الحكم الرشيد ومحاصرة الفقر والفساد أولويات السودان لإنقاذ الاقتصاد

طموحات المواطنين تتزايد بحثاً عن واقع حياتي جديد

TT

الحكم الرشيد ومحاصرة الفقر والفساد أولويات السودان لإنقاذ الاقتصاد

ارتفع سقف آمال وطموحات السودانيين غداة التوقيع النهائي على وثيقتي الفترة الانتقالية، في الخروج من حالة البؤس الاقتصادي التي خلّفها الحكم السابق، والانتقال بالبلاد و«العباد» إلى وضع اقتصادي يحقق الوفرة والرفاهة.
وقال خبراء اقتصاديون إن توقيع الوثائق المؤسسة للمرحلة الانتقالية، يضع الحكومة المزمع تكوينها أمام تحديات صعبة، تتعلق بالإدارة والتخطيط الاقتصادي السليم، ومحاسبة الفساد والفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة، والعمل على حذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وحسب كلمة قوى إعلان الحرية والتغيير في أثناء حفل توقيع الوثائق الانتقالية، فإن هناك صعوبات موضوعية تواجه الإصلاح الاقتصادي، تتمثل في استشراء الفساد والمحسوبية والتغول على المال العام، والترهل الإداري، والصرف الباذخ على دواوين الحكومة، وتوظيف معظم الإيرادات لصالح أجهزة القمع.
وقال ممثل «الحرية والتغيير» محمد ناجي الأصم، في كلمته، إن هذه العوائق الموضوعية تقف حجر عثرة في طريق الإنعاش الاقتصادي وحل مشكلات الشعب.
وحسب الأصم فإن ما سماها «الإرادة الثورية والروح الوطنية الجديدة ستوفر المصادر الاقتصادية، والخبرات البشرية اللازمة للعبور نحو التقدم والنماء».
ويحدد أستاذ الاقتصاد بجامعة أم درمان الإسلامية، الفاتح عثمان، أن أولويات الحكومة الانتقالية تتمثل في تحقيق السلام، وإصلاح الوضع الاقتصادي للوصول إلى رفاهة اقتصادية ومعيشية. وقال عثمان لـ«الشرق الأوسط» إن 80% من موازنة السودان كانت تذهب إلى الأجهزة الأمنية المختلفة، وتحقيق السلام يعني تحويل هذه الموارد الضخمة إلى ميزانية التنمية.
ويرى خبراء اقتصاديون أن إصلاح الاقتصاد لن يتم إلاّ بإقامة حكم رشيد يستند إلى «المشاركة والشفافية والمساءلة والمساواة والعدالة وسيادة القانون» في مؤسسات الدولة كافة.
ويشترط الخبير أستاذ علم الاقتصاد بجامعة المغتربين محمد الناير، لإصلاح الاقتصاد اتِّباع سياسات اقتصادية واجتماعية، تهدف إلى القضاء على الفقر وتوسيع الخيارات المتاحة للجميع، ومحاصرة الفساد والسيطرة عليه.
ويذكّر الأستاذ المشارك بالجامعات السعودية هيثم فتحي، الحكومة الانتقالية، بأهمية تجنيب المواطنين عبء فاتورة الاقتصاد المتراجع في أثناء معالجاتها للمشكلات الاقتصادية، بابتكار حلول تجنّبهم عناء الإصلاح الاقتصادي.
ويشدد فتحي على أهمية الاستثمار في الزراعة، لأن الاقتصاد السوداني يعتمد عليها بالكامل، بزيادة مساهمات القطاع الخاص السوداني والأجنبي في الاستثمارات الزراعية، وذلك يتيح فرصاً واسعة لتشغيل العاطلين عن العمل، وتوجيه الدعم الحكومي إلى المزارع بما يزيد من دخله، ويدفعه باتجاه الإنتاج.
ويقول فتحي: «السودان لن ينهض بالقروض، بل عليه إجراء إصلاحات داخلية، واتباع تشريعات استثمارية جاذبة، لمواجهة تراجع الاقتصاد الحاد الذي تشهده البلاد منذ اندلاع الثورة في أبريل (نيسان) الماضي، لأسباب سياسية في المقام الأول».
ودفع فتحي بعدة خيارات للحكومة الانتقالية، من بينها اتباع سياسات انكماشية تحقق الاستقرار في الاقتصاد الكلي، أو اتباع سياسات توسعية، تدفع معدلات النمو الاقتصادي بما يستجيب لمطالب المواطنين.
ويشترط فتحي على الحكومة الانتقالية توفير الغطاء القانوني لجذب الاستثمارات، وتنويع الخريطة الاستثمارية لتغطي أنحاء البلاد كافة، حسب الميزات التنافسية لولايتها المختلفة، ويتابع: «هذا بجانب العمل على إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وتحسين صورته الخارجية، بما يساعد الاستثمارات».
ويقول إن على «الانتقالية» بذل جهود كبيرة لإعادة إدماج السودان في النظام المصرفي والمالي العالمي، بخاصة مع دول الخليج العربي والصين وأميركا ودول أوروبا الغربية، باعتبارها أسواقاً رئيسية للصادرات والواردات السودانية.
ويشترط فتحي لإصلاح الاقتصاد السوداني وضع «استراتيجية للسنوات العشر القادمة» كمرحلة انتقالية تمكّنه من تحقيق مستوى معقول من التنمية، تؤدي إلى انخفاض أرقام التضخم وآثاره المرتبطة بالنقد، ما يتطلب إصلاح سياسات البنك المركزي الحالية.
ويرى أن تحقيق نمو اقتصادي يضمن توفير فرص عمل جديدة، تؤدي حتماً إلى رفع مستوى معيشة الأفراد، ويمكّنهم من توفير احتياجاتهم الأساسية، ويُخرجهم من حالة الفقر المدقع إلى «قوة دافعة للإنتاج والسوق والحركة التجارية».



وزير الاقتصاد الألماني يطالب بتغيير قواعد ديون الاتحاد الأوروبي

وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
TT

وزير الاقتصاد الألماني يطالب بتغيير قواعد ديون الاتحاد الأوروبي

وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)

قال وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، إنه يسعى لتغيير قواعد الديون التي تم التفاوض عليها بشق الأنفس داخل الاتحاد الأوروبي، واصفاً إياها بـ«الخطر الأمني» لأنها تمنع الإنفاق الضروري على الدفاع وغيرها من الأولويات.

وأضاف المرشح عن حزب «الخضر» لمنصب المستشار في مؤتمر صناعي في برلين يوم الثلاثاء: «هذه القواعد لا تتناسب مع متطلبات العصر»، وفق «رويترز».

وأشار هابيك إلى أن الحكومة الائتلافية تفاوضت بشكل غير صحيح على إصلاحات القواعد الأوروبية، دون أن يذكر كريستيان ليندنر، وزير المالية السابق المسؤول عن تلك المفاوضات.

وأدى نزاع حول الإنفاق إلى انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا في وقت سابق من هذا الشهر، بعدما قام المستشار أولاف شولتز بإقالة ليندنر، المعروف بتوجهاته المتشددة في مجال المالية العامة، ما فتح الباب لإجراء انتخابات مبكرة في فبراير (شباط) المقبل.

وفي إشارة إلى مطالبات بإعفاء الإنفاق الدفاعي من القيود المفروضة على الاقتراض بموجب الدستور، قال هابيك: «لا يمكننا التوقف عند مكابح الديون الألمانية». وأضاف أن ألمانيا قد تضطر إلى تحقيق مزيد من المدخرات في موازنتها لعام 2025 للامتثال لقواعد الاتحاد الأوروبي المالية، حتى إذا التزمت بالحد الأقصى للاقتراض بنسبة 0.35 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي كما ينص دستور البلاد.

وبعد أشهر من النقاشات، وافق الاتحاد الأوروبي في نهاية عام 2023 على مراجعة قواعده المالية. وتمنح القواعد الجديدة، التي دخلت حيز التنفيذ في أبريل (نيسان) الدول أربع سنوات لترتيب شؤونها المالية قبل أن تواجه عقوبات قد تشمل غرامات أو فقدان التمويل الأوروبي. وإذا اقترن مسار خفض الديون بإصلاحات هيكلية، يمكن تمديد المهلة إلى سبع سنوات.

وأشار هابيك إلى أن القواعد الجديدة قد تسمح بزيادة الاقتراض إذا أسهم ذلك في زيادة النمو المحتمل.

وردّاً على انتقادات هابيك، قال ليندنر إن الدول الأوروبية بحاجة إلى الالتزام بحدود إنفاقها، مشيراً إلى «قلقه الشديد» بشأن مستويات الديون المرتفعة في فرنسا وإيطاليا. وأضاف ليندنر لـ«رويترز»: «الوزير هابيك يلعب باستقرار عملتنا». وأكد قائلاً: «إذا شككت ألمانيا في قواعد الاتحاد الأوروبي المالية التي تفاوضت عليها بشق الأنفس أو خالفتها، فإن هناك خطراً في انفجار السد».