شنتها طائرات أميركية وأفغانية على مواقع لحركة «طالبان» في ولايتي لوغر وغزني، قرب كابل، ما أدى إلى مقتل 18 من قوات الحركة.
وأوضح البيان أن 6 من «طالبان» قُتِلوا بغارة جوية في منطقة غاب ومنطقة آب بند في ولاية لوغر، وأن الطائرات الحربية الأميركية قصفت منطقة زرغون شهر ومحمد أغا وبيداك وتشرخ في ولاية لوغر أيضاً، ما أدى إلى مقتل 10 من مقاتلي «طالبان». كذلك قصف سلاح الجو الأفغاني منطقة ساري قلعة في مديرية خوكياني بولاية غزني، ما أدى إلى مقتل اثنين من «طالبان».
من جانبها، قالت وزارة الداخلية الأفغانية إن عدد ضحايا تفجير صالة للأفراح في كابل ارتفع ليصل إلى أكثر من 80 شخصاً بعد وفاة عدد من الجرحى ذوي الإصابات الحرجة جراء التفجير. وكانت وزارتا الصحة والداخلية في كابول قالتا إن التفجير أودى بحياة 63 شخصاً، يوم السبت الماضي.
في غضون ذلك، انتقدت حركة «طالبان» عدم إعلان الحكومة الأفغانية عن أسماء الوفد المرشح للتفاوض مع مكتبها السياسي في الدوحة. وقال سهيل شاهين الناطق باسم المكتب السياسي في تغريدة له على «تويتر» إن عدم الإفصاح عن أسماء أعضاء الوفد من قبل حكومة كابل، إما مرده إلى الخلافات الداخلية بين الحكومة والقوى السياسية على الأسماء المدرجة، أو أن جهات نافذة هي التي تتحكم بتشكيل الوفد. كما انتقد سهيل شاهين شمولية الوفد المقترح من الحكومة بالقول إنه لن يكون لديه صلاحيات لاتخاذ قرار، كما أنه لا يحظى بدعم وتأييد الجماعات السياسية الأفغانية.
وكانت وزارة السلام الأفغانية أعلنت، الشهر الماضي، أن الحكومة ستعيّن وفداً من 15 عضواً للتباحث مع «طالبان».
وأعلن المبعوث الأميركي لأفغانستان زلماي خليل زاد قبل وصوله مجدداً إلى الدوحة أن الولايات المتحدة باتت مستعدة لإنهاء التفاوض على النقاط المتبقية للتوقيع على اتفاق مع «طالبان». وقال في تغريدة له على «تويتر» إنه أجرى محادثات مثمرة في أفغانستان، وأطلع المسؤولين في كابل على الخطوات المقبلة في عملية المفاوضات مع «طالبان».
وأشار إلى أن الولايات المتحدة مستعدة الآن للتوقيع على اتفاق السلام، و«نحن بانتظار طالبان لتكون مستعدة».
وكانت الخارجية الأميركية قالت في بيان إن زلماي خليل زاد سيستأنف المفاوضات مع ممثلي «طالبان» في الدوحة تمهيداً لسلام ينهي الصراع في أفغانستان. كما أنه سيطلع الحكومة الأفغانية على عملية السلام الجارية ويشجعها على الدخول في حوار أفغاني مع «طالبان».
وفي تلميح لقرب الانسحاب الأميركي من أفغانستان، قال الرئيس دونالد ترمب إن الاتحاد السوفياتي بعد أن غزا أفغانستان تضاءل ليصبح روسيا فقط، بعد عقد من الحرب المتواصلة في أفغانستان. وجاءت تصريحات ترمب في ظل الجهود المبذولة لإنهاء الوجود الأميركي في أفغانستان الذي قارب العقدين. وقال ترمب إن الولايات المتحدة تعهدت بحماية الحكومة الأفغانية وقت الحاجة، وما تقوم به واشنطن الآن هو التفاوض مع الحكومة إلى جانب التفاوض مع «طالبان»، و«سنرى ما سيحصل نتيجة هذه المفاوضات».
إلى ذلك، شدد قلب الدين حكمتيار، زعيم «الحزب الإسلامي» الأفغاني المرشح لانتخابات الرئاسة، على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، رغم الشكوك في الوضع السياسي ومستقبل أفغانستان. وأشار حكمتيار في لقاء في كابل مع كبار شيوخ قبائل ولاية بكتيا إلى أنه مستمرّ في حملته الانتخابية إلى النهاية، مضيفاً أن إجراء الانتخابات هو الحل لمشاكل أفغانستان.


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».