تلميح تركي إلى الخيار العسكري في إدلب إذا فشلت المفاوضات

مقتل شرطي بانفجار سيارة مفخخة في القامشلي

تجمع مارة وقوات أمن كردية قرب السيارة التي انفجرت أمس في القامشلي (أ.ف.ب)
تجمع مارة وقوات أمن كردية قرب السيارة التي انفجرت أمس في القامشلي (أ.ف.ب)
TT

تلميح تركي إلى الخيار العسكري في إدلب إذا فشلت المفاوضات

تجمع مارة وقوات أمن كردية قرب السيارة التي انفجرت أمس في القامشلي (أ.ف.ب)
تجمع مارة وقوات أمن كردية قرب السيارة التي انفجرت أمس في القامشلي (أ.ف.ب)

فتحت مصادر عسكرية تركية الباب أمام احتمالات قيام الجيش والفصائل السورية المسلحة الموالية له بعمل عسكري لحماية نقاط المراقبة التركية الـ12 المنتشرة في منطقة خفض التصعيد في إدلب، وتوفير الحماية للمدنيين في المنطقة حال فشل المساعي الرامية إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة.
ونقلت وسائل إعلام تركية عن هذه المصادر، أمس (الأحد)، قولها إن الوضع في إدلب يخضع لضمانات من جانب تركيا وروسيا وإيران بموجب اتفاقات آستانة وسوتشي.
وشددت المصادر على أن نقاط المراقبة التركية ثابتة، ولن تتحرك من أماكنها، ولن يتم سحب القوات التركية من أي نقطة مهما كان حجم التصعيد. وأشارت إلى أن هذه النقاط أنشئت لمنع تقدم قوات النظام السوري نحو إدلب ويتم التشاور مع موسكو بشكل مستمر حول الأوضاع هناك.
ولفتت المصادر إلى أن المعارك العنيفة التي تشهدها إدلب في الآونة الأخيرة، وتقدم النظام السوري في بعض البلدات بدعم من روسيا وإيران، لن يغيرا الموقف بالنسبة لنقاط المراقبة العسكرية التركية، وتركيا لن تسحب قواتها من هذه النقاط، التي تعرّض بعضها لهجمات في الأشهر الماضية أدت إلى مقتل وإصابة عدد من الجنود الأتراك، وتم التأكيد على ذلك خلال لقاء مؤخرا مع وفد من أهالي المنطقة.
وتوقعت المصادر أن تشهد الفترة المقبلة تحسنا كبيرا في الأوضاع في إدلب، لافتة إلى أن مباحثات الحل السياسي في سوريا تحرز تقدما ملحوظا، لكن تركيا لا تستبعد، في الوقت ذاته، اللجوء إلى العمل العسكري حال فشل الحل السياسي، من أجل حماية إدلب وسكانها.
وتصنف تركيا وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) كـ«تنظيم إرهابي»، ويثير الأمر توترا مع الولايات المتحدة الداعمة لقسد. ورغم الاتفاق التركي الأميركي بشأن إقامة منطقة آمنة في شمال شرقي سوريا الخاضع لسيطرة قسد، فإن التباين في الموقف بشأنه لا يزال يخيم على الخطوات التي تتخذها البلدان بشأن المنطقة الآمنة.
وترغب تركيا في منطقة آمنة بعمق 23 كيلومترا ومسافة 460 كيلومترا في شرق الفرات على أن تخلو من وجود الوحدات الكردية مع سحب أسلحتهم الثقيلة، لكن الولايات المتحدة تتحدث عن أبعاد أقل بكثير مما تطالب به تركيا، وتؤكد على استمرار تحالفها مع قسد.
وشرعت الولايات المتحدة وتركيا في تأسيس مركز عمليات مشترك في شانلي أورفا على الحدود التركية مع سوريا لتنسيق إنشاء وإدارة المنطقة الآمنة، يفترض أن يبدأ أعماله في غضون أيام، بحسب ما أكد وزير الدفاع التركي، لكن المؤشرات الواضحة من جانب واشنطن تشير إلى أن الاتفاق سينفذ على مراحل، وأن الخطوات التي ستتخذ ستكون في إطار تلبية «الاحتياجات الأمنية المشروعة» لتركيا، مع ضمان حماية الحليف الكردي.
في شأن آخر قتل شرطي، وأصيب شخصان بجروح، الأحد، في هجوم بسيارة مفخخة في مدينة القامشلي ذات الغالبية الكردية في شمال شرقي سوريا، وفق ما أفاد مسؤول أمني لوكالة الصحافة الفرنسية.
وتبنى تنظيم «داعش» على حسابات على تطبيق «تلغرام» الهجوم. وقال في بيان: «استهدفت مفرزة أمنية لجنود الخلافة تجمعاً (لقوات) حزب العمال الكردستاني المرتدين بالقرب من دوار سفيان في مدينة القامشلي، بتفجير آلية مركونة مفخخة، ما أدى لهلاك ستة عناصر وإعطاب آلية رباعية الدفع ودراجة»، حسب «رويترز».
وأفاد بيان القوة الأمنية الكردية بأن السيارة الملغومة استهدفت منشأة تدريب كان يحرسها أفراد من قوة الأمن الداخلي لشمال وشرق سوريا، والمعروفة أيضاً باسم «الأسايش». وقال المتحدث باسم قوات الأمن الداخلي الكردية (الأسايش) علي الحسن: «انفجرت سيارة مفخخة اليوم (الأحد) في حي الأربوية قرب مدرسة الصناعة»، ما أسفر عن مقتل عنصر من تلك القوات، وإصابة شخصين آخرين بجروح، أحدهما إصابته خطيرة». وأشار الحسن إلى أنه تم تفجير السيارة «عن بعد».
وأكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مقتل عنصر من «الأسايش». وشاهد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية، في المكان، النيران تتصاعد من السيارة التي انهمك عمال إطفاء في إخماد حريقها، مشيراً إلى أن التفجير وقع أثناء مرور دورية للأمن الكردي في منطقة قريبة من «مفرزة» تابعة لجيش النظام السوري.
وتُعد مدينة القاشلي، واحدة من أبرز مدن الإدارة الذاتية التي أنشأها الأكراد في شمال وشمال شرقي البلاد، وتحتفظ قوات النظام السوري فيها بمقرات حكومية وإدارية وبعض القوات. وتتعرّض مناطق سيطرة القوات الكرديّة في شمال شرقي سوريا بين حين وآخر لاعتداءات انتحاريّة وتفجيرات بسيّارات أو دراجات ناريّة مفخّخة وعمليّات خطف، يتبنّى التنظيم المتطرّف تنفيذ معظمها.
وشهدت مدينة القامشلي اعتداءات دمويّة عدة. وفي يوليو (تموز) الماضي، أصيب أشخاص عدة في تفجير سيارة مفخخة قرب كنيسة. وأصيب سبعة مدنيين على الأقلّ، بينهم طفل، بجروح في 17 يونيو (حزيران) في تفجير انتحاري بسيارة مفخّخة قرب مقرّ لقوّات الأمن الكرديّة في المدينة. إلا أن أعنف الهجمات وقع في يوليو 2016 مسفراً عن مقتل 48 شخصاً جرّاء تفجير شاحنة مفخّخة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم