استياء مصري من امتداد مفاوضات «سد النهضة» مع إثيوبيا دون نتيجة

القاهرة طالبت أديس أبابا ببرنامج زمني... وقالت إنها قدمت «مقترحاً عادلاً»

TT

استياء مصري من امتداد مفاوضات «سد النهضة» مع إثيوبيا دون نتيجة

عبّرت مصر عن استيائها من امتداد مفاوضات «سد النهضة» مع إثيوبيا لمدة زمنية طويلة، دون التوصل إلى اتفاق، وطالبت أديس أبابا بضرورة وضع برنامج زمني محدد لإنهائها.
ويبدو أن مصر قررت أن تكون أكثر حسماً إزاء مسار المفاوضات، التي تجري بمشاركة السودان منذ نحو 8 سنوات؛ حيث أكدت بشكل واضح خلال اجتماع للجنة العليا لمياه النيل، أمس، برئاسة مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، أنها «قدمت مقترحاً فنياً عادلاً، يُراعي مصالح إثيوبيا واحتياجاتها للكهرباء من السد، دون الإضرار الجسيم بالمصالح المائية المصرية».
وأطلقت إثيوبيا مشروع السد عام 2011، لكن مصر تخشى من تأثير متوقع للسد، الذي يجري تدشينه على أحد الروافد الرئيسية لنهر النيل، على حصتها المقدرة بـ55.5 مليار متر مكعب، والتي تمثل أكثر من 90 في المائة من احتياجاتها المائية. وتتعلق نقطة الخلاف الرئيسية بعزم إثيوبيا ملء خزان السد بمقدار 74 مليار متر مكعب على مدار سنة كاملة، وهو ما يقلص حصة مصر، ويدمر آلاف الأفدنة الزراعية. ولذلك ترى القاهرة «ضرورة تقسيم العملية على عدة سنوات».
ويقول الدكتور أحمد بهاء الدين، رئيس قطاع مياه النيل ورئيس الجانب الفني المصري لمفاوضات سد النهضة، لـ«الشرق الأوسط»: إن «رسالة مصر واضحة لإثيوبيا، وذكرنها صراحة». في إشارة إلى اجتماع اللجنة المصرية العليا لمياه النيل، التي شهدت حضور سامح شكري وزير الخارجية، ومحمد عبد العاطي وزير الموارد المائية والري، وممثلي وزارات الدفاع والمخابرات العامة، والرقابة الإدارية، والخبراء المختصين.
وبحسب المتحدث الرسمي باسم رئاسة الوزراء، المستشار نادر سعد، فإن اللجنة استعرضت مراحل المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا حول سد النهضة، وما استغرقتها من مدة زمنية طويلة دون التوصل إلى اتفاق، مشيراً إلى أن «مصر قدمت مقترحاً فنياً عادلاً، يُراعي مصالح إثيوبيا واحتياجاتها للكهرباء من السد، دون الإضرار الجسيم بالمصالح المائية المصرية».
وأوضح المتحدث أن اللجنة «أكدت خلال الاجتماع أهمية الانتهاء من المفاوضات، وفقاً لبرنامج زمني محدد، خاصة أن مصر وجّهت الدعوة بناءً على مطلب الجانب الإثيوبي بتعديل موعد الاجتماع السداسي بين الدول الثلاث (وزراء المياه والخارجية)، والذي كان مقرراً عقده يومي 19 و20 أغسطس (آب) الحالي، ليعقد يومي 15 و16 سبتمبر (أيلول) المقبل، بهدف التوصل إلى اتفاق حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة».
وكان وزير الموارد المائية والري في مصر قد سلم نظيره الإثيوبي، مطلع الشهر الحالي، رؤية مصر بشأن قواعد ملء وتشغيل السد، وتوقع عقد اجتماع قريب بحضور وزراء الري والخارجية في مصر وإثيوبيا والسودان.
وسبق أن طالبت مصر عبر وزير الخارجية سامح شكري، خلال لقائه نظيره الإثيوبي جيدو أندرجاتشيو في 20 من يونيو (حزيران) الماضي، بالإسراع بوتيرة المفاوضات، وضرورة الالتزام الأمين بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه. وفي يوليو (تموز) الماضي، أعلنت إثيوبيا أن أعمال البناء في السد ارتفعت إلى نسبة 67 في المائة، وأنه سيتم تركيب 11 وحدة كهرباء خلال الفترة المقبلة.
وقال المهندس كيفلي هورو، مدير مشروع سد النهضة الإثيوبي، وفقاً لوكالة الأنباء الإثيوبية، إن وحدتين من الوحدات التي يجري بناؤها من قبل شركة «ألستوم» الفرنسية ستبدأ إنتاج طاقة 750 ميغاوات بحلول عام 2020. ووفقاً لخطة الحكومة الإثيوبية، فإنه سيتم الانتهاء من السد عام 2022، ليكون أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في أفريقيا، وسابع أكبر سد في العالم.
وكان من المقرر أن يُجري مكتب استشاري فرنسي دراسات خاصة بتقييم تأثيرات السد على دولتي المصب (مصر والسودان)، وفقاً لاتفاق المبادئ الموقع بين الدول الثلاث عام 2015، لكن عمله تعثر حتى الآن لوجود خلافات.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».