موسكو وبكين تحذران من «استفزاز سباق تسلح»

130 ألف عسكري روسي يشاركون في تدريبات واسعة الشهر المقبل

موسكو وبكين تحذران من «استفزاز سباق تسلح»
TT

موسكو وبكين تحذران من «استفزاز سباق تسلح»

موسكو وبكين تحذران من «استفزاز سباق تسلح»

أطلق إجراء الولايات المتحدة، أمس، أول اختبار لصاروخ متوسط المدى بعد انهيار معاهدة الحد من هذه الصواريخ قبل أسبوعين، موجة انتقادات روسية وصينية على المستويين العسكري والسياسي، ورغم إعلان موسكو أن «التطور لم يكن مفاجئا» لكن ردود الفعل الغاضبة عكست مخاوف لدى الأوساط الروسية من احتمال انزلاق الوضع نحو سباق تسلح جديد، أكدت الخارجية الروسية أن بلاده «لن تسمح بأن يتم زجها فيه».
ومباشرة بعد عبارات التنديد القوية التي صدرت في بكين، جاء التنديد الروسي ليؤكد تطابق مواقف روسيا والصين حيال آليات التعامل مع ملفات الأمن الاستراتيجي وقضايا التسلح، وفقا لتعليق مصدر في الخارجية الروسية.
وحملت ردود الفعل المتعاقبة من الخارجية ومن أوساط البرلمانيين والخبراء المقربين من المؤسسة العسكرية انتقادات لواشنطن وتحذيرات من تدهور الوضع في مجال التسلح الاستراتيجي، أبرزها ركّز على المخاوف من انخراط روسيا في سباق تسلح، على الرغم من الإعلانات المتكررة لموسكو عن استعدادها للتعامل مع التحديات الجديدة من دون الانزلاق في سباق تسلح مرهق لموازنتها. كما طرح سؤال آخر حول توقيت إجراء الاختبار الأميركي بعد مرور أسبوعين فقط على انتهاء مفعول المعاهدة المبرمة في عام 1987، ما عكس تأكيدا لوجهة النظر الروسية بأن واشنطن كانت أعدت طويلا لمثل هذا التطور.
ونقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية عن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أن موسكو لن تسمح بأن يتم دفعها للانضمام إلى سباق تسلح جديد، وذكر بكلمات الرئيس فلاديمير بوتين قبل أسابيع التي شدد فيها على قدرة بلاده على مواجهة التهديدات المتصاعدة بالاعتماد على قدراتها الصاروخية الحالية، وأنها «وجدت آليات ليست باهظة الثمن لمواجهة الموقف الجديد».
وعلّق ريابكوف على اختبار صاروخ كروز الأميركي غير النووي، الذي كان محظورا بموجب معاهدة الصواريخ المتوسطة قصيرة المدى التي انتهى مفعولها في الثاني من أغسطس (آب)، مشيرا إلى أن موسكو «تتعامل مع الموقف بهدوء، ولن تذهب نحو مواقف انفعالية، وقد افترضنا في السابق أن تطور الأحداث سوف يسير في هذا الاتجاه».
وفي الوقت نفسه، لفت الانتباه إلى «المواعيد الضيقة» التي مرت بها الاستعدادات للاختبار. وقال إن إجراء الاختبار بعد مرور أكثر من أسبوعين بقليل هو «أمر لافت»، مضيفا أنه «من المستحيل عمليا تنفيذ مثل هذه التجارب حاليا إلا إذا أعدت واشنطن مسبقا لها بشكل جيد خلال مدة سريان المعاهدة».
ولاحظ نائب الوزير الروسي أنه «خلال كل هذا الوقت كانت الولايات المتحدة تبحث فقط عن عذر لتحرير نفسها من الالتزامات بموجب المعاهدة».
وكان بوتين أكد بعد انسحاب واشنطن من المعاهدة التزام موسكو بوقف أحادي الجانب لنشر مثل هذه الأنظمة (الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى التي تنطلق من البر)، لكنه قال إن بلاده «ستواجه كل خطوة من جانب واشنطن بخطوة جوابية متكافئة».
وزاد الرئيس الروسي أن بلاده «اتخذت قرار الانسحاب من المعاهدة فقط ردا على تصرفات أميركية مماثلة، وتدعو كل الأطراف إلى إبقاء الالتزام بعدم نشر هذه الصواريخ رغم انهيار المعاهدة».
تم توقيع اتفاقية حول إزالة الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى في عام 1987، ونصت على تعهد الاتحاد السوفياتي المنحل والولايات المتحدة بتدمير جميع هذه المجمعات من الصواريخ الباليستية والقذائف الأرضية، وكذلك عدم إنتاجها أو اختبارها أو نشرها في المستقبل.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2018، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب انسحاب واشنطن من المعاهدة، متهما موسكو بانتهاك الالتزامات.
في وقت لاحق، أعطى وزير الخارجية مايك بومبو موسكو مهلة شهرين «للعودة إلى الامتثال» لشروط الاتفاقية. على وجه الخصوص، طالبت الولايات المتحدة روسيا بالتخلي عن تطوير صاروخ حمل اسم M729. والذي تقول واشنطن إن مداه ينتهك أحكام معاهدة الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى.
بينما أكدت موسكو، أن هذه الاتهامات لا أساس لها، ودعت الخبراء الأميركيين لزيارة موقع صناعة الصاروخ، لكن الجانب الأميركي رفض الدعوة، وأعلن أن موسكو لن تطلع الزائرين على كل التفاصيل المتعلقة بصناعة وتطوير هذا الصاروخ.
ووقع الرئيس الروسي الشهر الماضي قانون تعليق المعاهدة. ودخل انسحاب موسكو منها حيز التنفيذ في 2 أغسطس.
على صعيد آخر، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عزمها على إجراء مناورات عسكرية واسعة الشهر المقبل تحمل اسم «سنتر 2019» ووصفتها بأنها مناورات استراتيجية. وأفاد بيان أصدرته الوزارة بأن المناورات ستجري في الفترة من 16 إلى 21 من الشهر المقبل، بمشاركة نحو 130 ألف عسكري وأكثر من 20 ألف وحدة من المعدات والأسلحة ونحو 600 طائرة ومقاتلة فضلا عن مشاركة عشرات السفن الحربية وسفن الإمداد.
وينتظر أن تجري التحركات الأساسية خلال المناورات في ثماني ساحات تغطي القطاعات العسكرية الروسية في مناطق الشمال والغرب والجنوب، فيما أشار البيان إلى أن «بعضا من مراحل التدريب ستجري وفقا لخطط منفصلة في ساحات تدريب في بلدان أجنبية». رجح خبراء أن تكون بعض بلدان رابطة الدول المستقلة.
ووفقا لمعطيات وزارة الدفاع فإنه سيتم التعامل خلال التدريبات مع «مسائل تتعلق باستخدام مجموعات دول التحالف في مكافحة الإرهاب الدولي وضمان الأمن العسكري في الوجهة الاستراتيجية لآسيا الوسطى».
ولفتت إلى أن الأهداف الرئيسة للتدريبات «لن تقتصر على التحقق من مستوى القوات وتدريبها العملي، ولكن أيضا لزيادة مستوى التعاون واستعراض استعداد الجيوش في روسيا ودول آسيا الوسطى لحماية المصالح الوطنية».
وقالت الوزارة في بيانها إن المناورات ستجري على مرحلتين، أولا التعامل مع مسائل الحرب على الإرهاب، وصد هجمات من الجو، والاستطلاع والإجراءات الدفاعية، وثانيا، ستشمل التحول إلى الهجوم، من أجل هزيمة العدو المفترض. ومن الجانب الروسي، ستشارك قوات المنطقة العسكرية المركزية وأسطول بحر قزوين، بالإضافة إلى جزء من قوات المنطقة العسكرية الشرقية والقوات المحمولة جوا وطيران النقل العسكري التابع لسلاح الجو الروسي.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.