عريقات يعتبر بقاء «أونروا» ملحاً «ما لم يتم تنفيذ القرار 194»

دعا الأمم المتحدة للإسراع في التحقيق الحالي حول شبهات الفساد

فلسطيني وطفلاه من مخيم البريج في غزة يحملون أكياس طحين وزعتها «أونروا» نهاية يوليو (أ.ف.ب)
فلسطيني وطفلاه من مخيم البريج في غزة يحملون أكياس طحين وزعتها «أونروا» نهاية يوليو (أ.ف.ب)
TT

عريقات يعتبر بقاء «أونروا» ملحاً «ما لم يتم تنفيذ القرار 194»

فلسطيني وطفلاه من مخيم البريج في غزة يحملون أكياس طحين وزعتها «أونروا» نهاية يوليو (أ.ف.ب)
فلسطيني وطفلاه من مخيم البريج في غزة يحملون أكياس طحين وزعتها «أونروا» نهاية يوليو (أ.ف.ب)

دعا أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى الإسراع في الانتهاء من التحقيق الحالي في شبهات وادعاءات بوجود فساد في «أونروا» قبل نهاية سبتمبر (أيلول) المقبل.
وقال عريقات إن «استقرار أونروا وبرامجها هذا العام يعد أكثر أهمية في الفترة التي تسبق انعقاد اللجنة الرابعة وتجديد ولاية (أونروا)، وذلك ضمن استمرار نضال الوكالة في جمع الأموال والتبرعات، والعمل على إنجاح المؤتمر الدولي للمانحين في نهاية سبتمبر المقبل من أجل أن يتمحور المؤتمر حول التبرعات نفسها واحتياجات اللاجئين».
ودعا عريقات إلى عدم تسييس الوضع وتعريض المنطقة لمزيد من التوتر وعدم الاستقرار، مضيفاً: «لا يمكن لنصف مليون طفل فلسطيني يعتمدون على مساهماتكم المنتظمة تعليق فصولهم الدراسية بانتظار نتائج التحقيق».
ووجّه عريقات رسائل متطابقة إلى وزراء خارجية هولندا وبلجيكا وسويسرا، أعرب خلالها عن أسفه العميق لتعليق مساعداتهم المالية بسبب ادعاءات لم تثبت صحتها بعد، وطالبهم بعدم تعريض برامج وكالة «أونروا» إلى الخطر حتى لو كان ذلك مجرد إجراء مؤقت، مؤكداً أن الظروف التي نمر بها ظروف حساسة.
وتابع: «بينما أعلنتم تعليقكم لمساعدات (أونروا) بسبب تقرير الأخلاقيات المُسرَّب، فإنكم لم تعلنوا بعد أي إجراءات مساءلة فيما يتعلق بالانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة والممنهجة لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي، وما زلتم تسمحون لبضائع المستوطنات الإسرائيلية بالدخول إلى أسواقكم، وينطبق ذلك على الشركات والمؤسسات المتواطئة مع الاحتلال الإسرائيلي للعمل في دولكم، إننا نتوقع منكم ومن جميع الدول المحبة للسلام أن تتخذ تدابير ملموسة للمساءلة في هذا الاتجاه لتعزيز إحقاق الحقوق غير القابلة للتصرف التي طال انتظارها لشعب فلسطين، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير».
وأضاف أن «الحاجة إلى دعم وتمويل (أونروا) تظل قائمة، لأن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 194 لم يتم تنفيذه بعد، ولم يتم تجسيد حق العودة والتعويض،
وفي ظل غياب حل سياسي عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، فالحل يبقى مركزياً من أجل التوصل إلى حل عادل ودائم لقضية فلسطين ككل، كما أن لولاية (أونروا) مضموناً سياسياً يكمن في تسهيل عودة اللاجئين إلى وطنهم والتعويض على أساس التزام المجتمع الدولي، ولذلك يتم تجديد ولايتها من قبل الجمعية العامة ريثما يتم التوصل إلى حل عادل».
وأعرب عريقات عن أسفه حول قيام إدارة ترمب «بتسييس العمل العظيم الذي تقوم به (أونروا) في خطوة منها للقضاء على قضية اللاجئين الفلسطينيين». وأوضح أنه ولتفادي قطع المساعدات الأميركية عن الوكالة قدمت أكثر من 40 دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تعهدات إضافية، ما يعني إقرارها بأهمية الخدمات التي تقدمها الوكالة ودورها المهم في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي.
كما وجّه عريقات رسائل إلى جامعة الدول العربية ممثلة بأمينها العام أحمد أبو الغيط، وأمين عام منظمة التعاون الإسلامي يوسف بن العثيمين، أعرب فيها عن قلق القيادة الفلسطينية من توقيت تسريب التقرير حول التحقيقات مع اقتراب موعد انعقاد اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) المقبل، ومنح «أونروا» تفويضاً لـ3 أعوام أخرى، وهو ما ينسجم مع المساعي الأميركية والإسرائيلية بتجفيف موارد «أونروا» تمهيداً لتصفية قضية اللاجئين وتوطينهم في الدول المضيفة.
وأكد عريقات الموقف الفلسطيني الداعي إلى عدم تسييس المساعدات الإنسانية، وعدم ربط قضايا الفساد بوقف أو تعليق التمويل، بل بتعزيز آليات المراقبة والمحاسبة والإشراف. وأضاف أن «قرار هولندا وسويسرا وبلجيكا يقوض حقوق اللاجئين الفلسطينيين، ومن المحتمل أن يزيد من معاناتهم في ظل الأزمة المالية المتدهورة أصلاً بعد قرار إدارة ترمب وقف مساهماتها المالية».
ودعا عريقات جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي إلى مخاطبة دول العالم وحثّها على الاستمرار بتقديم دعمها المالي باعتباره التزاماً قانونياً وأخلاقياً إلى حين إيجاد حل عادل لقضية اللاجئين وفقاً للقرار الأممي 194.
وتحقق الأمم المتحدة في تقرير لمكتب الأخلاقيات التابع لها عن سوء إدارة واستغلال سلطة من قبل مسؤولين على أعلى مستوى في وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التي تواجه أزمة مالية غير مسبوقة بعد قطع التمويل الأميركي عنها. وجاءت اتهامات الفساد في أسوأ وقت بالنسبة لـ«أونروا» التي تناضل من أجل البقاء في وجه خطة أميركية لشطبها. وأشار تقرير الأمم المتحدة صراحة إلى تورط مسؤولين كبار في وكالة «أونروا» في انتهاكات أخلاقية. وينظر محققو الأمم المتحدة حالياً في الاتهامات الواردة في التقرير السري لمكتب الأخلاقيات الذي يتحدث عن انتهاكات خطيرة «ذات مصداقية» يطال بعضها المدير العام للوكالة بيير كرينبول.
وكانت الإدارة الأميركية قطعت العام الماضي مساعدات للوكالة بقيمة 300 مليون دولار سنوياً، ما أدخل الوكالة في أزمة مالية معقدة. وتقول واشنطن إن «أونروا» إضافة إلى أنها فاسدة فهي تديم أمد الصراع، كما ترفض واشنطن الاعتراف بأرقام «أونروا» حول عدد اللاجئين الفلسطينيين.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».