إذا كانت هناك صفة واحدة تجمع بين كل من غراهام بوتر ودين سميث وكريس وايلدر فهي الاستعداد لخوض تحدٍ صعب، فقد وصلوا جميعاً إلى القمة بعد بدايات متواضعة - بوتر مع أوسترسوند في دوري الدرجة الرابعة في السويد، ووايلدر مع نادي ألفريتون للهواة، وسميث بعد تولي نادي وولسال عن طريق الصدفة. لكن خلال الموسم الجاري ارتقوا للظهور في الدوري الممتاز، وأصبحت الفرصة سانحة أمام هؤلاء المديرين الفنيين لكي يغيروا المفاهيم المتعلقة بقيمة المديرين الفنيين الإنجليز.
لن يكون الأمر سهلاً بالنسبة لهؤلاء المديرين الفنيين المحليين الثلاثة، والذين لم يعمل أي منهم من قبل في الدوري الإنجليزي الممتاز. ويواجه بوتر مهمة صعبة من أجل تغيير الطريقة التي يلعب بها نادي برايتون بعد توليه قيادة الفريق خلفاً لكريس هيوتن، بينما يتعين على أستون فيلا بقيادة سميث أن يركز على البقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز، أما وايلدر فيتعين عليه أن يحقق معجزة أخرى تضاف إلى معجزة قيادته لشيفيلد يونايتد من الصعود من دوري الدرجة الثانية إلى دوري الدرجة الأولى ومنه إلى الدوري الإنجليزي الممتاز.
ومع ذلك، من عدم الإنصاف أن نتوقع أن يفشل هؤلاء المديرون الفنيون الثلاثة بسبب نقص خبراتهم في الدوري الإنجليزي الممتاز. فعندما تولى سميث قيادة أستون فيلا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، نظر البعض إلى سيرته الذاتية وتوليه قيادة أندية متواضعة مثل برينتفورد وولسال وشككوا في قدرته على قيادة أستون فيلا للصعود إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. ومع ذلك، كان دان مول، سكرتير نادي وولسال، يعرف قدرات سميث جيداً، حيث قال: «إنهم يركزون على الاسم وليس على قدرات الرجل. لقد عاش هذا الرجل حياته بالكامل في كرة القدم، إنه رجل منظم ومنضبط ولديه خطة عمل واضحة».
وبالمثل، يعتقد بوبو سولاندر، الذي لعب تحت قيادة بوتر في أوسترسوند ورأى كيف نجح في قيادة ناد مغمور في السويد إلى اللعب في بطولة الدوري الأوروبي في غضون سبع سنوات فقط، أن بوتر سيتولى قيادة أحد الأندية التي تلعب في دوري أبطال أوروبا قريباً. ويقول: «لا أعتقد أن رحلته ستقتصر على قيادة برايتون. أعتقد أنه سيتولى تدريب أحد الأندية الأربعة الأولى في إنجلترا في غضون عامين. إنه مدير فني رائع».
وغالباً ما كان ينظر إلى المديرين الفنيين الإنجليز على أنهم من أصحاب المدرسة القديمة في التدريب والتي تعتمد على الكرات الطويلة، وبالتالي يصعب عليهم الدخول في منافسة مع المديرين الفنيين الآخرين. ومع ذلك، يحتاج أي مدير فني طموح إلى فرصة، وقد حصل وايلدر على هذه الفرصة عندما كان يتولى قيادة نادي ألفريتون في عام 2001. يقول وين برادلي، رئيس نادي ألفريتون: «يتمتع كريس بحماس غير محدود. لم يكن لديه أي خبرة، لكنه كان يمتلك طاقة هائلة تجعل أي شخص آخر لا يرغب في مواجهته. لقد كان يهتم بأدق التفاصيل ولا يترك شيئاً للصدفة، بدءاً من التفاصيل المتعلقة بالمجموعة التي نلعب معها وصولاً إلى كافة التفاصيل المتعلقة بالمباريات».
واتخذت مسيرة وايلدر، البالغ من العمر 51 عاماً، مساراً متعرجاً بعد رحيله عن نادي ألفريتون، حيث انتقل لتولي قيادة نادي هاليفاكس في عام 2002، وعمل لفترة وجيزة مساعداً لمساعده الحالي آلان نيل في نادي بيري، ثم قاد نادي أكسفورد لدوري الدرجة الثانية في عام 2010. وفاز بلقب دوري الدرجة الثالثة مع نادي نورثهامبتون في عام 2016. وترك بصمة هائلة على أداء شيفيلد يونايتد منذ توليه قيادة الفريق.
لم تكن رحلة وايلدر في عالم التدريب مفروشة بالورود، حيث واجه العديد من المصاعب، فقد عانى من صعوبات مالية شديدة مع كل من هاليفاكس ونورثهامبتون. ومع ذلك، يتذكر جويل بيروم، الذي لعب تحت قيادة وايلدر في نادي نورثهامبتون، أن الحالة المعنوية للاعبي الفريق كانت مرتفعة دائماً، ويقول: «إذا قدمت أداءً جيداً في المباريات في نهاية الأسبوع، فسوف يمنحك إجازة ليوم واحد. ولا يزال الأشخاص الذين لعبوا لهذا الفريق على تواصل عبر مجموعة للدردشة الجماعية على إحدى التطبيقات الإلكترونية. وما زلت ألتقي ببعض هؤلاء اللاعبين في الصيف، وهو الشيء الذي لا يحدث كثيراً بين لاعبي الأندية الأخرى بعد مرور فترة طويلة على رحيلهم عن النادي».
ولا يوجد أدنى شك في أن الإدارة الذكية من جانب المدير الفني دائماً ما يكون لها دور كبير في تحقيق النجاح، وهذا هو ما حدث عندما تولى بوتر قيادة نادي أوسترسوند وعمره 44 عاماً في عام 2010. يقول سولاندر: «لقد أخبرنا بأن بابه سيكون مفتوحاً دائماً لأي شخص يريد أن يتحدث معه. لقد جعلنا نشعر بأنه يمكننا الحديث معه في أي وقت نحتاج فيه إلى ذلك. كان من السهل الحديث معه، مقارنة بأي مدير فني آخر عملت تحت قيادته. لقد كان المديرون الفنيون يرحلون إلى منازلهم بمجرد انتهاء التدريبات، لكن غراهام كان يواصل العمل بعد انتهاء التدريبات، وكان هناك دائماً شيء جديد يفكر فيه».
أما سميث فيتم تذكره في وولسال بأنه مدير فني مجتهد ورجل يحظى بالاحترام التام. وقد بدأ المدير الفني البالغ من العمر 48 عاماً مسيرته التدريبية بتولي الإدارة الفنية لأكاديمية الناشئين بالنادي، وقال في وقت سابق إنه لم يكن يطمح بأن يكون مديراً فنياً. وتولى سميث قيادة وولسال، الذي كان يكافح من أجل تجنب الهبوط من دوري الدرجة الثانية، عندما أقيل كريس هتشينغز من منصبه في يناير (كانون الثاني) 2011.
واتضح بعد ذلك أن هذه اللحظة كانت حاسمة في مسيرة سميث التدريبية، حيث تمكن من مساعدة وولسال على تجنب الهبوط وصنع لنفسه اسماً كبيراً كأحد أفضل المديرين الفنيين في دوري الدرجة الثانية، قبل أن ينتقل للعمل مع نادي برينتفورد عام 2015.
يقول مول: «عندما جاء دين سميث لتولي قيادة أكاديمية الناشئين بالنادي، بدا الأمر وكأنه يرى أن هذه هي مهمته على المدى القصير. لكن عندما أقلنا المدير الفني، ربما كان دين سميث هو الوحيد المؤهل لتولي قيادة الفريق. وإذا لم يكن دين هو من سيتولى قيادة الفريق، فكانت هذه المهمة ستؤول لي أنا أو للرئيس التنفيذي للنادي. لكنه نجح في قيادة الفريق لتجنب الهبوط، وبدأ في بناء هيكل ساعدنا على اللعب من أجل الترقي في الموسم الذي رحل فيه».
ويضيف: «إنه يمتلك صفات إنسانية ربما لم تعد موجودة في كثير من الأحيان في عالم كرة القدم. لكن في الحقيقة لم أكن أتخيل أنه سيعمل في الدوري الإنجليزي الممتاز يوماً ما. لكن كل ما أعرفه هو أنه أفضل مدير فني عملت معه على الإطلاق. إنه يؤمن تماماً بالفلسفة التي يعتمد عليها، وقادر على استغلال كافة الظروف لصالحه».
ومع ذلك، هناك بعض الصفات السلبية لهؤلاء المديرين الفنيين، حيث يقول بايروم إن وايلدر، على سبيل المثال، يرفض التحدث إلى أي شخص في الأيام التالية لخسارة فريقه، في حين يشير سولاندر إلى أن بوتر لا يتصرف بطريقة ودية أبداً مع لاعبيه.
ومع ذلك، يشير سولاندر أيضاً إلى أن بوتر، الذي انتقل للعمل مع برايتون بعد عام من قيادة سوانزي سيتي للاستقرار في جدول الترتيب، لا يصرخ أبداً دون سبب، ويقول: «إنه لا يرفع صوته إلا عندما يتطلب الأمر ذلك. إنه يساعدك على أن تكون لاعب كرة قدم أكثر ذكاءً. إنه يجعلك تغير الطريقة التي تفكر بها في كرة القدم، وتفكر بطريقة مختلفة تماماً».
ويضيف: «لقد كان يريد أن يستحوذ الفريق على الكرة. وكان لدينا مدير فني آخر يحدثنا كثيراً عن كيفية لعب كرة القدم بطريقة إيجابية، لكن العكس هو ما كان يحدث في المباريات، فقد كان يصرخ فينا قائلاً: (شتت الكرة، شتت الكرة). أما غراهام فلم يكن يفعل ذلك أبداً. في بعض الأحيان، يكون من الجيد أن تلعب كرات طويلة، لكن يتعين عليك أن تعرف متى تقوم بذلك، وقد أظهر لنا غراهام كيف نقوم بذلك».
ويريد بوتر وسميث ووايلدر من فرقهم أن تلعب كرة هجومية. وخلال الموسم الماضي، ساعد وايلدر ونيل نادي شيفيلد يونايتد على التأهل للدوري الإنجليزي الممتاز مباشرة، وكان الفريق يلعب بطريقة 3 - 5 - 2، في ظل تبادل اللاعبين لأدوارهم داخل الملعب وعدم التقيد بمركز محدد. ويحكي بايروم قصة حدثت خلال فترة وجوده مع نادي نورثهامبتون مفادها أنه من الممكن أيضاً أن ترى تفكيراً خططياً جيداً بعيداً عن الدوري الإنجليزي الممتاز.
يقول بايروم: «عندما كنا نستحوذ على الكرة بين لاعبي خط الدفاع الأربعة، كان كريس يطلب من الظهير أن يتقدم إلى الأمام، في الوقت الذي كنت أقوم فيه أنا كلاعب خط وسط بالتأخر قليلاً للحصول على الكرة في مساحة جيدة. في دوري الدرجة الثانية، لا يكون هناك الكثير من الوقت لكي تحتفظ فيه بالكرة في خط الوسط، لكن عندما تتأخر قليلاً فإنك لا تكون مراقباً على الإطلاق».
ويتابع: «المرة الأولى التي طلب منا فيها القيام بذلك كانت في حصة تدريبية، فعندما استقبل الظهير الكرة، طلب مني أن أتأخر في مركز الظهير الأيسر، في الوقت الذي ركض فيه الظهير الأيسر للأمام. في الحقيقة، لم أكن أعرف في البداية ما الذي يحدث، لكن عندما قمت بذلك في المباراة اكتشفت أن ذلك يبعدني عن الرقابة اللصيقة من لاعبي الفرق المنافسة. في الواقع، لم يكن هذا الفكر الخططي بهذا المستوى قد مر بي من قبل».
وفي النهاية، يجب التأكيد على أنه يتعين على أندية الدوري الإنجليزي الممتاز أن تستعد لمزيد من المفاجآت هذا الموسم.
بوتر وسميث ووايلدر لتغيير المفاهيم السائدة عن المدربين الإنجليز في الدوري الممتاز
المديرون الفنيون منهم نجحوا في تخطي مشوار صعب ولديهم الفرصة لإثبات ذاتهم بين الكبار
بوتر وسميث ووايلدر لتغيير المفاهيم السائدة عن المدربين الإنجليز في الدوري الممتاز
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة