وقائع محاكمة الرئيس السوداني المعزول... أنصاره رددوا: «منصور منصور يا البشير»

شهدت منع التصوير التلفزيوني وأقاربه كانوا أبرز الحضور

الرئيس السوداني المعزول عمر البشير خلال مثوله أمام المحكمة (أ.ف.ب)
الرئيس السوداني المعزول عمر البشير خلال مثوله أمام المحكمة (أ.ف.ب)
TT

وقائع محاكمة الرئيس السوداني المعزول... أنصاره رددوا: «منصور منصور يا البشير»

الرئيس السوداني المعزول عمر البشير خلال مثوله أمام المحكمة (أ.ف.ب)
الرئيس السوداني المعزول عمر البشير خلال مثوله أمام المحكمة (أ.ف.ب)

مَثل الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، الذي حكم السودان طوال 30 عاماً، أمام المحكمة، اليوم (الاثنين)، في الخرطوم، حيث يواجه تهمة الفساد.
وظهر البشير داخل القفص خلال المحاكمة التي عقدت في معهد العلوم القضائية والقانونية، مرتدياً جلباباً تقليدياً أبيض ومعتمراً عمامة. ومن المقرر أن تعقد الجلسة المقبلة من المحاكمة السبت المقبل.
وشهدت قاعة المحاكمة حضوراً «لافتاً» لأنصار وأقارب البشير الذين شغلوا العدد الأكبر من مقاعد الحاضرين، مرددين طوال وقت المُحاكمة، التي استغرقت ساعتين، هتافات مؤيدة له عند نطق القاضي لاسمه مثل «منصور منصور يا البشير»، «والله أكبر»، وفقاً لصحافي حضر جلسة الحاكمة تحدث إلى «الشرق الأوسط».
وأضاف الصحافي السوداني، وهو من القلائل ممن سُمح لهم بحضور جلسة المحاكمة، أن القاضي أمر أنصار البشير أكثر من مرة بالتزام الصمت عند ترديد هتافاتهم المؤيدة للرئيس المعزول داخل القاعة، موضحاً أنهم امتثلوا في بعض الأوقات، قبل أن يعيدوا إطلاق هذه الهتافات بعد انتهاء الجلسة.
ورد البشير على بعض هتافات أنصاره مردداً: «الله أكبر»، كما لوح للحضور مبتسماً، وفقاً له.
وتابع الصحافي أن منع الإعلام التلفزيوني من التصوير يعد أبرز الملاحظات في المحاكمة، خاصة أن محامي البشير سبق له تقديم طلب بإذاعة المحاكمة على الهواء أو تسجيلها وبث مقاطع منها، متسائلاً: «لا أعرف هل تراجع محامي البشير أم رفض المجلس العسكري ذلك؟».
وأجاب البشير على سؤال قاضي المُحاكمة له بتعريف نفسه، قائلاً: «كُنت أسكن قصر الضيافة، ولكني الآن أسكن سجن كوبر»، وأجاب مبتسماً حول حالته الاجتماعية: «متزوج من اثنتين».
وفي مايو (أيار)، أعلن النائب العام عن توجيه اتهامات للبشير بقتل متظاهرين في المظاهرات التي أطاحت به، لكن أخطر الاتهامات التي يواجهها هي الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي. وتتضمن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي لدوره المزعوم في الحرب في إقليم دارفور.
ومثل البشير أمام النيابة العامة للمرة الأولى في 16 يونيو (حزيران).
من جانبه، قال الصحافي السوداني عمار عوض الشريف إن مشهد قدوم البشير إلى المحكمة، في عربات دفع رباعي، مرتدياً الجلباب وفي يده ساعة «فاخرة»، يبعث برسائل للجميع مفادها أنه ما زال «قوياً وواثقاً من نفسه» بعد عزله عن السلطة.
وأضاف عوض في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أن حديث البشير عن عدم معرفته ببنود صرف ملايين الدولارات كشفت الفوضى المالية والفساد خلال سنوات حُكمه، فضلاً عن كون ذلك دليلاً على أن البشير كان يُنفق الأموال على أمور شخصية ليس لها صلة بمتطلبات الشعب السوداني الحقيقية.
وحول الدلالات السياسية لمحاكمة البشير، قال عوض: «هي إدانة لتجربة حُكم الحركة الإسلامية الحاكمة، وكاشفة لتحول الرجل من قائد سياسي إلى فاسد مالياً، فضلاً عن كونها ضربة كبيرة لمشروع الإسلام السياسي في الحُكم».
وتوقع عوض إفلات البشير من قضية تبديد الأموال بحُكم قضائي «مُخفف» أو تبرئته، لكنه يستدرك: «فور فراغ هذه المحكمة من أعمالها وبعد تشكيل السلطة الجديدة سينفتح أمامه صنبور من البلاغات الجنائية المتعلقة بالفساد السياسي وقتل المواطنين في دارفور والإعدامات خارج القانون التي قام بها تجاه المعارضين السياسيين». وأكمل: «وهناك جريمة تقويض النظام الدستوري للانقلاب الذي قام به عام 1989، وهي تهمة تعتبر الوحيدة التي سيحصل فيها على حكم قاسٍ محدد في القانون الجنائي بـ25 سنة سجناً، وهي التهمة التي لن ينجو منها».
وتتكون هيئة محامي البشير من 97 محامياً على رأسهم أحمد إبراهيم الطاهر، وهو قيادي في المؤتمر الوطني المحروم من المشاركة السياسية خلال الفترة الانتقالية.
وعن المحامين الذين دافعوا عنه اليوم، قال عوض إن أعدادهم قاربت التسعين، لكن أبرز من حضر المحكمة اليوم القانوني أحمد إبراهيم الطاهر، وهو قيادي إخواني معروف ورئيس البرلمان السابق في عهد البشير، والمحامي الإخواني المعروف محمد الحسن الأمين وأحد رموز برلمان البشير بعد الإطاحة بالترابي، موضحاً أن الاثنين من قادة الحركة الإسلامية منذ السبعينات، وعضوان في حزب المؤتمر الوطني الذي كان يرأسه البشير.
‬وقال رئيس هيئة الدفاع أحمد إبراهيم للصحافيين عقب انتهاء جلسة المحاكمة: «لا بيانات أو أدلة بخصوص تهمة الثراء الحرام الموجهة للبشير. أي شخص في وظيفة البشير لا بد أن يكون لديه نقد أجنبي، حيث كان في غرفة ملحقة بمكتبه في السكن الرئاسي».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.