حرب التجارة تقتطع 0.3 % من الناتج الأميركي وتفقد الأسر 1000 دولار سنوياً

ترمب يقر بالتفكير في خفض ضرائب الدخل ويصعّد ضد الصين والفيدرالي

ارتفاع الأسعار المحلية الناتج عن الرسوم الجمركية من شأنه أن يخفض القدرة الشرائية للمستهلكين ويزيد تكلفة استثمار الشركات (أ.ب)
ارتفاع الأسعار المحلية الناتج عن الرسوم الجمركية من شأنه أن يخفض القدرة الشرائية للمستهلكين ويزيد تكلفة استثمار الشركات (أ.ب)
TT

حرب التجارة تقتطع 0.3 % من الناتج الأميركي وتفقد الأسر 1000 دولار سنوياً

ارتفاع الأسعار المحلية الناتج عن الرسوم الجمركية من شأنه أن يخفض القدرة الشرائية للمستهلكين ويزيد تكلفة استثمار الشركات (أ.ب)
ارتفاع الأسعار المحلية الناتج عن الرسوم الجمركية من شأنه أن يخفض القدرة الشرائية للمستهلكين ويزيد تكلفة استثمار الشركات (أ.ب)

بينما يواصل الرئيس الأميركي دونالد ترمب تصعيده على الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) من جهة، وعلى الصين من جهة أخرى، قال مكتب الميزانية بالكونغرس الأميركي الأربعاء إن زيادة الحواجز التجارية، بما في ذلك الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب، من المتوقع أن تخفض مستوى الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة بنسبة 0.3 في المائة العام المقبل.
وأضاف مكتب الميزانية، وهو هيئة غير حزبية، أن ارتفاع الأسعار المحلية الناتج عن الرسوم الجمركية سيخفض القدرة الشرائية للمستهلكين ويزيد تكلفة استثمار الشركات، وأن الرسوم الجمركية من المتوقع أيضا أن تخفض الدخل الحقيقي لمتوسط الأسر الأميركية بنسبة 0.4 في المائة.
وفي تحديث للتوقعات الاقتصادية، أبقى مكتب الميزانية على توقعاته للنمو الاقتصادي لعام 2019 بلا تغيير عند 2.3 في المائة، وبلغ معدل النمو العام الماضي 2.5 في المائة.
وقال مكتب الميزانية أيضا إن العجز في ميزانية الولايات المتحدة سيبلغ في المتوسط 1.2 تريليون دولار سنويا في الفترة بين السنتين الماليتين 2020 و2029، وتبدأ السنة المالية 2020 في أول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وعلى صعيد ذي صلة، ذكر تقرير صادر عن بنك «جيه بي مورغان»، أن التعريفات الجمركية التي فرضها ترمب على الصين ستكلف العائلات الأميركية نحو 1000 دولار إضافية سنويا.
وبحسب التقرير الذي نشرت شبكة «سي إن إن» مقتطفات منه، الأربعاء، فإن التكلفة المقدرة على الأسرة الأميركية جراء التعريفات التي قام ترمب بفرضها بالفعل تبلغ 600 دولار سنويا، وهذا المبلغ قد يرتفع إلى 1000 دولار إذا مضى الرئيس الأميركي في خطته لفرض مزيد من التعريفات الجمركية على 300 مليار دولار من البضائع التي يتم استيرادها من الصين.
وأوضح التقرير أن هذه التقديرات تظهر أن الرئيس الأميركي «يلعب بالنار» من خلال توسيع الحرب التجارية مع الصين، لتشمل فرض تعريفات جمركية على طيف واسع من البضائع الاستهلاكية، بما في ذلك ألعاب الفيديو وأجهزة التلفزيون والملابس. وقال دوبرافو لاكوس بوغاس، الخبير لدى «جيه بي مورغان» في التقرير الذي تم إرساله للعملاء إن «التعريفات سوف تؤثر بشدة على محفظة المستهلك - الناخب الأميركي قبيل انتخابات 2020».
وفرض ترمب رسوما جمركية قاسية على سلع صينية بقيمة 250 مليار دولار، كما يعتزم فرض تعرفات جديدة على واردات بقيمة 300 مليار دولار في جولتين أخريين في 1 سبتمبر (أيلول) و15 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين.
ورغم تحذير صندوق النقد الدولي وغيره من الجهات من أن حرب ترمب التجارية تؤدي إلى تباطؤ النمو العالمي، ومع ظهور مؤشرات على احتمال حدوث انكماش في الاقتصاد الأميركي، ضاعف ترمب هجماته على الاحتياطي الفيدرالي وعلى الصين. وبدأ هو ومستشاروه في الحديث عن جوانب إيجابية في الاقتصاد لمواجهة المخاوف المتزايدة في الأسواق المالية الأميركية.
في الوقت ذاته، واصل ترمب هجماته التي لا تتوقف على البنك المركزي ولام رئيسه جيروم باول لما وصفه بإخفاقه في السماح للاقتصاد بالنمو وارتفاع سعر الدولار.
وفي موجة من التغريدات الأربعاء، قال ترمب مشيرا إلى بأول: «سيتحقق نمو أميركي كبير إذا قام بالخطوات الصحيحة، خفض كبير، لكن لا يُعتمد عليه. حتى الآن ارتكب الأخطاء وخذلنا». وأضاف: «أمس (شهدنا) أعلى سعر للدولار في تاريخ الولايات المتحدة... لا تضخم. استيقظ يا احتياطي فيدرالي. أمامك فرص كبيرة للنمو لم يسبق لها مثيل!».
ووصف ترمب رئيس الفيدرالي جيروم باول بلاعب الغولف الذي لا يستطيع تسديد الكرة. وأشار إلى أنه كان من الممكن أن تشهد الولايات المتحدة نمواً اقتصادياً أكبر إذا كان باول يفعل الشيء الصحيح، ألا وهو خفض كبير بمعدل الفائدة. وذكر أن رئيس المركزي الأميركي يتخذ القرارات الخاطئة حتى الآن، قائلاً إنه «فقط يخذلنا».
ودعا ترمب الفيدرالي الأميركي إلى التحرك، موضحا أن بلاده لديها إمكانيات لتحقيق معدل نمو، لم تتوافر من قبل تقريبا... موضحا أن بلاده تتنافس مع كثير من الدول التي لديها معدلات فائدة أقل بكثير، مشيراً إلى أن الفائدة الأميركية يجب أن تكون أقل منهم جميعاً.
ومن جهة أخرى، أقر ترمب بأن إدارته تبحث تخفيضات ضريبية، بما في ذلك خفض الضرائب على الرواتب، وذلك عقب نفي البيت الأبيض تقارير تشير إلى أن الإدارة تدرس تخفيضا مؤقتا في ضرائب الرواتب لدعم الاقتصاد.
وذكر الرئيس الأميركي في تصريحات على هامش لقائه مع رئيس رومانيا في البيت الأبيض، مساء الثلاثاء: «خفض ضرائب الدخل شيء أفكر فيه، كثير من الأميركيين يرغبون في رؤية ذلك». ولكنه لم يعط تفاصيل عن خفض الضرائب ولم يضع أي إطار زمني له.
أما على صعيد التصعيد مع الصين، فقد برر ترمب حربه التجارية، وأشار إلى أن حدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة «لفترة وجيزة» قد يكون ثمنا لهذه الحرب. وقال إنه «كان ينبغي على أحد ما أن يتعامل مع الصين»، وأضاف أن «حياتي ستكون أسهل بكثير لو لم أواجه الصين، لكني أحب أن أفعل ذلك لأنه علي أن أفعل ذلك»، وفقا لما نقلته وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية. وأشار إلى أن «سوق الأسهم الأميركية كان من الممكن أن تكون أعلى بـ10 آلاف نقطة ما لم تشتعل الحرب مع الصين».
كما دعا ترمب شركة «آبل» العملاقة إلى مغادرة الصين. وقال خلال لقاء مع رئيس رومانيا، كلاوس جوهانيس، يوم الثلاثاء، إنه لو لم يقم بمساعدة شركات مثل «آبل» «لكانت ستواجه مشكلات كبيرة». وأضاف: «يمكنني مساعدة الشركات الأميركية مثل آبل لفترة قصيرة للغاية، حتى تفعل ما يجب عليها القيام به: على الأرجح مغادرة الصين».



بكين تنتقد مساعي أميركية لإشعال «حرب الثوم»

مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
TT

بكين تنتقد مساعي أميركية لإشعال «حرب الثوم»

مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)

حثت وزارة الخارجية الصينية يوم الجمعة الساسة الأميركيين على ممارسة المزيد من «الحس السليم» بعد أن دعا عضو في مجلس الشيوخ الأميركي إلى إجراء تحقيق في واردات الثوم الصيني، مستشهدا بمخاوف بشأن سلامة الغذاء وممارسات العمل في البلاد.

وكتب السيناتور الجمهوري ريك سكوت إلى العديد من الإدارات الحكومية الأميركية هذا الأسبوع، واصفا في إحدى رسائله الثوم الصيني بأنه «ثوم الصرف الصحي»، وقال إن استخدام البراز البشري سمادا في الصين أمر يثير القلق الشديد.

وفي رسائل أخرى، قال إن إنتاج الثوم في الصين قد ينطوي على ممارسات عمالية استغلالية وإن الأسعار الصينية المنخفضة تقوض جهود المزارعين المحليين، ما يهدد الأمن الاقتصادي الأميركي.

وتعتبر الولايات المتحدة الصين أكبر مورد أجنبي لها للثوم الطازج والمبرد، حيث يتم شحن ما قيمته ملايين الدولارات منه عبر المحيط الهادئ سنويا.

وقالت ماو نينغ، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، عندما سُئلت في مؤتمر صحافي دوري عن رسائل سكوت: «لم يكن الثوم ليتخيل أبداً أنه سيشكل تهديداً للولايات المتحدة... ما أريد التأكيد عليه هو أن تعميم مفهوم الأمن القومي وتسييس القضايا الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية وتسليحها لن يؤدي إلا إلى زيادة المخاطر الأمنية على سلسلة التوريد العالمية، وفي النهاية إلحاق الضرر بالآخرين وبنفسنا». وأضافت: «أريد أيضاً أن أنصح بعض الساسة الأميركيين بممارسة المزيد من الحس السليم والعقلانية لتجنب السخرية».

ومن المتوقع أن تتصاعد التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم عندما يعود دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني)، بعد أن هدد بفرض تعريفات جمركية تتجاوز 60 في المائة على واردات الولايات المتحدة من السلع الصينية.

وخلال فترة ولاية ترمب الأولى، تعرض الثوم الصيني لزيادة التعريفات الجمركية الأميركية إلى 10 في المائة في عام 2018، ثم إلى 25 في المائة في عام 2019. وكان الثوم من بين آلاف السلع الصينية التي فرضت عليها تعريفات جمركية أعلى خلال الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين والتي كانت السمة المميزة لرئاسته.

ومن غير المرجح أن تهز أي إجراءات عقابية على الثوم الصيني وحده التجارة الثنائية الإجمالية، حيث تمثل شحناته جزءاً ضئيلاً فقط من صادرات الصين البالغة 500 مليار دولار إلى الولايات المتحدة العام الماضي.

وفي سياق منفصل، قال المكتب الوطني الصيني للإحصاء يوم الجمعة إن إجمالي إنتاج الحبوب في الصين بلغ مستوى قياسيا يتجاوز 700 مليون طن متري في عام 2024، مع تحرك بكين لتعزيز الإنتاج في سعيها لتحقيق الأمن الغذائي.

وقال وي فنغ هوا، نائب مدير إدارة المناطق الريفية، في بيان، إن إنتاج العام في أكبر مستورد للحبوب في العالم بلغ 706.5 مليون طن، بعد حصاد أكبر من الأرز الأساسي والقمح والذرة. وأظهرت بيانات المكتب أن هذا أعلى بنسبة 1.6 في المائة من حصاد عام 2023 البالغ 695.41 مليون طن.

وقال وي: «كان حصاد الحبوب هذا العام وفيراً مرة أخرى، بعد أن تبنت المناطق والسلطات الصينية بشكل صارم مهام حماية الأراضي الزراعية والأمن الغذائي، مع التغلب على الآثار السلبية للكوارث الطبيعية».

وتعتمد الصين بشكل كبير على الواردات من البرازيل والولايات المتحدة لإطعام سكانها البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة. وفي السنوات الأخيرة، كثفت الصين استثماراتها في الآلات الزراعية وتكنولوجيا البذور في إطار الجهود الرامية إلى ضمان الأمن الغذائي. وأظهرت البيانات أن إنتاج الأرز في عام 2024 ارتفع إلى 207.5 مليون طن، بزيادة 0.5 في المائة على أساس سنوي، في حين نما إنتاج القمح بنسبة 2.6 في المائة إلى 140.1 مليون طن. وشهد الذرة قفزة أكبر عند مستوى قياسي بلغ 294.92 مليون طن، بزيادة 2.1 في المائة عن العام السابق. وانخفضت فول الصويا بنسبة 0.9 في المائة إلى 20.65 مليون طن.

ويعزى الحصاد الوفير إلى زيادة زراعة الأرز والذرة، بالإضافة إلى غلة أفضل من الأرز والقمح والذرة.

وقال وي إن المساحة المزروعة بالحبوب على المستوى الوطني بلغت حوالي 294.9 مليون فدان (119.34 مليون هكتار)، بزيادة 0.3 في المائة عن العام السابق في السنة الخامسة على التوالي من التوسع.

وارتفعت مساحة زراعة الأرز للمرة الأولى منذ أربع سنوات، بنسبة 0.2 في المائة على أساس سنوي إلى 71.66 مليون فدان (29 مليون هكتار). كما ارتفعت مساحة زراعة الذرة بنسبة 1.2 في المائة إلى 110.54 مليون فدان (44.74 مليون هكتار). وانكمش حجم زراعة فول الصويا بنسبة 1.4 في المائة إلى 25.53 مليون فدان (10.33 مليون هكتار). كما انخفض حجم زراعة القمح بنسبة 0.2 في المائة إلى 58.32 مليون فدان (23.6 مليون هكتار).

وقالت وزارة الزراعة الصينية إنه على الرغم من زيادة الإنتاج، تظل الصين معتمدة على الإمدادات المستوردة من فول الصويا والذرة.